في أعقاب الضربة الجوية الأميركية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، عاد السؤال الأبرز للواجهة: هل سترد إيران؟
الإجابة المباشرة، وفقاً للخبير في الشأن الإيراني والإقليمي محمد الزغول هي نعم، لكن السؤال الأهم هو كيف؟ وأين؟ ومتى؟
ويرى الزغول، وهو باحث أردني متخصص في الشؤون السياسية، أن الرد الإيراني ليس خياراً بل حتمية، لكن شكل وحدود هذا الرد سيعتمدان على تقييم صناع القرار الإيرانيين لأهداف الولايات المتحدة الحقيقية من العملية، ويشرح أن طهران تسعى أولاً إلى فهم النيات الأميركية "هل كانت الضربة محدودة لتوجيه رسالة حول البرنامج النووي فقط؟ أم أنها بداية لخطة أوسع تشمل القدرات الصاروخية وربما النظام الإيراني نفسه"؟ فإذا توصل الإيرانيون إلى قناعة بأن الضربة الأميركية انتهت عند حدود منشآت التخصيب فإن ردهم، كما يقدر الزغول، سيكون "أكثر هدوءاً ومحدودية ويركز على إسرائيل فقط من دون استفزاز واشنطن"، أما إذا كانت التقديرات الإيرانية تميل إلى أن الضربة تخفي أهدافاً أوسع تشمل تصفية البرنامج الصاروخي أو حتى إسقاط النظام، فإن الرد سيكون "أشد وأوسع وأكثر إيلاماً للولايات المتحدة نفسها".
تجنب الاستفزاز
ويشير الزغول في ملف صوتي لـ "اندبندنت عربية" إلى أن إيران تظهر حالياً إشارات واضحة على رغبتها في التهدئة مع واشنطن، إذ قللت رسمياً من تأثير الضربة على برنامجها النووي وأعلنت أن "المواد المشعة والأجزاء الحساسة لا تزال سليمة"، مما يعني أن طهران تحاول الحفاظ على القدرة على استئناف البرنامج لاحقاً من دون استفزاز إضافي، لافتاً إلى أن الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل بعد العملية جرى تأطيرها رسمياً باعتبارها "رداً على واشنطن"، على رغم أن الاستهداف كان إسرائيلياً، مما يعكس محاولة احتواء المواجهة وعدم توسيعها لتشمل الولايات المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويحذر الزغول من أن تطور الأحداث يعتمد على مدى تدخل إسرائيل وتوسيعها لعملياتها ضد طهران، فالضربات الإسرائيلية بحسب ما يرصده الزغول بدأت تقترب من "رموز النظام" في طهران، مع استهداف مواقع القيادة والسيطرة ووسائل الإعلام، في ما يبدو وكأنه إشارة إلى أن رأس النظام قد يكون هو الهدف المقبل، ويضيف أنه "إذا شعرت طهران بأن إسرائيل تسير فعلياً في طريق إسقاط النظام فقد تختار الرد بأقصى ما تمتلكه من أدوات".
ثلاثة مستويات للرد
وفي هذا السياق يطرح الزغول ثلاثة مستويات محتملة للرد الإيراني، الأول رد رمزي على الطريقة السابقة، كما حدث عقب اغتيال قاسم سليماني عندما قصفت إيران قاعدة "عين الأسد" في هجوم منسق لم يسفر عن خسائر بشرية، والثاني رد أكثر مباشرة على الأصول العسكرية الأميركية في المنطقة من قواعد أو قطع بحرية، وهو سيناريو مطروح إذا اتضح أن واشنطن جزء من التصعيد المستهدف للنظام، أما الثالث فهو رد إستراتيجي شامل إذا تبين أن إسقاط النظام هدف أميركي - إسرائيلي مشترك، يشمل ضرب القواعد الأميركية ومحاولات إغلاق الممرات المائية مثل مضيق هرمز وباب المندب، وخلط الأوراق على مستوى الإقليم.
ويختم الزغول بأن ما يحكم الموقف الإيراني في النهاية ليس الانفعال بل حسابات دقيقة مبنية على فهم التوجه الأميركي، ويقول إنه "إذا أرادت واشنطن تهدئة فعلية فعليها أن تثبت ذلك بالضغط على إسرائيل لوقف هجماتها"، وإلا فإن طهران قد تقرأ استمرار الضربات كدليل على تواطؤ أو تنسيق ضمني، مما يفتح باب التصعيد الإقليمي على مصراعيه، بحسب قوله.
Listen to "متى وكيف وأين سترد إيران على الغارات الأميركية؟" on Spreaker.