Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يمكن الرد على من ينكر أزمة المناخ؟

فيما يقر الكثير من الناس بأن الأزمة المناخية حقيقة واقعة، زادت في المقابل حملات التضليل الإعلامي التي تشنها قوى لديها مصالح خاصة في القضية. فهل يمكن ردم الهوة بين ما هو حقيقي من عدمه؟  

منذ ثمانينيات القرن الماضي، تبين أن كل عقد من الزمن كان أكثر احتراراً من سابقه وأن السنوات السبع الأكثر حرارة سُجلت جميعها انطلاقاً من العام 2015 (أ ف ب / غيتي)

من المغري أن نقوم بتصنيف منكري الأزمة المناخية على أنهم مجرد مجموعة من المهووسيين الذين يجهلون الأمور العلمية عندما تظهر الأدلة وبشكل قوي على أن الأزمة المناخية تسببت بها السلوكات البشرية، وإلى حد كبير عمليات حرق النفط الأحفوري.

لكن في المقابل، ينتشر التضليل الإعلامي الخبيث حول المناخ بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المؤسسات الإعلامية، فكم عدد الأشخاص من بيننا الذين يمكنهم القول وبصدق أنهم لم يقعوا يوماً ضحية كذبة من تلك الأكاذيب؟ 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في تقرير أعدته مؤسسة ناشطة في مجال التوعية حيال التغيرات المناخية تدعى "أوقفوا تمويل احترار الكوكب" Stop Funding Heat تم الكشف عن أن المعلومات المضللة حول أزمة المناخ قد تم مطالعتها [على وسائل التواصل الاجتماعي] أكثر من 1.36 مليون مرة يومياً على موقع "فيسبوك" وحده، مع العلم أن مثل تلك المعلومات منتشرة أيضاً على وسائل التواصل الاجتماعي كافة من "تيك توك" TikTok إلى "بينتريست" Pinterest، لذلك علينا أن لا نستغرب تسرب هذه المعلومات إلى شريط متابعاتكم اليومية على وسائل التواصل أيضاً.

إن شركات النفط الأحفوري وملوثين آخرين وأنصارهم قد أنفقوا مئات الملايين من الدولارات للعمل على نشر معلومات مضللة حول وضع المناخ على وسائل التواصل الاجتماعي، ففي عام 2021 وجد تحليل استقصائي أن 16 من أكبر [الشركات] الملوثة للبيئة مسؤولة عن نشر أكثر من 1700 من هذه الإعلانات على صفحات موقع "فيسبوك" عام2021، وهو ما ولّد 150 مليون تفاعل بشكل عام.

ويمكن أن توفر الحملات الدعائية حيال المناخ نوعاً من الارتياح الكاذب أيضاً لهؤلاء الذين يعانون جراء عظمة التهديد [الذي قد تواجهه البشرية]، فلذلك من المفهوم أن يفضل كثيرون دفن رؤوسهم في الرمال كنوع من أنواع تعاملهم مع الواقع.

في ما يلي أفصل بعض أكثر تلك الأكاذيب انتشاراً حول وضع المناخ وكيفية الرد عليها:

حرارة الكوكب لطالما كانت متغيرة. الأمر يعود للطبيعة الجيولوجية

إن السجلات الجيولوجية تظهر أنه كانت هناك تغيرات كبيرة في مناخ كوكب الأرض عبر العصور، وتسببت فيها عوامل عدة من بينها الثورات البركانية وتغيرات محور دوران الأرض وتغير معدلات نسب ثاني أوكسيد الكربون في الجو، لكن هناك اختلافاً جوهرياً بين أزمة مناخ مفتعلة من البشرية ومن صنع يد الإنسان، والتغيرات المناخية القديمة التي جرت بشكل بطيء وعلى مراحل دامت آلاف وربما ملايين السنين.

إن الأزمة المناخية الحالية تدفعها السلوكات البشرية وإلى درجة كبيرة بسبب حرق الوقود الأحفوري، وذلك جرى بالمقارنة خلال فترة قصيرة جداً من الوقت وبشكل دراماتيكي.

هذا إضافة إلى أن المعلومات العلمية تشير إلى أن حرارة الكوكب قد ارتفعت بنسبة 1.1 إلى 1.2 درجة مؤية خلال الـ 150 عاماً الماضية، منذ بداية عصر الثورة الصناعية.

القول إن الطاقة المتجددة كلفتها عالية

من النغمات التي ينتشر ترديدها بكثرة من قبل المدافعين عن النفط الأحفوري هو أن الطاقة المتجددة كلفتها مرتفعة للغاية، لكن الحقيقة هي أنه وعلى مستوى عالمي أصبحت الطاقة المتجددة أقل كلفة بكثير مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية مثل الفحم والنفط والغاز كأكثر مصادر الطاقة رخصاً في العالم، بحسب الوكالة الدولية للطاقة المتجددة IRENA، وهي منظمة حكومية تعمل على دعم عملية التحول إلى استخدام مصادر الطاقة المستدامة.

ثلثا مصادر الطاقة المتجددة تقريباً والتي تم تشغيلها عام 2021 كانت كلفة تشغيلها أقل من كلفة إنتاج الطاقة الأرخص عالمياً عبر خيار حرق الفحم الحجري في دول مجموعة الـ 20 G20، وذلك بحسب ما يذكره تقرير منظمة الوكالة الدولية للطاقة المتجددة IRENA.

 إن كلف الحصول على الطاقة النظيفة تراجعت بسبب التقدم التكنولوجي على مستوى إنتاج كثير من عناصر [تشغيل هذا القطاع]، فهناك نوع جديد من البطاريات القادرة على تخزين الطاقة وهي أرخص بستة أضعاف من كلفة البطاريات العاملة بالليثيوم - آيون lithium-ion  التقليدية على سبيل المثال.

وفيما تبدأ المجتمعات باعتماد الطاقة المتجددة بشكل أكبر، يلعب اقتصاد العرض والطلب دوراً في دفع الأسعار إلى الانخفاض بنسبة أكبر.

لا جدوى من السيارات الكهربائية لأن مصادر شحنها تعمل بالنفط الأحفوري

هناك تقرير مختَلف عليه كتبت عنه صحيفة "الأسترالي" The Australian يدّعي أن السيارات الكهربائية EV تنتج كمية أكبر من انبعاثات الكربون من مثيلاتها من السيارات التي تعمل بالبنزين.

صحيح أن شحن السيارات الكهربائية يعتمد على شبكة تغذية كهربائية واسعة للغاية وتعتمد بقوة على الطاقة المولدة من النفط الأحفوري في كثير من الدول، لكن هناك دراسة أيضاً أعدتها كل من جامعات "إكستر" Exeter و"كامبريدج" Cambridge في بريطانيا و "نيجيمجين" Nijmegen في هولندا، وخلصت جميعها إلى أن استخدام السيارات الكهربائية يؤدي إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عموماً، حتى وإن كانت شبكة توفير الكهرباء تعتمد على توليد الطاقة من الوقود الأحفوري.

وفي تحليل آخر أعدته مؤسسة النقل والبيئة Transport & Environment، وهي مظلة أوروبية لمنظمات غير حكومية تعمل في مجال النقل والبيئة، تم الكشف عن أن السيارات التي تستخدم الوقود الأحفوري تبدد حجماً أكبر من المواد الخام بمئات المرات خلال فترة استهلاكها الذي يمتد سنوات طويلة من تلك التي تعمل بالطاقة الكهربائية.

الجميع كان يعبر عن رعبه من زوال طبقة الأوزون في فترة التسعينيات، لكن ما من شيء حدث 

في يوليو (تموز) الماضي قال المعلق اليميني وكاتب مقالات الرأي في "ديلي واير" Daily Wire مات والش Matt Walsh في تغريدة له على "تويتر"، "هل تتذكرون عندما كانوا يمضون السنوات وهم يقولون لنا أن علينا أن نصاب بالرعب بسبب الثقب في طبقة الأوزون في الجو، وبعد ذلك فجأة توقف كل ذلك الكلام عن الموضوع ولم يعد أحد يذكر أي شيء يتعلق بطبقة الأوزون أخيراً؟".

"تويتر" هو "تويتر" في كل الأحوال، إذ تم التصويب بسرعة على أن طبقة الأوزون، وهي الدرع الواقي في الطبقة العليا من الغلاف الجوي لكوكب الأرض التي تمتص أغلب ما يصدر من إشعاعات فوق بنفسجية عن الشمس، تم إنقاذها من خلال عمل بيئي جماعي عالمي.

في الماضي كانت مركبات غازات الكربون الكلوروفليوري chlorofluorocarbons المعروفة بـ CFC مستخدمة بشكل واسع في صناعة عبوات الرش المضغوطة وصناعة المواد الكيماوية اللاصقة والمسيلة وفي صناعة التبريد، وكان لتلك المركبات تأثير كارثي في طبقة الأوزون مما استدعى توقيع دول العالم على معاهدة دولية تسمى بـ "بروتوكول مونتريال" والتي تمت المصادقة عليها عام 1987، وتم من خلالها حظر استخدام تلك المركبات [الكربونية المضرة بالأوزون].

باختصار، لقد نجحت المعاهدة، وطبقة الأوزون تواصل رحلة تعافيها ويمكن أن تعود لسابق عهدها بحسب ما يؤكده العلماء.

إن الطاقة الشمسية والطاقة المولدة من الرياح لا تتوافر في الليل أو عندما يتوقف هبوب الرياح

عضو الكونغرس الأميركي مارجوري تايلور غرين Marjorie Taylor Greene كانت ادعت أن الطاقة المولدة من أشعة الشمس والرياح لا تعمل في فترات الليل، مما أدى إلى موجة عارمة من السخرية ضدها بسبب ما تفوهت به على شبكة الإنترنت.

تايلور غرين كانت قالت "يا رب رجاء، يا الله لا تجعلني أعمل على غسيل ملابسي يدوياً في وعاء مائي، ومن بعد ذلك عليّ أن أعلقها لتجفيفها على حبل للغسيل في الخارج، وذلك عندما نتحول لنبدأ في استخدام الطاقة التي تولدها توربينات الرياح وألواح الطاقة الشمسية".

وأضافت تايلور غرين "إن شيئاً مثل ذلك سيغضبني حقاً، وهنا أعني كم سيكون ذلك سخيفاً؟ فأنا أستمتع بالأنوار في المنزل وأود السهر طويلاً في ساعات الليل، وأنا لا أريد أن يفرض عليّ الذهاب إلى الفراش عند مغيب الشمس. إنه أمر غبي! وهنا أعني كل ذلك [الاعتماد على طاقة الشمس والرياح] ضرب من الجنون".  

يمكن أن تكون الطاقة المولدة من الرياح وأشعة الشمس متقطعة، ولكن كل عمليات إنتاج الطاقة هي كذلك، فمعامل توليد الطاقة المشغلة بالنفط الأحفوري عادة ما تكون خارج الخدمة بنسب أكبر مما نعتقد.

خبير الطاقة آموري لوفين Amory Lovins يقدر أن متوسط انقطاع معامل توليد الكهرباء العاملة بالفحم الحجري عن توفير الطاقة تصل إلى 15 في المئة من الوقت، أما متوسط عدم توفر الطاقة المنتجة من محطات توليد الطاقة النووية وتلك العاملة بالغاز فتتراوح ما بين تسعة في المئة للأولى وخمسة في المئة من الوقت للثانية.

لكن الطاقة المولدة من الأشعة الشمسية وطاقة الرياح يمكن تخزينها في بطاريات، وكما قلنا آنفاً فإن ثمن تكنولوجيا البطاريات يتراجع فيما حجم مخزوناتها يرتفع باستمرار.

إن أنظمة تخزين الطاقة في البطاريات المعروف بـ (BESS) Battery energy storage systems، هي معدات عادة ما تكون مكونة من بطاريات الليثيوم – أيون، وتسمح للطاقة المستخرجة من وسائل متجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح بتخزينها، وبعد ذلك يصار إلى توفيرها للمستهلك عند الحاجة إليها.

إن الاستخدام الهجين لمصادر الطاقة المتجددة بما فيها طاقة الأمواج والحرارة الأرضية وتلك المستخرجة من المخلفات الحيوية يمكنها أيضاً أن تحافظ على مستويات الطاقة المطلوبة للمستهلك، تماماً كما يمكن لعمليات ربط الشبكة الكهربائية بين عدد من الدول المختلفة أن تفعل.

لقد كان الجو بارداً اليوم، لا بد من أن الكلام عن احتباس حراري مجرد خرافة

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب كان قد عظّم من تأثير هذه الكذبة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي واحدة من ملاحظاته الساخرة المتعلقة بنكران التغيرات المناخية، ومثل ذلك قوله أيضا "إن التغيرات المناخية هي خدعة اخترعتها الصين" وأن "توربينات توليد طاقة الرياح تؤدي إلى الإصابة بالسرطان".

ترمب كان قال إنه "إذا كان قرب منزلكم أية مزرعة لتوربينات توليد الطاقة من الرياح، فتهانينا لكم لأن منزلكم قد فقد للتو 75 في المئة من قيمته الشرائية، ويقولون أيضاً إن الانبعاثات الصوتية من دوران التوربينات تتسبب في الإصابة بالسرطان، فأنتم قلتم لي ذلك، صحيح؟".

إن أزمة التغيرات المناخية والطقس شيئان مختلفان، فموجات الصقيع وفصول الشتاء لا تزال متواصلة في جميع أنحاء العالم، لكن الأمر يتعلق تحديداً بارتفاع معدلات الحرارة العالمية والتي تقود إلى أجواء مناخية متطرفة وذات تأثير مدمر يؤدي إلى تداعيات مثل الفيضانات وخسارة التنوع البيئي وتراجع جودة التربة وغيرها من الأمور.

في الواقع، هناك أدلة على أن الاحترار المناخي العالمي والذي وصل إلى درجات مرتفعة يدفع بمسار التيار الجوي القطبي polar jet stream   أكثر نحو الجنوب، مما يؤدي إلى فترات قاسية من الطقس الشتوي.

ومنذ ثمانينيات القرن الماضي تبين أن كل عقد من الزمن كان أكثر احتراراً من سابقه، وأن السنوات السبع الأكثر حرارة سجلت جميعها انطلاقاً من عام 2015، واحتلت السنوات 2016 و2019 و2020 المراتب الثلاث الأولى كأكثر السنوات حراً بحسب مكتب الأرصاد البريطاني.

© The Independent

المزيد من بيئة