Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سد "كويشا" الإثيوبي على نهر "أومو" يقلق المصريين

يعد ثاني أكبر السدود في البلاد بعد "النهضة" ومخاوف من أن تمضي أديس أبابا نحو بناء مزيد من "الموانع المائية" ما يعقد الأزمة في حوض نهر النيل

يعد سد "كويشا" ثاني أكبر سد كهرمائي تنشئه أديس أبابا بعد سد النهضة (وكالة الأنباء الإثيوبية)

ملخص

يقع سد "كويشا"، في إقليم جنوب غربي إثيوبيا على نهر أومو، ويهدف لتخزين نحو 9 مليارات متر مكعب من المياه على مساحة تقارب 200 كلم مربع، ويعد مشروعاً استراتيجياً ضخماً لإنتاج الطاقة الكهرومائية بقدرة تقدر نحو 2200 ميغاواط، وتقول أديس أبابا إن بناءه "يأتي ضمن خطة الحكومة الإثيوبية لتوسيع شبكة الطاقة الوطنية وتصدير الكهرباء إلى دول الجوار".

بعد أسابيع قليلة من الافتتاح الرسمي لسد النهضة، أثار إعلان الحكومة الإثيوبية أخيراً بشأن وصول مراحل أعمال البناء في سد "كويشا" على نهر "أومو" كثاني أكبر السدود المائية لنسبة 70 في المئة، قلق المصريين وذلك على رغم أن السد الجديد لا يقع على أحد روافد نهر النيل الذي يمثل شريان الحياة بالنسبة للقاهرة.

وعلى رغم تأكيد خبراء الموارد المائية والري في مصر على أن السد الجديد الذي تمضي في بنائه إثيوبيا لا يمثل أي تهديد بالنسبة لحصة مصر المائية، إلا أن المخاوف تزايدت بشأن احتمال أن يكون "كويشا" ضمن سلسلة من السدود المئة التي تعهدت أديس أبابا ببنائها خلف سد النهضة "بهدف حمايته من تراكم الطمي وضمان استدامة تشغيله على المدى الطويل"، ما يزيد من تعقيد الأزمة المائية المشتعلة بين مصر وإثيوبيا حول "النهضة" من دون حلحلة سياسية أو دبلوماسية لها إلى الآن.

ويعد سد "كويشا" ثاني أكبر سد كهرمائي تنشئه أديس أبابا بعد سد النهضة الذي يخزن 74 مليار متر مكعب من المياه، وتتخوف كل من مصر والسودان من أن يؤثر في إمدادات المياه في نهر النيل.

جدل ومخاوف متجددة

وفي حين أكد خبراء الموارد المائية والري في مصر أن السد الجديد "كويشا" لا يؤثر في حصة مصر المائية ولا يمثل أي تهديد للدولة الأكبر في تعداد السكان بشمال القارة السمراء، تبقى المخاوف كامنة في احتمالات أن تمضي إثيوبيا في بناء مزيد من السدود التي قد تزيد من احتمالات تأجيج الصراع في منطقة حوض النيل.

ويقول عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية إن "سد كويشا يتم تشيده على نهر أومو وهذا النهر ليست له علاقة بنهر النيل، إذ تمتلك إثيوبيا على أراضيها نحو 12 نهراً، من بينهم 3 فقط يصبون في نهر النيل وهما أنهار السوباط والنيل الأزرق وعطبرة"، موضحاً في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أن المخاوف حول هذا السد ليس لها أي أساس.

وذكر شراقي أنه "على رغم أن سد كويشا قد تكون له تداعيات سلبية وإن بسيطة على دولة كينيا حيث يصب نهر أومو بها، فإنه يثير المخاوف بشأن سياسات أديس أبابا في التعاطي مع الأنهار الدولية العابرة للحدود والتي تتطلب بشأنه أن يتم التشاور والتنسيق بين الدول المطلة عليها بهدف تجنب الضرر"، مضيفاً: "تمتلك أديس أبابا بالفعل خطة لبناء مجموعة من السدود المائية مستقبلياً، وهو الأمر الذي يتطلب من القاهرة أخذ الحيطة تحسباً لبناء أي سدود جديدة على نهر النيل أو أحد روافده قد تزيد من تأثيرها في حصتها المائية بعد سد النهضة".

 

الأمر ذاته اتفق مع وزير الري المصري السابق محمد نصر علام، الذي قال إن "نهر أومو ينبع من إثيوبيا ويصب في كينيا، ولا يُعد من روافد النيل"، متهماً في منشور له على صفحته على "فيسبوك"، أديس أبابا بمحاولة "خلق مشكلات مع دول الجوار، حتى كينيا التي حضر رئيسها افتتاح سد النهضة"، في إشارة إلى تبعات السد على نيروبي.

بدوره، أوضح أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، الدكتور نادر نور الدين، أن "إثيوبيا لديها 9 أحواض أنهار، منها 3 فقط تتبع حوض النيل: النيل الأزرق بتدفقات 49 مليار متر مكعب سنوياً، وأقيم عليه سد النهضة بسعة تخزين 74.5 مليار متر مكعب، ونهر عطبرة بتدفقات 12 مليار متر مكعب سنوياً، وأقيم على أحد روافده سد تاكيزي بسعة تخزين 9 مليارات متر مكعب. وفي الجنوب، نهر السوباط بتدفقات 11 مليار متر مكعب سنوياً، مع مخطط لبناء سدين على رافدين له مستقبلاً"، موضحاً في تغريدة على صفحته على "فيسبوك"، أن "بقية أحواض الأنهار لا تتبع حوض النيل ولا تؤثر على مصر، منها نهر أومو بين إثيوبيا وكينيا، والذي يُعد السد الجديد عليه، إضافة إلى نهرين مع الصومال، ونهر يصب على حوض بحيرة على حدود جيبوتي، وأنهار داخلية".

معلومات عن "كويشا"

وقبل أيام أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن عملية بناء سد "كويشا" وصلت إلى 70 في المئة، وسيصبح عند اكتماله ثاني أكبر سد في البلاد، ومن بين أكبر السدود في أفريقيا، موضحاً أن السد الذي بدأ كـ"مخيم"، ويهدف إلى "تلبية الحاجات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المحلية في كل من أقاليم جنوب غرب وجنوب إثيوبيا"، أصبح مشروعاً ضخماً بارتفاع 128 متراً.

ووفق بيانات الحكومة الإثيوبية، فإن "كويشا"، يقع في إقليم جنوب غربي إثيوبيا على نهر أومو، ويهدف لتخزين نحو 9 مليارات متر مكعب من المياه على مساحة تقارب 200 كلم مربع، مشيرة إلى أنه يعد مشروعاً استراتيجياً ضخماً لإنتاج الطاقة الكهرومائية بقدرة تقدر نحو 2200 ميغاواط، وأن بناءه "يأتي ضمن خطة الحكومة الإثيوبية لتوسيع شبكة الطاقة الوطنية وتصدير الكهرباء إلى دول الجوار".

وبدأت فكرة بناء السد في عام 2016، حين وقعت الحكومة الإثيوبية، عقداً بقيمة 2.5 مليار يورو (نحو 2.8 مليار دولار) مع شركة ساليني إمبريغيلو الإيطالية لبنائه، إلا أن عملية البناء تعثرت في السنوات اللاحقة، قبل أن يسرع رئيس الوزراء آبي أحمد من وتيرة الأعمال به "لما له من دور استراتيجي في موازنة العَرْض والطلب على الكهرباء في البلاد" على حد وصفه.

جدل بعد حرب كلامية حول "النهضة"

ويأتي الإعلان عن تقدم أعمال البناء في "كويشا" بعد أيام من تصاعد الاتهامات المتبادلة بين مصر وإثيوبيا بشأن "سد النهضة"، إذ جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تعهده في وقت سابق من الشهر الجاري بأن "بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي أمام نهج إثيوبيا غير المسؤول، وسنتخذ كل التدابير لحماية أمننا المائي"، محملاً أديس أبابا مسؤولية الإضرار بدولتي المصب "نتيجة التدفقات غير المنتظمة التي تم تصريفها (من السد) من دون أي إخطار أو تنسيق مسبق"، لترد الأخيرة بأن "حقها السيادي" يمكّنها من استخدام "مواردها المائية" من دون تدخل من أحد، وأن "نهر النيل ينبع من أراضيها، وأنها وفقاً للقانون الدولي ومبدأ السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية، تتمتع بحق مشروع وغير قابل للمصادرة في الاستفادة من مواردها المائية".

حديث السيسي الذي جاء خلال الجلسة الافتتاحية لأسبوع القاهرة الثامن للمياه، قال فيه "مرت أيام قليلة على بدء تدشين السد الإثيوبي، وثبت بالدليل الفعلي صحة مطالبتنا بضرورة وجود اتفاق قانوني وملزم لأطرافه لتنظيم تشغيل هذا (السد)"، مضيفاً "في الأيام القليلة الماضية تسببت إثيوبيا من خلال (إدارتها غير المنضبطة للسد) في إحداث إضرار بدولتي المصب، نتيجة التدفقات غير المنتظمة التي تم تصريفها من دون أي إخطار أو تنسيق مـع دولتي المصب".

في المقابل، ردت أديس أبابا على اتهامات السيسي قائلة إن "حقها السيادي يمكّنها من استخدام مواردها المائية"، معتبرة أن نهر النيل "النابع من أراضيها" يصوغ لها "التمتع بحقها المشروع وغير القابل للمصادرة في الاستفادة من مواردها المائية وفقاً للقانون الدولي ومبدأ السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية"، على حد وصفها، مشيرة إلى أن "هذا الاستخدام يهدف إلى تحقيق التنمية لشعبها من دون أن تلحق ضرراً ملموساً بدول الجوار".

 

ورفضت الحكومة الإثيوبية في بيانها اتهامات استخدامها ما تصفه دولتا المصب بـ"الإجراءات الأحادية في التعامل مع قضية السد"، قائلة إنها "أدارت مشروع السد بشفافية كاملة، وقدمت بيانات فنية دورية حول مراحل الملء والتشغيل إلى كل من مصر والسودان، سواء عبر آليات الاتحاد الأفريقي أو القنوات الدبلوماسية المباشرة".

وعلى وقع الرد الإثيوبي، عادت القاهرة على لسان رئيس وزرائها مصطفى مدبولي لتتهم أديس أبابا مجدداً بـ"ترديد خطاب أحادي والترويج لمفاهيم مغلوطة حول ملكية النهر ومصادر مياهه، في محاولة لتبرير سياسات منفردة في إدارة مورد مشترك، بما يخالف مبادئ القانون الدولي ويفتقر إلى أبسط قواعد الشفافية والتنسيق بين دول الحوض".

وأعاد مدبولي التأكيد أن "الأمن المائي لمصر ليس مجالاً للمساومة أو التجريب السياسي، وأي تصور بإمكان المساس بحقوقها التاريخية والقانونية هو محض وهم لدى أصحابه، فالنيل بالنسبة إلى مصر قضية وجود لا تقبل المغامرة ولا المساومة، وستظل مصر ملتزمة التعاون القائم على القانون الدولي، وفي الوقت نفسه حازمة في الدفاع عن حقوقها بكل الوسائل المشروعة".

تزامن تلك التصريحات، مع عودة واشنطن للتلميح بشأن احتمالية تدخلها لحل "أزمة سد النهضة" بين القاهرة وأديس أبابا، إذ أعلن مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أفريقيا، مسعد بولس، عن وساطة أميركية "محتملة" في أزمة السد، قائلاً في تصريحات تلفزيونية "توجد احتمالية أن تكون هناك مبادرة للرئيس ترمب تجمع الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والإثيوبي آبي أحمد لحل المشكلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بولس أكد حول هذا الأمر أن "ملف سد النهضة مهم وإستراتيجي بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وأن بلاده تسعى إلى إيجاد حلول سلمية"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "موقف واشنطن في شأن السد واضح، ويقوم على التروي والحوار السلمي للوصول إلى إطار تقني متفق عليه"، وأن "السد أصبح واقعاً، والخلاف حوله تقني وليس سياسياً".

وعلى رغم تدشينه رسمياً في وقت سابق الشهر الماضي فلا يزال سد النهضة يثير مخاوف القاهرة والخرطوم في شأن التأثير في حصصهما المائية، وتطالبان بـ"اتفاق قانوني ملزم ينظم عمليات إدارة وتشغيل السد"، وهو الأمر الذي ترفضه أديس أبابا معتبرة أنها "تسعى إلى تحقيق التنمية لشعبها من دون أن تلحق ضرراً ملموساً بدول الجوار".

وطوال السنوات الماضية فشلت محاولات عدة للتفاوض بين البلدان الثلاثة، وسط اتهامات متبادلة بشأن فشلها، إذ ترجع مصر الأمر إلى إصرار إثيوبيا عبر سنوات، على رفض أي حلول فنية أو قانونية تضمن مصالح الدول الثلاث، إضافة إلى نكوصها عن تفاهمات سابقة كانت كفيلة بإنهاء الأزمة، وهو ما ترفضه أديس أبابا، معتبرة "أن القاهرة هي من أفشلت المفاوضات بتعنتها في مواقفها مع رفضها لحق إثيوبيا من استغلال مواردها المائية لتحقيق التنمية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير