Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تواصل سوق الأسهم السعودية سلسلة التراجعات؟

مؤشر "تاسي" يخسر أكثر من 12% منذ بداية 2025 مسجلاً أدنى مستوياته هذا العام

المؤشر السعودي سجل أحد أعمق التراجعات بين الأسواق العالمية هذا العام (اندبندنت عربية)

ملخص

 320 مليار دولار تبخّرت من القيمة السوقية للأسهم السعودية منذ مطلع 2025 وتراجع النفط والفائدة المرتفعة يشعلان "موجة بيع" تاريخية في بورصة الرياض هذا العام.

تشهد سوق الأسهم السعودية "تداول" واحدة من أكثر فتراتها حساسية على الإطلاق خلال عام 2025، بعدما فقد المؤشر الرئيس "تاسي" زخمه بشكل متدرج منذ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي مسجلاً واحدة من أكبر موجات التراجع بين مؤشرات الأسواق العالمية حالياً.

وترافق هذا الأداء الضعيف مع خروج جزء من المؤسسات الاستثمارية وتراجع ملموس في مستويات السيولة، الأمر الذي رفع من قلق المستثمرين ووسع من دائرة الضغوط البيعية.

وتشير إحصائية جمعتها "اندبندنت عربية"، استناداً لبيانات السوق المالية السعودية إلى أن مؤشر "تاسي" سجل خسائر خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام الحالي بأكثر من 12.4 في المئة، وهو ما وضع بورصة الرياض ضمن قائمة أسوأ البورصات العالمية أداء خلال العام.

مسار سنوي متقلب

إلى جانب الأداء السلبي للتداولات، تعكس مسيرة "تاسي" خلال عام 2025 مساراً متقلباً، ففي نهاية الربع الأول من العام أغلق المؤشر قرب 12415 نقطة، قبل أن يدخل في مرحلة تراجع واضحة خلال الربع الثاني من العام ذاته ليقفل عند نحو 11164 نقطة، فاقداً أكثر من 7.2 في المئة من قيمته.

وفي الربع الثالث، ظهر ارتداد محدود، ليصل المؤشر إلى 11503 نقاط، غير أن البيانات الأخيرة وبنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) أشارت إلى تداول المؤشر حول نطاق 10600 نقطة، مسجلاً أدنى مستوياته السنوية في 2025.

وأشارت البيانات إلى أن أكثر الفترات حساسية في التداول كانت نهاية نوفمبر الماضي عندما تكبدت سوق الأسهم السعودية انخفاضاً شهرياً هو الأعمق منذ بداية العام، بلغ 9.1 في المئة، ما يعادل 1065 نقطة.

وجاء هذا الأداء السلبي نتيجة التراجع الحاد في مؤشرات القطاعات الرئيسة كالبنوك بنسبة 8 في المئة والطاقة بنسبة 5.2 في المئة والمواد الأساسية بواقع 9.2 في المئة والمرافق العامة بأكثر من 18 في المئة.

خسائر سوقية مليارية

تراجعت القيمة السوقية بنحو 668.78 مليار ريال (178.34 مليار دولار) لتستقر عند نحو 8.999 تريليون ريال (2.399 تريليون دولار)، مقارنة بـ 9.668 تريليون ريال (2.577 تريليون دولار) في الشهر السابق.

أما على امتداد الفترة منذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024 وحتى نهاية نوفمبر الماضي، فقدت السوق المالية السعودية أكثر من 1.2 تريليون ريال (320 مليار دولار)، في انعكاس واضح للضغوط الجيوسياسية العالمية والتذبذب الحاد في أسواق السلع والطاقة.

عوامل خارجية وداخلية ضاغطة

أكد متخصصون بسوق الأسهم لـ"اندبندنت عربية"، أن موجة التراجع الحالية للسوق المالية السعودية لا يمكن قراءتها بمعزل عن تداخل العوامل الخارجية والداخلية التي أثرت في السوق خلال الأشهر الماضية، إذ أسهمت التقلبات الجيوسياسية وتذبذب أسعار النفط في زيادة توتر المزاج الاستثماري، بينما لعبت النتائج المالية المتباينة لعدد من الشركات دوراً مباشراً في تراجع الشهية نحو المخاطرة.

وأشار المختصون إلى أن ضعف التدفقات النقدية الجديدة وتراجع السيولة الداخلة للسوق تزامن مع بيئة فائدة مرتفعة عالمياً، الأمر الذي رفع كلفة رأس المال وأثر في قدرة الشركات على التوسع، كذلك دفع المستثمرين – أفراداً ومؤسسات – إلى إعادة النظر في مكونات محافظهم الاستثمارية.

واتفق المتخصصون على أن التقييمات المرتفعة التي اتسمت بها عدة قطاعات خلال الأعوام السابقة جعلت السوق أكثر حساسية لغياب المحفزات القوية، وأصبحت أي إشارة سلبية كافية لبدء حركة بيع واسعة.

وأكدوا أن سياسات الفائدة المرتفعة دفعت كثيراً من المستثمرين إلى إعادة تخصيص أموالهم باتجاه أدوات أقل مخاطرة وأكثر وضوحاً من حيث العائد، مثل أدوات الدخل الثابت، وهو ما أدى إلى زيادة الضغوط على مستويات السيولة في سوق الأسهم وإضعاف قدرة المؤشر على تحقيق موجات ارتداد مستدامة.

ولفتوا إلى أن هذا المسار يأتي ضمن موجة تصحيحية ممتدة بدأت فعلياً مع نهاية الربع الثاني من العام الحالي، عندما تزامن تراجع أسعار النفط مع ضبابية الأسواق العالمية، الأمر الذي أدى إلى تضاؤل التدفقات الاستثمارية الجديدة، وانخفاض واضح في مشاركة المؤسسات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكدوا أن إشارات الضعف المالي لدى قطاعات مؤثرة، بخاصة البتروكيماويات والبنوك، نتيجة تباطؤ الطلب العالمي وارتفاع كلفة التمويل، مشيرين إلى أنه مع غياب نمو واضح في الربحية، أصبحت السوق السعودية أكثر عرضة للبيع عند أي موجة مضاربية أو بيانات خارجية مفاجئة.

ضغوط بيعية

بدوره، يرى المستشار المالي لدى شركة "المتداول العربي" محمد الميموني، أن السوق المالية السعودية شهدت خلال الأسابيع الأخيرة ضغوطاً بيعية مكثفة أدت إلى كسر مستويات دعم محورية، أبرزها 10366 نقطة.

ولفت إلى إن المؤشر يتحرك حالياً في نطاق عرضي يميل إلى الهبوط بسبب غياب المحفزات، مؤكداً أن المؤشرات الفنية تُظهر تشبعاً بيعياً، وعلى رغم ذلك يرى إمكانية حدوث ارتداد محدود في حال ارتفاع السيولة واستقرار أسعار الطاقة.

واعتبر الميموني أن القطاع البنكي ما زال يتداول عند مكررات ربحية مغرية مقارنة بالأسواق الإقليمية والأميركية، لكن ضعف الثقة يحول دون قدرته على قيادة موجة صعود.

تقييمات مبالغ فيها

وأشار نائب رئيس مجلس إدارة شركة "مباشر كابيتال هولدنغ للاستثمارات المالية" إيهاب رشاد، إلى أن الهبوط الحالي نتاج تراجع السيولة وتباطؤ نمو أرباح بعض القطاعات.

وأكد أن جزءاً مهماً من حركة التصحيح يعكس إعادة تسعير بعد فترة شهدت فيها الأسهم تقييمات مرتفعة قياساً بعوائد الشركات.

ولفت إلى أن بيئة الفائدة المرتفعة جعلت أدوات الدخل الثابت أكثر جاذبية، وهو ما أثر في تدفق الأموال إلى الأسهم. وأشار إلى أن المؤسسات اتجهت إلى تقليل الأخطار بصورة منظمة، في حين أظهر سلوك الأفراد درجة أعلى من التردد وعدم القدرة على قراءة الاتجاهات.

ثقة استثمارية

من جانبها، أوضحت المتخصصة المالية مها سعيد، أن العلاقة بين حركة المؤشر العام للسوق السعودية "تاسي" وأسعار النفط العالمية لا تزال علاقة وثيقة، فكلما تراجع النفط تراجعت الثقة الاستثمارية، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من التوزيعات والأرباح مرتبط بأداء قطاع الطاقة.

وأِكدت أن التداولات في عام 2025 جاءت في بيئة فائدة مرتفعة رفعت تكلفة رأس المال وضغطت على توسع الشركات، كذلك جعلت البدائل الاستثمارية الأقل مخاطرة أكثر جاذبية. وترى أن هذا "الثنائي" وهما "النفط والفائدة المرتفعة" شكّلا عاملين مركزيين في تراجع المؤشر العام للسوق المالية السعودية "تاسي" إلى أدنى مستوياته خلال العام الحالي.

يرى المحلل المالي محمود عطا أن ما يحدث في السوق السعودية هو موجة تصحيحية جاءت بعد سنوات من الصعود، مشيراً إلى أن السوق عادت إلى مناطق سبق أن ارتدت منها بقوة. ويعتقد عطا أن القطاع البنكي تحديداً مر بمستويات صعبة منذ عام 2024، لكن الأداء الحالي يعكس حركة تصحيحية أكثر منه تغييراً هيكلياً، متوقعاً تحسناً تدريجياً إذا تحسنت السيولة وهدأت تذبذبات النفط.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة