ملخص
تشير بيانات رسمية إلى أن ربع البريطانيين تقريباً يعانون مشكلات عقلية، وقد أثارت الأرقام قلق الحكومة فدفعتها لإطلاق مراجعة رسمية في شأن آليات تشخيص وعلاج الأمراض النفسية التي تخرج البالغين من سوق العمل وتضعهم على نفقة خزينة الدولة.
قررت الحكومة البريطانية إطلاق مراجعة رسمية في شأن تشخيص الأمراض النفسية، بعدما انتشرت الإصابة بهذه المشكلات الصحية التي تعوق التحاق البالغين بسوق العمل، وتفرض على الدولة تقديم الأموال لهم، حتى بات عدد العاطلين المطالبين بإعانات الإعاقة نحو 4.4 مليون شخص، بزيادة بلغت 1.2 مليون مقارنة بـ2019.
وفق أرقام مؤسسة الصحة الوطنية المعروفة اختصاراً باسم "NHS"، يعاني واحد من كل أربعة بريطانيين مشكلات صحية نفسية شائعة مثل القلق والاكتئاب، فيتناول حوالى 8.9 مليون شخص أدوية مضادة لها على نفقة الخزانة، بواقع زيادة تقارب 7 ملايين مقارنة بعدد الذين شخصوا بهذه الحالات قبل عقد من الزمن في إنجلترا.
وأعرب وزير الصحة ويس سترتينج عن قلقه إزاء الارتفاع الحاد في تشخيص الأمراض العقلية و"التوحد" و"اضطراب نقص الانتباه" و"فرط النشاط" التي باتت السبب الأكثر شيوعاً للمطالبة بالدعم، منوهاً إلى أن عدد العاطلين عن العمل بين عمر 13 و34 سنة، بحجة هذه الأمراض قد صعد بنسبة 76 في المئة بين 2019 و2024.
تسعى حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر إلى خفض فاتورة برامج الدعم الذي يقدم إلى غير القادرين على العمل، فطرحت قبل أشهر مشروع قانون يقترح تقليص قيمة المساعدات وإعادة النظر بمستحقيها، لكن المشروع واجه معارضة شديدة من "نواب المقاعد الخلفية" في حزب العمال الحاكم، اضطرت ستارمر ووزراءه للتخلي عنه لاحقاً.
التخلي عن مشروع قانون إصلاح الدعم للعاجزين عن العمل لأسباب صحية، كلف خزانة الدولة نحو 5 مليارات جنيه في الموازنة التي أعلنت عنها وزيرة الخزانة راشيل ريفز قبل أيام، والتي اضطرت فيها الوزيرة إلى فرض باقة واسعة من الضرائب بغرض ترميم الهوة الواسعة التي تعانيها خزينة الدولة بين الموارد والنفقات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
اليوم قررت الحكومة إطلاق مراجعة رسمية حول تشخيص البريطانيين بالأمراض النفسية، هي تعتقد أن هناك إفراطاً في هذا الأمر، ولكنها وفقاً لوزير الصحة، تسعى إلى معرفة الطرق الناجعة لمعالجة تلك الحالات على النحو الذي يخرجها من دائرة الأسباب التي تمنع الشخص من العمل وتضيفه إلى قوائم العاطلين الطويلة والمكلفة للدولة.
ما تتطلع إليه الحكومة وفق التصريحات الرسمية، هو الوصول إلى طريقة يمكن من خلالها معالجة الأشخاص الذين يعانون المشكلات النفسية قبل أن تتحول لأمراض مزمنة يصعب معالجتها وتمنع البريطانيين من الانضمام لسوق العمل، وبتعبير آخر، تعديل الآلية التي يتم على أساسها تشخيص المشكلة وتغيير الحلول المقترحة لحلها.
يقود المراجعة البروفيسور بيتر فونجي، متخصص علم النفس السريري في كلية لندن، ويشغل منصب نائب الرئيس سيمون ويسلي، الرئيس السابق للكلية الملكية للطب النفسي، وقد أطلقت بينما يقف نصف مليون شخص على أبواب عيادات الصحة العقلية بانتظار تشخيصهم بحالة تدخلهم في برامج المساعدات وتبعدهم عن سوق العمل.
ثمة حوالى 800 ألف شخص في إنجلترا يعانون، وفق آليات التشخيص الحالية، اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، لكن هيئة الصحة الوطنية تقدر العدد الحقيقي بنحو 2.5 مليون شخص إذا ما تم احتساب كل الذين أدرجوا أعراضاً لهذه الاضطرابات في طلباتهم لمراجعة الأطباء المختصين بمشكلات الصحة العقلية في مؤسساتها.
تُظهر البيانات ارتفاعاً مطرداً في أعداد البالغين والأطفال الذين يعانون مشكلات الصحة النفسية، كانت النسبة 15.5 في المئة من السكان خلال 1994 وارتفعت إلى 23 في المئة العام الماضي، مما دفع فونجي للقول "إن الأرقام تجعل اللجنة مدينة للبريطانيين بتزويد الحكومة بالمشورة المبنية على الأدلة لتحسين حياة الناس"، منوهاً إلى أن العمل سيقوم على فحص دقيق من قبل ذوي الخبرة والأطباء العاملين في الخطوط الأمامية للصحة العقلية، لفهم الأسباب الكامنة وراء ازدياد أرقام المصابين في هذه الحالات.