ملخص
بعثت الولايات المتحدة المسودة لمجلس الأمن لإقامة القوة الدولية في غزة وبدء العمل على تجهيز إدارة نظام جديد وتدريب شرطة فلسطينية، ويتوقع مناقشتها في الأيام القريبة بين دول مجلس الأمن بهدف طرحها للتصويت خلال الأسابيع المقبلة.
مع بدء العد التنازلي لدخول القوة الدولية إلى غزة والجهود الأميركية والدولية الحثيثة لضمان الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس دونالد ترمب، اتخذت إسرائيل قرارات تصعيدية تجاه القطاع تحت ذريعة عدم تفكيك سلاح "حماس" والتباطؤ في إعادة بقية رفات الرهائن.
ويستهدف التصعيد إسرائيلي العودة لعمليات اغتيال مركزة ووضع خطة لمناورة برية في المناطق التي تدعي حكومة بنيامين نتنياهو أن "حماس" تعمل على تعزيز قدراتها العسكرية فيها، وتزامنت هذه القرارات التي اتخذت خلال اجتماع تقييم للوضع في غزة مع الكشف عن تفاصيل مسودة اقتراح قرار إقامة القوة الدولية المخطط أن تعمل في القطاع لمدة لا تقل عن عامين.
وبعثت الولايات المتحدة المسودة لمجلس الأمن لإقامة القوة الدولية في غزة وبدء العمل على تجهيز إدارة نظام جديد وتدريب شرطة فلسطينية، يتوقع مناقشتها خلال الأيام القريبة بين دول مجلس الأمن بهدف طرحها للتصويت خلال الأسابيع المقبلة، على أن يجري نشر أول جنود القوة الدولية ابتداء من يناير (كانون ثاني) 2026.
وبموجب مسودة الاقتراح ستحظى الولايات المتحدة ودول أخرى تشارك في القوة الدولية بتفويض واسع للسيطرة على غزة وتوفير الأمن حتى نهاية عام 2027، مع إمكان التمديد، وتنص المسودة على أن "قوة الاستقرار الدولية" (ISF) ستنشر في غزة تحت قيادة موحدة تكون مقبولة من مجلس السلام، وستجري إقامة القوة ونشاطها بالتنسيق والتشاور الوثيق مع مصر وإسرائيل.
ونقل عن مسؤول أميركي قوله إن (ISF) ستكون قوة تنفيذ موقتة وليست قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، مما يعني أنه ستكون لها صلاحيات تنفيذية وليست مجرد قوات مراقبة دولية.
والمسودة التي جرى تداولها في إسرائيل تشمل ضمن أمور أخرى انسحاباً كلياً للجيش من القطاع، وستطرح للنقاش خلال اجتماع للـ "كابينت" الخميس المقبل، إضافة إلى بحث ملف لبنان والتطورات الإقليمية.
وبحسب ما جاء في المسودة فسيلزم الجيش الإسرائيلي بالانسحاب من القطاع تدريجياً، وهو ما لم ترض به إسرائيل، ورأى أكثر من مسؤول إسرائيلي اليوم الثلاثاء أن مسودة اقتراح القرار في غير مصلحة تل أبيب ولا تضمن أمنها مستقبلاً.
وبحسب مسودة الاقتراح سيبدأ الجيش الإسرائيلي إنهاء عملياته في القطاع تدريجياً ثم انسحابه من قطاع غزة خلال فترة الانتقال التي ستعمل فيها القوة الدولية، على أن تكون السلطة الفلسطينية في المرحلة الانتقالية قد أجرت إصلاحات تمكنها من إدارة القطاع مستقبلاً.
وفق المحلل السياسي براك رابيد فإن المسودة تشمل تفصيلاً عن عمل ونشاط "قوة الاستقرار الدولي" والتي ستخضع مباشرة لـ "مجلس السلام الدولي" الذي سيترأسه الرئيس الأميركي دونالد ترمب وستجلس فيه شخصيات رفيعة من دول مختلفة.
وجاء في المسودة أن "القوة ستساعد في تأمين مناطق الحدود بين غزة ومصر وبين غزة وإسرائيل، وستعمل على تثبيت البيئة الأمنية في القطاع عبر ضمان عملية نزع السلاح، بما في ذلك تدمير البنى التحتية العسكرية والهجومية لـ 'حماس' والتنظيمات المسلحة، ومنع إعادة بنائها وكذلك تفكيك دائم للسلاح من المنظمات المسلحة غير الحكومية".
وإضافة إلى ذلك "ستحمي القوة أيضاً المدنيين، بما في ذلك في إطار عمليات المساعدة الإنسانية، وستدرب القوة الدولية وتوافر الدعم لقوات الشرطة الفلسطينية التي ستعمل في غزة بعد أن تمر بعملية فرز وفحص وموافقة"، بحسب رابيد الذي أشار إلى أنه "من ضمن مهمة القوة الدولية التنسيق مع دول ذات صلة لضمان ممرات إنسانية، وستنفذ مهمات إضافية وفق ما يتطلب الأمر، لدعم تنفيذ الاتفاق في غزة".
ويقول مقترح المسودة إن "مجلس السلام" سيكون مسؤولاً عن "مراقبة ودعم لجنة فلسطينية تكنوقراطية وغير سياسية مكونة من مهنيين فلسطينيين مؤهلين من القطاع، وستكون مسؤولة عن إدارة الخدمات العامة والإدارة اليومية في غزة".
ووفق ما هو مخطط فسيجري تقديم المساعدات الإنسانية لغزة عبر منظمات تعمل مع "مجلس السلام" ومن بينها الأمم المتحدة والصليب الأحمر والهلال الأحمر، وعلى رغم ما توضحه مسودة الاقتراح من أن أي منظمة تثبت أنها مسؤولة عن نقل مساعدات إنسانية لمجموعات مسلحة فستمنع من الاستمرار بالعمل في غزة.
خلافات إسرائيلية حول مسلحي "حماس"
من جهتها عدت إسرائيل، وعبر أكثر من مسؤول، أن تطبيق هذه الخطة سيبقي الوضع الأمني في الجبهة الجنوبية متوتراً وأنها لا تضمن أمناً مستقبلياً لسكانها في الجنوب ولا الحدود الإسرائيلية، وشدد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على تمسكه بموقف نزع سلاح "حماس" مع إحباط أية تهديدات ضد القوات الإسرائيلية، وفق تعبيره، بينما الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته وعمله داخل القطاع، وعلى طول الخط الذي يقسم غزة إلى نصفين، وفق خطة ترمب، يقوم الجيش بتسيير نقاط مراقبة قائمة وإقامة أخرى جديدة، محاطاً بأسلاك شائكة وسواتر رملية.
وبينما كانت إسرائيل قد سمحت لعناصر "حماس" بدخول منطقة الخط الأصفر للبحث عن رفات الرهائن الباقية تحت مراقبة جوية مكثفة، شهدت تل أبيب خلافات ونقاشات داخل الحكومة والمؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية حول إمكان السماح لـ 200 مسلح بقوا في منطقة خاضعة لسيطرة الجيش بعبور الخط الأصفر إلى منطقة خاضعة لسيطرة الحركة في مقابل نزع سلاحهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وثارت موجة غضب في الساحة السياسية الإسرائيلية فأعربت أوساط عسكرية عن معارضة شديدة للقرار، وطالبت بربط أي تحرك بإطلاق فوري لجثامين الأسرى الباقية، فيما أعلن مكتب رئيس الحكومة أنه قرر في النهاية إبقاء المسلحين داخل النطاق الخاضع لسيطرة الجيش.
عودة الاغتيالات
وتعتبر إسرائيل أن عدم إعادة "حماس" بقية الجثث خرق لاتفاق وقف النار، وقد أعلن أكثر من مسؤول أن "الصبر لدى المستوى السياسي قريب من الانفجار"، وتحت هذه الذريعة بحثت اتخاذ خطوات عدة منها العودة للاغتيالات المستهدفة والمناورة البرية بهدف توسيع المساحة التي يسيطر عليها الجيش، وتقليص المساعدات الإنسانية والسيطرة على مساحات فلسطينية إضافية إلى ما وراء السيطرة على 54 في المئة.
وبحسب جهات في جهاز الأمن فإن الأميركيين يعارضون أي مساس بالمساعدات الإنسانية، وهناك تقديرات أن المستوى السياسي قريب من بدء عمليات الاغتيالات ومن ثم المرحلة التالية بشن مناورة برية إضافية للسيطرة على مناطق إضافية، وفي مقابل هذا ومع الكشف عن مسودة الاقتراح المقدمة لمجلس الأمن الدولي، والتي تمثل خطوة متقدمة في تنفيذ خطة ترمب، تعمل جهات سياسية إسرائيلية على عرقلة انطلاق المرحلة الثانية وتأجيل دخول القوة متعددة الجنسيات.