Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معضلة نزع السلاح: إسرائيل تتمسك بتدمير غزة “حتى آخر نفق”

ترجح الوقائع والتحليلات احتمال تقسيم القطاع إلى منطقتين واحدة تديرها "حماس" وأخرى تسيطر عليها تل أبيب

على رغم هشاشة الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ الشهر الماضي تنذر إسرائيل بعودة الحرب (رويترز)

ملخص

في وقت تواصل فيه الولايات المتحدة قيادة جهود مكثفة لتشكيل قوة مستعدة لتنفيذ مهمة نزع السلاح من غزة، يعمل الجيش الإسرائيلي على بلورة خطة طوارئ بغزة في حال انهيار وقف النار في القطاع، فالخلافات حول تشكيل القوة الدولية ونزع سلاح "حماس" مستمرة، والانتقال للمرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لا يزال مجمداً.

بينما ينهمك محمد يسري (35 سنة) في لملمة بعض الأخشاب وإشعالها داخل خيمته المتهالكة بسبب مياه الأمطار لتدفئة طفليه حديثي الولادة، تشعل إسرائيل حرباً نفسية في أعصاب الغزاويين، فبعد أن تنفسوا الصعداء، على رغم هشاشة الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ الشهر الماضي، نحو سلام مستدام وإعادة إعمار، تنذر إسرائيل بعودة الحرب.

وفي وقت تواصل فيه الولايات المتحدة قيادة جهود مكثفة لتشكيل قوة مستعدة لتنفيذ مهمة نزع السلاح من غزة، يعمل الجيش الإسرائيلي على بلورة خطة طوارئ بغزة في حال انهيار وقف النار في القطاع، فالخلافات حول تشكيل القوة الدولية ونزع سلاح "حماس" مستمرة، والانتقال للمرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لا يزال مجمداً.

وبينما يتصاعد الجدل داخل غزة وخارجها حول مستقبلها وترتيبات اليوم التالي، يحذر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زمير من أن الجيش مستعد للعودة للقتال على أية جبهة، وسيستخدم "قوة أكبر بكثير" مما استخدمه في العامين الماضيين من الحرب، ويؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن موقف حكومته الرافض لإقامة دولة فلسطينية لا يزال ثابتاً، وأنه ماض في خطة عسكرية لنزع سلاح "حماس" داخل مناطق سيطرتها، سواء كان ذلك "بالطريقة السهلة أم الصعبة"، بحسب وصفه.

تلك التصريحات التي تؤكد نية إسرائيل المبيتة اللجوء للعنف مجدداً تلقي ظلالاً كبيرة من الشك على مستقبل الاتفاق الذي تطلب الوصول إليه أشهراً طويلة وعشرات آلاف القتلى الفلسطينيين، فضلاً عن الدمار الهائل في المباني والبنية التحتية، وتدعو المرحلة الثانية من الخطة الأميركية، التي تتناول مستقبل غزة على المدى الطويل، إلى جعل القطاع منزوع السلاح، تحت إشراف قوة عسكرية دولية تهدف إلى حفظ السلام في غزة.

وفي ضوء الصعوبات التي تعتري الخطة الأميركية وما يحمله الاتفاق في طياته من مواضيع معقدة تشكل بيئة خصبة للخلاف والصدام السياسي من جديد، تنص على نزع سلاح الفصائل الفلسطينية في غزة وتفكيك البنى التحتية لها، وخصوصاً الأنفاق، وربط استكمال انسحاب الجيش من القطاع بإنجاز ذلك، وضمانة ألا تشكل غزة تهديداً لإسرائيل، مع تمكين القوات الدولية من السيطرة على القطاع، لتأمين الحدود ومنع إدخال الأسلحة، تربط "حماس" والفصائل الفلسطينية في غزة بين وجود السلاح وقيام الدولة الفلسطينية، وتعتبران هذا الملف مركزياً لاستكمال الخطة التي تعمل الإدارة الأميركية على دفعها قدماً في مجلس الأمن.

خلاف جوهري

ومع تعثر الجهود الرامية إلى المضي قدماً في تنفيذ خطة الرئيس الأميركي ترمب وتأسيس سلطة انتقالية ونشر قوة أمنية متعددة الجنسيات، ترجح الوقائع والتحليلات احتمال تقسيم غزة بين منطقة تديرها "حماس" وأخرى تسيطر عليها إسرائيل في أكثر من نصف مساحة القطاع.

ولأن نزع السلاح كان هدفاً استراتيجياً لإسرائيل من اللحظة الأولى لاشتعال الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ترفض تل أبيب الحديث المتزايد عن احتمال تخلي الولايات المتحدة عن مطالبة الحركة بنزع سلاحها لصعوبة حشد قوة دولية لدخول القطاع، والانتقال مباشرة إلى مرحلة إعادة إعمار "غزة الجديدة"، وهي المنطقة الواقعة داخل الخط الأصفر التي تنوي إعادة اعمارها أولاً.

 

 

وكشفت القناة "13" الإسرائيلية عن وجود خلافات جوهرية في الرأي بين تل أبيب وواشنطن وأن المحادثات بينهما في شأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة وصلت إلى طريق مسدود، مؤكدة أن إسرائيل تصر على أن خطة ترمب لقطاع غزة لا يمكن أن تتقدم أكثر ما لم يجر نزع سلاح "حماس".

وفي ظل التهديدات الإسرائيلية التي جاءت قبيل التصويت المتوقع بهذا الشأن في مجلس الأمن الدولي أمس الإثنين، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الحكومة الإسرائيلية تقوم بتحركات من أجل أن يكون تفويض مجلس الأمن للقوة المرتقب نشرها في قطاع غزة واسعاً، عبر تطبيق إحلال السلام حتى باستخدام القوة وليس حفظ السلام، خصوصاً وأن تشكيلها لا يتطلب موافقة كل الأطراف.

القوة الدولية وفق البند السابع من الخطة الأميركية التي تتضمن 20 بنداً، تملك الحق في تطبيق النظام والأمن بالقوة العسكرية، وأن تستخدم السلاح للحفاظ على المدنيين مع تجريد المجموعات المسلحة من أسلحتها، فضلاً عن منحها تفويضاً للقيام بمبادرات على الأرض لمنع أي تصعيد، وهو ما رفضته "حماس" جملة وتفصيلاً، إذ أعلنت في بيان نشر أخيراً، رفضها أي بند يتعلق بنزع سلاح غزة أو المساس "في حق الشعب الفلسطيني في المقاومة"، واعتبرت أن أي وجود عسكري أجنبي داخل قطاع غزة "محاولة لإخضاعه للسلطة الدولية، ويشكل انتهاكاً للسيادة الفلسطينية".

ترتيبات أمنية

وبين رفض "حماس" المطلق حتى الآن الموافقة على مسألة نزع السلاح، وإصرار إسرائيل على ضرورة نزعه بالقوة قبل أن تتمكن خطة ترمب من المضي قدماً، حذر ثلاثة خبراء دوليين في حفظ السلام من أن أية محاولة لفرض نزع سلاح حركة "حماس" بالقوة في غزة ستقود إلى "كارثة مؤكدة" وستقضي على اتفاق وقف إطلاق النار.

وترى المديرة التنفيذية لمبادرة "مبادئ السلام" هيبا قصاص، إلى جانب وزير خارجية هولندا السابق قائد سابق لبعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام في ساحل العاج ومالي بيرت كوندرز، والفريق أول بالجيش الهولندي سي جي (كيس) ماتييسن الذي خدم سابقاً في أفغانستان والعراق والبوسنة والهرسك، في مقالة تحليلية مشتركة بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن هذه المحاولة "ستعيد المنطقة للحرب"، ويؤكد الثلاثة أن مفتاح المرحلة المقبلة هو "إنشاء بعثة دولية لتحقيق الاستقرار ذات تفويض واضح وشامل، يجمع بين الأمن والسياسة والإغاثة وحماية المدنيين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بموازاة ذلك، نقلت الصحيفة أخيراً عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إنها أوصت بضرورة إدخال قوة هندسية دولية متخصصة توكل إليها مهمة تدمير هذه الأنفاق في غزة بصورة كاملة، بعد تأكيدات أمنية وعسكرية إسرائيلية بأن القوات الأممية لن تكون قادرة على تدمير شبكة الأنفاق الواسعة في قطاع غزة بصورة فعالة.

وبحسب الصحيفة، فإن المصادر العسكرية الإسرائيلية تتوقع ازدياد صعوبة مهمة تدمير الأنفاق إذا لم تدرج تكنولوجيا متقدمة ووحدات هندسية متخصصة في الخطة الدولية لإدارة الأمن وإعادة الإعمار في غزة، مشيرة إلى أن كلفة الزمن والموارد المطلوبة قد تكون كبيرة، وربما تمتد لسنوات.

وبحسب تصورات مستشار الأمن القومي الأميركي السابق مايكل فايفل، فإن الحديث عن خروج إسرائيل من القطاع وإلقاء "حماس" للسلاح "يسهل قوله، لكن تنفيذه سيكون أمراً صعباً".

مناورة واسعة

وعلى رغم مرور نحو عامين على اندلاع الحرب، أكد مصدر عسكري إسرائيلي لشبكة "سي إن إن" الأميركية، أن الجيش لا يزال يجهل العدد الدقيق لمقاتلي "حماس" الموجودين داخل مدينة غزة، وأوضح المصدر أن الجيش الاسرائيلي لم يتمكن حتى الآن من تنفيذ مناورة واسعة داخل المدينة، وهو ما يجعل المعركة المقبلة شديدة التعقيد.

 

 

وعلى حد وصف عسكري إسرائيلي رفيع المستوى، فإن شبكة أنفاق "حماس" أشد تعقيداً مما كان متوقعاً، إذ تضم مقار استراتيجية وأنفاقاً تكتيكية تستخدم للحركة السريعة وشن هجمات مفاجئة.

وفي أكتوبر الماضي، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن نحو 60 في المئة من أنفاق "حماس" في غزة لا تزال سليمة، إلا أنه عاد منذ أيام ليؤكد أن جهود الجيش الإسرائيلي لهدم الأنفاق على الجانب الإسرائيلي مما يعرف بـ"الخط الأصفر" في قطاع غزة "تسير على ما يرام" من خلال التفجيرات، أو عن طريق ملء وضخ الخرسانة السائلة في الأنفاق في جميع المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش، معلناً استعداد الجيش للاستيلاء على أراض إضافية في القطاع، تتجاوز الخط الأصفر، إذا لزم الأمر.

وفي خضم هذه التطورات التي يتصاعد فيها قلق الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من ترك "غزة القديمة" غرب "الخط الأصفر"، إذ يعيش نحو مليوني فلسطيني تحت سيطرة "حماس" ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن الولايات المتحدة أبلغت بوضوح في ضمن محادثات أمنية، تحميل إسرائيل مسؤولية الجوانب الإنسانية هناك، في وقت لا توجد أية قوة دولية مستعدة للعمل".

ووفق ما أفادت به القناة "12" الإسرائيلية أخيراً أوصى الجيش في إطار ترتيبات أمنية مستقبلية للقطاع، بعدم السماح بعودة السكان الفلسطينيين للمنطقة العازلة التي أقامها على طول حدود القطاع منذ بدء الحرب.  

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير