Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل فككت دمشق لغم "الإيغور" في الطريق إلى بكين؟

تتمسك دمشق بالمقاتلين الأجانب كافة إذ ليس بمقدورها إعادتهم إلى بلدانهم

المسلحون "الإيغور" ساهموا بعمليات تحرير المدن والقرى على امتداد الجغرافيا السورية (اندبندنت عربية)

ملخص

كان المسلحون "الإيغور" أسهموا في عمليات تحرير المدن والقرى على امتداد الجغرافيا السورية في الشمال خلال السنوات الماضية، وتكللت أعمالهم بنجاح عملية "ردع العدوان".

حل النبأ المتعلق بعزم الحكومة السورية تسليم مقاتلين من "الإيغور" كالصاعقة، وهم الذين حاربوا طوال فترة الصراع المسلح في البلاد، وقاتلوا في الشمال السوري ضد حكم نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد. واعتبر مراقبون أنه في حال تأكد خبر إرسالهم إلى بكين فهذا يعني أنهم باتوا أشبه بقربان لتوطيد العلاقة المتوترة بين الصين والسلطات السورية بسبب هؤلاء، وهذا ما بدا واضحاً حين امتنعت الصين عن التصويت على مشروع القرار الذي قدم إلى مجلس الأمن بداية نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري ويهدف إلى شطب اسم الرئيس السوري أحمد الشرع مع وزير داخليته أنس الخطاب من قائمة العقوبات الدولية.

وسرعان ما نفت وزارة الخارجية السورية صحة المعلومات، وجاء في بيان لها أنه "لا صحة عن نية الحكومة تسليم أي مقاتل"، ومع ذلك بقي هذا الملف على طاولة اللقاء الذي جمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع نظيره الصيني وانغ يي أثناء الزيارة الرسمية الأولى للصين.

 

تلطيف الأجواء

في غضون ذلك رجح السفير السوري السابق لدى الصين ورئيس "مركز الصين وآسيا للدراسات" محمد خير الوادي أن تكون زيارة وزير الخارجية الشيباني إلى الصين أخيراً قد أثمرت تلطيف الأجواء بين البلدين، وتقليص التحفظ الصيني إزاء تطوير التعاون الشامل مع سوريا. وأضاف "الشيء المؤكد أن الجانب الصيني يعتبر أن موضوع المقاتلين الإيغور يعرقل التعاون بين البلدين، لذلك احتل هذا الأمر جزءاً مهماً من محادثات الشيباني مع الجانب الصيني، ومن وجهة نظري، خفف كثيراً إعلان دمشق التزامها بألا تكون الأراضي السورية منطلقاً لأعمال عدائية ضد الصين من القلق الصيني حول وجود مقاتلين إيغور، وخلق ظروفاً مناسبة للبدء في وضع الخطط الرامية إلى تطوير العلاقات بين البلدين".

الجنسية السورية لـ"الإيغور"

تتمسك دمشق بالمقاتلين الأجانب كافة، إذ ليس بمقدور الحكومة السورية إعادتهم إلى بلدانهم، وإبقاء هؤلاء يعني إضعاف توجه سوريا إلى الخارج وفك عزلتها، مما دفع الولايات المتحدة إلى الموافقة على إنشاء فرقة عسكرية خاصة، الفرقة "83"، تضم جميع المحاربين الأجانب، وبذلك أوجدت حلاً لمعضلة هذه الجماعات.

وكان المسلحون "الإيغور" أسهموا في عمليات تحرير المدن والقرى على امتداد الجغرافيا السورية في الشمال خلال السنوات الماضية، وتكللت أعمالهم بنجاح عملية "ردع العدوان".

"لا أتوقع تخلي الحكومة السورية عن المقاتلين الإيغور"، هذا ما قاله السفير السوري السابق لدى الصين، لافتاً الانتباه إلى أن الأوساط الرسمية بالصين تربط تطوير العلاقات الثنائية مع دمشق بمدى الالتزام مستقبلاً بمعالجة هذا الملف متابعاً "القيادة السورية تعدهم رفاق نضال، وشاركوا بفاعلية في عملية إطاحة النظام البائد، وأفضل حل منحهم الجنسية السورية، وإلزامهم تطبيق توجهات الحكومة السورية الهادفة إلى تصفير المشكلات مع الدول الأخرى، وعدم التدخل في شؤون الآخرين".

ويشكل مقاتلو "الإيغور" العمود الفقري في جماعات المقاتلين الأجانب، وحاربوا تحت لواء "هيئة تحرير الشام" وينتمون إلى "الحزب الإسلامي التركستاني"، ويقدر عددهم بما بين 3500 و5000 مقاتل، ولديهم مع بقية المقاتلين الأجانب تخوف من تخلي دمشق عنهم أمام الضغط الدولي لإنهاء ملفهم الشائك.

في حين تحدث المسؤول السياسي في الحزب عثمان بوغرا عن تخوف بكين من حل هذه الجماعة نفسها واندماجها رسيماً في الجيش السوري، لافتاً إلى بيان للمتحدث باسم خارجيتها في الأول من يوليو (حزيران) الماضي جاء فيه أن "الصين تأمل في أن سوريا ستعارض كل صور قوى الإرهاب والتطرف استجابة لمخاوف المجتمع الدولي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رحلة إلى الشرق

في كل الأحوال تبقى زيارة الوزير الشيباني الصين بمثابة رحلة كسر الجليد في العلاقات الباردة مع بكين، في إطار جولة دبلوماسية تسابق فيها سوريا الوقت لكسب الأصدقاء، وبناء تحالفات جديدة مع بكين، وهذا ما أشار إليه الوزير السوري قائلاً "نعطي أهمية بالغة للمخاوف الأمنية الصينية، وإن تفاهماً مبدئياً تم التوصل إليه لإدارة ملف الإيغور".

عودة العلاقات

في السياق أعلنت دمشق تعيين رئيس مجلس للأعمال السوري - الصيني، والاتجاه إلى إعادة تفعيل العلاقة التجارية مع بكين مع الإشارة إلى أن التبادل التجاري بين البلدين بلغ مع نهاية عام 2008 نحو 2,27 مليار دولار، وفي الفترة الممتدة بين عامي 2010 و2012 نحو 3,5 مليار دولار، لكنه انخفض عام 2014 مع اشتداد الحرب السورية ليصل إلى 210 مليون دولار.

في المقابل، عبر وزير الخارجية الصيني وانغ يي عن دعم بلاده مسار إحلال السلام في سوريا خلال اللقاء الذي جمعه مع نظيره السوري، مؤكداً "تشجيع مسار يتيح لدمشق الاندماج في المجتمع الدولي، والوصول عبر الحوار السياسي إلى خطة إعمار وطنية تعبر عن إرادة الشعب".

معلوم أن "الإيغور" هم فئة من الأقليات المسلمة الموجودة في الصين، حيث تعاني الاضطهاد في إقليم سنجان (منطقة تتمتع بحكم ذاتي)، وتعتبر بكين هؤلاء خطراً وتهديداً أمنياً وأن عودتهم تعزز نشاط جماعات تصفها بالانفصالية.

وسط هذه الأجواء، رأى الباحث الأكاديمي في العلاقات الدولية أسامة قضماني في حديث خاص أن ملف المقاتلين الأجانب سيبقى شائكاً أمام الداخل السوري والخارج "فالعلاقات وإن بدت بأحسن أحوالها مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة لكنها معرضة لأن تواجه انتكاسات في حال حدوث أي تمرد من تلك الجماعات، وهي اليوم أمام اختبار صعب يتعلق بوجودها في ظل جيش جديد له ضوابط محددة، ومن جهة ثانية هناك احتمال زجهم في معارك شرسة أمام تنظيم (داعش) للاستفادة من خبرتهم التي راكمتها حرب السنوات الطويلة". وتابع "لا يمكن إخفاء قوة المقاتلين الأجانب على الأرض، فهناك من التحق بالفرقة 83، والتي تتوزع في عدد من المناطق وسط سوريا، بينما بعض الجماعات الأجنبية لم ترضخ بل أظهرت تمرداً يمكن أن يلمسه السوريون، ويراقبه الغرب بكل دقة حين اشتبكت، في الـ22 من أكتوبر (تشرين الأول)، القوات الحكومية مع مجموعة فرقة الغرباء، وهي مجموعة من المقاتلين من أصول أفريقية، ويحملون الجنسية الفرنسية في مخيم بمدينة حارم، بريف إدلب"، ولاحظنا أن التوتر انتقل إلى مجموعات أخرى من جنسيات أوزبكية وكازاخستانية لأنها تعتقد هذا الاشتباك بداية لتفكيك مجموعات المقاتلين الأجانب.

ويبدو أن هذه التطورات تثير بعض الحذر الغربي، فالنائب الجمهوري ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي برايان ماست الذي أيد إلغاء العقوبات الواسعة المفروضة على سوريا، طالب، في المقابل، بإضافة نصوص تفرض عقوبات جديدة في حال فشل الحكومة السورية في تلبية شروط محددة.

فثي كل الأحوال، العلاقات الرسمية بين دمشق وبكين كما يراها رئيس مركز "الصين وآسيا للدراسات"، تمتد على مدى 80 عاماً حيث كانت سوريا من أوائل الدول التي اعترفت بالصين الجديدة، وخلال تلك العقود لم تشهد العلاقات الثنائية أزمات جدية، "أعتقد أن دمشق تتوقع من بكين أن يستمر الزخم التاريخي لتلك العلاقات، وتأخذ الصين كقوة اقتصادية دولية مكانها المناسب في عملية إعادة إعمار وتطوير سوريا، وتمتد وتتطور علاقات الصداقة والشراكة بينهما". أما ماذا تريد الصين من سوريا فأجاب "بكين ترغب في التزام دمشق سياسة الصين الواحدة، وتنضم إلى المبادرات الاقتصادية العالمية الصينية، وعلى رأسها مبادرة طريق الحرير، وأظن أن الصين سترحب بانضمام سوريا عضواً نشطاً في منتدى التعاون العربي - الصيني، الذي تأسس قبل نحو ربع قرن، وإجمالاً تتوقع بكين من دمشق ممارسة سياسة عدم الانحياز، وتبني توجهاتها تجاه بكين على أساس التعاون والصداقة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير