Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا ينتظر العراق بعد استقالة نواب الكتلة الصدرية؟

الأغلبية ستذهب إلى "الإطار التنسيقي" لتجعلهم الكتلة الأكبر في البرلمان ومخاوف من "نفق مظلم"

فاجأ زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، حلفاءه ومنافسيه بخطوة غير مسبوقة، تمثلت في تقديم استقالة نواب الكتلة الصدرية إلى رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، ليدخل البلاد والعملية السياسية برمتها في ارتباك وغموض كان واضحاً في المواقف الداعية إلى التراجع عن القرار والجلوس إلى طاولة الحوار لحل الأزمة.

وقدم نواب التيار الصدري استقالتهم إلى رئيس البرلمان بعد أن تلقوا أمراً من زعيم التيار مقتدى الصدر بذلك، بعد ثلاثة أيام من دعوة نواب التيار إلى كتابة استقالتهم، تأهباً لأي أمر قد يصدر عنه بذلك.

الشكر للحلفاء

الصدر قدم، في بيان، الشكر إلى أعضاء الكتلة على ما قدموه خلال الفترة القصيرة الماضية، وللحلفاء في تحالف إنقاذ الوطن لما أبدوه من وطنية وثبات، ودعا حلفاءه إلى التحرك سياسياً بعيداً من التحالف مع التيار الصدري، كما شكر ابن عمه والسفير العراقي لدى لندن جعفر الصدر المرشح من قبل التيار لمنصب رئيس الحكومة.

واعتبر الصدر، بحسب بيانه، أن "هذه الخطوة تعد تضحية من أجل الوطن والشعب لتخليصهم من المصير المجهول".

مرشح يعتذر

من جانبه، اعتذر مرشح الكتلة الصدرية، محمد جعفر الصدر، في "تغريدة"، عن الاستمرار في الترشح لمنصب رئيس الحكومة، مشيراً إلى أنه قبل ترشيح زعيم التيار الصدري دعماً لمشروعه الإصلاحي، وقد حان وقت الاعتذار والانسحاب.

وفور صدور بيان الصدر، قدم جميع النواب الصدريين استقالتهم إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، حيث أظهر تسجيل مصور تقديم رئيس الكتلة الصدرية في البرلمان حسن العذاري استقالة النواب الصدريين إلى الحلبوسي، الذي وقع الأخير بقبول الاستقالة.

الصدر مضحّ

في رده على استقالة النواب الصدريين، قال محمد الحلبوسي، عبر تغريدة بموقع "تويتر"، إن "الموافقة على الاستقالة جاءت نزولاً عند رغبة الصدر، وقبلنا على مضض طلبات إخواننا وأخواتنا نواب الكتلة الصدرية بالاستقالة من مجلس النواب العراقي".

وأضاف الحلبوسي، أن "جهداً مخلصاً وصادقاً قد بذل لثني الصدر عن هذه الخطوة"، لكنه "آثر لأن يكون مضحياً وليس سبباً معطلاً، من أجل الوطن والشعب".

وأتى قرار الصدر بعد الجمود، الذي شهدته العملية السياسية، وفشل الاتفاق على تشكيل الحكومة منذ ثمانية أشهر، عقب إجراء الانتخابات البرلمانية في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
 


غلق المقار

وفي خطوة جديدة لتعزيز مقاطعة العملية السياسية، قرر الصدر غلق جميع المؤسسات التابعة للتيار الصدري في المرحلة الحالية باستثناء ست مؤسسات دينية.

وتشير هذه الخطوة إلى نية الصدر عدم استمراره حالياً في العمل السياسي، وهي خطوة يصفها بعض المتابعين للشأن السياسي بأنها تدخل العراق في نفق سياسي وأمني مجهول.

مشكلة التوافق

يشغل نواب الكتلة الصدرية 73 مقعداً من مقاعد البرلمان البالغة 329 مقعداً. ويقول الصدريون إنهم الكتلة الأكبر في البرلمان، ويطالبون بتشكيل الحكومة وفق مبدأ الأغلبية السياسية، فيما يطالب الإطار التنسيقي، الذي يضم عدداً من الكتل السياسية المقربة من إيران، بحكومة توافقية تضم جميع الأطراف الشيعية، كما كان متبعاً في الحكومات المتعاقبة، التي تشكلت بعد عام 2003، وهذا ما يرفضه الصدر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأدت هذه الخلافات إلى تأخر تشكيل الحكومة، على الرغم من إجراء الانتخابات في أكتوبر عام 2021 بعد أن فشل مجلس النواب في عقد جلسة مكتملة النصاب لانتخاب رئيس الجمهورية، الذي يتطلب حضور ثلثي أعضاء مجلس النواب، وهو 220 نائباً، الذي بدوره يكلف الكتلة النيابية الأكبر عدداً اختيار مرشح لرئيس الوزراء.

مبادرات

وطرح مقتدى الصدر، مطلع شهر مايو (أيار)، مبادرة سياسية تهدف إلى الخروج من الأزمة التي يشهدها النظام السياسي في العراق، حيث دعا المستقلين في مجلس النواب إلى تبني تشكيل الحكومة المقبلة بدعم من التحالف الثلاثي، الذي يضم إضافة إلى الصدريين كلاً من الديمقراطي الكردستاني والتحالف السني، في مدة أقصاها 15 يوماً، لكن المستقلين لم يقدموا هذه الحكومة على الرغم من سلسلة من الحوارات بينهم وبين الكتل السياسية الأخرى، ما أدى إلى استمرار الجمود السياسي.

وكان التيار الصدري قد لوح بالانضمام إلى صفوف المعارضة، بعد ساعات من قرار المحكمة الاتحادية العليا في 15 مايو الماضي، الذي نص على عدم دستورية مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، والذي قدمته الحكومة إلى البرلمان من أجل تمريره، كحل مؤقت لتسيير أعمال الدولة، في ظل عدم القدرة على تمرير الموازنة الاتحادية، بسبب عدم تشكيل الحكومة الجديدة.

واتهم الصدر، في حينها، القضاء العراقي بالتغاضي عن الثلث المعطل في الحكومة، مشدداً على رفضه عودة البلاد إلى مربع المحاصصة والفساد. وقال في خطاب، إن "الشعب يعاني الفقر، فلا حكومة غالبية جديدة قد تنفعه، ولا حكومة حالية تستطيع خدمته"، متسائلاً "هل وصلت الوقاحة إلى درجة تعطيل القوانين التي تنفع الشعب عينك عينك؟"، في إشارة إلى قرار القضاء بإلغاء قانون الأمن الغذائي.

الاحتجاجات قادمة

من جانبه، رجح الباحث في الشأن السياسية، علي بيدر، أن يتجه مقتدى الصدر بعد هذه الخطوة إلى ساحات الاحتجاج، وستكون الغالبية في البرلمان للإطار التنسيقي، الذي بدوره سيشكل حكومة لن تستمر سوى أشهر.

وأضاف بيدر، أن "الصدر بعد هذه الخطوة لا يوجد له مكان في المشهد السياسي سوى ساحات الاحتجاج"، مبيناً أن "هناك احتقاناً اجتماعياً في الشارع العراقي على مستوى الخدمات والأمن سيزيد من حدة الاحتجاجات".

أقوى من تشرين

 ورجح بيدر أن تكون احتجاجات الصدريين أكثر حدة وذات مساحة أوسع وقد تنتشر إلى محافظات أخرى وستكون أكثر تنظيماً من تظاهرات التشرينيين لكونها بقيادة الصدر، مشيراً إلى أنه من الممكن حدوث احتكاك بين المتظاهرين والقوات الأمنية أو بعض الجماعات المسلحة التي لها موقف سياسي مناقض لموقف التيار الصدري.

البدلاء شيعة

وعن بدلاء نواب الصدريين وتوجهاتهم، بين بيدر، أن "البدلاء سيكونون من المرشحين الاحتياط من المكون الشيعي، وستذهب أغلبية المقاعد إلى الإطار التنسيقي لتجعلهم الكتلة الأكبر في البرلمان، مبيناً أنهم سيستطيعون تشكيل نصف زائد واحد في مقاعد البرلمان، مما يعطيهم الحرية لتشكيل الحكومة، التي قد لا تصمد سوى لأشهر قليلة.

ولم يستبعد بيدر أن تضطر الأحزاب السياسية للتجديد لحكومة مصطفى الكاظمي، كونه نجح في تنظيم انتخابات مبكرة.

الصدر باقٍ

وعن إمكانية اعتزال الصدر العمل السياسي، أوضح بيدر، أن "الصدر لم يصل إلى درجة من التصوف لاعتزال المشهد السياسي، ومن الصعوبة أن يتجه للعبادة بعيداً من هذا المشهد"، متسائلاً عن الجهة التي يمكنها أن تضبط إيقاع الجمهور الصدري والجماعات المسلحة المرتبطة بالتيار إذا ما اعتزل الصدر العمل السياسي؟.

أمر واقع

بدوره، بين الخبير القانوني علي التميمي، أن الاستقالة تصبح أمراً واقعاً بعد موافقة رئيس البرلمان، وسيجري استبدالهم بأكبر الخاسرين من نفس الدائرة الانتخابية.

وقال التميمي، إن "الاستقالة تعبر عن الإرادة الفردية للنائب، ولاحظنا أن الاستقالة كانت بعريضة فردية إلى رئيس البرلمان"، مبيناً أن تصويت البرلمان على الاستقالة يكون فقط لأغراض التقاعد، وهذا عدل بموجب قانون المحكمة الاتحادية لعام 2014.

وأكد أن هذه الاستقالة أصبحت أمراً واقعاً بعد موافقة رئيس البرلمان، واستبدال النواب يكون من الدائرة نفسها لصالح الخاسر الأكبر، كما ينص قانون المحكمة الاتحادية بتفسير المادة 46 من قانون الانتخابات رقم 9 لسنة 2020، لافتاً إلى أن الشخص الذي يستبدل يذهب اسمه للمحكمة الاتحادية من قبل المفوضية بطلب من البرلمان للمصادقة عليه لكي يكون بديلاً عن المستقيل.

المزيد من تقارير