Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لا عدالة مناخية من دون تمويل للدول المتضررة

إلى المشاركين في "كوب 27": أزمة واحدة فحسب قادرة على التسبب في نزوح ملايين الأشخاص، فماذا لو وقعت أزمات متعددة في آن معاً. نحن في سباق مع الزمن

بحيرة تشاد، التي كانت ذات مرة واحدة من أكبر البحيرات في أفريقيا، وقد انكمشت. لقد فقدنا 90 في المئة منها بسبب عدم الاستقرار المناخي (ناسا)

تؤثر أزمة المناخ بشكل جائر على بلدان جنوب الكرة الأرضية. وفي نيجيريا، لم يعد تغير المناخ مجرد تهديد فحسب بل أصبح واقعاً ملموساً.

في الحقيقة، جاء الفيضان في نيجيريا هذا العام على ملايين الأشخاص، فدمّر منازلهم ومزارعهم ومدارسهم، وخسرت بلادنا مليارات الدولارات نتيجة تلك الأضرار. لقد طاول ذاك الفيضان أكثر من ثلثي نيجيريا، ما جعل منه كارثة مطلقة. بيد أنّ هذا ليس سوى واحد من جوانب متعددة لواقع أزمة المناخ التي نواجهها. نحن نعيش هذا الواقع منذ فترة طويلة جداً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الوقت الحالي، تؤدي أزمة المناخ في منطقتي، غرب أفريقيا، إلى تفاقم الصراع المسلح والعنف بين المزارعين والرعاة للسيطرة على الموارد بسبب فقدان سبل العيش. والحال هي نفسها في مناطق أفريقية أخرى، حيث يتسبب تغير المناخ في الجوع وانعدام الأمن الغذائي والفقر نتيجة عدم الاستقرار البيئي.

إنه واسع الانتشار لكن تمويلاً بسيطاً من أجل "تعويض الخسائر والأضرار" غير مطروح أبداً! إذاً، من دون تمويل مناخي [للمتضررين]، لا يمكننا الشروع بحل أزمة المناخ، كما لا يمكننا التكيف من أجل بناء قدرة على التحمل والصمود في وجه تلك الأزمة. ومن دون تمويل مناخي، تصبح الخسائر والأضرار حتمية، إذ إن أزمة المناخ لها آثار قريبة وبعيدة المدى. لذلك، تقول الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC أن الحد من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية يتطلب تغييرات سريعة وغير مسبوقة في كافة جوانب المجتمع.

واستناداً إلى الدراسات الحديثة، قُدرت التكاليف الاقتصادية للخسائر والأضرار في إحداها بنحو 400 مليار دولار (351 مليار جنيه استرليني) سنوياً بحلول عام 2030 وما بين 290 مليار دولار و580 مليار دولار في البلدان النامية وحدها في دراسة أخرى. وبحلول عام 2050، من المقدّر أن تصل تلك التكاليف في البلدان النامية إلى ما يتراوح بين 1 و 1.8 تريليون دولار.

وفي سياق متصل، فإن بحيرة تشاد، التي كانت ذات يوم واحدة من أكبر البحيرات في أفريقيا، تأخذ الآن في التقلّص. لقد فقدنا 90 في المئة منها بسبب الاختلال البيئي. وفي كثير من الأحيان، نواجه في الوقت نفسه أحداثاً متعلقة بالمناخ على غرار الجفاف والفيضانات والأعاصير وغيرها من الكوارث.

ولا يمكننا حتى التعافي من أزمة قبل أن تضربنا أخرى، وهذا يلحق بنا أضراراً فادحة. في الواقع، أزمة واحدة فحسب قادرة على التسبب في نزوح ملايين الأشخاص، فماذا لو وقعت أزمات متعددة في آن معاً. نحن في سباق مع أزمة المناخ. والمفاوضات تشغل كل حيزنا ووقتنا، في حين أن المطلوب هو عمل حقيقي وعاجل.

بدأ مؤتمر الأطراف بالانعقاد للمرة الأولى قبل أن أولد حتى، ولكن يبدو أن شيئاً لم يتغير. إذاً، ما نحتاج إليه هو إجراءات أكثر ومفاوضات أقل. لو أصبحت الوعود والالتزامات المقطوعة في مؤتمرات الأطراف السابقة حقيقة واقعة، لما كان العالم في حالة الطوارئ الكوكبية هذا اليوم. ماذا حدث للتعهد الذي قطعته الدول الغنية بـ "جمع" [تخصيص] 100 مليار دولار من التمويل المناخي سنوياً بحلول عام 2020 من أجل مساعدة الدول الضعيفة على التعامل مع تغير المناخ؟

وماذا عن اتفاقية باريس للمناخ؟ مجدداً، تعهدات متعددة، ولكن ها نحن نرى الملوثين الكبار يجدون مخرجاً ويتهرّبون من المسؤوليات من خلال شراء أرصدة الائتمان الكربوني. والجدير بالذكر أن عدم الوفاء بالتزاماتنا لا يقل خطورة عن عدم قطع أي التزام على الإطلاق.

في مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 27)، نحتاج إلى الإصغاء إلى العلم وليس إلى الملوثين الكبار الذين يريدون التأثير في نتائج المؤتمر بما يتناسب مع أجندتهم الأنانية. فأزمة المناخ لا تنتهي بمجرد توقيع اتفاقية، بل بتطبيقها على أرض الواقع. من الضروري أن نجعل كل مؤتمر أطراف حول المناخ يجدي نفعاً من خلال اتخاذ إجراءات تلو الأخرى. نحن بحاجة إلى التعامل مع أزمة المناخ بجدية وعلى الفور كما فعلنا مع جائحة كورونا.

واستكمالاً، تشير التقارير إلى أن ولاية لاغوس في نيجيريا يمكن أن تغمرها المياه قبل نهاية هذا القرن بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر. إذاً، فالالتزام بالحياد الكربوني بحلول عام 2050 يشبه القول بأننا سنوقف جائحة كورونا بحلول عام 2050 من دون لقاح. و"اللقاح" المؤدي إلى إنهاء أزمة المناخ هو التمويل المناخي.

يجب أن نتذكر أيضاً أنه لمجرد أن "كوب 27" أقيم في مصر، فهذا لا يعني أن الدول الغربية ليست مضطرة للمشاركة. يجب أن نطالب بتمثيل متساو، بخاصة من المجتمعات المهمشة. وكونه عُقد في مصر لا يعني بالضرورة أنه يجب أن يكون "مؤتمر أطراف أفريقي". لا ينبغي تصنيفه بهذه الطريقة. سواء أقيمَ في المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة، فالأهم هو التوصل إلى اتفاقات وتطبيقها على الأرض.

إضافة إلى ذلك، يجب أن يركز مؤتمر "كوب 27" على البلدان الضعيفة الأكثر تضرراً من أزمة المناخ.

لقد فشلنا في الوفاء بالتزامات مؤتمرات الأطراف السابقة. وها نحن الآن في "كوب 27" أمام فرصة أخرى. وأنا أتطلع إلى اليوم الذي ستتجاوز فيه مؤتمرات المناخ حدود المفاوضات وتُترجَم إلى إجراءات ملموسة فورية. كلما تأخرنا في تنفيذ التدابير المطلوبة، زادت الخسائر والأضرار، التي تطاولنا جميعاً.

 

أولادوسو أدينيك هي ناشطة في مجال العدالة المناخية، تنتمي إلى الحركة النسوية البيئية كما أنها مراسلة بيئية مقرها في منطقة بحيرة تشاد.

© The Independent

المزيد من تحلیل