ملخص
إن ما حدث خلال العقدين الأخيرين لا يشير فقط إلى فشل الدبلوماسية الوقائية، بل إلى تحول جذري في خريطة الأمن الإقليمي داخل الشرق الأوسط. أفرز هذا التحول فراغات سياسية وأمنية، أسهمت في صعود قوى لا دولانية مثل "داعش"، و"الحوثي"، و"حزب الله"، و"الميليشيات العراقية" وغيرت معايير التدخل الدولي من حيث الشرعية والفاعلية.
شهدت فترة التسعينيات بروز مفهوم "الدبلوماسية الوقائية" بوصفها أداة رئيسة في السياسة الدولية، بخاصة في ظل انتهاء الحرب الباردة، وتنامي الأزمات الإقليمية. تبنت الأمم المتحدة، خصوصاً في عهد الأمين العام بطرس بطرس غالي، هذا النهج لمحاولة منع النزاعات قبل تفجرها، لكن النتائج لم تكن على قدر التطلعات.
تشير وثيقة بريطانية سرية مؤرخة في الـ22 من سبتمبر (أيلول) 1994 إلى مذكرة داخلية تناول كاتبها ثلاثة نماذج لما سمّاه "الدبلوماسية الوقائية" في منطقة الشرق الأوسط، ضمن نطاق اهتمامه الوظيفي. المذكرة، الموجهة إلى قسم الأخبار بدائرة الإعلام الخارجية، تستعرض بإيجاز كيفية استخدام الوسائل الدبلوماسية كأداة للردع والتأثير الإيجابي في سلوكيات بعض الأنظمة المعروفة آنذاك بعلاقتها المتوترة مع الغرب، لا سيما بريطانيا.
لم يقدم كاتب المذكرة تعريفاً صريحاً للدبلوماسية الوقائية، لكنه ضمنياً يشير إلى أنها تلك الجهود المكثفة السلمية والدبلوماسية التي تبذل بغرض منع نشوب نزاعات أو ردع سلوك عدائي محتمل من قبل أنظمة، ينظر إليها على أنها تهديد للأمن الإقليمي أو الدولي.
من العراق إلى سوريا وليبيا
في أعقاب حرب الخليج الثانية (1990-1991)، بذلت الأطراف الدولية، على رأسها بريطانيا جهوداً مكثفة في إطار الأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية، لاحتواء النظام العراقي بقيادة صدام حسين. ووصفت هذه الجهود بأنها "دبلوماسية وقائية" تهدف إلى منع النظام من استئناف نشاطاته العسكرية أو تهديداته لجيرانه، بخاصة في ظل استمرار فرض العقوبات الاقتصادية ومتابعة برامج أسلحة الدمار الشامل.
بالعودة إلى عام 1986، تشير المذكرة إلى أن تحركاً دولياً ضد سوريا، على خلفية تورطها المفترض في أعمال إرهابية، أدى إلى تغيير ملموس في نهجها السياسي. وأبرز دليل على هذا التحول، وفقاً للمذكرة، أن سوريا لم تُتهم بعد ذلك بتنفيذ أو دعم أية هجمات إرهابية تستهدف مصالح غربية. وهذا ما يعد من منظور الدبلوماسية الوقائية نجاحاً نسبياً في كبح السلوك العدائي من دون اللجوء إلى تدخل عسكري مباشر.
تقدم هذه المذكرة لمحة عن الكيفية التي تبنت بها الدبلوماسية البريطانية خلال حقبة التسعينيات مبدأ "الوقاية خير من التدخل"، خصوصاً في بيئة دولية متغيرة أعقبت نهاية الحرب الباردة. عبر ممارسة ضغوط ذكية ومتدرجة على أنظمة مشاكسة، كالعراق وليبيا وسوريا، سعت بريطانيا إلى تشكيل بيئة إقليمية أكثر استقراراً، مستفيدة من أدوات غير عسكرية تراوحت ما بين العزلة السياسية والعقوبات الاقتصادية والمقاطعة الدبلوماسية.
شهدت ليبيا، في ظل حكم العقيد معمر القذافي، ضغوطاً دبلوماسية متواصلة بعد تورطها المزعوم في عدد من أعمال الإرهاب الدولي، أبرزها تفجير طائرة "بان أميركان" فوق لوكربي عام 1988. وتشير الوثيقة إلى أن الضغوط الدولية التي شملت عقوبات الأمم المتحدة ومساعي دبلوماسية بريطانية، أسهمت في "تعديل عام" في سلوك النظام الليبي. بمعنى آخر، لم تقتصر النتيجة على تراجع دعم ليبيا للجماعات المسلحة، بل امتد التأثير ليشمل لهجة أكثر اعتدالاً في السياسة الخارجية الليبية عموماً.
ويتحدث تقرير دبلوماسي من قسم المصالح البريطانية في طرابلس عن الأوضاع داخل ليبيا لشهر سبتمبر 1994 قائلاً إن ليبيا شهدت فترة من الهدوء النسبي، لكن هذا الهدوء لم يخل من مؤشرات سياسية واجتماعية ذات دلالات مهمة، تزامنت مع استمرار الاحتفالات بالذكرى الـ25 لثورة الفاتح من سبتمبر. وفي هذا الإطار، استمرت القيادة الليبية بقيادة العقيد معمر القذافي في طرح المبادرات، وتوجيه الرسائل الإقليمية والتعامل مع تحركات داخلية وخارجية، بعضها ظاهر وبعضها الآخر مجرد إشاعات قوية التداول.
بعد الفعاليات الكبرى التي ميزت الذكرى السنوية للثورة، خف الزخم السياسي والإعلامي، لكن أجواء الاحتفال استمرت عبر فعاليات متواضعة في مناطق متفرقة من البلاد. فجري افتتاح مقسم هاتفي جديد في مصراتة، ومصنع أعلاف في منطقة الأبيار، ومركز معلومات للطيران المدني في بنينة. ونظمت أمسية شعرية في زليتن، وافتتحت مصانع جديدة لإنتاج أشرطة الفيديو والمعكرونة في بنغازي. وعكست هذه النشاطات محاولة للحفاظ على حضور رمزي للثورة في تفاصيل الحياة اليومية.
المعسكر الدولي الثالث للشباب
استضافت ليبيا خلال هذا الشهر المعسكر الدولي الثالث للشباب، بمشاركة وفود شبابية من دول أوروبية عديدة، من بينها بريطانيا والولايات المتحدة. وبدا على المشاركين طابع الكشافة، إذ شوهدوا بملابسهم المميزة بأحد الجسور القريبة من الحي الدبلوماسي، في مشهد ذكر بالمحطات التاريخية للقوافل في طرق السفر القديمة. وناقش الشباب خلال المعسكر موضوعات كبرى مثل الديمقراطية وأنظمة الحكم والسلام العالمي، والبيئة والتقدم البشري وتعاطي المخدرات، وهو ما كان ليسعد مؤسس الحركة الكشفية اللورد بادن باول.
تعد الحركة الكشفية واحدة من أكبر الحركات الشبابية العالمية التي تأسست عام 1907 على يد اللورد بادن باول في بريطانيا، وتهدف إلى تنمية مهارات الشباب وتعزيز قيم الانتماء والمسؤولية والقيادة. وتعمل الحركة على بناء جسر بين الشباب من مختلف البلدان لتعزيز التفاهم والسلام.
مبادرة القذافي لعقد قمة عربية
في سياق إقليمي متوتر جراء مسار التسوية العربية-الإسرائيلية، أطلق العقيد القذافي مبادرة جديدة لعقد قمة عربية تهدف إلى "إعادة الروح" للجسد العربي، كما صورها. وكلف أمين الهيئة العامة لمشروع النهر الصناعي العظيم بالترويج للمبادرة في بلدان المغرب العربي، فيما انطلق أمين شؤون الوحدة في جولة شرقاً. غير أن تجاوب العواصم العربية كان فاتراً، إذ رفض الملك حسين ملك الأردن حتى استقبال المبعوث الليبي.
رافقت تلك التحركات الخارجية سلسلة من الإشاعات القوية التي أشارت إلى تغييرات في المناصب العليا داخل الأجهزة الأمنية الليبية. فقد قيل إن عبدالسلام الزادمة خلف عبدالله السنوسي في منصب مدير العمليات بجهاز الأمن الخارجي، وأن موسى كوسا حل محل العقيد يوسف الدبري كرئيس للجهاز ذاته. وأشارت الأحاديث إلى إعادة كل من خويلدي الحميدي والسنوسي إلى مهام عسكرية، إذ تولى الأخير قيادة الحرس الخاص بالقذافي، وهو المنصب الذي شغله لاحقاً يوسف الدبري.
أما عبدالسلام جلود أحد أبرز رموز ثورة الفاتح وأحد أقرب المقربين من معمر القذافي خلال أعوام الحكم الأولى، فقد شاب وضعه كثير من التكهنات والتساؤلات، بخاصة في ظل اختفائه المتكرر عن المشهد العام. وترددت أنباء غير مؤكدة عن سحب جواز سفره كنوع من الإجراء العقابي غير المعلن، في خطوة عدها بعض محاولة لعزله سياسياً دون إثارة ضجة رسمية. وهذه الإشاعات غذت الاعتقاد بوجود خلافات عميقة بينه والقذافي، خصوصاً بعد تراجع نفوذه بصورة ملحوظة داخل أجهزة الدولة، مما فتح الباب أمام تأويلات متعددة في شأن مصيره وموقعه الفعلي داخل السلطة.
على رغم ذلك، تناقضت هذه الروايات مع مشاهدات عينية أفادت بأنه لا يزال موجوداً داخل ليبيا، إذ شوهد أخيراً على أحد الشواطئ بملابس غير رسمية، وبدت عليه البدانة وملامح الشيخوخة، مع نظرة توحي باللامبالاة. ظهوره العابر هذا بدا لكثر صورة رمزية لسقوطه السياسي، فهو الذي كان يوماً يتحدث باسم الدولة ويتحكم في مفاصلها، بات اليوم معزولاً عن المشهد، لا يحمل من الماضي سوى ظل باهت. هذا التناقض بين الإشاعات المتكررة حول الإقصاء وبين ظهوره العلني الخافت ألقى الضوء على التحولات العميقة في علاقة جلود بالسلطة، وعلى هشاشة المكانة داخل نظام لم يعرف الاستقرار في مراكز القوة.
في مشهد لافت أثار انتباه المتابعين، حضر مصطفى الخروبي أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة المعروف بندرة ظهوره العلني، حفل اليوم الوطني السعودي إلى جانب عدد من كبار المسؤولين الليبيين. هذا الظهور غير المعتاد لخروبي الذي غالباً ما يبتعد من المناسبات الرسمية، عُدَّ مؤشراً رمزياً على وجود تحركات ليبية مدروسة لإعادة ترتيب العلاقات مع السعودية، وأثار هذا الحضور عدداً من التكهنات حول نيات القيادة الليبية لتحسين علاقاتها مع الرياض، خلال وقت تشهد فيه الساحة الإقليمية تحولات دقيقة تتطلب إعادة التموضع السياسي والدبلوماسي.
يأتي هذا التقارب المحتمل في سياق أوسع، إذ يبدو أن ليبيا تسعى إلى كسب دعم عربي، تحديداً خليجي، لمبادراتها في القمة العربية المرتقبة، سواء في ما يتعلق بملفات الوحدة أو تعزيز الدور الإقليمي الليبي. مشاركة شخصية مثل الخروبي في مناسبة ذات طابع سعودي خالص لا تخلو من رسائل مبطنة، خصوصاً أن الرجل ينظر إليه داخل المؤسسة الليبية كأحد حراس الخط الثوري التقليدي، مما يمنح حضوره بعداً تصالحياً مع دول طالما اتهمت بأنها على خلاف أيديولوجي مع "الثورة الليبية".
وإن لم يصدر أي تصريح رسمي في شأن طبيعة هذا التقارب أو فحوى اللقاءات الجانبية التي ربما جرت على هامش المناسبة، فإن مراقبين رأوا في هذا الانفتاح خطوة مدروسة تهدف إلى تبريد التوترات القديمة وفتح قنوات تواصل جديدة، وبخاصة في ظل ما يبدو أنه إدراك ليبي متزايد لأهمية التوازن في العلاقات مع الدول العربية ذات الوزن السياسي والاقتصادي.
من كاليفورنيا إلى برلين
في حادثة لافتة تعكس الطابع الرمزي والدعائي لسلوك النظام الليبي آنذاك، أصدر العقيد معمر القذافي تعليماته بإرسال فريق من الخبراء الليبيين إلى ولاية كاليفورنيا الأميركية للتحقيق في حريق شب بأحد المساجد هناك، وسط تكهنات بتعرضه لعمل عدائي. المبادرة، التي أعلن عنها على نحو رسمي وموسع، قدمت كدليل على اهتمام القيادة الليبية بشؤون الجاليات المسلمة عالمياً، ومحاولة لحماية حقوق المسلمين حتى في أقصى الغرب. غير أن المهمة بدت أشبه باستعراض سياسي، إذ لم تصدر لاحقاً أية تقارير علنية أو نتائج ملموسة، مما عزز الانطباع بأن الخطوة كانت أقرب إلى توظيف رمزي للحدث في إطار سياسة خارجية تسعى لإبراز القذافي كزعيم يتجاوز حدود بلاده.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي السياق ذاته من تضخيم الأدوار الرمزية، رصدت الصحافة الليبية الرسمية ما وصفته بـ"تحقق رؤية القذافي" من خلال انسحاب القوات الغربية من برلين خلال أوائل التسعينيات، مشيرة إلى أن الزعيم الليبي كان دعا إلى هذا الانسحاب صراحة خلال كلمته في قمة دول عدم الانحياز عام 1989. وبالغ الإعلام الليبي في تقديم هذه المصادفة كدليل ساطع على "بعد نظر القائد"، في محاولة لتصوير القذافي صانعاً للسياسات الدولية لا مجرد مراقب. وجرى استخدام هذا الانسحاب، الذي جاء في إطار نهاية الحرب الباردة والتحولات الجيوسياسية الكبرى في أوروبا، لتدعيم خطاب سياسي محلي يروج لفكرة أن ليبيا لا تقف على هامش الأحداث العالمية، بل تسهم في توجيهها.
هاتان الحادثتان، على رغم اختلاف طبيعتهما ومجالهما الجغرافي، تشتركان في كونهما جزءاً من استراتيجية إعلامية أوسع هدفها ترسيخ صورة القذافي زعيماً استثنائياً واسع التأثير، يملك رؤية تتجاوز الحدود القطرية وتتناول قضايا العالم الإسلامي، والنظام الدولي على حد سواء. ومع ذلك، فإن غياب المردود العملي الملموس على الأرض من هذه المبادرات جعل كثراً، داخلياً وخارجياً، ينظرون إليها على أنها أقرب للاستعراض السياسي منها إلى الفعل المؤثر.
إيرلندا الشمالية وهايتي: قراءات أيديولوجية ليبية
تعاملت ليبيا مع إعلان وقف إطلاق النار من قبل الجيش الجمهوري الإيرلندي (IRA) بحذر، معتبرة أن الولايات المتحدة غير راضية عن القرار، بينما اتهمت بريطانيا بدعم البروتستانت. وعبرت هذه الرؤية عن ثبات ليبيا في دعمها السابق للجيش الجمهوري.
أما الوضع في هايتي فقد احتل حيزاً مهماً من اهتمام الصحافة الليبية، التي نددت بالتدخل العسكري الأميركي هناك. ويعود هذا الاهتمام إلى خلفية تاريخية تعود إلى عام 1949، عندما صوت مندوب هايتي لدى الأمم المتحدة ضد تسليم إيطاليا وصاية على طرابلس الغرب، مما مهد لاستقلال ليبيا. ومنح المندوب إميل سان لو الجنسية الفخرية الليبية، وسميت شوارع باسمه وباسم هايتي. لكن تلك الأسماء جرى استبدالها لاحقاً بأسماء مستوحاة من أدبيات الجماهيرية، مثل "الفتح" و"الجماهيرية".
على رغم افتقار سبتمبر 1994 إلى أحداث كبرى أو تحولات دراماتيكية، فإن تفاصيله الصغيرة رسمت صورة مركبة للوضع الليبي، نظام يستعرض إنجازاته ويسعى إلى تجديد حضوره العربي، ويواجه تحديات داخلية أمنية، ويستحضر رموز الماضي في تعليقه على الأحداث العالمية. وكانت تلك فترة "هدوء في الظاهر، واضطراب في العمق"، كأنها فاصل زمني قبل أن تتعالى التحولات خلال الأعوام التالية.
فشل الدبلوماسية الوقائية
تظهر الأحداث التي تلت تسعينيات القرن الماضي أن فكرة الدبلوماسية الوقائية، لم تكن فعالة في احتواء الانهيارات السياسية أو وقف التدخلات العسكرية، لا سيما من جانب الولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي (الناتو). فقد واجهت أربع دول عربية رئيسة (العراق وليبيا واليمن وسوريا) تغييرات جذرية في أنظمتها السياسية بفعل عمليات عسكرية مباشرة أو غير مباشرة، بينما واجهت سوريا مساراً مختلفاً تحول إلى حرب أهلية مركبة الأطراف.
على رغم اعتماد أدوات متعددة خلال التسعينيات، مثل البعثات الأممية والضغط الدبلوماسي والجهود الإقليمية للتهدئة، فإن تلك المبادرات لم تنجح في صد قرارات الحرب التي تبنتها قوى كبرى بحجة حماية الأمن العالمي أو دعم حقوق الإنسان من جانب وإيران التي استغلت الفراغات الأمنية في هذه الدول فرصة لتصدير ثورتها الفاشلة من جانب آخر.
في العراق مثلاً، أدى الاجتياح الأميركي عام 2003 إلى إسقاط نظام صدام حسين بعد اتهامات بامتلاك أسلحة دمار شامل لم تثبت صحتها لاحقاً. وفي ليبيا، استخدمت الأمم المتحدة قرار مجلس الأمن رقم 1973 لعام 2011 كمظلة لتدخل عسكري بقيادة الناتو، أفضى إلى إسقاط نظام القذافي، على رغم نيات القرار الأصلية بحماية المدنيين. أما اليمن، فقد دخلت في دوامة انهيار تدريجي للدولة وأصبح اليمن فريسة سهلة لميليشيات الحوثي المدعومة من إيران.
إن ما حدث خلال العقدين الأخيرين لا يشير فقط إلى فشل الدبلوماسية الوقائية، بل إلى تحول جذري في خريطة الأمن الإقليمي داخل الشرق الأوسط. أفرز هذا التحول فراغات سياسية وأمنية، أسهمت في صعود قوى لا دولانية مثل "داعش"، و"الحوثي"، و"حزب الله"، و"الميليشيات العراقية" وغيرت معايير التدخل الدولي من حيث الشرعية والفاعلية.
وهكذا، يمكن القول إن الدبلوماسية الوقائية بصيغتها البريطانية لم تصمد أمام الواقع السياسي المتغير، بل كانت أضعف من أن تمنع تحول الشرق الأوسط إلى ساحة لتجريب استراتيجيات القوة، لا لتثبيت السلام.