Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"العداء ضد البيض"... إرث العنصرية معكوساً

فنان أميركي يرفع دعوى قضائية بعد استبعاده من وظيفة بسبب بشرته البيضاء

تواصل عرض "الأسد الملك" على مسرح برودواي ومسؤولوها يرفضون التعليق على أزمة "العنصرية" (حساب العرض على إنستغرام)

هل هو تمييز عنصري مضاد، أم هذا التعبير يحمل مبالغة؟ بعض الحوادث المتفرقة التي صاحبت عدداً من أنشطة المجتمع المدني، وكذلك كواليس الأعمال الفنية فجرت التساؤل.

التساؤل الذي قد يبدو غريباً جاء بعد استبعاد بعض الأشخاص البيض من محافل معينة بسبب لون بشرتهم الذي لا يتواءم مع طبيعة الأعمال الفنية، وتفضيل ذوي البشرة السمراء عليهم.

كما يأتي بعد فترة قصيرة من الزخم الذي صاحب حملة "حياة السود مهمة"، والتعاطف غير المسبوق الذي أعقب واقعة وفاة جورج فلويد المواطن الأميركي الأسود على يد شرطي أبيض.

على ما يبدو بات لزاماً أن يتم النظر في بعض التصرفات، التي ربما تكون تعسفية أو مبالغاً فيها، فيما يتعلق بمحاولات أفراد المجتمع الذين طالما عانوا عنصرية بغيضة، لا ينكرها أحد، حماية "مجتمعهم".

لأن ما يحدث أنهم من دون أن يدروا ربما يعيدون ثقافة الفصل العنصري التي يحاربها الجميع، هذا الرأي صاغه أكثر من معلق على واقعة حدثت أخيراً خسر بسببها رجل أبيض وظيفته بسبب لون بشرته.

قبل عام ونصف العام تقريباً، ظهر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على التلفزيون الرسمي، وحذر من تزايد ما سماه "العنصرية ضد البيض" في الولايات المتحدة الأميركية.

وأكد لافروف أن هناك موجة من العداء ضد البيض أعقبت تظاهرات "حياة السود مهمة"، إذ تحولت الدفة بالمبالغة في تنفيذ أفكار الصوابية السياسية، منوهاً إلى العواقب المؤسفة لهذا الأمر، فهل تحققت تنبؤات لافروف بتلك السرعة؟

هل هناك عداء ضد البيض؟

حتى الآن أزمة إقصاء ذوي البشرة البيضاء من بعض الفعاليات تعتبر فردية للغاية، لكن ما يلفت النظر إليها أنها تأتي من مجموعات عانت كثيراً من مثل تلك الأفعال، بالتالي كان من المتوقع أن تكون أكثر تعاطفاً وتسامحاً وانفتاحاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الفكرة السابقة هي التي يمكن أن نصل إليها من تصريحات المحامي جوش بيبر لقناة "فوكس نيوز"، تعليقاً على استبعاد موكله كيث وان من العمل كمترجم بلغة إشارة لمسرحية "The Lion King ـ الأسد الملك" المعروضة حالياً في برودواي بنيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، والسبب أنه أبيض البشرة بينما أجواء القصة وأغلب طاقم الممثلين من ذوي البشرة السمراء.

بيبر قال "هناك قانون ينص على أن للناس الحق في الحصول على فرص العمل بغض النظر عن عرقهم، وهو قانون يعود لعصر إعادة الإعمار، وكان يهدف إلى حماية العبيد السابقين، أي لحماية السود من أماكن العمل التي ترفض توظيفهم".

تعود الواقعة إلى مارس (آذار) الماضي، حيث تلقى كيث وان (43 سنة) وزميلة بيضاء أخرى تعمل أيضاً في مجال ترجمة لغة الإشارة، بريداً إلكترونياً من إدارة المسرح يشير إلى أنهما على الرغم من المستوى المذهل الذي يتمتعان به في عملهما، لكن تم التراجع عن التعاقد معهما بسبب لون البشرة، لأنه من الأفضل أن يكونا من ذوي العرق الأسود، خصوصاً أن أحداث العمل تدور في قارة أفريقيا.

واستغرق وان وقتاً طويلاً حتى اتخذ قراراً برفع دعوى قضائية في محكمة مانهاتن الفيدرالية، يتهم فيها إدارة المكان بالتمييز ضده بسبب عرقه.

وبحسب أكثر من وسيلة إعلامية أميركية، فالمسؤولون عن العرض حتى الآن يرفضون التعليق، لكن محامي وان يؤكد أن رسائل البريد الإلكتروني واضحة ومباشرة، مشيراً إلى أنه يطالب بالتعويض المادي لموكله للحصول على الأجر الذي حرم منه بسبب لونه، حيث يواصل العرض نجاحه في برودواي احتفالاً بمرور 25 عاماً على انطلاقه لأول مرة.

 

ومن المقرر أن تقدم الفرقة عروضها أيضاً في دول عدة، بينها الإمارات خلال الشهر الحالي ابتهاجاً بتلك المناسبة، ومن المعروف أن المسرحية شاهدها أكثر من 100 مليون متابع، وحققت نجاحاً ضخماً.

دائرة العنصرية

بعض المعلقين على الواقعة، التي أثارت ضجة، طالبوا أفراد عالم صناعة الترفيه في أميركا بأن يتحملوا ثمن خطاياهم، وأن يجربوا ما أذاقوه للسود على مدار عقود، لكن الأمر مردود عليه بأنه ليس من المفترض أبداً أن تستمر دائرة التمييز، ولا أن يدفع الثمن من لا ذنب له.

كان عام 2017 قد شهد واقعة أثارت الاستغراب أيضاً، لكن هذه المرة في العاصمة الفرنسية باريس خلال مهرجان "نيانسابو" المخصص لدعم النساء من ذوي البشرة السمراء، حيث كان مسموحاً لأصحاب العرق الأسود فقط بالدخول، سواء نساء أو رجال، وباقي الأعراق تم تخصيص مساحة مختلفة لهم لمتابعة الفعاليات من خلالها.

وهو الأمر الذي سبب دهشة كبيرة واستياء، حيث وصفته بعض هيئات المجتمع المدني حينها بأنه بغيض ويؤسس مجدداً لسياسة الفصل العنصري بدلاً من أن يواجهها، كما هاجمت آن هيدالغو عمدة باريس آنذاك الفاعلية، ووصفتها بأنها تشجع على التمييز العنصري.

شعارات بين المشاهير

كان لافتاً أيضاً أن بعض المؤثرين انتبهوا للتحذيرات المتعلقة بالعنصرية العكسية، بينهم المطرب كانييه ويست، الذي ارتدى مع بعض أصدقائه ملابس تحمل شعار "حياة البيض مهمة"، ووقتها اتهم بأنه يثير النعرات العنصرية، ويشجع على مهاجمة ذويه من أصحاب العرق الأسود.

بالطبع لا تزال آثار العنصرية ضد السود غائرة في تاريخ صناعة الترفيه العالمية، وعلى الرغم من محاولات التخلص من هذا الإرث بحملة واسعة من الإصلاحات، لكن لعقود ظل الفنانون ذوي العرق غير الأبيض يعانون.

من بين هؤلاء نجم بحجم أيدي ميرفي، الذي قال العالم الماضي إنه كرجل أسود تعرض لسنوات من الظلم في عمله بسبب التمييز العنصري، مشيراً إلى أنه يشترك في ذلك مع أقليات أخرى ومع النساء كذلك، لافتاً إلى أن هذا العالم كان يفتقر إلى التنوع بشكل ملحوظ.

اللافت أن عروض برودواي نفسها كانت ساحة للاتهامات المتكررة بالعنصرية ضد أصحاب البشرة السمراء، وهو ما حدث عام 2010 بعد عرض مسرحية "البحث عن الأيدي" بطولة الممثل كريستوفر واكن ومن تأليف مارتن ماكدونا، حيث ذكر بعض النقاد وقتها أن العمل يسيء لمجتمع السود بشكل واضح، ويصفهم بالزنوج في أكثر من موضع.

كما لا يخفى على أحد أن أكثر من 90 في المئة من رؤساء استديوهات هوليوود من ذوي العرق الأبيض، وذلك بحسب تقرير لجامعة كاليفورنيا صدر قبل عامين، لكن منذ ذلك الحين حدثت إصلاحات كثيرة، بعد الاحتجاجات المتوالية.

من بين تلك الاحتجاجات أنشطة جماعة "هوليود من أجل حياة السود"، التي يساندها عدد كبير من المشاهير، بينهم إدريس إلبا وكوين لطيفة اللذان يهاجمان ما وصفاه بأنه "إرث سيادة البيض"، مطالبين بضرورة تحقيق العدالة والتوقف عن تمويل أعمال تحض على كراهية السود، وبينها الأفلام والمسلسلات التي تمجد في عنف الشرطة ضد الملونين.

لكن هل بعد الواقعة الأخيرة سنشهد موجة من رد الفعل العكسي، الذي يحاول إبعاد البيض عن بعض المناصب والوظائف، أم هي مجرد حالات نادرة سيتم احتواؤها سريعا؟

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة