Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تصعيد خطير في بورتسودان وسط انهيار أمني وإنساني

تعليق الرحلات الجوية وتنديد عربي ودولي

ملخص

لليوم الثالث على التوالي استهدفت طائرات مسيرة تتبع قوات "الدعم السريع" مطار بورتسودان شرق السودان، مما أحدث حالاً من الهلع والرعب وسط المسافرين. وقررت السلطات السودانية المتخصصة تعليق الرحلات الجوية مرة أخرى بعدما تم استئنافها بعد ساعات من الهجوم الثاني أمس الإثنين. وأثارت هذه الانفجارات ردود فعل عربية ودولية شاجبة.

لليوم الثالث على التوالي استهدفت طائرات مسيرة تتبع قوات "الدعم السريع" في الساعات الأولى من فجر اليوم الثلاثاء مطار بورتسودان شرق السودان، مما أحدث حالاً من الهلع والرعب وسط المسافرين الذين يستعدون لمغادرة البلاد. وقررت السلطات السودانية المتخصصة تعليق الرحلات الجوية مرة أخرى بعدما تم استئنافها بعد ساعات من الهجوم الثاني أمس الإثنين.

وتصاعدت أعمدة الدخان نتيجة الانفجار الذي تسبب في تدمير جزء من المطار، مما أدى إلى حال من الاستنفار الأمني في المنطقة. ولم تتضح بعد تفاصيل دقيقة حول الأضرار أو الإصابات الناتجة من هذا الهجوم.

وحدثت أمس انفجارات قوية هزت مستودعات الوقود التابعة للمؤسسة السودانية للنفط في مدينة بورتسودان بعد ساعات من استهداف طائرات مسيرة المطار الرئيس في المدينة الواقعة على ساحل البحر الأحمر، وشاهد سكان بورتسودان أعمدة كثيفة من الدخان تتصاعد من خزانين، في الأقل، بالمستودع الرئيس للوقود، الذي يقع في شرق المدينة.

وأثارت هذه الانفجارات ردود فعل عربية ودولية شاجبة، ودان كل من السعودية وقطر وتركيا والاتحاد الأفريقي استهداف مدينتي بورتسودان وكسلا بالطائرات المسيرة.

حرب وجودية

الباحث في الشؤون العسكرية والعسكرية اللواء معتصم عبدالقادر قال إن "الاستهداف الأخير للمرافق الحيوية يبدو أنه من قوى إقليمية أصبحت في مواجهة مباشرة مع السودان، وليس لـ(الدعم السريع) أي دور، فالأخيرة (الدعم السريع) وحلفاؤها السياسيون قد انتهى دورهم في هذه الحرب منذ تحرير الخرطوم في الـ26 من مارس (آذار) الماضي". وتابع عبدالقادر "في تقديري أن تلك القوى الإقليمية باتت تتعامل مباشرة في حرب السودان من خلال المسيرات في وقت كسب فيه الجيش المعركة البرية لحد كبير في ولاية الخرطوم ومرشح بقوة لاسترداد ولاياتي كردفان ودارفور نتيجة نقص القوة البشرية لـ(الدعم السريع)، فهي معركة محسومة، لكنه واضح، كما ذكر البعض، أن الحرب ستتحول إلى صورة أخرى من صور المواجهة بين الإمارات والسودان". وأضاف أيضاً "هذه الحرب، وفق هذه التطورات، مرشحة لانطلاق معارك جديدة عبر الحدود، سواء الحدود الغربية من ليبيا وتشاد، أو الحدود الجنوبية من كينيا وجنوب السودان والصومال، أو من خلال البحر الأحمر، بالتالي لا مناص للشعب السوداني والجيش غير مواجهة هذا الشكل الجديد من المواجهات بتجهيز قواه الدفاعية والهجومية". وزاد الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية "يبدو أن هذه الحرب مصيرية ووجودية للسودان بغرض الاستيلاء على ما يمتلكه من موارد، لذلك أخذت أشكالاً مختلفة، واستمرت عبر حقب سياسية عدة، إلى أن انتهت باستهداف المواطن ومرافق الدولة الحيوية ومنشآتها العسكرية".

مسيرات انتحارية

من جانبه قال عضو القيادة المركزية العليا للضباط وضباط الصف والجنود السودانيين المتقاعدين "تضامن" الرائد محمد مقلد "الآن وبعد هذه التطورات الميدانية، أخذ مسار الحرب بعداً متسارعاً من قبل قوات (الدعم السريع) باستخدام مسيرات انتحارية واستراتيجية ذات قدرات تقنية قتالية عالية للإسراع بحسم هذه الحرب وبأقل الخسائر". وأضاف "بدخول هذه المسيرات الحرب فقد أصبحت كل المرافق الحيوية والاستراتيجية المدنية والعسكرية في البلاد أهدافاً يسهل الوصول إليها والتعامل معها، وقد لوحظ أن الهجمات على مطار بورتسودان وقاعدة عثمان دقنة العسكرية ومستودعات وخزانات الوقود بمدينة بورتسودان أصابت أهدافها بدقة عالية في ظل غياب وقصور واضحين للدفاعات الجوية والمضادات الأرضية التابعة للجيش في تحييد وإسقاط هذه المسيرات قبل وصولها لأهدافها". وبين أن "استهداف المنشآت الحيوية القصد منه إنهاك وإضعاف القدرات والموارد المالية لكل طرف، إضافة لإحداث حال من الانهيار المعنوي لدى المواطنين وتشكيكهم في إمكان توفير الأمن والحماية لهم".

رفض اتهام الإمارات

في غضون ذلك شطبت محكمة العدل الدولية الدعوى التي قدمها السودان ضد الإمارات لعدم الاختصاص نظراً إلى تحفظ أبوظبي على المادة التاسعة من اتفاق منع الإبادة الجماعية. وحذفت المحكمة القضية من القائمة العامة بغالبية تسعة أصوات مقابل سبعة ورفضت إصدار أمر التدابير الموقتة التي طالب بها السودان بغالبية 14 صوتاً مقابل صوتين. وأشارت المحكمة إلى أنها تشعر بقلق بالغ إزاء المأساة الإنسانية المتكشفة في السودان والخسائر في الأرواح، بخاصة في غرب دارفور، ومع ذلك فإن نطاق القضية مقيد بالضرورة بأساس الاختصاص القضائي.

وفي أول رد فعل لها أفاد وزير الإعلام السوداني خالد الأعيسر بأن حكومة بلاده تعتزم مقاضاة الإمارات أمام محاكم دولية تعاقب الحكومات التي تهدد استقرار البلدان. وقال في بيان، "كان قضاة محكمة العدل الدولية قد أوقفوا النظر في القضية لأسباب إجرائية، استناداً إلى المادة التاسعة، لا لأسباب جوهرية، فإن هناك محاكم دولية أخرى". وأشار إلى أن "هذه المحاكم تقبل مثل دعاوى السودان وتحاكم المجرمين وتنصف الشعوب وتعاقب الحكومات التي تهدد استقرار البلدان وتقتل الأبرياء". وأوضح أن قضية الأمة السودانية ضد دولة الإمارات لن تتوقف عند محطة محكمة العدل الدولية، "إذ إن الحكومة ستطرق كل باب يتيح لها الاقتصاص من الذين ارتكبوا الجرائم في حق الشعب". وبين أن "الشعب السوداني دفع ثمناً باهظاً نتيجة الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي ارتكبتها الإمارات عبر رعايتها المستمرة قوات (الدعم السريع)".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل رحبت الإمارات بقرار محكمة العدل الدولية، وقالت نائبة مساعدة وزير خارجية الإمارات للشؤون السياسية ريم كتيتن في بيان، "يؤكد القرار بشكل واضح وقطعي أن الدعوى المقدمة لا أساس لها من الصحة. ومن البديهي، فإن قرار المحكمة يمثل رفضاً حاسماً لمحاولة القوات المسلحة السودانية استغلال المحكمة لنشر المعلومات المضللة وتشتيت الانتباه عن مسؤوليتها في الصراع". وتابعت "مع دخول الحرب المدمرة في السودان عامها الثالث، تدعو دولة الإمارات القوات المسلحة السودانية وقوات (الدعم السريع) لإنهاء الحرب من دون شروط مسبقة، والتزام المفاوضات، والسماح بالوصول إلى المساعدات الإنسانية من دون أي عوائق. يجب أن يتحرك المجتمع الدولي، بشكل حازم، لتسهيل الانتقال إلى عملية سياسية بقيادة مدنية مستقلة عن سيطرة الجيش، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب الفظائع الإنسانية".

وكانت الخرطوم تقدمت بشكوى ضد أبوظبي أمام المحكمة في الخامس من مارس الماضي، تتهم فيها الإمارات بالتواطؤ في جريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها "الدعم السريع" في حق عرقية المساليت بغرب دارفور. وطلب السودان من المحكمة اتخاذ تدابير إلى حين الفصل في القضية، تشمل امتناع الإمارات عن الأفعال التي تشكل انتهاكات لاتفاق الإبادة الجماعية والمعاهدات الدولية، وتقديم تعهدات بعدم تكرار هذه الانتهاكات. ويتهم السودان الإمارات بتمويل وتقديم الأسلحة والعتاد الحربي إلى "الدعم السريع"، وقدم ضدها شكوى أمام مجلس الأمن الدولي لم يفصل فيها حتى الآن.

ووقع السودان على اتفاق منع الإبادة الجماعية في الـ13 من أكتوبر (تشرين الأول) 2003، فيما انضمت الإمارات إلى الاتفاق في الـ11 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2005، مع التحفظ على المادة التاسعة التي تنص على عرض أي طرف على محكمة العدل الدولية، النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المتعاقدة في شأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذا الاتفاق، بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسؤولية دولة ما عن إبادة جماعية.

عشرات الشكاوى

على صعيد آخر تلقت لجنة المعلمين السودانيين عشرات الشكاوى من طلاب يشككون في نتائج اختبارات الشهادة الثانوية المؤجلة من عام 2023، وطالبوا وزارة التربية والتعليم التحقيق في ما وقع من أخطاء في هذه النتائج. وأوضح المتحدث باسم لجنة المعلمين السودانيين سامي الباقر أن اللجنة قررت تشكيل لجنة لفرز وتصنيف هذه الشكاوى، التي انحصر معظمها في إحراز طلاب درجات ممتازة في مواد اللغة الإنجليزية والكيمياء والفيزياء والرياضيات المتخصصة، بينما كانت بقية الدرجات ضعيفة جداً، من دون الـ10 درجات في مواد التربية الإسلامية واللغة العربية والأحياء وعلوم الحاسوب. ولفت إلى أن الشكاوى تشمل إحراز طلاب، مستواهم متدنٍّ، نسباً عالية جداً لا تعبر عن مستواهم الذي كان في مرحلتي الأساس والثانوي. وبين أيضاً أن طلاباً مستواهم ممتاز، وفق نتائجهم في مرحلتي الأساس والثانوي اشتكوا من رسوبهم في نتائج اختبارات الشهادة، بخاصة أن معظمهم أعاد الاختبار للمرة الثانية على رغم حصولهم على نسب عالية في السابق في حين كانت هناك نتائج لطلاب لم يقدموا الاختبارات أصلاً، وكانوا متغيبين عنها. وذكر أن بعض أرقام الجلوس لطلاب ظهرت في النتائج بأسماء طالبات.

ودعت اللجنة وزارة التربية والتعليم إلى إعادة النظر في الطريقة التي ستجرى بها اختبارات 2024، بحيث يتم استيعاب جميع الطلاب، بخاصة أن الاختبارات السابقة أحدثت شرخاً في المجتمع يجب عدم تكراره حفاظاً على حقوق الطلاب ووحدة الشعب السوداني.

وأعلنت وزارة التربية والتعليم نتائج اختبارات الشهادة الثانوية للدفعة المؤجلة 2023 في مطلع مايو (أيار) الجاري بنسبة نجاح بلغت 69 في المئة، وجرت الاختبارات في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش فقط.

وتخطط الحكومة السودانية لعقد جولة جديدة لاختبارات الشهادة الثانوية للطلاب الذين لم يتمكنوا من الجلوس للدفعة المؤجلة من 2023 ودفعة 2024.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات