Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أجبرت الفصائل المسلحة على التحالف لإسقاط الأسد؟

بدأ الشارع يطالب بعملية عسكرية ضد النظام كونه من دون حلفاء وليست لديه القدرة على مواجهة قوى المعارضة

أقوى فصيل كان "هيئة تحرير الشام" نظراً إلى القيادة المركزية والعمل المنظم الذي كانت تتمتع به (اندبندنت عربية)

ملخص

كانت الفصائل تتقاتل في ما بينها لكن قبيل سقوط نظام الأسد بأشهر تغير الوضع، وتشكلت "غرفة عمليات ردع العدوان" بقيادة "هيئة تحرير الشام".

بعد سقوط النظام حُلت الفصائل وأصبح المقاتلون مخيرين بين العودة للحياة المدنية أو الاندماج ضمن وزارة الدفاع بشكل رسمي.

في الخامس من مارس (آذار) 2020 وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين اتفاقاً على وقف إطلاق النار في الشمال السوري، جاء ذلك بعد سلسلة عمليات عسكرية نفذها جيش النظام السوري السابق بدعم جوي روسي، ودعم بري من الجماعات الإيرانية. الحملة العسكرية استمرت أشهراً عدة، وأسفرت عن سقوط مئات الضحايا وآلاف النازحين، إلا أن تركيا بعدما شعرت أن النظام السوري ينوي السيطرة على مدينة إدلب تدخلت عسكرياً وأوقفت التقدم، وبعد محادثات بين مسؤولين روس وأتراك، وُقع الاتفاق الذي أسس لمرحلة هدوء في سوريا لم تشهدها البلاد من قبل.

ما هي إلا أشهر قليلة بعد توقيع اتفاق مارس، حتى بدأت الفصائل المختلفة في الشمال السوري تنظر بعين الريبة إلى بعضها بعضاً. فعلى امتداد مناطق واسعة بريف حلب الشمالي كانت تسيطر فصائل الجيش السوري الوطني المدعومة تركياً، وفي مدينة إدلب تسيطر "هيئة تحرير الشام"، وفي المنطقة الممتدة من أقصى ريف اللاذقية الشمالي حتى مدينة الباب بريف حلب، تنتشر فصائل من مختلف التيارات والأيديولوجيات، منها ما يصنفه المجتمع الدولي على قائمة التنظيمات الإرهابية، ومنها فصائل تصنف على أنها "معارضة مسلحة معتدلة"، وهي التي يدعم المجتمع الدولي وجودها.

كل هذه الفصائل لم تكن يوماً على قلب واحد على الإطلاق، فتقاتلت في ما بينها، وأسفر الاقتتال الداخلي الذي تكرر مرات عدة عن سقوط ضحايا من مختلف الأطراف ومن المدنيين الذين هم بالأصل كانوا محاصرين، إلا أن أقوى فصيل هناك كان "هيئة تحرير الشام"، نظراً إلى القيادة المركزية والعمل المنظم الذي كانت تتمتع به الهيئة، وكان بين الحين والآخر يظهر قائدها أحمد الشرع في أسواق ومناطق إدلب، واعداً الأهالي بالعودة إلى دمشق، بيد أن هذه الوعود لم تكن تؤخذ على محمل الجد.

بالنسبة إلى الجيش السوري الوطني وفصائل المعارضة المعتدلة فقد اشتركت في كثير من عملياتها القتالية مع القوات التركية في مواجهة التنظيمات المسلحة الكردية التي تصنفها أنقرة على قائمة الإرهاب.

وفي مطلع 2024 باتت "هيئة تحرير الشام" الفصيل الأكثر قوة وتنظيماً في عموم الشمال السوري، وتراجعت حدة الاقتتال الداخلية بين الفصائل، وخلال فترة ما بين 2020 و2024 نفذت الهيئة عمليات ضد تنظيم "حراس الدين" المصنف على قائمة الإرهاب الأميركية، استطاعت فيها إضعاف التنظيم بصورة غير مسبوقة، لدرجة أنه تلاشى وأعلن حل نفسه بعد سقوط النظام.

بعد إطلاق الفصائل الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى"، وبدء إسرائيل حربها على غزة ثم لبنان، دعمت إيران من خلال وجودها في سوريا "حزب الله" اللبناني، فتلقت ضربات موجعة وصلت حد استهداف قنصليتها لدى دمشق، وقتل كبار ضباطها في سوريا. تزامناً انتظمت روسيا بشكل أعمق في الصراع الأوكراني وبدا أهم حليفين لنظام الأسد في أشد حالتهما ضعفاً، لذلك بدأ الشارع السوري المعارض يطالب بعملية عسكرية ضد النظام، كونه من دون حلفاء وليست لديه القدرة على مواجهة قوى المعارضة بمختلف فصائلها، إلا أن مطالبات الشارع كانت توجه أنظارها نحو "هيئة تحرير الشام"، أكثر من رغبتها بأن تقود باقي الفصائل العمليات خشية من حصول خلافات، أو تنفيذ العملية بشكل غير منظم.

 

 

مصدر أمني رفيع المستوى من "هيئة تحرير الشام" يقول في حديث خاص، إنه "بعد الحملة التي شنها النظام على إدلب عام 2020 والاتفاق الموقع مع روسيا، بدأت تركيا تراقب وتهتم بالوضع في الشمال السوري بصورة أكبر، وعند دراسة الأتراك وضع الفصائل المعارضة، وجدوا أن ’هيئة تحرير الشام‘ كانت الفصيل الأكثر تنظيماً والأكثر قدرة على إدارة أي معركة مرتقبة، لذلك كان هناك نوع من بناء الثقة بين الطرفين، هذا الأمر أدركته باقي فصائل المعارضة، فكان هذا أحد الأسباب التي دفعت باقي الفصائل إلى القبول بالتحالف مع ’هيئة تحرير الشام‘، وتنفيذ عملية تحرير البلاد تحت قيادتها".

اختياري وإلزامي في آن

العميد عمار الواوي يقول في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، إن "موضوع التحالف مع الفصائل انتهى ومضى عليه الزمن، ولم يعد هناك ’هيئة تحرير شام‘ مستقلة ولا فصائل مستقلة، الجميع حسب قرار الرئيس الشرع يندمجون تحت مظلة وزارة الدفاع.

ضرورة المرحلة

من جانب آخر يرى أحد الضباط المنشقين عن الجيش السوري السابق في حديث خاص، أن "تحالف ’هيئة تحرير الشام‘ مع الفصائل الأخرى كان خياراً فيه نوع من الاستراتيجية لمستقبل سوريا، لأن الفصائل الأخرى لديها عدد كبير من المقاتلين والسلاح وبعضها يتلقى دعماً من دول إقليمية، وعدم تحالفها مع ’هيئة تحرير الشام‘ كان سيؤدي إلى صدامات قد تتطور إلى صراع، لذلك أعتقد أن هذا التحالف كان ضرورياً في مرحلة ما بعد سقوط النظام، وكان خطوة لا بد منها وإلزامية في تلك المرحلة، بمعنى آخر لم تفرض الهيئة عليهم التحالف معها كما أنهم لم يختاروا ذلك بل فرضت المرحلة والمصلحة ذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بات إلزامياً

الباحث في مركز "جسور" للدراسات، وائل علوان، يقول "اليوم أصبح هناك دولة سورية ووزارة دفاع تحتكر السلاح، لذا لم يعد هناك ما يسمى الفصائل، إذ إن نظام الحكم الجديد أو السلطة الجديدة منعت وجود سلاح خارج إطار الدولة، لذا فإن المقاتلين الموجودين ضمن الفصائل هم أمام خيارين، إما ترك العمل العسكري كلياً والعودة إلى أعمالهم المدنية، أو أن يكونوا ضمن وزارة الدفاع ضمن تشكيلات الدولة".

خيار وحيد

من جانب آخر، يرى الباحث السوري نور الدين البابا أن "التحالف الذي حصل بين الفصائل وصفوف الانتفاضة السورية كان عن قناعة تامة، بمعنى أن عموم المعارضين في سوريا أصبحت لديهم قناعة بضرورة التحالف، وهذا ما حصل في الواقع، ونجحت غرفة عمليات ردع العدوان في إسقاط النظام، وكانت هذه الغرفة عبارة عن تحالف بين كثير من المقاتلين والفصائل، وعمادها الأساس ’هيئة تحرير الشام‘، وأيضاً هناك فصائل مشاركة مع الهيئة مثل ’حركة أحرار الشام‘ وغيرها".

للإجابة عن سؤال التحالف بين الهيئة والفصائل، رأى مراقبون أن التحالف الذي جرى خلال الفترة الذي سبقت سقوط النظام كان اختيارياً ولم يُفرض من قبل أي فصيل، وكان إلزامياً من ناحية أن المرحلة اقتضت ذلك، أما بعد سقوط النظام فلم يعد هناك ما يسمى تحالف، فالفصائل باتت مجبرة على حل نفسها، ومخيرة بالانضمام إلى وزارة الدفاع السورية لتكون ضمن تشكيلات الدولة الرسمية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير