ملخص
أذهل لامين يامال العالم بأداء استثنائي أمام إنتر ميلان في نصف نهائي دوري الأبطال، ليؤكد أنه موهبة فريدة تتجاوز المقارنات، ويُعيد الأمل لبرشلونة داخل الملعب وخارجه.
عندما غادر مدافعو إنتر ميلان الإيطالي ملعب برشلونة منهكين، تمكنوا بالكاد من تمالك أنفسهم للتعبير عن شعور مشترك "إنه أفضل من ليونيل ميسي"، ولا حاجة إلى السؤال عمن يقصدون بـ"هو".
كان أحد لاعبي إنتر مندهشاً لدرجة أنه بدأ على الفور يرسل رسائل بهذه العبارة تحديداً، والآن عليهم إيجاد طريقة لإيقافه في مباراة الإياب.
يبدو لامين يامال وكأنه قادر وحده على قيادة برشلونة نحو نهائي دوري أبطال أوروبا، إنه موهبة فريدة، ويتجلى تفرده في طريقته لفعل أشياء فريدة من نوعها.
الأداء الذي قدمه في مباراة الذهاب الاستثنائية، التي انتهت بالتعادل (3 - 3) أول من أمس الأربعاء، كان رائعاً لدرجة يصعب معها تجنب البحث عن سوابق، ومقارنته بالمواهب المراهقة الأخرى التي أبهرت العالم في مثل هذه المناسبات.
كان هناك ميسي نفسه، مع النادي نفسه، أمام تشيلسي الإنجليزي في موسم (2005 - 2006)، وواين روني أمام فرنسا في "يورو 2004"، وعلى رغم أن مثل هذه المقارنات مفهومة تماماً، لأنها محاولة لإضفاء سياق منطقي على أداء يثير الإعجاب ويجلب الهتاف، فإنها تبدو بلا جدوى تقريباً، كما هي حال محاولة إيقاف يامال نفسه.
في الحقيقة، لا يوجد في كرة القدم شيء يشبه ما يفعله نجم شاب بهذه الصورة، فهو يقدم مزيجاً من الانبهار بما يحدث الآن، والوعود بما قد يحدث لاحقاً، أنت تشهد شيئاً استثنائياً.
وبالطبع لا يمكن اعتبار هذه المباراة بمثابة "الظهور الأول"، فنحن نتحدث عن مراهق كان أحد نجوم فوز إسبانيا بلقب "يورو 2024"،
بعدما سجل هدفاً رائعاً في نصف النهائي، ثم صنع الهدف الأول في النهائي، لذلك كان الجميع يعرف ما هو قادم، إلا أن النقطة الأهم الآن هي ما بدأ فعلياً في تقديمه.
وعلى رغم أن المباراة لم تكن إعلاناً عن ميلاد نجم جديد، فقد كانت بمثابة مباراة صعود.
كان هناك ذلك الشعور بأن يامال انتقل من موهبة استثنائية مبكرة إلى نجم مهيمن بالفعل، صعد إلى مستوى آخر، ويكفي أن ترى كيف كان لاعبو برشلونة يحاولون إيصال الكرة إليه في كل فرصة ممكنة، ثم انظر لما فعله بها.
كان الهدف هو اللحظة المميزة، ليس فقط لروعته، بل أيضاً لطريقة تنفيذه، وهنا يثبت يامال تفرده الحقيقي، ليس بالضرورة لأنه أفضل أو أسوأ من ميسي، بل لأنه موهبة فريدة من نوعها.
الطريقة التي قوس بها قدمه، من دون تحضير أو رفع خلفي للساق، لتسديد الكرة بقوة ودقة مذهلتين، هي أمر استثنائي، ونوع من التقنية نادراً ما يرى في كرة القدم.
ولا يمكن القول إن مثل هذا الموقف لم يشاهد من قبل، لسبب واحد فقط، هو أن يامال نفسه هو من سبق ونفذه، عندما سجل بالأسلوب نفسه هدفه في "يورو 2024" أمام فرنسا.
وقبل عيد ميلاده الـ18 ها هو يقدم مراراً شيئاً لم يُر مثله في تاريخ كرة القدم الممتد لـ150 عاماً.
وكل هذا أتى بعد انطلاقة معبرة ومليئة بالثقة، تكفي وحدها لرفع قيمة الهدف لمستوى استثنائي.
هذا ليس لاعباً يطلب منه فقط تمرير الكرة في لعبة تمركزية، لكن مراوغاته الخالصة المبهجة قدمت أيضاً مقاطع فردية يمكن لأي لاعب أن يفخر بها لو كانت حصيلة مسيرته كاملة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكما هي الحال غالباً مع العظماء –مثل تسديدة بيليه من منتصف الملعب– جاءت واحدة من أكثر اللحظات إثارة للدهشة من محاولة لم تكتمل، حين أرسل يامال الظهير الإيطالي فيديريكو ديماركو إلى الاتجاه الخاطئ بحركة خاطفة من قدمه، ثم أطلق تسديدة صاروخية تصدى لها يان سومر وارتطمت بالعارضة، ومرة أخرى، لم يكن هناك رد فعل ممكن سوى الذهول والإعجاب.
لقد أظهر يامال مراراً وتكراراً تلك القدرة الاستثنائية على فتح الملعب بأكمله من أضيق المساحات، ثم جاءت تلك الكرة المرفوعة في الشوط الثاني التي ارتطمت بأعلى العارضة، وكان الانطباع الأول خلال اللحظة أنها عرضية غير متقنة، لكن ذلك فقط لأن يامال كان يحاول شيئاً يتجاوز توقعات وحدود كرة القدم المعتادة.
لقد كان يرى المساحات التي لا يراها أحد، وينفذ أفكاراً لا يستطيع غيره تنفيذها.
وكثير من هذه الكلمات استخدمت لوصف ميسي نفسه على مدار الأعوام، وليس القصد هنا القول إن يامال سيكون أفضل منه.
صحيح أن يامال حقق الكثير في العمر نفسه، لكن ذلك يرجع إلى كونه أكثر تطوراً بدنياً مما كان عليه ميسي في تلك المرحلة.
القلق الوحيد الآن هو خطر الإفراط في استخدامه خلال فترة لا يزال فيها ينضج، لكن كيف يمكنك أن تضع لاعباً كهذا على مقاعد البدلاء؟ المنطق في هذه الحال هو أن ننظر فعلاً إلى ميسي، وإلى الطريقة التي تطور بها ليصبح اللاعب الأكثر تكاملاً في تاريخ اللعبة.
إلا أن ما يثير الدهشة أكثر من المقارنات مع ميسي، هو أن النادي نفسه عاش التجربة بالطريقة ذاتها، بفارق عقدين من الزمن.
أندية أخرى قد تشعر وكأنها لا تستحق مثل هذا الحظ، لكن من هم داخل اللعبة يحرصون على الإشارة إلى أن برشلونة نادٍ عظيم دائماً في إخراج المواهب الشابة بصرف النظر عن الظروف.
لا يزال هناك نقاء في فلسفة أكاديمية "لاماسيا" على رغم كل الجدل المحيط بالنادي في الأعوام الأخيرة.
يامال سيخرج برشلونة من أزماته خارج الملعب، تماماً كما يفعل داخله، نظراً إلى أزماتهم المالية الضخمة، ففي 2021 حين أعيد انتخاب خوان لابورتا رئيساً للنادي، كان اسم يامال بالكاد يذكر همساً، والآن لدى برشلونة النجم الأعظم الجديد في اللعبة، وهو قوة تسويقية هائلة حتى لو بدا هذا الوصف مجحفاً في حق موهبته، لكن تلك هي حسابات كرة القدم الحديثة، ونحن هنا نتحدث عن لاعب يتمتع بموهبة خالصة لم يُشهد مثلها من قبل.
بحلول صيف 2022، ومع نموه التدرجي، بدأت شخصيات رفيعة في عالم كرة القدم تتبادل الرسائل "برشلونة أنجب موهبة جديدة"، ونعم، لقد فعل.
لقد بلغنا بالفعل تلك المرحلة التي لم يعد فيها من الضروري ذكر اسمه، لأن الجميع يعرف فوراً عمن نتحدث.
ومع ذلك، من الواضح أن يامال سيهيمن على النقاش الكروي لعقدٍ كامل مقبل، فهو قد هيمن بالفعل على شوط كامل من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، وكما ظل مدافعو إنتر يتساءلون في لحظات كثيرة من مباراة التعادل (3 - 3) وما الذي سيحدث لاحقاً؟
هناك شيء واحد مؤكد، عليك فقط أن تتابعه.
© The Independent