Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فيلم إسرائيلي عن فتى فلسطيني في مرمى نتنياهو

حين حصد فيلم "البحر" للمخرج شاي كارميلي - بولاك خمس جوائز إسرائيلية أثار ردود فعل حانقة من الحكومة من بينها التهديد بوقف تمويل حفل الجوائز كلياً. في مقابلة مع "اندبندنت" يقول المخرج إن الأجواء السائدة في البلاد باتت لا تطاق

يروي فيلم "البحر" قصة الفتى الفلسطيني خالد (محمد غزاوي) البالغ من العمر 12 سنة، والذي يحلم برؤية البحر المتوسط للمرة الأولى في حياته (مهرجان القدس السينمائي)

ملخص

فاز فيلم "البحر" للمخرج الإسرائيلي شاي كارميلي - بولاك بجوائز مرموقة على رغم الجدل السياسي، إذ يسلط الضوء على معاناة الفلسطينيين ويؤكد أن الفن قادر على بناء جسور بين الشعوب في ظل واقع من التمييز والصراع.

علق المخرج السينمائي الإسرائيلي شاي كارميلي - بولاك صورة لافتة على جدار مكتبه في كفر سابا. يظهر في الرسم، الذي صممه صديقه الفنان الراحل دودو غيفا، بطة كرتونية تشق بسكين.

ويقول لـ"اندبندنت": "تشبه (الصورة) ما يحدث الآن. إنها نهاية العالم، لكنه على رغم السكاكين العديدة المغروزة في جسده، لا يزال متفائلاً. هذا هو شعوري".

لديه ما يدفعه إلى الشعور بالفرح والخوف في آنٍ واحد. فالشهر الماضي، حصد فيلمه البحر خمس جوائز في حفل جوائز السينما الوطنية في إسرائيل "الأوفير" The Ophirs، بينها الجائزة الكبرى لأفضل فيلم.

يروي الفيلم قصة صبي فلسطيني في الـ12 من عمره يدعى خالد، يؤدي دوره محمد غزاوي، يحلم برؤية البحر المتوسط للمرة الأولى في حياته، لكنه يعاد من حاجز عسكري أثناء رحلة مدرسية، لأن السلطات تقول إن تصريحه غير صالح.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد أثار الفيلم الغضب في إسرائيل بسبب تركيزه على حياة الفلسطينيين. في غضون ساعات قليلة من حصول الفيلم على الجائزة، هدد وزير الثقافة الإسرائيلي ميكي زوهار بقطع التمويل عن حفل الجوائز، معتبراً هذا الفوز "صفعة في وجه المواطنين الإسرائيليين" فيما وصف الحفل بأنه "مخجل ومنفصل عن الواقع".

لكن كارميلي - بولاك يقول إنها "الحقيقة الرهيبة للحكومة التي ينتمي إليها هذا الشخص، والتي ترتكب حالياً إبادة جماعية ولا يمكننا نفي ذلك. لا يمكننا إلقاء اللوم على الأفلام".

الشهر الماضي، خلص تقرير وضعته الأمم المتحدة إلى أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية. لكن إسرائيل تقول إن هذا الاتهام "باطل" و"مشوه"، فيما أيدت منظمات حقوقية منها منظمة العفو الدولية، هذه الادعاءات.

ليس "البحر" الفيلم الوحيد الذي انتقد إسرائيل وقوبل بردود فعل سلبية في الآونة الأخيرة. في وقت سابق من العام الحالي، ظهر فيلم "لا أرض أخرى" الذي روى قصة الناشط الفلسطيني الشاب باسل عدرا ومقاومته للتهجير القسري من داره في مسافر يطا، وفاز بجائزة أوسكار الأميركية عن أفضل فيلم وثائقي طويل.

كانت ردة الفعل في إسرائيل مشابهة للآن: اعتبره زوهار "لحظة حزينة في عالم السينما" و"تخريباً موجهاً ضد دولة إسرائيل".

بعد أسابيع على تحقيق الفيلم هذا النجاح، قتل عودة الهذالين، الناشط الفلسطيني والأب لثلاثة أبناء الذي ظهر في الفيلم، على يد مستوطن إسرائيلي. كما أفاد عدرا نفسه عن اقتحام منزله في الضفة الغربية من فترة قريبة.

يتأمل كارميلي - بولاك في عمله ويقول "إن صناعة فيلم كهذا ليست أمراً سهلاً حتى قبل الحرب. يسود انطباع دائم هنا بأن الأفلام المعارضة تلقى دعماً كبيراً، وهي أفلام ليست موجهة إلى الجمهور الإسرائيلي، بل للجماهير خارج إسرائيل وتظهر مدى فظاعتنا. هذا الأمر موجود دائماً لكنه أصبح أقوى الآن".

وفي تعليقه على تصريحات زوهار في شأن فيلمه، يقول كارميلي - بولاك إن مهاجمة وزير الثقافة للمشاريع التي لا يرضى عنها أصبحت ضرباً من "التقليد". ويضيف "أدعوه إلى النظر بعقل منفتح وأن يشاهد الفيلم قبل أن يتكلم".

ويشيد بدعم صندوق الأفلام الإسرائيلي لفيلمه، لكنه يعرب في الوقت نفسه عن قلقه من أن يصبح العمل الفني "مستحيلاً" في بيئة تفرض قيوداً كهذه على المبدعين.

ويقول "أنا سعيد حقاً لأنني حظيت بفرصة صنع هذا الفيلم ومنح صوت لمن لا يسمع صوتهم كثيراً في مجتمعنا".

وتحقق "جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل" فيما إذا كانت الوزارة قادرة قانوناً على تنفيذ تهديد زوهار بقطع التمويل، وفقاً لصحيفة "جيروزاليم بوست".

وعلى رغم الجدل، يؤكد كارميلي - بولاك أن ردود الفعل على البحر كانت إيجابية للغاية.

ويوضح "أي شخص يشاهد الفيلم من دون انحياز سياسي – حتى الإسرائيليون – يستطيع أن يرى أنه يحكي قصة إنسان يتعرض للتمييز فقط بسبب المكان الذي ولد فيه. الأمر أعقد من رد فعل (زوهار)".

ويضيف أن "الإسرائيليين ليسوا شياطين بقرون، إنهم أناس عاديون يعيشون ضمن هذا الواقع". ويؤمن بأن الفن قادر على تعزيز الصلة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

في الفيلم، يسافر خالد إلى الساحل ليشاهد مياه البحر المتوسط بنفسه، لكنه لا يعرف الطريق ولا يتحدث العبرية. أما والده ربحي (خليفة ناطور)، العامل في إسرائيل من دون تصريح، فيترك عمله وينطلق في رحلة محفوفة بالأخطار للبحث عن ابنه المفقود.

ويقول المخرج "كنت أخشى ألا يرغب الناس في مشاهدة الفيلم لأنه يدور حول طفل فلسطيني، لكن لم تكن هناك طريقة أخرى لإنجازه. وقد تفاعل الناس معه بعمق، وتأثرت بذلك كثيراً. ذرف بعضهم الدموع لأنهم رأوا طفلاً يستخدم إرادته كي يصل إلى البحر".

التزم كارميلي - بولاك، المولود في حيفا، نشر الوعي بمعاناة الفلسطينيين بعد زيارته الأولى إلى الضفة الغربية عندما كان بعمر الـ32.

ويقول "حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال مريعة. وأنا أشعر بالمسؤولية لأنني أعيش في ظل هذا النظام الذي يميز بين الناس بسبب أصولهم العرقية لا غير".

ويضيف "حين ننظر إلى تاريخ الشعب اليهودي نرى أننا عانينا كثيراً هذا النوع من التمييز في الماضي، وهو أمر غير مقبول، ويجب أن يتغير الآن، لا غداً ولا في المستقبل".

ويتابع "هذه ليست قصة فلسطينية فحسب، بل هي قصة المجتمع الإسرائيلي".

أثناء تسلمه جائزته، قال غزاوي البالغ من العمر 13 سنة "أتمنى أن يحظى أطفال العالم جميعاً أينما كانوا بالفرصة نفسها - بأن يعيشوا ويحلموا من دون حروب".

وقد اكتشفت موهبة غزاوي عندما اختار المخرج أن يقيم تجربة أداء لأطفال فلسطينيين من نادٍ للملاكمة التايلاندية مليء بالفتية "القساة". لم يمتلك الفتى أي تجربة سابقة في التمثيل ولم يكن يتحدث العبرية عندما وقع عليه الاختيار.

ويقول كارميلي - بولاك "لم ألاحظه في البداية. صورته وعدت إلى المنزل، حيث شاهدت الفيديو وفكرت ’يا للهول. إن هذا الطفل موهوب جداً‘".

لكن المخرج يقول إن عديد من الإسرائيليين لا يدركون عمق المعاناة في غزة والضفة الغربية، بسبب وجود "مشكلة كبيرة جداً في الإعلام الإسرائيلي".

في بيان أتلي أثناء حفل جوائز الأوفير، قال منتج الفيلم، الفلسطيني باهر إغبارية "ولد هذا الفيلم من حب الإنسانية والسينما ورسالته واحدة- لدى كل طفل الحق بالعيش والحلم في سلام من دون حصار ولا خوف ولا حرب".

ولم يحضر ناطور، الذي أدى دور والد خالد، حفل الجوائز، مبرراً غيابه بـ"دخول الجيش إلى غزة والإبادة الجماعية التي تثير في نفسي فزعاً شديداً".

وتزامن الجدل حول الفيلم مع إعلان نجوم من هوليوود عن مقاطعة ثقافية للمؤسسات السينمائية الإسرائيلية.

ولقي هذا التعهد الذي نشرته منظمة تدعى "عمال السينما من أجل فلسطين" Film Workers for Palestine، دعماً من ممثلين مثل خافيير بارديم وأوليفيا كولمان وإيما ستون وريز أحمد وأكثر من 4000 شخص من المهنيين في مجال السينما، فيما انتقد عملاق الترفيه العالمي، باراماونت، هذه الخطوة، وقالت الشركة إنها لا تؤيد "إسكات الأفراد".

لكن كارميلي - بولاك، الذي يشارك في التظاهرات المؤيدة لفلسطين وتلك المطالبة بإطلاق سراح الرهائن، يقول إن العمل مع الفلسطينيين في هذا الفيلم منحه لمحة عن إمكان التعايش المشترك. ويضيف أنه لم يتمكن من النوم أو الاستمتاع بالأفلام أو العيش حياة طبيعية منذ اندلاع الصراع العنيف ومشاهد الرعب التي أعقبت أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

ويقول "كانت تجربة التصوير بحد ذاتها مميزة جداً. كنا فريق عمل مشتركاً – إسرائيليين وفلسطينيين نعمل معاً بموازنة متواضعة وبنية صادقة لتقديم أفضل ما لدينا".

ويختم قائلاً "امتزجت العبرية بالعربية تلقائياً في موقع التصوير وكأننا نحن أيضاً خضنا الرحلة ذاتها التي يصورها الفيلم – متنقلين بين القرى الفلسطينية وتل أبيب. كانت تجربة فريدة وعاطفية بحق".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من سينما