ملخص
مساء اليوم الإثنين عاد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى تلك المنطقة المقدسة ليشارك في افتتاح نفق تحت الأرض تشرف جمعية "إلعاد" الاستيطانية على حفره قرب السور الغربي للمسجد الأقصى (حائط البراق).
أصبحت زيارات مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى القدس لا تخلو من الطابع الديني بسبب حرصهم على زيارة أماكن دينية حساسة في المدينة تسعى إسرائيل إلى تهويدها، في ظل خشية فلسطينية من تبني واشنطن الرواية الإسرائيلية عن تلك الأماكن المقدسة الملاصقة للمسجد الأقصى.
وبعد اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل خلال الولاية الأولى لترمب، أًصبحت زيارات مسؤولي إدارته تلك الأماكن متكررة.
وفور وصوله إلى إسرائيل حرص وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو على زيارة حائط البراق الذي يسميه اليهود (المبكى)، في خطوة جاءت بعد أعوام على وقوف ترمب أمام الحائط ليكون أول رئيس أميركي يقوم بذلك.
واصطحب رئيس الوزراء الٍإسرائيلي بنيامين نتنياهو الوزير الأميركي في تلك الزيارة إلى جانب السفير الأميركي في إسرائيل مايك هكابي.
وتجوّل نتنياهو مع روبيو مع زوجتيهما في الحفريات الأثرية التي تم افتتاحها حديثاً "من فترة الهيكل الثاني (516 قبل الميلاد - 70 ميلادي) في الأنفاق القريبة تحت الأرض على طول الحائط"، وفق مؤسسة إسرائيلية.
ومساء اليوم الإثنين عاد روبيو إلى تلك المنطقة المقدسة ليشارك في افتتاح نفق تحت الأرض تشرف جمعية "إلعاد" الاستيطانية على حفره قرب السور الغربي للمسجد الأقصى (حائط البراق).
ويبلغ طول النفق 600 متر (طريق الحجاج)، ويمتد من حي وادي حلوة في بلدة سلوان، وينتهي قرب أساسات حائط البراق.
وعام 2019 وخلال الولاية الرئاسية الأولى لترمب، حضر السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان افتتاح قسم آخر من النفق الذي يصل بين "نبع للمياه للتطهّر والجزء المتبقي من الهيكل" وفق المعتقدات اليهودية.
ووصف روبيو النفق بأنه "أهم المواقع الأثرية في العالم، التي تعني بعمق كثيراً من الناس هنا وفي الولايات المتحدة الأميركية"، وبحسب روبيو فإن "الصداقة بين إسرائيل وأميركا تتعدى قضايا السلام والحرب إلى الاقتصاد والتكنولوجيا إلى الروابط الثقافية بين الجانبين".
ومنذ نحو 38 عاماً تسعى جمعية "إلعاد" إلى "تعزيز العلاقة اليهودية بمدينة القدس، وتكثيف استيطان اليهود وسياحتهم في مدينة داوود المقامة على أرض بلدة سلوان"، وتقوم الجمعية الاستيطانية "بتعزيز السياحة الدينية والأبحاث والحفريات وشراء البيوت والأراضي، وإسكان المستوطنين في البلدة.
وعام 2019 وقف وزير الخارجية الأميركي حينها مايك بومبيو أمام الحائط الذي يعتبره اليهود الجزء المتبقي الوحيد من هيكل سليمان.
واعتبر الفلسطينيون ومنظمة "السلام الآن" الإسرائيلية أن زيارة روبيو "ليست سوى اعتراف أميركي بالسيادة الإسرائيلية على أكثر أجزاء حوض القدس حساسية، وهو ما يتناقض مع موقف واشنطن الراسخ منذ عام 1967".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب المنظمة فإن إدارة ترمب "اختارت ترسيخ سطوة الاستيطان في قلب تلك المنطقة، بدلاً من الدفع بتسوية سياسية"، وأشارت إلى أن "النفق، وكيفية حفره، وما وراء فتحه يُشكل انتهاكاً صارخاً للقدس كمدينة مقدسة لجميع الأديان، ومملوكة لجميع سكانها".
وخلال العقود الأخيرة أنفقت الحكومات الإسرائيلية أكثر من 300 مليون دولار أميركي لتحويل بلدة سلوان إلى "مركز سياحي بقيادة المستوطنين، وإعادة تشكيل الفضاء العام لحوض البلدة القديمة، بهدف ترسيخ السيطرة الإسرائيلية مع تقليص الوجود الفلسطيني"، بحسب منظمة (السلام الآن).
وكانت الإدارة الأميركية في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما أجهضت مخططاً لحكومة نتنياهو عام 2009 لافتتاح نفق أصغر تحت سلوان، وهو ما يُعرف بـ"قناة تصريف المياه".
ويرى رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث ناجح بكيرات أن حفريات الجمعيات الاستيطانية أسفل وفي محيط الأقصى "تخالف القانون الدولي ومنه اتفاقات جنيف، وتهدف إلى تطويق الأقصى بالأنفاق، وإقامة واقع جديد، وإعطاء مبرر للهيمنة تمهيداً لإقامة الهيكل المزعوم".
وأوضح أن تلك الحفريات "مُسيسة تقف وراءها جمعيات متطرفة عبر استغلال الوجود الروماني والفلسطيني الذي يعود إلى 4500 عام"، مضيفاً أن مدينة داوود "أقيمت على مدينة يبوس التي كانت عاصمة للفلسطينيين حينها".
وبحسب بكيرات فإن ما يجري "ليس سوى استغلال لقنوات المياه القديمة وتوسيعها ورسم رواية توراتية حولها"، مشيراً إلى أن اليبوسيين حفروا تلك القنوات، والرومان وسّعوها.
ونددت محافظة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية بزيارة روبيو، وأشارت إلى أنها تُمثّل "تواطؤاً مرفوضاً مع سياسات الاحتلال، وتغاضياً خطراً عن الجرائم اليومية التي تُرتكب في حق المدينة المقدسة وسكانها ومقدساتها".
وأوضحت المحافظة أن "حائط البراق جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك، ويقع ضمن الأراضي الإسلامية الوقفية التي تخضع للسيادة الفلسطينية، ولا شرعية لأي وجود إسرائيلي أو أجنبي فيه من دون موافقة الجهات الفلسطينية المتخصصة".
ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي يؤاف شتيرن أن زيارة روبيو إلى حائط البراق تأتي "في ظل الشراكة بين اليمين الإسرائيلي والأميركي"، موضحاً أنها "تعبر عن الانسجام بين إدارة ترمب وحكومة نتنياهو، وبأنها ليست محاولة لاستفزاز الفلسطينيين والمسلمين حول العالم".
وأشار الباحث في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد إلى أن الإدارة الأميركية "توجد بها عناصر تؤمن بتعجيل عودة المسيح عبر دعم اليهود في فلسطين"، موضحاً أن زيارة روبيو "تُشكّل إقراراً أميركياً بأن التعاطي مع الأماكن المقدسية في القدس يتضمن تبني الموقف اليهودي منها".
وبحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي فإن زيارة روبيو إلى حائط البراق وافتتاح نفق أسفله "تأتي في ظل بحث واشنطن دعم خطط تل أبيب لضم الضفة وقتل إمكان إقامة دولة فلسطينية".
ووفق الشوبكي فإن زيارة الموقع "جاءت بدعوة من جمعية استيطانية لافتتاح نفق يمكن أن يُقوّض أساسات المسجد الأقصى"، مشيراً إلى أن حديث روبيو الذي قال فيه إن زياته هي لموقع تراث عالمي لن تنطلي على أحد".