Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجريمة قد تقرر نتائج الانتخابات المقبلة في بريطانيا

يمثل انهيار الثقة العامة بعمل الشرطة تحدياً حقيقياً للعقد الاجتماعي داخل البلاد

انخفض عدد أفراد الشرطة في بريطانيا منذ 2010  (رويترز)

بات في الآونة الأخيرة من المستحيل أن تتابع نشرة الأخبار من دون أن تسمع، مارك رولي، مفوض شرطة ميتروبوليتان [الخاصة بالعاصمة]، يعتذر عن شيء مروع ارتكبه أحد عناصره، أو يعرب عن التزامه إصلاح نظام الشرطة.

هذه السلسلة من النشاطات الإعلامية المتكررة أو المربكة هي من أعراض الحقيقة المدهشة والمخيفة إلى حد ما، التي تدل إلى أنه في وقت قصير نسبياً، أصبح معيار عمل الشرطة وإنفاذ القانون في هذه البلاد تحدياً على المستوى الأول سياسياً ومن ناحية تطبيق السياسات.

وهي الآن تقترب من أزمة تكلفة المعيشة ومن التنبؤات الاقتصادية الكئيبة، كواحدة من أهم القضايا التي ستقرر نتيجة الانتخابات العامة المقبلة.

وبوضع الجوانب السياسية للمشكلة جانباً للحظة، من المناسب طرح شيء قد يبدو ميلودرامياً إلى حد ما (على رغم أنني لا أعتقد أنه كذلك)، وهو أن انهيار الثقة العامة بالشرطة يمثل تحدياً حقيقياً للعقد الاجتماعي (أي الصفقة غير الرسمية التي يبرمها المواطنون مع الدولة، ما يمنحها الإذن بممارسة الحكم).

ليس على المرء إلا أن يلقي نظرة على بعض استطلاعات الرأي التي صدرت في الأيام القليلة الماضية حول هذه المسألة [لكي يلاحظ] أن نتائج استطلاع "مور إن كومن" (توجهات أكثر شيوعاً) More In Common الذي أجرته شركة "بابليك فيرست" Public First (حيث أعمل)، تثير الدهشة البالغة.

فاجأتني بعض الإحصاءات حقاً حالما رأيتها. فقد ذكر معظم (54 في المئة) أولئك الذين قالوا إنهم كانوا ضحايا لجرائم، أنهم غير راضين عن استجابة الشرطة، بينما أوضح سبعة من أصل كل عشرة (69 في المئة) أن الجريمة [التي اشتكوا منها] لم تحل.

الحقيقة المحزنة هي أن الناس ليسوا مخطئين في أن يشعروا هكذا، فهناك عدد أقل من عناصر الشرطة في الشوارع مما كان عليه في عام 2010، وربما ما يصدم أكثر من كل ما عداه هو أن المعدل الإجمالي لتوجيه الاتهامات [بارتكاب] جريمة يبلغ حالياً 5.5 في المئة بالمقارنة مع 15.5 في المئة في عام 2015.

لا يقف استطلاع الرأي "مور إن كومن" بمعزل عن غيره. فقد أظهرت نتائج استطلاع أجرته شركة "سافانتا"، التي نشرتها "اندبندنت"، أن أكثر من 40 في المئة من البريطانيين لم يعودوا يثقون في الشرطة على الإطلاق.

لكي نكون واضحين، هذه نتائج تتعلق بالمواقف، وهي من النوع الذي يهز المبادئ التي يقوم عليها المجتمع في الصميم. وإذا كنت لا تعتقد أنه يمكن الاعتماد على الدولة لحمايتك من الجريمة، فما هو الغرض من هذه الدولة؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المشكلة التي يواجهها كبار عناصر الشرطة، ووزارة الداخلية بقيادة سويلا برافرمان، هي أنهم عالقون بين فكي كماشة. فمن ناحية، هناك تجربة الحياة اليومية للمجتمعات في أنحاء البلاد كافة، والسلوك المعادي للمجتمع [العدواني] والجرائم التي لم يتم حلها والآخذة في التفشي. إن هذه مجتمعات تشعر بأن الشرطة قد تخلت عنها تقريباً.

ومن ناحية ثانية، هناك اعتقاد متزايد بأن هناك بؤرة إفلاس أخلاقي في نواة قوات الشرطة.

هذه القضية الثانية التي تثيرها القصص الرهيبة المتعاقبة تدريجاً لرجال الشرطة (وهم رجال على وجه التحديد) الذين ارتكبوا أعمالاً مروعة هم يتقاضون الرواتب من قبل عديد من قوى الشرطة [في مناطق شتى]. يبدو أن [المفوض] رولي يطل عبر الراديو يومياً، لأنه على ما يبدو يصادف في كل يوم عنصر [شرطة] آخر أو مجموعة من العناصر الذين ارتكبوا شيئاً فظيعاً.

لقد كشف عن تفاصيل أحدث موجة من القضايا البشعة الأسبوع الماضي، عندما تبين أن 39 عنصراً في الأقل سيواجهون خلال الأسابيع المقبلة جلسات استماع بسبب [اتهامهم بمخالفات تتعلق] بسوء السلوك في إنجلترا وويلز، بمن في ذلك 23 عنصراً من شرطة العاصمة وحدها.

إن التفسير الأكثر شيوعاً لهذه المشكلة هو أن نظام التقييم [لطالبي الالتحاق بالشرطة] قد أخطأ على نحو فادح، أو في الأقل بأن هناك مسألة متأصلة بشكل عميق. وبغض النظر عن الخلفيات السياسية، يبدو لي أن أغلب الناس يرجحون، بشكل منطقي، التفسير الأخير.

على رغم المجازفة بخطر الظهور بمظهر المتهكم من الناحية السياسية، [أقول] إن هذا يمثل فرصة كبيرة لحزب العمال، وقد بدأ سلفاً في الاستفادة منها. يثق الناخبون حالياً بالمعارضة أكثر مما يثقون بالمحافظين بما يتعلق بمكافحة الجريمة (هذا يقلب الوضع المعتاد رأساً على عقب).

وإن إيفيت كوبر، وهي وزيرة الداخلية في حكومة الظل، على حق في الدعوة إلى القيام بتغيير تدريجي في عمل الشرطة المجتمعية [هي استراتيجية للشرطة تركز على تطوير العلاقات مع أفراد المجتمع]، وهي محقة أيضاً في المطالبة بزيادة عدد عناصر الشرطة العاملين و[المتواجدين] في شوارعنا. وهي دعت، ربما بشكل هادئ أكثر مما يجب، إلى تجنيد 13 ألف شرطي وشرطي مجتمعي، وإجراء إصلاحات في عملية التدريب.

يعرف المواطنون أن هناك مشكلة. ولذا، يجب على كوبر وكير ستارمر، ومعهم أيضاً جميع القياديين في حكومة الظل العمالية، أن يبتكروا نسختهم الخاصة من شعار "حزب العمال الجديد"، "[تعامل] صارم مع الجريمة، وصارم مع أسباب الجريمة"، وتكرار الشعار مرة تلو أخرى.

قد تكون تكلفة المعيشة هي القضية الأكبر في بريطانيا اليوم، لكن مكافحة الجريمة يمكن أن تؤمن الفوز لحزب العمال في الانتخابات المقبلة.

© The Independent

المزيد من آراء