Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنقذ الأمم المتحدة شعب العراق من براثن الطبقة السياسية؟

ممثلة الأمين العام للمنظمة الدولية تلوح بنفاد صبر العالم وسفيرة الولايات المتحدة الجديدة تلتقي الكاظمي وتتعهد تحقيق الاستقرار

جنين هينيس بلاسخارت  (رويترز)

بعد أكثر من سبعة أشهر، لم تتمكن خلالها الطبقة السياسية المتصدرة للمشهد العراقي من التوصل لاتفاق يحل لغز الإصرار على تعطيل انتخاب رئيس جمهورية ورئيس الحكومة، وبعد تهديد الأغلبية السياسية الشيعية، المتمثلة في التيار الصدري، بتقديم استقالة جماعية من مجلس النواب، ومن ثم التمهيد لنزول الجماهير إلى الشارع، يبدو أن حلحلة الانسداد السياسي ستكون على أياد دولية أممية "ناعمة".

فأمام هذا الانسداد السياسي والتعنت، ظهرت من جديد صورة السيدة جنين هينيس بلاسخارت، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، وكذلك السفيرة الأميركية الجديدة، ألينا رومانوسكي. السيدة الأولى، وبعد صمت طويل منذ الانتخابات الماضية، قدمت إحاطتها الجريئة لمجلس الأمن عن الحالة العراقية، قائلة إن "العراقيين ما زالوا بانتظار طبقة سياسية لا تنشغل بمعارك السلطة التي عفا عليها الزمن، بل تشمر عن سواعدها لإحراز تقدم في قائمة الأولويات المحلية المعلقة".

دبلوماسية الصواريخ

انتقدت بلاسخارت ما سمته "دبلوماسية الصواريخ" التي تطلق على البعثات الدبلوماسية في العراق، وأوحت بأن صبر العالم بدأ ينفد على ما يجري في العراق. وأشارت إلى قادة مسلحين يفرضون أنفسهم على العراقيين كزعماء، ما يخلق بيئة ترهيب تتعارض مع دعوات بناء الديمقراطية في البلاد.

ولعل الدور الذي تمارسه المبعوثة الدولية في العراق هذه الأيام، شبيه بدور الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الأسبق للأمم المتحدة في العراق، الذي أسهم في تقريب وجهات النظر لصياغة فقرات حساسة بقانون إدارة الدولة ومن ثم دستور عام 2005، بحسب ما يرى الكاتب مازن صاحب الشمري.

ويأمل الشمري في إطلاق مبادرة أممية بموافقة مجلس الأمن الدولي، تؤسس على ما ورد في حيثيات الدستور العراقي، ويرجح أن تأتي السيدة بلاسخارت بحلول من خارج صندوق الانسداد الحالي للعملية السياسية، تعتمد على رؤى أطراف عراقية، من غير فاعلي العملية السياسية نفسها، المعروفين بالفساد وبتفويت فرص تاريخية.

ويضيف، "الساسة يستحوذون على المال العام ويفرطون في فرصة محققة للنمو بزمن الوفرة المالية التي أوصلت العراق لأعلى ميزانية في تاريخه السياسي المعاصر، قدرت بمئة وخمسين مليار دولار سنوياً، في وقت يشهد المجتمع تراجعاً في مستوى العيش والأمن وضبابية المستقبل، الذي قد يشهد انفجاراً لا يبقي ولا يذر".

وتابع، "تلك الأوضاع المزرية تضغط على الأمم المتحدة، الشريكة في ترتيب الأوضاع العراقية منذ احتلاله عام 2003، وحتى الساعة، فهو في حالة انتداب لمبعوث سام غير معلن، يشرف على تأهيله ويجنبه الانزلاق، كما أن عائداته تخضع لإشراف وسيطرة الأمم المتحدة منذ فرض الحصار عليه عام 1991، بعد غزو الكويت وإلى يومنا هذا، حيث تدفع له عائداته بفواتير يسددها إلى بنك دولي في نيويورك خاضع للأمم المتحدة، وهو ما يفسر القرار الأممي من التدخل الإيجابي في تأهيل الحالة العراقية وإخضاعها لمعايير دولية".

ولتأهيل الحالة العراقية، والحديث لا يزال للشمري، بدأت السيدة بلاسخارت تحركاتها بلقاء رئيس الدولة والحكومة وقادة الأحزاب في إقليم كردستان، ثم التقت السفيرة الأميركية الجديدة، وزارت زعيم الفتح هادي العامري، وذهبت إلى سوريا للقاء القيادات هناك، ويرجح أن تذهب للحنانة لتقابل السيد الصدر، زعيم التيار الصدري، فهي تدرك جيداً أن ذلك يساعدها في تقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية العراقية المتنافسة، والتي تلوح باستخدام السلاح في أية لحظة، وهو ما تخشاه الأمم المتحدة، وتعمل على منع انزلاق الوضع في العراق، والانجرار إلى حرب أهلية.

دور آخر أكثر فاعلية 

ما يفعل هذا الدور الأممي أيضاً تمديد حالة الطوارئ الأميركية إزاء العراق، واختيار سفيرة جديدة هي ألينا رومانوسكي، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط على مدى أربعين عاماً من العمل في الاستخبارات وفي وزارتي الدفاع والخارجية، واستهلت لقاءها مع الرئيس الكاظمي بأنها تجدد التزامها بدعم عراق آمن ومستقر لكل المواطنين، وأعلنت أن العقبات التي تعترض إعادة الأعمار المنظم في العراق، واستعادة السلام والأمن في البلاد، والحفاظ عليهما وتطوير المؤسسات السياسية والاقتصادية.

يقول الخبير السياسي العراقي إبراهيم الزبيدي إن الإدارة الأميركية تعتبر العراق بنداً وطنياً داخلياً من بنود سجلها الفيدرالي، وليس كغيره من الدول الحليفة في المنطقة، مشيراً إلى أن قرار تمديد حالة الطوارئ، يعطي الولايات المتحدة كامل الصلاحية لحماية مصالحها في الداخل العراقي بأكمله.

وجاءت الصورة التي جمعت السفيرة الأميركية والسفير البريطاني ومنسقة الأمم المتحدة جنين بلاسخارت، لتشير إلى أن هناك توافقاً غربياً أممياً حول اتباع سياسة ضاغطة لفرض حلول تكفل حماية المواطن العراقي، كما أكدت السفيرة مع الرئيس برهم صالح ورئيس الحكومة الكاظمي، فهي تعني ما تقول.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد حديث السفيرة أقر البرلمان قانون الأمن الغذائي، برضوخ نواب الإطار للتصويت وإقرار ميزانية ضخمة تزيد على سبعة عشر مليار دولار، كبديل لإقرار الموارنة، من فائض أسعار النفط التي صممت أسعارها على سبعين دولاراً للبرميل، لكن الطفرة التي حدثت في الأسعار أمنت وفرة مالية، جاءت إنقاذاً للتحالف الثلاثي ومشروعه للدعم الحكومي.

لا سبيل إذاً أمام القوى السياسة في العراق سوى تقديم تنازلات تحت ضغط التحرك الدولي الأممي والرأي العام الشعبي الذي ضاق ذرعاً بحالة الإخفاق في إدارة الدولة، وفشلها في تقديم حلول عملية سريعة توقف تداعي العيش في بلاد تحاصرها الأزمات، وتكبلها مفاسد المحاصصة، التي يصفها عميد كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد، عامر حسن، فياض بكونها دولة أشباح، لا تعرف السلطة لمن وكيف التعامل معها.

لم يعد الانسداد السياسي مسموحاً به دولياً بعد أن تعهدت السفيرة الأميركية ضمان سلامة الشعب العراقي، في اجتماعها مع رئيس الحكومة، ومن المرجح أن يتواصل الدور الدولي ليكون عامل ضغط لفك شفرة الانسداد، حتى وإن كان بأيادٍ ناعمةٍ.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي