Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سلام ترمب "العظيم" في الشرق الأوسط

لقاء الرئيس الأميركي مع نتنياهو نهاية الشهر سيحدد مسار التطورات في غزة ولبنان وسوريا

ترمب يتحدث إلى الصحافة قبل صعوده على متن طائرة "مارين وان" من الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، 13 ديسمبر 2025 (أ ف ب)

ملخص

نظرية السلام الترمبية لا تخفي معادلاتها. هو الآن يعمل على استثمار وقائع عامين من الحروب الإسرائيلية في ترسيم وقائع جديدة تأخذ في عين الاعتبار أفقاً رسمه الموقف العربي الذي تعبر عنه خصوصاً، السعودية ودول المجموعة الخليجية ومصر، سلام بأفق قيام دولة فلسطينية قوامه تعزيز العلاقات التجارية والاستثمار والتأسيس لمناطق ترمب الاقتصادية. اقتراحه الأول في تحويل غزة إلى "ريفييرا" تعثر لكنه لا يزال قائماً. واقتراحه الثاني في شأن منطقة اقتصادية في الجنوب اللبناني ما زال يتلمس طريقه وأهدافه، والخطوة الكبرى التي يعمل عليها جمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع نتنياهو لتوقيع صفقة الغاز المصرية الإسرائيلية بعد توقف العمل باتفاق عام 2005 منذ عام 2012.

عندما يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نهاية هذا الشهر في فلوريدا، يفترض أن يكون جدول أعمال أبحاثهما في منتجع ترمب، مارالاغو، ناضجاً بما فيه الكفاية، ليتمكن الجانبان من اتخاذ القرارات اللازمة بعد عامين من العمل المشترك قلبا في ختامهما الشرق الأوسط رأساً على عقب.

قد لا يكون دقيقاً القول إن الجانبين سيقرران. فالأرجح، واستناداً إلى التطورات منذ إقرار خطة غزة، فإن ترمب سيكون صاحب القرار في كل العناوين المطروحة، وسيكون على نتنياهو، كضيف مقرب يقيم مع ترمب في منتجعه بين الـ28 من ديسمبر (كانون الأول) والأول من يناير (كانون الثاني) 2026، بما في ذلك قضاؤهما معاً ليلة نهاية العام، أن يتلقى توجيهات المستضيف ويعمل بها، وفي ضوئها، خلال المرحلة المقبلة، في ما يشبه إلزاماً له ولأي رئيس جديد للحكومة الإسرائيلية قد تأتي به الانتخابات العامة في إسرائيل العام المقبل.

وفي الواقع فرض ترمب أسلوبه منذ إعلانه وقف الحرب الإسرائيلية - الإيرانية في نهاية يونيو (حزيران) الماضي. لقد ظهر كقائد يضع خواتيم سياسية لمعارك تخوضها جيوش أخرى. وفي حرب غزة تحديداً مارس اللعبة نفسها. تابع تبني الموقف الإسرائيلي إلى النهاية قبل أن يقرر وضع حد لصراع طال أمده. فالتقى مبعوثوه حركة "حماس" ليبلغوها مثلما أبلغوا نتنياهو أنه آن الأوان لوقف الحرب والانتقال إلى أفق آخر.

لا يستبعد ترمب، مع ذلك، استئناف اللجوء إلى العمل العسكري. بالعكس من ذلك هو يتكئ إليه لفرض نظرته. في غزة لم يكف عن تهديد "حماس" بنزع سلاحها عملاً بالاتفاق، وفي لبنان أوضح سفيره ميشال عيسى أن انطلاق المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية بعد ضم دبلوماسيين إلى وفدي البلدين، لا يعني وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد ما تعتبره إسرائيل تهديدات طارئة من "حزب الله". الأمر عينه يحصل في سوريا، إذ تضبط التحركات العسكرية الإسرائيلية من دون أن تمنع، في انتظار إقرار اتفاقات سلام جديدة لم تتضح معالمها بعد.

 لكن ترمب حسم أمورها بعد غزة واتفاق شرم الشيخ. بالنسبة إليه نحن "ننعم بسلام عظيم في الشرق الأوسط... أعتقد أنه سلام قوي". وخلال الوقت نفسه "لدينا دول تتطوع للتدخل والتعامل مع ’حزب الله‘. وأقول (لهذه الدول) ليس عليكم ذلك الآن، وإن كنتم قد تضطرون إليه" (التدخل).

نظرية السلام الترمبية لا تخفي معادلاتها. هو الآن يعمل على استثمار وقائع عامين من الحروب الإسرائيلية في ترسيم وقائع جديدة تأخذ في عين الاعتبار أفقاً رسمه الموقف العربي الذي تعبر عنه خصوصاً، السعودية ودول المجموعة الخليجية ومصر، سلام بأفق قيام دولة فلسطينية قوامه تعزيز العلاقات التجارية والاستثمار والتأسيس لمناطق ترمب الاقتصادية. اقتراحه الأول في تحويل غزة إلى "ريفييرا" تعثر لكنه لا يزال قائماً. واقتراحه الثاني في شأن منطقة اقتصادية في الجنوب اللبناني ما زال يتلمس طريقه وأهدافه، والخطوة الكبرى التي يعمل عليها جمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع نتنياهو لتوقيع صفقة الغاز المصرية الإسرائيلية بعد توقف العمل باتفاق 2005 منذ عام 2012.

القناة 12 الإسرائيلية قالت إن هذه الخطوة تندرج ضمن خطة أوسع وضعتها إدارة ترمب خلال الأسابيع الأخيرة، تهدف إلى استخدام "الدبلوماسية الاقتصادية" كأداة لدفع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، بدءاً بمصر.

وبحسب مسؤول أميركي فإن "هذه فرصة هائلة لإسرائيل. بيع الغاز لمصر سيخلق اعتماداً متبادلاً، ويقرب البلدين ويدفئ السلام ويمنع الحرب".

وأوضحت القناة الإسرائيلية أن الخطة الأميركية تركز على بناء شراكات في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والطاقة بين إسرائيل ودول عربية، من بينها مصر ولبنان وسوريا والسعودية بهدف إخراج إسرائيل من عزلتها الدبلوماسية، وإحياء روح "اتفاقات أبراهام"، إلى جانب جهود تثبيت وقف إطلاق النار في غزة.

وأفادت بأن جاريد كوشنر، مستشار الرئيس ترمب وصهره، كان أوضح لنتنياهو ضمن لقاءات سابقة أن الدول العربية لم تعد ترغب فقط في الحديث عن إيران، بل تبحث عن فرص اقتصادية ملموسة.

وقال كوشنر لنتنياهو "إذا أرادت إسرائيل الاندماج في المنطقة، فعليها أن تتحدث بلغة الاقتصاد"، مشيراً إلى أن القادة العرب يأتون إلى واشنطن بوفود تجارية، ولا يكتفون بالخطاب السياسي.

"قلنا لنتنياهو إنه يجب تحويل السلام مع مصر إلى سلام دافئ، والعمل معاً لتهدئة المنطقة. وإذا نجح ذلك مع مصر، فسنكرره مع سوريا ولبنان والسعودية". يقول مسؤول أميركي شارك في الاعداد للقاء فلوريدا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عشية انتهاء العام الأول من ولاية الرئيس الأميركي المثير للجدل، انتقلت حروب المنطقة من المستوى العسكري إلى المستوى الدبلوماسي "بتوصية من ترمب" يقول المحلل الإسرائيلي رون بن يشاي في صحيفة "يديعوت أحرونوت".

إنها مرحلة مخصصة لإعداد الترتيبات النهائية لوقف الأعمال العدائية قبل الوصول إلى سلام ترمب "الرائع".

وفي هذه المرحلة لا يزال متاحاً للأطراف استخدام القوة العسكرية، وفي الترجمة العملية لا يتمتع بمثل هذا الامتياز سوى إسرائيل نفسها.

لقد بادر ترمب "بالولوج إلى هذه المرحلة"، تقول "يديعوت". وهو أوضح ذلك في اتصال مع نتنياهو مطلع الشهر الجاري، أوصاه فيه بالانتقال "تدريجاً، في غزة وسوريا ولبنان من المبادرات الهجومية والتهديدات بالتصعيد إلى الدبلوماسية وإجراءات بناء الثقة، بما يمكن من التحول إلى المرحلة المدنية لتطبيق خطة غزة والتوصل إلى وقف كامل ومستقر للأعمال العدائية، وربما بعض اتفاقات التطبيع على جبهات إضافية".

نصائح أو توجيهات ترمب رسمت حدود التحرك العسكري الإسرائيلي في سوريا بعد اشتباك بيت جن، وحاصرت احتمالات التصعيد في غزة، وسمحت بانضمام دبلوماسيين إلى وفدي لبنان وإسرائيل في مفاوضات الناقورة التي لا تزال في بدايتها، لكنها نصائح مرهونة بمواعيد وجزر وعصي. فالحديث عن مهلة أميركية للبنان لإنجاز الجيش مهمة السيطرة على جنوب الليطاني تنتهي مع نهاية العام، وفي مطلع العام الجديد ينبغي الانتقال إلى المرحلة الثانية من تنفيذ اتفاق غزة بما تتضمنه من إنشاء مجلس للسلام برئاسة ترمب ونزع سلاح "حماس" والفصائل الحليفة، وإنشاء قوة سلام دولية وتحديد دور وصلاحيات السلطة الفلسطينية في غزة الجديدة.

ستكون هذه المسائل مدار بحث في الخلوة الفخمة والعائلية إلى حد كبير بين ترمب ونتنياهو في ميامي، وإلى جانبها بالتأكيد مستقبل الوضع في سوريا، والمدى الذي يمكن أن يذهب إليه المشروع الإسرائيلي فيها، في ظل تحفظات إسرائيل على دور تركيا في سوريا، وعلى احتمالات مشاركتها في قوة السلام الدولية المخصصة لغزة من جهة، والدعم الذي تبديه إدارة ترمب للرئيس أحمد الشرع، والرئيس رجب طيب أردوغان من جهة ثانية.

وكان لافتاً أن لا تحظى المسألة الإيرانية بأولوية معلنة في الأقل، في محادثات نهاية العام الأميركية - الإسرائيلية. وأن تنال علاقة إسرائيل بجيرانها في غزة ولبنان وسوريا مجمل الاهتمام. يعود ذلك إلى أن ترمب هو من يحدد جدول الأعمال، وهو بحسب استراتيجيته للأمن القومي المنشورة في الرابع من الشهر الجاري، يعد أن إيران تلقت ضربة حاسمة لمشروعها النووي، ولم تعد قادرة على مواصلة أدوارها السابقة في الإقليم بنفس القوة والعزيمة. وفيما لا يستعجل ترمب العودة إلى مفاوضات مع طهران بعد إبلاغها شروطه الثلاثة، لا تخصيب ولا صواريخ ولا تدخلات في الإقليم عبر الأذرع والميليشيات التابعة، فإن نتنياهو يستعد لاستكمال حربه ضد إيران، وهي حرب توقع موقع "مونيتور" الأميركي اندلاعها العام المقبل. ومن الآن وحتى ذلك الموعد الملتبس سيحظى ساحل المتوسط الشرقي بمجمل الاهتمام في أيام مارالاغو الحافلة، وأول النتائج سيظهر من دون ريب في غزة ولبنان وسوريا.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء