Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تخوف أممي من تكرار فظائع الفاشر في كردفان مع احتدام المعارك

البرهان يشدد على الحل العسكري قبل الدخول في أي تفاوض مع "الدعم السريع"

جدد البرهان رفضه الجلوس للتفاوض مع "الدعم السريع" قبل تخليها عن السلاح والانسحاب من المناطق التي احتلتها (أ ب)

ملخص

حذر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك من أن السودان يواجه خطراً وشيكاً من التعرض لموجة أخرى من الفظائع، وسط تصاعد القتال العنيف بين الجيش و"الدعم السريع" والحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال في شمال وجنوب إقليم كردفان.

في وقت ما زال التصعيد العسكري مسيطراً على محاور وجبهات القتال بإقليم كردفان، أعلنت قوات "الدعم السريع" سيطرتها على بلدة الدنكوج شمال مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان، بينما تواصل حشد قواتها مع الحركة الشعبية - شمال المتحالفة معها في اتجاه مدينة الدلنج. وبثت الجماعة مقاطع مصورة على مواقعها بمنصات التواصل الاجتماعي لتحرك قوتها داخل المنطقة، تشير فيها إلى حشد وبدء توجه قواتها نحو مدينتي الدلنج بجنوب كردفان والأبيض شمال الإقليم.

في هذا الوقت واصل الجيش وحلفاؤه الضغط العسكري لاستعادة عدد من المناطق والطرق الحيوية بشمال وجنوب وغرب كردفان بهدف حرمان "الدعم السريع" والحركة الشعبية من الإمدادات ومنع إعادة تنظيم صفوفها من جديد في تلك المناطق، وتمكنت بحسب مصادر عسكرية من مواصلة تقدمها في جنوب كردفان، وبسط سيطرتها على منطقة الموريب التي ستفتح لها الطريق أمام التقدم بصورة أوسع نحو تأمين مدينتي كادوقلي والدلنج. وشهدت ولايتا جنوب وغرب كردفان معارك ضارية خلال الأيام الماضية، أسفرت عن سيطرة "الدعم السريع" على مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان، في مقابل توسع الجيش في جنوب كردفان باستعادة مناطق عدة ظلت تحت قبضة الحركة الشعبية - شمال، منذ 14 عاماً.

ضربات جوية

وأشارت المصادر إلى توجيه الطيران الحربي للجيش ضربات عنيفة  بجنوب كردفان، استهدف خلالها حشوداً لـ"الدعم السريع" والحركة الشعبية على تخوم مدينة الدلنج، أدت إلى مقتل وإصابة عشرات وتدمير عدد من آليات تجمع هذه القوات.

ومنذ أسابيع أكدت قوات الجيش والمشتركة مواصلة تقدمها الميداني في جنوب كردفان، عقب استعادة مناطق مبسوط وخور الصباغ وبانت من قبضة قوات الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو.

في الأثناء، شدد الفريق عبدالله بشر الشهير بـ"عبدالله جنا"، القائد العام لعمليات القوات المشتركة، على أن ما يجري على الأرض يتجاوز حدود المواجهات الميدانية، إلى كونه معركة من أجل الكرامة والسيادة الوطنية. وقال لدى تفقده جرحى الجيش والقوات المشتركة بمستشفى "السلاح الطبي" بأم درمان، "إلى أن عمليات التقدم غرباً البلاد وتحرير المدن من قبضة الميليشيات والمرتزقة تمثل خطوة محورية في استعادة هيبة الدولة وكرامة السودانيين"، مؤكداً التزام القوات المشتركة بالوقوف إلى جانب الجيش والشعب السوداني، حتى استعادة الأمن والاستقرار والسلام في كل ربوع البلاد.

مجزرة كالوقي

وأدى هجوم شنته طائرة مسيرة استراتيجية على ثلاثة مواقع في منطقة كلوقي بمحلية قدير شرق ولاية جنوب كردفان، من بينها مقر لإحدى رياض الأطفال بالمنطقة، إلى مقتل عشرات الأطفال وسط تضارب في الروايات حول العدد الكلي للضحايا في غياب محصلة رسمية. وأفاد شهود بأن المسيرة استهدفت بالقصف الصاروخي أكثر من مرة حفلة للتخرج بإحدى رياض الأطفال، مما أسفر عن مقتل 30 طفلاً.

وأوضح شهود بأنه أثناء تدافع المواطنين الذين هرعوا لإنقاذ الجرحى في الموقع، جددت المسيرة قصفها بصاروخين آخرين، مما يرجح معه ارتفاع عدد الضحايا إلى أكثر من 40 قتيلاً وعشرات الجرحى، بمن فيهم آباء وأمهات هرعوا لنجدة أطفالهم.

ودانت "شبكة أطباء السودان" مقتل تسعة أشخاص بينهم أربعة أطفال وامرأتان جراء الاستهداف المتعمد من الحركة الشعبية و"الدعم السريع" للمدنيين بمدينة كلوقي، ووصف بيان للشبكة الاعتداء بأنه جريمة واضحة ضد المدنيين "تتحمل مسؤوليتها كل من الحركة الشعبية والدعم السريع". وقبل أسبوع قصفت "الدعم السريع" مخيماً للنازحين في منطقة كلبا بمدينة كادوقلي عاصمة جنوب كردفان، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أطفال وامرأتين، وإصابة أربعة آخرين بجروح متفاوتة.

قصف نيالا

في جنوب دارفور أعلن مصدر ميداني استهداف مسيرات الجيش مخزناً للأسلحة والذخائر في حي المصانع في مدينة نيالا عاصمة الولاية ومقر حكومة "تأسيس" الموازية، وأكدت المصادر أن المخزن الذي جرى استهدافه كان يحتوي على كميات كبيرة من السلاح والذخائر والمعدات العسكرية وقد تم تدميرها بصورة كاملة.

نزوح متواصل

في شمال دارفور أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" وصول 10 آلاف نازح إلى محلية طويلة في الآونة الأخيرة ضمن موجة الفارين من مدينة الفاشر، وأوضحت أن آلاف المدنيين الفارين من الفاشر واجهوا مخيمات مكتظة في محلية طويلة وظروفاً مأسوية، من دون مياه كافية ولا طعام ولا مأوى أو مرافق صحية. وكانت "الدعم السريع"، قد تورطت عقب سيطرتها على مدينة الفاشر، بحسب تقارير أممية وحقوقية، في ارتكاب فظائع إنسانية وجرائم تصفيات جماعية عرقية وتهجير قسري واغتصاب، في وقت ما زالت متهمة باحتجاز آلاف المدنيين داخل المدينة في ظروف قاسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فصل المسارات

إلى ذلك دعت منظمة "سدرة" الإنسانية الدولية إلى ضرورة فصل المسار الإنساني عن السياسي، لأن المسارات السياسية والحلول العسكرية بطبيعتها متغيرة وطويلة الأمد، بينما لا تملك الأجساد التي تحتضر رفاهية الانتظار. وأشار بيان للمنظمة إلى أن الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي يعيشها السودان، ومع ازدياد أعداد الضحايا، واتساع رقعة الجوع والنزوح والانهيار الشامل لمقومات الحياة، لم تعد المأساة تحتمل الانتظار حتى نضوج الحلول السياسية والعسكرية، التي بطبيعتها مسارات طويلة ومعقدة. وكشفت المنظمة عن تقدمها بمقترح تفصيلي بهذا الخصوص إلى منظمات الأمم المتحدة، ووكالاتها الإنسانية، وإلى منظمات المجتمع المدني المحلي والعالمي، تطالب فيه بفصل المسار الإنساني عن المسار السياسي في السودان.

البرهان والتفاوض

في غضون ذلك جدد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان رفضه الجلوس للتفاوض مع "الدعم السريع" قبل تخليها عن السلاح والانسحاب من المناطق التي احتلتها كشرط لأية تسوية أو هدنة معها، مشدداً "على المضي في الحرب والحسم العسكري حتى استعادة الدولة ومؤسساتها من أيدي الميليشيات المتمردة"، ونفى البرهان وجود أي نفوذ لجماعة "الإخوان المسلمين" داخل الجيش أو الحكومة بعد أن أسقطهم الشعب السوداني بثورته في ديسمبر (كانون الأول) عام 2018، مؤكداً "عدم السماح لهم أو للدعم السريع بالعودة مجدداً تحت أي ظرف"، وكرر البرهان الاستعداد للتعاطي الإيجابي مع المبادرة السعودية - الأميركية "وأية فرصة لتحقيق سلام حقيقي بالبلاد"، مشيداً بالجهود التي تبذلها كل من السعودية والولايات المتحدة ودور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترمب.

تحذيرات أممية

أممياً حذر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك من أن السودان يواجه خطراً وشيكاً من التعرض لموجة أخرى من الفظائع، وسط تصاعد القتال العنيف بين الجيش و"الدعم السريع" والحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال في شمال وجنوب إقليم كردفان. وأشار بيان لمكتب المفوض الأممي إلى أن المفوضية وثقت مقتل ما لا يقل عن 269 مدنياً جراء الغارات الجوية والقصف المدفعي والإعدامات الميدانية، عقب سيطرة "الدعم السريع" على مدينة بارا في شمال كردفان، مرجحاً أن يكون العدد الفعلي للضحايا المدنيين أعلى من ذلك بكثير.

مخاوف كردفان

ولفت البيان إلى ورود تقارير عن عمليات قتل انتقامية واعتقالات تعسفية واختطاف وعنف جنسي وتجنيد قسري، بما في ذلك للأطفال، بجانب احتجاز عدد من المدنيين بتهمة التعاون مع الأطراف المتعارضة، في ظل قلق متزايد من تأجج العنف نتيجة تفشي خطاب الكراهية المثير للانقسام. وأضاف تورك "أنه أمر صادم حقاً أن نرى التاريخ يعيد نفسه في كردفان، بعد وقت قصير من الأحداث المروعة في الفاشر، ويجب ألا نسمح بأن تلقى كردفان المصير ذاته".

حصار ومجاعة

ونبه البيان من أن مدينتي كادوقلي والدلنج، إضافة إلى مدينة الأبيض في شمال كردفان، التي تحاصرها قوات "الدعم السريع" جزئياً، تتعرض للخطر بصورة خاصة، متهماً كل الأطراف بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية وعملياتها، وأضاف "لا يمكننا الصمت أمام كارثة أخرى من صنع الإنسان، أو الوقوف مكتوفي الأيدي لنسمح بمزيد من الضحايا السودانيين لانتهاكات مروعة لحقوق الإنسان، يجب أن ينتهي القتال وتتوقف هذه الحرب فوراً، والسماح بوصول المساعدات المنقذة للحياة إلى من يواجهون المجاعة".

المزيد من متابعات