Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

برنامج رعاية اجتماعية مطبوع بكسل جونسون وسندفع ثمنه

لا يشكل الشيء "الجاهز بالكامل" كذلك الذي ابتكر عند عتبة مقر رئاسة الوزراء قبل سنتين

بوريس جونسون قدم برنامجه في الرعاية الاجتماعية بعد طول انتظار لكنه جاء دون المتوقع (رويترز)

يردد الناس بأن رئيس الوزراء احتاج إلى ما يزيد على سنتين كي يكشف أخيراً عن برنامجه "الجاهز بالكامل" في الرعاية الاجتماعية، وتلك فترة زمنية أطول بقليل جداً من فترة حمل الفيل الأفريقي، أو على ما يبدو الحمل بالعضو الرابع (أو الخامس) من عائلة جونسون.

في المقابل، ليس ذلك بالأمر المنصف، وخلال فترة السنتين والشهرين التي مرت على وقوفه خارج مقر رئاسة الوزراء في 10 "داونينغ ستريت" وإعلانه برنامج الرعاية الاجتماعية "الجاهز بالكامل"، وُضعت برامج رعاية اجتماعية عدة، ويمكننا أن نعتبر البرنامج الحالي أقلها جذرية.

إذاً اسمعوا، لا يعني ذلك أن جمع الـ 20 مليار جنيه استرليني من خلال فرض ضرائب جديدة باسم الرعاية الاجتماعية، مباشرة من الأشخاص الأقل قدرة على دفعها، ثم إنفاق ثلاثة أرباع هذا المبلغ على شيء آخر كلياً، [إنه] لا يشكل لحظة وطنية مهمة للغاية، وبالأحرى إنها نقطة لا شك فيها على الإطلاق.

في المقابل، من العدل تجاه بوريس جونسون أن يُحكم عليه وفق معاييره العالية المتفردة، ويُحتمل أن يكون هذا البرنامج أهم حتى من برنامج توزيع شارات خضراء صغيرة كتبت عليها كلمة "رعاية"، على العاملين في دور الرعاية بهدف استخدامها في محاولة إرغام سلاسل المطاعم على إعطائهم سعراً أفضل في عروضها عن وجبات الغداء، ولكن حينما نقارن هذا البرنامج بآخر مخططاته [جونسون] الكبيرة في قطاع الرعاية، وقد تمثل تحديداً في إغراق القطاع بمرضى جرى إجلاؤهم من المستشفيات ولم يبذل أي جهد في إخضاعهم لفحص "كوفيد" قبل ذلك، فيظهر أنها ليست أفضل أعمال الرجل العظيم، إذ يتضمن البرنامج الجديد تفاصيل معقدة عدة، فيما البرنامج السابق أبسط بكثير، ومن النتائج المباشرة لذلك البرنامج [الجديد] أن 39 ألف شخص تقريباً كانوا سيضطرون إلى دفع مبالغ طائلة لسنوات طويلة مقبلة لقاء تلقي الرعاية، أضحوا فجأة غير مضطرين إلى تحمل أي كلفة على الإطلاق.

على نحوٍ مماثل، انبهر الناس بالناحية السياسية في ذلك العمل، [ويرددون] لقد نكث بتعهد ورد في بيانه الرسمي! لقد نكث بتعهد ورد في بيانه الرسمي!

وصحيح أنه فعل ذلك، لكن إذا جاء نكثه بتعهد أورده في بيانه الرسمي أشبه قليلاً بالكذب، كما تعلمون، فإن الضرر الذي قد يلحق به من وراء هذا التصرف يساوي الضرر الذي قد يلحق بسمعة جاك السفاح إن عُرف في يوم من الأيام أنه سحق دبوراً برجله.

بالطبع لا يخلو الأمر من حجج الامتعاض اليائسة. "ما عاد بإمكان المحافظين الزعم بأنهم حزب الضرائب المنخفضة"، بحسب كلمات [رئيس حزب العمال] كير ستارمر التي وجهها إلى رئيس الوزراء بكل ما أوتي من حماسة، مع أن كل الجهد الذي بذله في تلك الكلمات لا يبرر لأي أحد لماذا عليهم التصويت له [ستارمر] بدلاً من الآخرين [حزب المحافظين].

ولا شك في وجود غضب أخلاقي بسبب تحميل الأشخاص ذوي الدخل المنخفض عبء الضريبة. إذا كنت تجني 30 ألف جنيه سنوياً، فلسوف تخسر قريباً نحو 30 جنيه في كل شهر من أجل حماية ممتلكات المتقاعدين الأثرياء التي تضخم سعرها، إذ لا يمكن أن نتوقع منهم أن يدفعوا لقاء خدمات رعايتهم بأنفسهم.

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، إذا كنت شاباً يجني 30 ألف جنيه في السنة، فثمة احتمال لا بأس به بأنك قد وضعت عينك على بعض أصول متقاعدين أثرياء، ربما يُدعون "أمي" أو "أبي"، ولا مشكلة أبداً لديك بدفع ضريبة أكبر قليلاً من أجل الاحتفاظ بها. 

ويعرف جونسون أن أولئك الأشخاص [الشباب الذين يحتمل أن ينالوا ثروات أسرهم]، إضافة إلى المسنين المعنيين في تلك المسألة، يشكلون مجتمعين التحالف الانتخابي الذي يجعل ذلك [دفع ضريبة أعلى] أمراً عادياً ومقبولاً، وربما كير ستارمر أيضاً يعرف ذلك.

في المقابل، لا يشكل الجانب السياسي النقطة المهمة فعلياً، إذ يتمثل الشيء المهم في طابع الكسل النموذجي الذي يتميز به جونسون، وقد أضفاه على الموضوع [برنامج الرعاية]، ومن المنصف الإشارة إلى أن ذلك ليس برنامج الرعاية الاجتماعية "الجاهز بالكامل" الذي اختُرع على عتبة المبنى رقم 10 في "داونينغ ستريت" قبل سنتين. طبعاً، بحسب جونسون، "لم تكن الجائحة [كورونا] في البيان الرسمي لأي أحد".

في المقابل، ثمة حقيقة مفادها أن كل دول العالم المتقدمة تقريباً اضطرت إلى التعامل مع "كوفيد"، وهناك قلة من الدول، إن وجدت أصلاً، تكون مرغمة على زيادة الضرائب باسم قضية معينة كي تنفقها على قضية أخرى، هي التراكم الهائل الذي سببته الجائحة لدى هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" في كمية العلاجات المتأخرة.

ما سبب هذا التراكم؟ إجمالاً لقد تصرف هذا البلد بعد الدول جميعها، مع أنه تلقى تحذيرات أكثر منهم. أغلقنا البلد بشكل أقسى وأطول من الحاجة، وكان عدد الخائفين من الذهاب إلى المستشفى عندنا أكثر بكثير من أي مكان آخر، لأن معدل الفيروس القاتل الذي جاب في الشوارع كان أعلى بكثير مما يجب، وبالتالي يأخذ "برنامج الرعاية الاجتماعية" الشكل الذي كان سيتخذه دائماً، أقله في الروح، إن لم يكن حرفياً.  

كخلاصة، يهدف البرنامج [الجديد في الرعاية الاجتماعية] إلى تغطية فشل بوريس جونسون. في الحقيقة، إن ذلك البرنامج لا يشكل برنامجاً للرعاية الاجتماعية على الإطلاق، إضافة إلى أنه ليس جيداً بما فيه الكفاية ولا عادلاً ولا حتى حقيقياً، وبالأحرى فهو بمثابة شارة صغيرة لا تعطينا أي شيء، وكذلك فإنه رمز هذه الأيام.  

© The Independent

المزيد من سياسة