ملخص
بين عامي 2020 و2023، جاءت 70 في المئة من واردات الولايات المتحدة من مركبات ومعادن العناصر الأرضية النادرة من الصين.
للحرب التجارية الأميركية مع الصين نقطة خلاف رئيسة حول المعادن الأرضية النادرة، فقد شددت الصين قيودها على صادراتها من المعادن الأرضية النادرة، مما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى التهديد برد اقتصادي، والتلميح إلى أنه سيلغي اجتماعاً مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال زيارته المقبلة إلى آسيا.
يعود الصراع على المعادن الأرضية النادرة إلى ما قبل الإدارة الأميركية الحالية، فقد عززت الصين لأعوام سيطرتها شبه الكاملة على المعادن كجزء من سياستها الصناعية الأوسع.
وتعد القيود الصينية أيضاً رداً على "الرسوم الجمركية المتبادلة" التي فرضها دونالد ترمب على السلع الصينية خلال أبريل (نيسان) الماضي، لكن بعد الاتفاق على هدنة تجارية في جنيف، توقع المسؤولون الأميركيون أن تخفف الصين قيود التصدير على تلك المعادن.
ما المعادن النادرة وهل هي "نادرة" بالفعل؟
تشمل المعادن النادرة 17 عنصراً معدنياً في الجدول الدوري، تتكون من السكانديوم والإتريوم واللانثانيدات.
ويعد اسم "المعادن الأرضية النادرة" خاطئاً بعض الشيء، إذ تنتشر هذه المعادن في جميع أنحاء قشرة الأرض، وعلى رغم وفرتها فإن استخراجها ومعالجتها صعب ومكلف، كما أنها ضارة بالبيئة.
وينتشر استخدام المعادن الأرضية النادرة في كل مكان ضمن التقنيات اليومية، من الهواتف الذكية إلى توربينات الرياح إلى مصابيح "ليد" وأجهزة التلفزيون ذات الشاشات المسطحة، كما أنها ضرورية لبطاريات السيارات الكهربائية، إضافة إلى أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي وعلاجات السرطان.
تعد المعادن الأرضية النادرة ضرورية أيضاً للجيش الأميركي، إذ تستخدم في طائرات "أف-35" المقاتلة والغواصات وأجهزة الليزر، والأقمار الاصطناعية وصواريخ توماهوك وغيرها، وفقاً لمذكرة بحثية صادرة عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "سي أس أي أس" عام 2025.
من أين تأتي المعادن الأرضية النادرة؟
وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، يأتي 61 في المئة من إنتاج المعادن الأرضية النادرة المستخرجة من الصين، وتسيطر البلاد على 92 في المئة من الإنتاج العالمي في مرحلة المعالجة.
وهناك نوعان من المعادن النادرة، مصنفان بحسب أوزانهما الذرية (الثقيلة والخفيفة)، المعادن النادرة الثقيلة أكثر ندرة، والولايات المتحدة لا تملك القدرة على فصلها بعد استخراجها.
وضمن مذكرة بحثية حديثة، قالت مديرة برنامج أمن المعادن الحيوية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية غريسلين باسكاران "حتى بداية العام، كنا نرسل جميع المعادن النادرة الثقيلة التي استخرجناها من كاليفورنيا إلى الصين لفصلها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع ذلك، فإن إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية باهظة على الصين خلال أبريل (نيسان) الماضي، عرقل هذه العملية.
وقالت إن "الصين أبدت استعدادها لاستغلال اعتماد أميركا عليها في فصل المعادن الأرضية النادرة كسلاح".
وللولايات المتحدة منجم واحد عامل للمعادن الأرضية النادرة في كاليفورنيا، وفقاً لما ذكرته باسكاران.
ما أهمية المعادن النادرة في الحرب التجارية؟
تستخدم بكين المعادن الأرضية النادرة كورقة ضغط رئيسة في الحرب التجارية، وتأتي قيودها الأخيرة خلال وقت من المقرر أن يلتقي فيه شي وترمب ضمن قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، في كوريا الجنوبية خلال وقت لاحق من الشهر الجاري.
في أحدث خطواتها، أضافت الصين خمسة عناصر أرضية نادرة وهي الهولميوم والإربيوم والثوليوم واليوروبيوم والإيتربيوم، والمغناطيسات والمواد ذات الصلة إلى قائمة عناصرها الخاضعة للرقابة، مما يتطلب تراخيص تصدير.
وبذلك، يصل إجمال عدد العناصر الأرضية النادرة المحظورة إلى 12 عنصراً، وستطلب الصين تراخيص لتصدير تقنيات تصنيع العناصر الأرضية النادرة إلى خارج البلاد.
هذه ليست المرة الأولى العام الحالي التي تغضب فيها القيود الصينية على العناصر الأرضية النادرة الرئيس ترمب.
فخلال يونيو (حزيران) الماضي، كتب ترمب على منصة "تروث سوشيال" أن "الصين انتهكت هدنة تجارية، إذ أبقت بكين على ضوابط تصدير سبعة معادن أرضية نادرة ومنتجات مرتبطة بها".
قد يكون لضوابط التصدير تأثير كبير، نظراً إلى اعتماد الولايات المتحدة بصورة كبيرة على الصين في مجال العناصر الأرضية النادرة. فبين عامي 2020 و2023، جاءت 70 في المئة من واردات الولايات المتحدة من مركبات ومعادن العناصر الأرضية النادرة من الصين، وفقاً لتقرير هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
لكن القيود الأخيرة التي فرضتها الصين تعد تصعيداً كبيراً في الحرب التجارية التي يشنها ترمب بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم. ويوم أمس الجمعة، كتب ترمب على موقع "تروث سوشيال"، "بناءً على ما تقوله الصين في شأن "الأمر العدائي" الذي أصدرته للتو، سأضطر، بصفتي رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، إلى مواجهة تحركهم مالياً"، مضيفاً "مقابل كل عنصر تمكنوا من احتكاره، لدينا عنصران".