هناك اختلافات سياسية بين حزبي #المحافظين و#العمال. فحكومة يقودها #كير_ستارمر من شأنها أن تنفق المزيد على قطاع #الخدمات_الصحية و#المدارس التي سيتم تمويلها من خلال زيادة الضرائب على الأفراد المسجلين "غير المقيمين" ومن عائدات المدارس الخاصة.
وهناك اختلافات ممكنة أخرى ولكنها تبقى غير واضحة، أو اختلافات ربما تكون تخطتها الأحداث عندما يحين وقت الانتخابات العامة المقبلة. فأي حكومة مقبلة لحزب العمال من شأنها أن تمدد العمل بالمساعدة الرسمية المقدمة إلى المستهلكين لدفع فواتير الغاز والكهرباء التي سيتم تمويلها من خلال رفع طفيف في عائدات الضرائب على أرباح شركات الغاز والنفط، ولكن وزير الخزانة الحالي جيريمي هانت ربما يقوم بفعل شيء مماثل في إعلانه حول الموازنة الذي سيكشف عنه الشهر المقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حزب العمال يعتزم في الوقت الحالي أيضاً طرح فكرة استدانة رساميل كبيرة إضافية لتمويل "خطة التنمية الخضراء" Green Prosperity Plan [في حال تسلمه السلطة]، لكنني أعتقد بأن وزيرة الخزانة في حكومة الظل رايتشل رييفز Rachel Reeves، قد تقوم بإدخال تعديلات على تلك السياسات كي تتواءم مع شروط هانت الجديدة التي تحظر السماح باستدانة الحكومة أكثر مما قد يمثل ثلاثة في المئة من نسبة الدخل القومي في العام الواحد. زعيم حزب العمال كان أيد أيضاً مشروع رئيس الوزراء الأسبق غوردون براون باستبدال مجلس اللوردات بمجلس للأقاليم والدول [الأربع التي تتشكل منها المملكة المتحدة]، لكن لا هو، ولا براون كانا أفصحا عن كيفية اختيار أعضاء هذين المجلسين.
وهذا من شأنه أن يضع ستارمر في موقف مشابه لموقف توني بلير بين عامي 1994 و1997. بعض القراء ربما يفضلون أن لا آتي على ذكر رئيس الحكومة السابق توني بلير من جديد، ولكن بغض النظر إن كنتم تؤيدون بلير أو تعارضونه، أنا لا أعتقد بأنه سيمكنكم فهم حيثيات الحسابات السياسية في هذه الأيام لو لم نفهم الحسابات السياسية التي كانت قائمة في السابق.
فكل تغيير سياسي كان وعد به بلير عندما كان زعيماً للمعارضة، جعل حزب العمال قريباً أكثر من [سياسات] حزب المحافظين. فهو كان وعد بأن ينفق المزيد من أجل تحقيق أهداف متواضعة في القطاع العام، وتم تمويل ذلك من عائدات الضرائب على الأرباح غير المتوقعة (windfall tax) للشركات التي كانت تمت خصخصتها، إضافة إلى وسائل أخرى. وكانت لدى بلير خطة كبيرة لإدخال تعديلات دستورية على إدارة الدولة مثل عملية نقل السلطات إلى اسكتلندا وويلز ولندن، والعمل على إلغاء حق التمثيل بواسطة الوراثة في مجلس اللوردات، وسن قانون الحق في حرية الوصول إلى المعلومات وقانون حقوق الإنسان.
لكن في خصوص المسألة المركزية المتعلقة بفرض الضرائب لتمويل الإنفاق الحكومي، كانت الهوة بين طروحات الحزبين في برنامجيهما الانتخابي في 1997 بسيطة للغاية. وهو تحديداً ما سيكون عليه الوضع بحلول موعد انتخابات 2024. لكن ذلك لن يعني أن "الحزبين سيكونان متشابهين تماماً"، وهي شكوى لطالما عبر عنها الناخبون. لكن ذلك لا يعني أيضاً أن ستارمر هو سياسي محافظ يضع شارة مختلفة على صدره فقط [اللون الأحمر للعمال واللون الأزرق للمحافظين]، أو أنه ما من فرق يذكر إن كانت هناك حكومة يقودها حزب العمال أو حزب المحافظين بعد الانتخابات العامة المقبلة.
علينا فقط أن نأخذ في الاعتبار الأعوام الـ13 من عهد آخر حكومة عمالية لمعرفة سبب ذلك. فعلى رغم أن تلك الحكومة كانت التزمت ربط نفسها بخطط إنفاق حزب المحافظين في أول عامين من عهدها، وكانت تلك محاولة غير معتادة لطمأنة الناخبين بأنها لم تكن عازمة على تخريب المالية العامة، إلا أنها عملت في وقت لاحق على زيادة إنفاقها على خدمات الصحة الوطنية والمدارس والخدمات العامة الأخرى. وجرى ذلك إلى حد أننا اليوم نعتبر أن عام 2010 كان شهد نهاية عهد ذهبي للحكم في بريطانيا.
لو لم تكن هناك حكومة يقودها حزب العمال خلال تلك الفترة، لربما شهدنا زيادة في نسبة الإنفاق العام داخل المملكة المتحدة، ولكن ليس إلى تلك الدرجة [التي رأيناها في ظل العمال]، لأن مزيداً من أرباح النمو حينها كان من شأنها أن تعاد إلى جيوب دافعي الضرائب بشكل من أشكال التخفيضات الضريبية.
بالنظر إلى فداحة الخسارة التي مني بها حزب المحافظين عام 1997 التي كان من الصعب حتى تخيلها، لكن ذلك يؤكد أيضاً حقيقة أساسية تتعلق بالانتخابات العامة المقبلة، وهو أن حكومة حزب العمال المقبلة ستعمل على تخصيص نسبة أكبر من عوائد النمو لإنفاقه على قطاع الخدمات العامة، فيما ستخصص أي حكومة محافظة الجزء الأكبر من عائدات ذلك النمو لعملية خفض الضرائب.
رئيس الحكومة ريشي سوناك بدا وكأنه براغماتي يشبه توني بلير عندما رفع نسبة الضرائب من أجل الإنفاق مع صدمة جائحة كورونا وصدمة ارتفاع أسعار الطاقة، ولكن من شأن ذلك أن يجعله محاصراً من ناحية أخرى بمطالبات حزبه الداعية إلى خفض الضرائب، حتى لو لم يكن هو نفسه مؤمناً بالجدوى من خفضها. وحتى لو لم يطلق على نفسه لقب "ثاتشري" [نسبة إلى مارغريت ثاتشر]، وحتى لو تكن لديه رئيسة الحكومة السابقة ليز تراس وأنصارها الذين يصرون أنها كانت على حق على رغم كل الأدلة التي تقول عكس ذلك، أي حكومة محافظة كانت لتميل إلى خفض الضرائب وتخفيض مستوى الإنفاق العام بشكل أكبر من أي حكومة تابعة لحزب العمال.
ليز تراس، وخلال رئاستها الفاشلة للحكومة ومحاولاتها الخيالية لتبرير فشلها، هي مجرد ظاهرة فاقعة لقالب تفكير أتباع حزب المحافظين. إن تبريراتها لا تقوم على منطق معقول، لكنها تعبر عن الغريزة الحقيقية لأنصار حزب المحافظين التي تعارض الدولة المتضخمة القوة.
أحد الأمور التي استهدفتها تراس [بالنقد في مقالتها الأخيرة] كان "مكتب مسؤولية الموازنة" Office for Budget Responsibility الذي كان أنشأه جورج أوزبورن "المتقشف" [وزير الخزانة في عهد ديفيد كاميرون] والذي كانت تقول عنه [المكتب] إنه يتمتع بكثير من القوة. وعلى ما يبدو فإن تلك القوة تكمن في قدرة المكتب على الإشارة إلى أن أرقام حساباتها المتعلقة بالمالية العامة لم تكن صحيحةـ وكما لو أنه، لو لم يكن هناك مكتب مسؤولية الموازنة، لكانت تلك الأرقام تحولت إلى أرقام صحيحة. هل حقاً كانت تراس تعتقد بأنه، لو لم يكن هناك مكتب مسؤولية الموازنة لما كانت أسواق المال لتلاحظ أن خطط وزير ماليتها كوازي كوارتينغ، من شأنها أن تؤدي إلى استمرار سياسة الاستدانة الحكومية في الارتفاع إلى ما لا نهاية؟
إن قرارات المالية العامة الكبرى هي ببساطة الأكثر أهمية من بين آلاف القرارات الأخرى التي يتخذها الوزراء كل يوم. في ظل حكومة تابعة لحزب العمال، إن مثل تلك القرارات ستكون في اتجاه، وقرارات الحكومة التابعة لحزب المحافظين في اتجاه آخر تماماً.
لنأخذ مثالاً أقل وضوحاً مثل قضية النوم في العراء. مثل هذا الموضوع لا يمكن إنهاؤه أبداً، لكن في ظل آخر الحكومات العمالية تم تقليصه إلى أدنى مستوياته. منذ ذلك الوقت، [ومنذ تسلم المحافظين للحكم] بدأت أعداد أولئك الذين ينامون في العراء بالارتفاع مجدداً، باستثناء أسبوعين من شهر مارس (آذار) 2020، عندما اضطرت السلطات، وبسبب الجائحة، إلى إخلاء الشوارع من النائمين في العراء. ولم يتطلب ذلك نسبة كبيرة من الإنفاق الحكومي للتعامل مع تلك المشكلة. ما تطلبه كان توافر الإرادة السياسية التي كانت إرادة متقطعة تحت حكم المحافظين، وأكثر تركيزاً خلال عهد الحكومات العمالية.
بسبب كل ذلك أنا أعتقد بأن الخيار في الانتخابات البريطانية العامة المقبلة، أو خلال أي انتخابات أخرى، من شأنه أن يكون مهماً. فهو يحدث الفارق، خصوصاً على المدى البعيد. إن البرامج السياسية للحزبين الرئيسين ربما تبدو متشابهة، لكن ما يؤمنان به في مكانين مختلفين تماماً.
© The Independent