Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"اندبندنت عربية" في ساحل اليمن الغربي... ماذا ينتظر الحوثي؟

"المقاومة الوطنية"... كتلة عسكرية وسياسية يقودها طارق صالح تتهيأ لـ"استعادة صنعاء"

يشدد اليمنيون أنهم سيواصلون خنق الحوثي عبر قطع خطوط الإمداد الإيرانية التي تزوده بالأسلحة (اندبندنت عربية)

ملخص

بدت ذكرى "انتفاضة ديسمبر" كما لو أنها تنبئ بخطب ما، وتحول جديد في المشهد الذي كثيراً ما كان ضبابياً.

انقضت ثمانية أعوام من انتفاضة اليمنيين ضد الحوثي وميليشياته، سنوات مر بها اليمن بكثير من الأحداث والتقلبات وتبدل القوى والمصالح التي أوصلت البلاد اليوم إلى واقع معقد يصعب فهمه قبل حله.

أول من أمس الثلاثاء احتفل اليمنيون بذكرى انتفاضة صنعاء التي قادها الرئيس السابق علي عبدالله صالح في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) عام 2017  ضد جماعة الحوثي بعد سنة من تحالف اضطراري بينهما.

لكن الذكرى بدت كما لو أنها تنبئ بخطب ما وتحول جديد في المشهد الذي كثيراً ما كان ضبابياً، والمناسبة التي دعيت إليها وسائل إعلام عالمية وعربية، ومن بينها "اندبندنت عربية" كانت كما لو أنها "ذكرى بطابع تعبوي"، إذ بدت الحشود العسكرية تتمركز على السواحل الغربية لليمن ضد الجماعة المدعومة من إيران.

 

 

وباتت أرتال من القوات العسكرية في مدينة المخا، المطلة على مياه البحر الأحمر، يقودها عسكري محنك وخبير هو نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، نجل شقيق الرئيس الراحل وقائد حراسته الخاصة لـ20 عاماً.

الطريق إلى صنعاء

طارق صالح الذي استطاع تكوين قوة صلبة تسعى إلى "استعادة صنعاء" درس فنون القيادة والأركان في الأردن بدأ يلملم قواته من الصفر، فاختار عدن موطئاً لقدمه، وأمسك ببندقيته قبل أن يمضي في قراره الحتمي الصعب بالمبادرة مجدداً لاستعادة الأمن والطمأنينة والبلاد لملايين اليمنيين.

 ويقود طارق صالح الحشود خلافاً لوصية عمه الرئيس السابق الذي همس في أذنه ذات مرة، قائلاً "أُنجُ بنفسك"، لكنه قرر المضي قدماً نحو أحلام الشعب الذي عانى كثيراً الفقر والحرب والجوع.

 

 

ويؤكد أنه يسعى إلى هدف وحيد هو "الوصول إلى صنعاء"، عاصمة اليمن قبل أن تحتلها الجماعة الحوثية لتكون عاصمة لها.

وصنعاء التي تركت بيد خربة وشظايا فساد الحوثيين هي مسقط رأس طارق صالح الذي غادرها قبل ثمانية أعوام، وسقطت كما يقول مراقبون "بتخاذل وخذلان" بعض القوى السياسية داخل تركيبة الحكومة الشرعية.

ودعا القائد اليمني في الذكرى المختلفة هذه المرة وفوداً سياسية وإعلامية من بينها "اندبندنت عربية" إلى حضور فعالية ذكرى "انتفاضة ديسمبر" في المخا، كما لو أنه يريد أن يطلع الجميع على حجم عدته وعتاده.

 

 

وتمكن من تجييش قوام بشري ضارب، كثرٌ منهم خاضوا معه عام 2018 معارك ضارية على امتداد الساحل الغربي الذي يضم حيس والدريمهي والخوخة وذو باب وموزع والفازة الجاح والتحيتا، واستطاع حينها استعادة مساحات واسعة من قبضة الميليشيات الحوثية، بالمشاركة مع المقاومة التهامية وألوية العمالقة. وشكلت المخا درة هذا الشريط ومركز الانطلاق ضد الجماعة الأصولية المدعومة من إيران.

في اللحظة التي تصل فيها إلى مطار المخا الجديد تلحظ عودة الحياة وأعمال الإنشاء المنتشرة في المكان الذي كان أشبه بالمهجور، فضلاً عن توافر الخدمات مثل الكهرباء والأمن والمستشفيات، وفي طليعتها "مستشفى 2 ديسمبر" المتطور والمستشفى السعودي والمجمعات التربوية النموذجية والمجمعات السكنية الحديثة لأسر الشهداء وغيرها.

وخلال استقبالنا قدم طارق صالح رؤية عامة عن المرحلة المقبلة، وقال إنه عازم على "استعادة الدولة والوصول إلى صنعاء"، مضيفاً أن "التباينات داخل الحكومة المعترف بها ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي تؤخر هذا المسعى".

 

 

ومع مصادرة قواته شحنات أسلحة حوثية عرض البحر الأحمر، أكد "سنواصل خنق الحوثي بقطع خطوط الإمداد الإيرانية التي كانت تزوده بالأسلحة والتجهيزات النوعية، وسنتابع لجوءه إلى القرن الأفريقي للتزود بالأسلحة".

استخلاص وبناء

وعلى يده تشكلت كتلة عسكرية قوية محترفة في المنطقة عقب خسارة معركة ديسمبر التي يرجع رئيس دائرة الإعلام في المكتب السياسي للمقاومة محمد أنعم أسباب الإخفاق فيها إلى "اختلاف موازين القوى بعد هيكلة الجيش، إذ لم يعد مع صالح سوى الحراسة الشخصية، إضافة إلى الخيانات الصادمة التي تعرض لها"، ومع ذلك قاتل معه قلة، لعل أبرزهم الأمين العام لحزبه الراحل عارف الزوكا الذي سنأتي على قصته المثيرة في مقبل الأيام.

لماذا يراهن كل هؤلاء على طارق صالح؟ لغير العارفين بطبيعة المشهد، يمتلك الرجل خبرة كبيرة كقائد لقوات حراسة عمه (الرئيس علي عبدالله صالح) الخاصة، أكسبته دراية بالسياسة وكواليسها ولا شك في أنه استخلص منها كثيراً من الدروس، فبات ينظر إليه على أنه منقذ في المرحلة المقبلة.

ووفقاً لنائب رئيس المكتب السياسي ناصر باجيل، تمثل ذكرى ديسمبر بالنسبة إلى هذه الكتلة التي تعمل في إطارين سياسي وعسكري، "مناسبة تعبوية للتحشيد نحو انتفاضة أخرى ضد الحوثي". 

ويقول باجيل إن المعركة الأخيرة ستكون وطنية يشارك فيها الجميع ونراهن على الإرادة الوطنية وندرك أن الأرض اليمنية ستنتفض ضد هذا المشروع الإرهابي المدعوم من أصحاب العمائم في طهران".

 

احترافية قتالية

وعن حجم المراجعات التي قام بها عقب خسارة معركة صنعاء التي قتل خلالها الرئيس السابق، يؤكد أنعم الذي غادر صنعاء متخفياً عقب ساعات من مقتل صديقه صالح إلى مسقط رأسه في محافظة إب، أن "الفريق طارق قام بمراجعة معمقة لانتكاسة ديسمبر ودرسها بعناية من جوانبها العسكرية والسياسية كافة وحتى على مستوى العناصر والهيكل البشري الذي بدا تأثيره واضحاً في قوام القوات التي تنتشر حوله".

أما عن حجم القوة التي تقع تحت أيديهم اليوم، فيقول أنعم إنهم "في تزايد مستمر ومدروس، ونجحنا في بناء قوة عسكرية ذات عقيدة قتالية عالية تؤمن بالثوابت والأهداف الوطنية وندرك أن البناء والتأهيل مسخران لأجل المعركة وبنهج تدريبي حديث لا يتوقف".

ويتحدث قيادي بارز فضل عدم ذكر اسمه عن أن النهج الاحترافي الذي يشرف عليه "القائد" كما يفضلون تسميته، لتجهيز قواته "أمر لا يتهاون فيه"، مما يعني أن هذه الكتلة العسكرية الضاربة باتت تملك كل القدرات التي ستمكنها من التقدم بمحاذاة الساحل شمالاً حتى الوصول إلى مدينة الحديدة الاستراتيجية ومينائها، والتمدد عبر الهضبة الغربية نحو صنعاء.

وكان من اللافت الاهتمام بمنتسبي هذه القوات وفي طليعتهم جرحى الحرب، وفي هذا الجانب يؤكد رئيس لجنة علاج الجرحى طارق العزاني أن لديهم آلية لعلاج الجنود الجرحى من خلال تقديم أعلى معايير الرعاية الطبية داخل البلاد وخارجها في كل من مصر والهند وتتولاها لجان متخصصة وفق قاعدة بيانات دقيقة تتكفل بعلاج المصاب حتى عودته لثكنته العسكرية.

لا حل سوى البندقية

وإن هذا الانتعاش الذي تعيشه المنطقة مخلوطاً بأمل "استعادة الدولة"، يأتي وفقاً لقناعة تستبعد التعايش مع الميليشيات الحوثية بصيغ الحل السياسي.

وخلال كلمته في المناسبة توقع النائب الثاني للمقاومة عبدالجبار الزحزوح "فشل فكرة الحل السياسي"، وقال إن "استعادة صنعاء" تمثل الحل للأزمة اليمنية.

وفي هذا المعترك، يشير شريط أحداث صعود الشاب الذي ولد عام 1972 في صنعاء، إلى تأثره بإدارة عمه مع انتهاجه نمط علاقات يختلف إلى حد ما عن ذلك الذي عاشه بصورة مباشرة تحت جناح علي عبدالله صالح المعروف بميله إلى طريقة الحكم الملتصقة بمراكز القوى التقليدية.

والأحداث الذي شهدها أتاحت له فرص تقييم المشهد وخفاياه وكيفية عقد العلاقات والتحالفات ووسائل الإدارة العسكرية أو حتى المدنية.

ولهذا عمل على تدريب قواته بعيداً من الميل المناطقي، وتشكلت غالبيتهم من إرث القوات الخاصة التي كان يقودها ويحظى بتأثير كبير، وجميعهم يتحينون الفرصة للعودة لقراهم الكسيرة في صنعاء وإب وخولان وصعدة وبني مطر وبلاد الروس والحيمتين والمحويت وصرواح ونهم وحجة وغيرها من المناطق التي غادروها مجبرين بعد الغزو الحوثي.

ومع ذلك تواجه قوات المخا حملات واضحة من القوى السياسية الأخرى التي ترى أنها صاحبة الامتياز الحصري لمواجهة الحوثي، وهو طرح يؤيده مراقبون وهدفه إبقاء التأثير بيدها لتصبح هي البديل في حال استعادة المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية.

وكان لافتاً اكتساب هذه القوات تقديراً حتى من القوى التي كانت تختلف مع نظام صالح، ومن خلال النقاشات مع كتاب وأصحاب رأي جنوبيين وشماليين حضروا المناسبة، أشادوا بما تحقق على الأرض على يد قيادة "تقيم داخل البلاد".

ما الذي يبدو في الأفق؟

من وجهة نظر المكتب السياسي للمرحلة المقبلة، فإن الهدف "استعادة النظام الجمهوري كما يتوق اليمنيون"، ويقول أنعم "لا يمكن أن نقبل دولة دينية على غرار نظام الملالي في إيران ولن نترك بلدنا لكاهن يريد أن يحكمنا كعبدالملك للحوثي الآتي من القرون الوسطى".

ويكشف رئيس الدائرة التنظيمية للمقاومة وضاح بن بريك عن امتلاكهم رؤية كاملة لاستعادة الدولة والوصول إلى العاصمة صنعاء.

وإذ تحفظ عن الرد على سؤال يتعلق بالقوام البشري لقواتهم وتجهيزاته، قال إن القادة لا يكشفون عن عدة وعتاد جنودهم خلال الحروب.

وعلى أرض الواقع، فإن معركة موعودة شاملة ضد الحوثي تستلزم مخزوناً نارياً كبيراً يضاهي ما لدى الميليشيات من قدرات نوعية زودتها بها إيران خلال الأعوام الماضية، وحول هذا يقول بن بريك إن "التسليح الحقيقي هو إعداد الإنسان وجعل هذا السلاح منضبطاً في الاستخدام، والتسليح النوعي الذي نملكه أكثر من الآليات بالنسبة إلينا يكمن في أن يكون السلاح موجهاً نحو صدر الحوثي لإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة".

وسألته عن مصير شحنة الأسلحة الإيرانية الضخمة المتطورة التي جرى ضبطها على أيديهم قبل ثلاثة أشهر، فرد "سنسخرها للمعركة الوطنية".

ووثق بن بريك علاقتهم مع "التحالف العربي" الداعم للحكومة الشرعية ووصفها بأنها "أصيلة ومنطقية يحكمها المصير المشترك، واليمن لا يمكن أن يترك محيطه العربي ويذهب خلف إيران، ولن نسمح بذلك".

وباعتباره ابن حضرموت، يقول بن بريك إن "هناك كتلة اجتماعية واسعة في حضرموت تتطلع إلى الدولة، وهي تراهن على قيم الدولة ليس بدافع الولاء السياسي، ولكن بتطلعاتها نحو دولة تراها تتحقق كنموذج من خلال المقاومة الوطنية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير