Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وزير المالية يمتلك مفاتيح الحل للأزمات التي تواجه بريطانيا فأين هو؟

من أزمة تكاليف المعيشة إلى إضرابات الممرضين بسبب الأجور، تحتل وزارة المالية موقعاً مركزياً في المسائل الكبرى التي تواجه الرأي العام حالياً، مع ذلك لا نسمع عنها شيئاً

بريطانيا تستحق وتحتاج وزيراً للمالية يملك خطة لا يخشى الكشف عنها (رويترز)

كانت الأشهر الـ12 الماضية مليئة بالأحداث لعديد من الأشخاص في وستمنستر، لكن قلائل منهم يمكن أن يزعموا منافسة جيريمي هانت في صعوده السريع الأخير.

في مثل هذا الوقت من العام الماضي، كان رئيساً للجنة الصحة البرلمانية المختارة، بعدما أبعده رئيس الوزراء بوريس جونسون من المناصب الحكومية. وبعد بضعة أشهر، عندما أُطيح أخيراً بخصمه الكبير، قرر الترشح لقيادة حزبه مرة أخرى. وأعلن ترشيح إستر ماكفي لنيابة رئاسة الوزراء، ما أثار حيرة واسعة النطاق، وخرج من السباق قبل بدايته فعلياً.

في الأشهر التالية، بدأ مرحلة بدت بمثابة النهاية لحياته البرلمانية. نشر صوراً لطيفة لنفسه مع كلبه على "تويتر"، وجرب حظه في التقديم الإذاعي، وشارك في ماراثون لندن. ودعم سوناك خلال الصيف وخسر سوناك السباق وانتهى الأمر. حسناً، لأسبوعين على الأقل. وجاءت تراس واستهلكت نفسها بنفسها خلال أسابيع، وأُعيد هانت من تقاعده المبكر لتولي وظيفة أخيرة واحدة. وفشل تعيينه في إنقاذ رئيسة الوزراء؛ إذ غادرت مقر رئاسة الوزراء، فيما بقي هو في مقر وزارة المالية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أمضى جيريمي هانت في منصب وزير مالية [حكومة] ريشي سوناك حتى الآن ثلاثة أشهر، وليس من الواضح تماماً ما الذي يفعله. وهذه مشكلة.

يمكن القول إن العلاقة بين رئيس الوزراء ووزير المالية هي أهم علاقة في المجال السياسي البريطاني. لقد سار ديفيد كاميرون وجورج أوزبورن جنباً إلى جنب، وظهرا، لفترة، بمظهر منيع. وكانت علاقة تيريزا ماي بفيليب هاموند أشبه بزواج المصلحة، وتسببت التوترات التي رافقتها لرئيسة الوزراء الضعيفة أصلاً بضعف إضافي.

وعين بوريس جونسون ريشي سوناك وزيراً للمالية لأنه رغب في تحويل وزارة المالية إلى كبش فداء لرئاسة الوزراء، ونعرف جميعاً من ضحك أخيراً. أما ما لا نعرفه فهو ما يجري الآن. كان جيريمي هانت بكامل بقوته في إدارة تراس– هل لا يزال الأمر صحيحاً؟ هل هو متفاهم مع سوناك؟ من يتحكم بالآخر؟

سرت همسات في نوفمبر (تشرين الثاني) حول تجاوز هانت لدوره، فهذا المؤيد السابق لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي اتُّهِم بالوقوف خلف إحاطات حكومية لمحت إلى علاقة أوثق مع الكتلة. ودحض سوناك المؤيد لبريكست التكهنات بسرعة. ومنذئذ، لم تحصل تطورات أخرى كثيرة.

بدلاً من ذلك، يُصوَّر هانت في شكل متزايد كشخصية تمزج بين الاستخفاء والعدوانية. مع محاولة إدارات حكومية كثيرة التعامل مع الإضرابات الجارية في قطاعاتها، يتجنب هانت المشاكل ويرفض فتح باب الخزانة العامة. وحين يظهر علناً حقاً، يكون ذلك عبر فيديو واسع الانتشار يحاول فيه شرح التضخم مستخدماً أكواباً للقهوة.

وفق قصة نشرتها "تايمز" في وقت سابق من هذا الشهر، "يُعتبَر وزير المالية عقبة في المحادثات الجارية مع النقابات حول الخلافات التي أوقفت الاقتصاد البريطاني عن العمل". بالطبع، هذا لا يُحتمَل، أليس كذلك؟ في العمل السياسي كما في الحياة، يكون اتخاذ قرارات صعبة أحياناً أمراً لا يمكن تجنبه، لكنه يتطلب دائماً شرحاً واضحاً.

إذا كان هانت لا يعتقد، مثلاً، أن الممرضين يستحقون زيادة في الأجور، يجب أن يشرح السبب وراء ذلك. بالطبع، قد يسبب له الحديث أمام الملأ بعض المشاكل. قبل وقت قريب هو العام الماضي، جادل بأن هيئة الخدمات الصحية الوطنية بحاجة إلى "أكثر من كلمات لطيفة" لمعالجة الأزمة التي تعصف بقوتها العاملة. وللمفارقة، هو لا يعرض حتى كلمات لطيفة منذ عودته إلى الحكومة.

يكون ذلك أحياناً مشكلة الشخص الذي يتولى منصباً عاماً لفترة طويلة. قد يُعَد المرء شخصاً موثوقاً، لكنه يكون محملاً بأثقال ستعرقل حركته في شكل شبه مؤكد في نهاية المطاف.

في تطور ذي صلة، يعني العقد الذي أمضاه في الحكومة ومحاولاته الكثيرة للترشح إلى رئاستها أن من شبه المستحيل عليه أن يعيد تقديم نفسه بحلة جديدة. يستطيع وزير مالية جديد عادة أن يتوقع رسم رؤيته وتقديم نفسه إلى العالم في ملفات تعريف تحملها مجلات كبرى ومقابلات تلفزيونية تركز على الجوانب الشخصية، لكن هذا عبارة عن ترف لا يملكه. يعرف الجميع من هو جيريمي هانت؛ لا جدوى من ذلك.

على رغم أنه ارتاح على الأرجح إلى قلة التدقيق الذي استهدفه في البداية، ليس من الواضح ما إذا كان ذلك سيفيده في الأجل البعيد. من المحتمل أن يجري سوناك تعديلاً حكومياً واحداً على الأقل قبل الانتخابات المقبلة، وليس من الواضح حالياً السبب الذي يحتم بقاء هانت في منصبه: ليس أقله إذ لا يعمل النظام الصحي، وتعطل الإضرابات كل جانب من جوانب الحياة في بريطانيا، ولا تزال أزمة تكاليف المعيشة تضرب الملايين من الناس. من الأفضل لوزارة المالية، بل من واجبها، أن تحتل الموقع المركزي في هذه المسائل– فهي أكبر أزمات يواجهها المواطنون الآن.

ومجدداً، ربما كل هذا جزء من الخطة– من خلال الرفض القاطع للتحلي بالجرأة، ربما يأمل هانت تجاوز التطورات المقبلة مهما كانت. سيفضل رؤساء الوزراء دائماً وزراء المالية الهادئين على غير المنضبطين، وأي خطوة يخطوها هانت قد تؤدي فقط إلى إغضاب رئاسة الوزراء.

تحتاج بريطانيا وتستحق وزيراً للمالية يملك خطة ولا يخشى إبرازها. لا سبب يمنع هانت من أن يكون هذا الشخص، والوقت الآن مناسب له للتحرك.

© The Independent

المزيد من آراء