Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحقيق رسمي يفضح مستوى العنصرية داخل السجون البريطانية

أحد الموظفين السود يقول: "نعيش في عالم عنصري والسجن يعكس تماماً واقع ما يحدث خارجه"

التحقيق الرسمي توصل إلى أن موظفي السجن من أصحاب البشرة السوداء يواجهون عنصرية واضحة أثناء عملهم (غيتي)

خلص تقرير دامغ صدر أخيراً في المملكة المتحدة، إلى أن موظفي السجون من ذوي البشرة السوداء يواجهون عنصريةً "متأصلة" في بيئة العمل، كإطلاق شتائم عليهم من جانب زملائهم البيض وكذلك من السجناء، أثناء قيامهم بواجبهم.

وفي التحقيق الذي أجرته "مصلحة السجون الملكية" His Majesty’s Inspectorate of Prisons ، تحدث الموظفون [السود] عن شعورهم بعزلة عن زملائهم الآخرين، فيما أفاد أحدهم بأن شتيمة عنصرية وهي كلمة "نيغرو" (زنجي) قد وُجهت إليه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد سجناء وموظفون سود أن العنصرية منتشرة على نطاق واسع وهي مستمرة. كما عبر سجناء عن تخوفهم من احتمال ألا تُعرض عليهم وظائف يرغبون فيها، أو دورات تعليم، أو أنظمة محسنة مصممة لتحفيز السلوك الجيد أثناء قضاء مدة محكوميتهم داخل السجون.

وقال أحد الموظفين السود في المراجعة التي نُشرت يوم الثلاثاء تحت عنوان "مراجعة موضوعية: تجارب السجناء البالغين من الذكور السود وموظفي السجون السود" Thematic review: The experiences of adult black male prisoners and black prison staff : "نحن نعيش في عالم عنصري على ما أعتقد، والسجن يعكس واقع ما يحدث خارجه".

في المقابل تحدث موظفون متمرسون عن تعرضهم لعنصرية علنية من جانب زملائهم، كنعتهم بـ "القرود"، وإعطائهم بطاقات معايدة بعيد الميلاد تعود لحزب "الجبهة الوطنية"  National Front (حزب سياسي يميني متطرف في المملكة المتحدة). وقال أحد الموظفين السود في سجن كان جميع موظفيه تقريباً من البيض، إن أحدهم نعته خلال مناسبة اجتماعية للعاملين بأنه "لقيط أسود"  Black Bastard، بينما طرح أحد المدراء على شرطي أسود آخر، بعد التصويت على الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي السؤال الآتي: "ما هي خياراتك الآن؟".

ويرجح عدد من الموظفين السود أن يتم التغاضي عن ترقية شرطيين سود، مشيرين إلى أن القرارات المتعلقة بالترقية تم اتخاذها في الغالب من جانب موظفين بيض، يشعرون بأنهم غير مستعدين لترقية موظفين سود.

وفيما يرى معظم العاملين السود أن المصدر الرئيسي للعنصرية ضدهم هم زملاؤهم البيض، فإن قلةً منهم قد عانوا ذلك من جانب سجناء بيض، بحيث أطلقت على أحدهم عبارة "زنجي قاطف القطن" Cotton-Picking N-Word (التي ترمز إلى استعباد السود في مزارع القطن في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر).

إلا أن مراجعة مصلحة السجون أشارت إلى أن معظم موظفي السجون من ذوي البشرة البيضاء لم يتفقوا مع النتائج أو يقبلوها، قائلين إنهم بذلوا أقصى جهودهم لمعاملة جميع السجناء بإنصاف، وإنهم يشعرون بإحباط لعدم الاعتراف لهم بذلك.

 

وفي تعليق على هذا التقرير، رأى بيتر داوسون مدير "مؤسسة إصلاح السجون" Prison Reform Trust (جمعية خيرية بريطانية تُعنى بإرساء نظام عقوبات عادل وإنساني وفعال)، أن المراجعة تُعد "وصفاً مقنِعاً للطريقة التي تغير من خلالها التمييز العنصري في طابعه، في الوقت الذي ما زال فيه قائماً".

وأضاف أن "كل مَن هو مطلع على سجوننا لا بد من أن يدرك أن المراجعة تقدم سردية حقيقية للغاية، وتسلط الضوء على الفشل البنيوي في إقامة علاقات بين الموظفين والسجناء يتطلبها نظام سجون فاعل ويعتمد عليها".

وأشار داوسون إلى أنه "بفضل البصيرة التي يتمتع بها كل من السجناء والموظفين، يتطرق التقرير أيضاً إلى وسائل عملية للغاية لردم الفجوات في فهم ما يصفه. وتعتمد هذه الحلول تماماً على إعطاء الوقت والاهتمام الكافيَين لتنفيذها، وهناك رؤى يمكن التعلم منها في شأن اعتماد بعض الممارسات الجيدة، وقد تشكل منافع القيام بذلك مساراً تحويلياً في هذا الإطار".

الموظفون السود رددوا ما قاله سجناء سود للمفتشين، عن عدم ثقتهم في الإبلاغ عن تمييز يمارسه ضدهم زملاء لهم، بسبب الانعكاسات المحتملة لذلك، ولعدم ثقتهم أيضاً في سرية العملية. وذكر بعضهم أنهم يعانون من إرهاق من تجاربهم في خدمة السجون، مشيرين إلى تدهور صحتهم العقلية.

ولاحظت مصلحة السجون أن استخدام القوة ضد السجناء السود يتم على نحو متكرر بشكل أكبر من سائر المجموعات العرقية الأخرى، في حين أن فئة المخاطر التي تُنسب إليهم، كانت في بعض الأحيان مفترضة أكثر مما هي مؤكدة، ولا سيما في ما يتعلق بالانتماء إلى عصابات.

يأتي التحقيق بعدما خلصت دراسة قامت بها أخيراً مؤسسة "إنكويست"  Inquest الخيرية (تقدم الدعم في حالات الوفاة المرتبطة بالدولة ولا سيما أثناء الاحتجاز أو التحقيقات)، إلى أن وفيات الأشخاص السود في سجون المملكة المتحدة هي من بين الأكثر عنفاً والأشد إهمالاً.

وتعتبر جيسيكا بانديان المسؤولة عن السياسات والأبحاث في مؤسسة "إنكويست"، أن حوادث العنصرية التي فصلها تقرير مصلحة السجون تشير إلى عنصرية مؤسسية متجذرة في السجون وفي نظام العدالة الجنائية.

وتضيف: "كما يُظهر تقريرنا الأخير، فإن القوالب النمطية العنصرية، والإهمال في الرعاية الصحية العقلية والبدنية، والتنمر، والإيذاء، والاستخدام غير المناسب للفصل العنصري، هي قضايا منهجية. ويتجلى أشد هذه الأسباب وضوحاً في الوفيات المبكرة للسود في السجون، التي يمكن تفاديها". 

وتقول باديان إن التقرير الأخير، يوضح بما لا يقبل الجدل أن السجناء السود يطالبون برقابة فاعلة وبمحاسبة في شأن العنصرية والتمييز. ومع ذلك، فإن تحقيق "إنكويست" أوضح كيف تظل التحقيقات وأعمال التدقيق بعد الوفيات صامتةً باستمرار، عندما يتعلق الأمر بقضايا العنصرية والتمييز.

 

ولفتت إلى أن "السجن يبقي الأذى والعنف قائمين بالنسبة إلى السود والمهمشين أكثر من غيرهم. تعتقد مؤسستنا أنه يجب وقف العمل باستراتيجية الحكومة البريطانية القاضية بتوسيع السجون، والقيام بدلاً من ذلك بإعادة توجيه للموارد من نظام العدالة الجنائية إلى الشؤون الاجتماعية والصحة والإسكان والتعليم والرعاية الاجتماعية، لإنهاء هذا الظلم المستمر".

وترى مصلحة السجون في تقريرها أنه يمكن معالجة هذه المشكلات من خلال اتباع "نهج أكثر إبداعاً"، يركز على بناء الثقة والاحترام المتبادلين، بما في ذلك قيام سجناء سود وموظفين بيض بطهي الأكل وتناوله معاً وذلك بسبب "أهميته الثقافية العميقة ومعناه" بالنسبة إلى بعض مجتمعات السود.

وتشمل الحلول الأخرى المقترحة القيام بـ "توجيه عكسي" بحيث يقدم السجناء رؤى عن حياتهم أثناء المناقشات الخاصة مع الموظفين، وفي المنتديات المشتركة للسجناء والعاملين، وخلال التدريب والتثقيف المشترك.

ويقول كبير مفتشي السجون تشارلي تايلور في هذا الإطار: "يقترح تقريرنا عدداً من الحلول التي تم تطويرها في إطار النقاش مع كل من السجناء السود وموظفي السجون، والتي تركز على إيجاد فرص لتواصل محترم، وتطوير تفاهم متبادل".

وخلص إلى التأكيد على أنه "ينبغي عدم النظر إلى هذه المقترحات على أنها بديل من المسارات الراهنة المتعلقة بتحديد السلوك غير المقبول والعمل على معالجته. إلا أننا نعتقد أن لديها القدرة على إحداث تغيير، إذا كانت خدمة إدارة السجون مستعدةً لأخذها على محمل الجد". 

© The Independent

المزيد من متابعات