Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السعودية وإيران ترفعان سقف التوقع من الاتفاق بينهما

اعتبرت طهران في أحدث تعليق لها التفاهم مع الرياض سينعكس إيجاباً على الملف اليمني وعلاقاتها الدولية

وزيرا خارجية السعودية وإيران يتطلعان لترجمة الاتفاق بين بلديهما (اندبندنت عربية)

ملخص

 اتفاق بكين بين #السعودية و#إيران أحدث دوياً كبيراً في المنطقة والعالم، جعل ردود الأفعال المصاحبة لا تنقطع على المستويات كافة، لكن الأهم من ذلك كيف قيم الطرفان آثار التفاهم الجديد على الملفات الشائكة بينهما؟

أحدث اتفاق بكين بين السعودية وإيران دوياً كبيراً في المنطقة والعالم، جعل ردود الأفعال المصاحبة لا تنقطع على المستويات كافة، لكن الأهم من ذلك التفاعل تقييم طرفي الاتفاق آثاره على الملفات الشائكة بينهما.

وجاء التفاؤل الأكبر من إيران التي قال المتحدث باسم خارجيتها ناصر كنعاني إن اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية مع السعودية "ستكون له تأثيرات إيجابية" في علاقات طهران بدول المنطقة، معرباً عن اعتقاده أن التفاهم بين بلاده وجارتها ستكون له تأثيرات "إقليمية إيجابية أخرى"، بما في ذلك العلاقات بين إيران والدول الأخرى، بحسب وكالة "تسنيم" الإيرانية.

خطوات متسارعة

ومن المفارقات أن إيران التي عرفت بتوظيفها الميليشيات في تدخلاتها السياسية، عادت بعد الاتفاق إلى القول إن الدبلوماسية "نتائجها جيدة"، وإن الحوار مع الرياض "أثبت كفاءة الحلول الدبلوماسية لأي سوء تفاهم"، مؤكداً في الوقت نفسه أن البلدين "اتفقا على عقد جولة جديدة من المفاوضات على مستوى أعلى من المحادثات السابقة، التي أسفرت عن اتفاق التقارب في بكين".

في هذا السياق، أعربت الخارجية الإيرانية عن أملها بأن يكون للاتفاق نتائج إيجابية على الأزمة اليمنية، موضحة أن الوزير عبداللهيان وعد الأمين العام للأمم المتحدة باستضافة محادثات لإنهاء الأزمة في اليمن.

في غضون ذلك سارعت طهران خطاها نحو إظهار جديتها في التزام تعهدات الاتفاق وفقاً للمراقبين، إذ استقبلت ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الیمن‌ هانس غروندبرغ، على رأس وفد للتشاور في شأن "آخر التطورات فی الیمن"، وفقاً لموقع الخارجية الإيراني على الإنترنت، الذي أوضح أن المبعوث الأممي التقى کبیر مستشاري وزیر الخارجیة للشؤون السیاسیة الخاصة علي أصغر خاجي وبحثا "آخر التطورات السیاسیة وآفاق السلام وتبادل الأسرى في اليمن".

الحديث عن سلام في اليمن

وحاول الإيرانيون في اللقاء إظهار حسن نواياهم بالقول إنهم أطلعوا الوفد الأممي على الجهود التي يبذلها النظام "لرفع الحصار عن الشعب وإقرار وقف لإطلاق النار وسلام عادل في الیمن، إذ کانت إيران تؤمن منذ البدایة بأن الأزمة لن تحل عسكرياً، وأن حلها یجب أن یتم بالطرق السلمیة والحوارات السیاسیة"، بحسب قول المسؤول الإيراني.

طهران التي ظلت تماطل جهود السلام في صنعاء التي افتخرت ذات يوم بأنها رابع العواصم العربية التي تتحكم فيها، عادت هذه المرة بعد الاتفاق مع السعوديين لتؤكد "ضرورة الإسراع في تبني استراتیجیة عملیة لحل الأزمة في الیمن، وأن تحسین الأوضاع الإنسانیة في الیمن یجب أن یكون من أولویات أنشطة الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الأخرى في اليمن".

لم تكن التصريحات على هذا الصعيد مفاجئة بعد الاتفاق الذي قلب الموازين في المنطقة، فالمبعوث الأممي نفسه رآه حدثاً كبيراً "ستكون له عواقب إیجابیة على جمیع دول المنطقة، بما في ذلك اليمن"، تبعاً للرواية الإيرانية.

وكانت السعودية وإيران اتفقتا أخيراً برعاية صينية على إنهاء القطيعة بينهما وتبادل السفراء في غضون شهرين، بعد نقاش صريح استمر عامين، تناول "كل الملفات" مثل اليمني واللبناني وفقاً لتصريحات صحافية أدلى بها رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، أوضح فيها أن "الحوار كان مبنياً على الصراحة والوضوح. وحصل اعتراف بحدوث أخطاء، بينها ما حصل للسفارة السعودية في طهران. وكان هناك اتفاق على بناء عناصر الثقة في المرحلة الأولى، ثم الانتقال إلى الحوار الدبلوماسي وعودة العلاقات".

لا يعني حل كل الخلافات

من الجانب السعودي أوضح وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان أن الاتفاق من شأنه أن يعزز مسار بلاده الماضي نحو "التهدئة وخفض التصعيد، استشعاراً لدورها ومسؤوليتها في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي".

لكنه ذكر في تصريحات لـ"الشرق الأوسط" اللندنية أن الاتفاق وإن كان سيفضي إلى استئناف العلاقات السياسية، إلا أنه "لا يعني توصلنا لحل جميع الخلافات العالقة بين بلدينا، وإنما هو دليل على رغبتنا المشتركة بحلها عبر التواصل والحوار بالطرق السلمية والأدوات الدبلوماسية".

وكان صريحاً في أن الرياض هي الأخرى تأمل في "فتح صفحة جديدة مع إيران، وتعزيز آفاق التعاون بما ينعكس إيجاباً على ترسيخ الأمن والاستقرار ودفع عجلتي التنمية والازدهار، ليس في بلدينا فحسب، بل في المنطقة ككل".

وأبدى ثقته بأن البلدين والمنطقة تكمن مصالحها في "تفعيل مسارات التعاون والتنسيق المشترك والتركيز على أولويات التنمية بدلاً من اعتبارات الهيمنة"، مشيراً إلى أن آثار ذلك النهج من شأنها أن تفضي إلى "تحقيق تطلعات وآمال شعوبنا وأجيال منطقتنا الشابة في مستقبل أفضل يسوده الأمن والاستقرار والازدهار"، معرباً عن أمله بأن يشاركهم الجانب الإيراني "الأهداف والتطلعات ذاتها" والعمل معاً في سبيل تحقيقها.

في هذا الصدد شدد نظيره الإيراني أمير عبداللهيان على أن "عودة العلاقات الطبيعية بين إيران والسعودية توفر إمكانات كبيرة للبلدين والمنطقة والعالم الإسلامي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتبر محللون سعوديون تفاعلوا كثيراً مع الحدث أن الخطوات التي ستبرهن أولاً على حسن النوايا الإيرانية هي ترجمة أقوالها إلى أفعال باستخدام نفوذها على أذرعتها في المنطقة، والتخلي ولو تدريجاً عن النهج الميليشياتي، الذي اتخذته أسلوباً طبع سياستها الخارجية مع المنطقة العربية لعقود.

كلانا لديه الكثير ليكسبه

في غضون ذلك ترى الصحافة الأجنبية أن التقارب الدبلوماسي بين السعودية وإيران بعد سنوات من المواجهة في صراعات بالوكالة أحياناً في جميع أنحاء الشرق الأوسط كان "مصدر ارتياح كبير لإيران التي تعاني اضطرابات داخلية واقتصاداً يرزح تحت وطأة العقوبات القاسية"، بحسب تحليل "نيويورك تايمز"، التي اعتبرت أن الرياض أيضاً "لديها الكثير لتكسبه"، إذا ترسخ التعاون الجديد حقاً، إذ يمكن أن يساعد الاتفاق في تهدئة التوترات الإقليمية التي أشعلت الحروب وأثارت الخلافات الإعلامية وأرسلت صواريخ وطائرات مسيرة عبر شبه الجزيرة العربية.

ولفتت إلى أن السلام في الإقليم سيمنح الإصلاحات التي يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آفاقاً أبعد تمتد آثارها بوتيرة أسرع، وتنعكس على داخل المملكة وخارجها.

ووثقت الصحيفة أن محللين حذروا قبل الاتفاق من أن الأمير محمد يميل ببساطة إلى النهج الأكثر براغماتية في السياسة الخارجية الذي اتبعه خلال السنوات القليلة الماضية، في حين أن الولايات المتحدة لا تزال الشريك الأمني ​​الأكبر للسعودية، إلا أنهم يقولون إن "واشنطن لم يكن بإمكانها التوسط في صفقة بين السعودية وإيران على أي حال، بالنظر إلى علاقاتها المتوترة للغاية مع إيران".

الرياض كقوة عالمية

وتعتبرتايمز أن التحول نحو حل النزاعات الإقليمية مدفوع أيضاً برغبة ولي العهد السعودي في تحويل بلاده إلى "قوة عالمية في حد ذاتها، بدلاً من الدولة المرهونة بأميركا" في حين يرى الأمير محمد أن المملكة هي الزعيم السياسي والثقيل للشرق الأوسط، ولم تعد مدينة بالفضل للولايات المتحدة، فهو حريص على تقوية علاقاتها في آسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية، كما لم تكن من قبل.

ولا تخفي الرياض طموحها بأن تكون "جسراً بين الشرق والغرب" لا ينحصر على أي تكتل، بل نصت على ذلك في خطتها الاستراتيجية بعيدة المدى 2030، التي كان بين محاورها الرئيسة استثمار موقع البلاد الجغرافي الحيوي، وترجمت ذلك عملياً في مناسبات عدة، كان آخرها حرب أوكرانيا التي رفضت خلالها الانحياز لأي طرف، بل سعت إلى تجنيب العالم أجمع آثارها في مثل وساطتها بين أطراف الصراع، وضمان إمدادات الطاقة، بما لا يضر بمصالحها وحلفائها في مجموعة "أوبك+".

المزيد من متابعات