ملخص
بعد شهرين على إعلان ترمب خطته للسلام التي تتضمن نشر قوة دولية لتأمين قطاع غزة، بدأت بعض الدول مراجعة موقفها تجاه إرسال بعثات عسكرية، وسط مخاوف من الاضطرار إلى استخدام القوة ضد الفلسطينيين.
تواجه خطة السلام الأميركية في غزة عقبات متزايدة من أبرزها انحسار التوافق حول تشكيل القوة الدولية، فبعد شهرين على إعلانها، بدأت بعض الدول مراجعة موقفها تجاه إرسال بعثات عسكرية، وسط مخاوف من الاضطرار إلى استخدام القوة ضد الفلسطينيين، وفق صحيفة "واشنطن بوست".
كانت إندونيسيا من أولى الدول التي أعلنت دعمها لخطة الرئيس ترمب وتعهدت إرسال 20 ألف جندي، لكنها اليوم باتت تفكر في إرسال قوة أصغر بكثير، في حين أعادت أذربيجان تقييم موقفها في شأن المساهمة في القوة الدولية، ولم تعلن أية دولة عربية حتى الآن التزامها التزامها بالمشاركة.
وتشكل "قوة الاستقرار الدولية" مكوناً رئيساً من خطة ترمب التي حظيت بدعم مجلس الأمن الدولي خلال الـ17 من نوفمبر الجاري، وحصلت على تفويض منه بنزع سلاح "حماس" في غزة وتأمين حدودها وحماية المدنيين، لكن حتى الآن لم تتضح الدول المساهمة. وفيما يكتنف الغموض شكل القوة الدولية، لم يتضح بعد شكل "مجلس السلام" برئاسة ترمب، ومَن الأعضاء، ومتى سيبدأ الإشراف على القطاع.
الاشتباكات تعمق المخاوف
تردد الدول إزاء المساهمة ضمن القوة الدولية نابع من الغموض في شأن آلية مصادرة أسلحة "حماس"، التي لم توضح بعد موقفها في شأن تسليم السلاح. ومما عمق مخاوف هذه الدول هو استمرار الاشتباكات والغارات الإسرائيلية الجوية، على رغم وقف إطلاق النار المبرم خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. هذه الهواجس تجلت ضمن ما صرح به مسؤول داخل وزارة الخارجية الإندونيسية، قائلاً "يريدون من قوة الاستقرار الدولية أن تدخل غزة وتعيد، حسب تعبيرهم، النظام والقانون، وأن تقوم بنزع سلاح أية مقاومة. وهنا تكمن المشكلة، إذ لا أحد يريد أن يقوم بذلك".
تسعى أميركا وفق الصحيفة إلى تشكيل القوة من ثلاث ألوية، أو ما يصل إلى 15 ألف جندي، وقد يبلغ قوامها 20 ألفاً. وبمجرد موافقة الدول المشاركة يتوقع أن تستغرق ترتيبات النقل والتجهيز وتدريب القوات أسابيع عدة في الأقل. ووفق مسؤول أميركي، فإن الهدف هو نشر القوة بداية عام 2026، مضيفاً أن "الالتزامات قيد الدراسة ولا يمكن لأية دولة أن ترسل قوات من دون فهم دقيق لتفاصيل المهمة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كان الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو صرح خلال سبتمبر (أيلول) الماضي بأن جاكرتا مستعدة لإرسال ما يصل إلى 20 ألف عنصر لحفظ السلام. لكن هذا الرقم يشير إلى إجمال قدرة إندونيسيا على المشاركة في مهام حفظ السلام بصورة عامة وليس في غزة فحسب، وفق ما أكدته وزارتا الدفاع والخارجية. وتستعد إندونيسيا حالياً لإرسال نحو 1200 جندي فقط ضمن مرحلة أولى، بحسب مسؤول داخل وزارة الخارجية، مشيراً إلى أن وصولهم إلى مواقع الانتشار قد يستغرق قرابة ستة أشهر، مضيفاً أن بعض الضباط "مترددون بشدة" في تولي هذه المهمة خشية الانخراط في مواجهات مسلحة مع الفلسطينيين، موضحاً أن دور القوات سيركز على "الصحة والبناء" لا المهام القتالية.
وأعلن قائد الجيش الإندونيسي الجنرال أغوس سوبيانتو هذا الأسبوع أن القوة ستتكون من ثلاثة ألوية بقيادة فريق مدعوم بعناصر جوية وبحرية، دون أن يحدد أعداداً دقيقة. وقال "سنرسل أولاً فريق استطلاع لتقييم الوضع وتحديد أفضل مواقع الانتشار".
مواقع التمركز في غزة
وشملت الدول الأخرى التي أبدت استعداداً لإرسال قوات أذربيجان وباكستان وإيطاليا. وأفادت وكالة "رويترز" هذا الشهر، نقلاً عن مصدر في وزارة الخارجية الأذرية، بأن باكو لن ترسل قوات إلا في حال توقف القتال بصورة كاملة. ولم ترد وزارة الخارجية الأذرية على طلبات التعليق، في حين امتنع مسؤولون باكستانيون عن التعليق.
من جانبه، قال مسؤول حكومي إيطالي رفيع إن إيطاليا "تقيم أنجع السبل للإسهام في هذه القوة"، وتسعى للمشاركة في صياغة تفويضها وقواعد الاشتباك الخاصة بها، مضيفاً أن روما مستعدة لتوسيع برامج تدريب الشرطة الفلسطينية، وتدرس أيضاً المساهمة في عمليات إزالة الألغام.
ومن التساؤلات العالقة وفق "واشنطن بوست" هو نطاق المواقع التي ستنتشر فيها القوة الدولية داخل غزة وما إذا كانت ستبقى داخل المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية أو ستدخل إلى المناطق التي لا تزال "حماس" تنشط فيها. وتظهر مذكرة داخلية للجيش الإندونيسي، وزعت منتصف أكتوبر الماضي أن خيار نشر القوات داخل مناطق خارج السيطرة الإسرائيلية قيد الدراسة.
ولم يحسم بعد ما إذا كان يتوقع من القوة الدولية حماية المناطق المدنية الآمنة التي يجري التخطيط لها في الجزء المتبقي من غزة الخاضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، وستتكون هذه المناطق المقترحة وفق مسؤول أمني إسرائيلي من بلدات تضم مكاتب حكومية ومخابز وأماكن عمل، وتهدف إلى أن تكون "مواقع تجريبية" تشجع الفلسطينيين على الانتقال إليها وتستقطب مساهمة دولية في جهود إعادة الإعمار.