ملخص
حصلت "حماس" على ضمانات موثوقة لإنهاء الحرب، ولكن مصر تحاول توثيق الاتفاق المبني على خطة ترمب للسلام في الأمم المتحدة ليصبح دائماً وأبدياً.
باقي مراحل خطة ترمب للسلام والتي تقضي بسحب سلاح "حماس" وتشكيل قوة دولية موقتة تتولى إدارة غزة، فهي نقاط مؤجلة شائكة قد تنسف أي اتفاق وتؤدي لعودة الحرب.
بين الخيام المهترئة احتفل سكان غزة النازحون بإعلان التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة "حماس" وإسرائيل. فطوال ساعات الليل لم ينم أهل غزة، كانت النسوة تطلقن الزغاريد والرجال يصيحون فرحاً، فالاتفاق قد يوقف الحرب نهائياً، ويضع حداً لأحد أسوأ الكوارث الإنسانية في القرن الحالي.
لكن عندما عرف سكان غزة أن الاتفاق الذي جرى بين "حماس" وإسرائيل كان يقتصر على المرحلة الأولى فقط من خطة ترمب للسلام، انتابهم الخوف من أن تعود تل أبيب للقتال بعد الإفراج عن الرهائن، فهل ستتوقف الحرب فعلاً بعد إطلاق سراح المحتجزين؟
المرحلة الأولى
توصلت "حماس" وإسرائيل إلى اتفاق نهائي لجميع النقاط العالقة في المرحلة الأولى، بما ينص على: فتح خمسة معابر فوراً أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة، مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من قلب مدن القطاع وتسليم "حماس" 20 محتجزاً إسرائيلياً أحياء دفعة واحدة ضمن المرحلة الأولى من التنفيذ بعد 72 ساعة من بدء وقف إطلاق النار، على أن يستتبع ذلك بتسليم الجثامين بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من الأحياء السكنية ومراكز المدن، في المقابل، تطلق إسرائيل سراح أكثر من 2000 أسير فلسطيني، بينهم 250 يقضون أحكاماً بالسجن مدى الحياة، كما يقضي الاتفاق بعودة النازحين من جنوب القطاع إلى مدينة غزة.
وبحسب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي "بناءً على توجيهات المستوى السياسي بدأت قواتنا بالاستعدادات العملياتية لتنفيذ الاتفاق، في هذا الإطار هناك تحضيرات وإجراءات ميدانية للانتقال إلى خطوط انتشار جديدة ملائمة في الفترة القريبة".
بنود سابقة
في الواقع، جميع هذه البنود توصلت لها "حماس" وإسرائيل في محادثات سابقة لم يكتب لها النجاح، ولم تستغرق وقتاً طويلاً في التوصل لها، أما بقية مراحل خطة ترمب للسلام والتي تقضي بسحب سلاح "حماس" وتشكيل قوة دولية موقتة تتولى إدارة غزة، فهي نقاط مؤجلة شائكة قد تنسف أي اتفاق وتؤدي لعودة الحرب.
بالنسبة لـ"حماس" مع تسليمها جميع الرهائن ينتهي دورها كمفاوض، ولا تحتاجها إسرائيل للتباحث في مستقبل غزة، لذلك تسعى الحركة لتحصيل ضمانات لعدم تجدد الحرب نهائياً بعد فقدانها ورقتها الرابحة الوحيدة في هذا الصراع، فهل هناك ضمانات حقيقية لنهاية الحرب؟
الهدف نهاية الحرب
يقول القائم بأعمال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خليل الحية "جئنا من أجل مفاوضات لوقف الحرب، اليوم توصلنا إلى اتفاق يقضي بإنهاء الحرب على قطاع غزة وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي منه ودخول المساعدات وتبادل الأسرى بناء على مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب".
أما عضو المكتب السياسي للحركة باسم نعيم كان متيقناً من تنفيذ المرحلة الأولى للاتفاق، يقول "اتفقنا على المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار"، وفي ما يخص الخطوات المفترض اتخاذها بعد المرحلة الأولى يقول "على الولايات المتحدة والدول الضامنة ومختلف الأطراف العربية والإسلامية والدولية إلزام إسرائيل بتنفيذ استحقاقات خطة ترمب كاملة، وعدم السماح للحكومة الإسرائيلية بالتنصل أو المماطلة في تطبيق ما جرى التوافق عليه"، إسرائيل دائماً ما تنكث بوعودها بشأن وقف الحرب، لذلك لا بد من وجود ضمانات بانتهاء الحرب نهائياً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أين الضمانات؟
بالنسبة لـ"حماس" يبدو واضحاً أنها لم تحصل على أي ضمانات لوقف الحرب نهائياً، لكن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب هدأ من خوفها قليلاً وكتب "اتفاق إسرائيل و‘حماس‘ هي الخطوات الأولى نحو سلام قوي ودائم وأبدي وسيحتاجونني بسرعة كبيرة، سأذهب على الأرجح إلى مصر إما قبل إطلاق سراح الرهائن أو بعد ذلك بوقت قصير".
وجود ترمب شاهداً على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، يضفي نوعاً من الهدوء النفسي لـ"حماس" بأن الحرب لن تتجدد، وبصفته رئيساً لمجلس السلام الذي من المقرر أن يدير غزة بعد انسحاب إسرائيل، فهذا يعني أن الاتفاق دائم وقوي وأبدي، كما يريد الطامح لجائزة نوبل للسلام.
بدأ الوسطاء في تهدئة "حماس" وامتصاص تخوفاتها، يقول المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري "وافق الجانبان على كل بنود وآليات وقف الحرب نهائياً" هذا التصريح يؤكد أن قطر إحدى الدول الضامنة لإنهاء القتل في غزة.
تعهدات
من جانبه، يقول رئيس الهيئة العامة المصرية للاستعلامات ضياء رشوان "هناك ضمانات تلزم إسرائيل بتنفيذ الخطة الأميركية بشأن غزة، وتمنعها من العودة للعمليات العسكرية، ويقع على عاتق ترمب الالتزام بها".
ويضيف "خوفاً من تراجع إسرائيل عن وقف الحرب والعودة إلى العمليات العسكرية وسياسة تهجير سكان غزة، بعد الإفراج عن الرهائن، هناك ثماني دول تتمتع بعلاقات قوية مع واشنطن وإسرائيل ولديها موقع إقليمي وعالمي يمكنها ضمان أن تلتزم إسرائيل بتعهداتها".
والدول الثماني التي يقصدها رشوان، هي نفسها القوى الإقليمية التي اجتمع فيها ترمب على هامش الدورة الـ80 لاجتماع الأمم المتحدة في نيويورك، وهي السعودية وباكستان وتركيا وقطر ومصر وإندونيسيا والإمارات والأردن، وأطلعها على تفاصيل خطة البيت الأبيض للسلام في غزة والشرق الأوسط.
ضمانات الوسطاء وتركيا
هذه الدول الكبرى باركت خطة ترمب وشجعتها، ولكن من غير المعروف إذا ما ستكون هذه الدول هي الضامنة لتنفيذ خطة ترمب كاملة وإجبار إسرائيل على عدم تنفيذ مخططاتها التي تحاول المضي بها منذ بداية الحرب.
بحسب المعلومات الواردة لـ"اندبندنت عربية"، فإن الوفود التي زارت مصر الأربعاء، للمشاركة في مفاوضات شرم الشيخ "مدينة السلام"، وهي رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وصهر الرئيس ترمب جاريد كوشنر وممثل تركيا إبراهيم قالن ومدير الاستخبارات العامة المصرية اللواء حسن رشاد، اجتمعوا مع رئيس وفد "حماس" خليل الحية وبقية الفصائل الفلسطينية لمنحهم ضمانات كاملة لوقف الحرب نهائياً في غزة واستكمال إسرائيل التزاماتها بحسب خطة ترمب.
ووفقاً للمعلومات التي حصلنا عليها من مصدر حمساوي يشارك في لقاءات شرم الشيخ، فإن الاتفاق تم بضمانة مباشرة من الولايات المتحدة وتعهد ترمب بإعلان الاتفاق بنفسه ليضمن عدم السماح بالعودة إلى الحرب مطلقاً طالما التزم الطرفان ببنوده.
لا يزال الوسطاء يعملون على إعداد الصياغة النهائية للاتفاق بما يشمل الضمانات اللازمة لإنهاء الحرب، استعداداً لإقراره رسمياً وبدء التنفيذ الميداني، يقول عضو مكتب "حماس" عزت الرشق "المفاوضات بشأن تطبيق المرحلة الثانية من خطة ترمب ستبدأ فور بدء تنفيذ المرحلة الأولى"، وهذا يعني عدم تجدد الحرب.
توثيق الاتفاق في الأمم المتحدة
بالنسبة لمصر، فإن جميع التعهدات والضمانات بحاجة إلى توثيق الاتفاق في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يقول وزير خارجيتها بدر عبد العاطي "نعمل على إنشاء آلية أممية تضمن أمن جميع الأطراف، وتضمن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة".
ويضيف "الضمانات التي نسعى لتحقيقها هي التوجه للأمم المتحدة بمشاركة الاتحاد الأوروبي والسعودية لاعتماد خطة ترمب، والعمل على نشر قوات دولية بما يضمن أمن واستقرار الشعب الفلسطيني. تحدثت مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف بشأن أهمية أن يكون هناك قرار في مجلس الأمن لإنهاء الحرب في غزة وفق خطة ترمب للسلام".
الفصائل الفلسطينية بحاجة لضمانات أخرى، يقول الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي "نحن بحاجة لحركة تضامن دولية لفرض العقوبات ومقاطعة إسرائيل إذا أخلت بالاتفاق، وأيضاً بحاجة لضمانات من المجتمع العربي بالوقوف مع القضية الفلسطينية وتحقيق السلام، وكذلك يجب أن يتعهد ترمب بذلك، إذا تحقق ذلك حينها نقول بوضوح انتهت الحرب في غزة".