Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المرأة في إيران بين التغريب القسري والحجاب الإلزامي

لا تزال مشاهد تخليها عن غطاء الشعر في الشوارع والمطاعم والأماكن العامة تثير صدامات بين المتشددين والحكومة

امرأة إيرانية تضبط الكتب على كشك خلال فعالية تبادل الكتب في الهواء الطلق بطهران (أ ف ب)

ملخص

 للحجاب في إيران أهمية بالغة في ذهنية النظام الإيراني الإسلامي، فهو يمثل أحد مظاهر تطبيق الشريعة الإسلامية من وجهة نظرهم، كما أنه يمثل رمزية مضادة لما كان سائداً في عهد الشاه حين فرض ا على النساء خلع الحجاب في إطار محاولات التغريب للمجتمع الإيراني، بما ترتب على ذلك أن ارتدت النساء الحجاب نكاية في قراراته، والعكس ما حدث مع النظام الحالي.

عادت قضية حجاب المرأة والالتزام بقواعد معينة للباسها لصدارة المشهد الإيراني، سواء على مستوى تصريحات المرشد علي خامنئي أو وزارة الاستخبارات الإيرانية أو مجلس الشورى الإسلامي، فمنذ أيام وجه المرشد في شأن الحجاب الإجباري إلى السلطة التنفيذية، كما رفعت وزارة الاستخبارات تقريراً عن وضع الحجاب إلى خامنئي بعد ثلاثة أشهر، وقد وصف خامنئي التقرير بأنه صادم وأمر بإرسال نسخة منه إلى الرئيس الإيراني كي تعمل الأجهزة الاستخباراتية على تحديد الجهات التي تحرض على نشر أفكار التخلي عن الحجاب.

وبالفعل شهدت الأشهر الأخيرة بعد انتهاء حرب الـ12 يوماً تحركات مجتمعية توحي بتحرر المرأة الإيرانية من الالتزام بقواعد الحجاب، وظهور بعض مظاهر التحرر المجتمعي مثل حفلات الموسيقى في الشوارع، أو تزايد مشاهد قيادة الدراجات البخارية، لكن هذا لم يكن يعنى انتهاج النظام الإيراني التوجه نفسه، ربما بالتراخي في تطبيق قانون الحجاب أو تعطيل عمل شرطة الأخلاق وعدم التمسك بملاحقة النساء كما قبل، لكن ذلك ارتبط بالظرف الحرج الذي تمر به البلاد، فالوضع الداخلي مستمر في التدهور اقتصادياً حتى إن بزشكيان أصدر مرسوماً بحذف أربعة أصفار من العملة، وهو قرار لا تتبناه الدول إلا بعد انهيار قيمة عملتها، وقد حدث في السودان من قبل والهدف هو توفير أصفار والعودة لاستخدام كسور لتكون أسهل في الطباعة والتأثير في الشعور العام بأن الأوضاع مستقرة اقتصادياً، بغية التحكم بصورة ما في معدلات التضخم.

من جهة أخرى قد تتعرض إيران في أي وقت لهجوم عسكري إسرائيلي، ولا سيما في ظل انسداد المسار الدبلوماسي بين إيران وواشنطن في شأن المفاوضات، وعلى رغم التصريح الإيراني بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أرسل لطهران رسالة سرية من خلال تركيا مفادها أن إسرائيل ستقوم بفعل ما، وواشنطن ليس لها علاقة به.

وفي هذا السياق فربما أن هذا ما يدفع الحكومة إلى تفادى الاحتكاك بالمواطنين أو إثارة استيائهم للحفاظ على الجبهة الداخلية متماسكة لأية مواجهة قادمة، ومع ذلك لا تزال مشاهد تخلي المرأة عن الحجاب في الشوارع والمطاعم والأماكن العامة تثير صدامات بين المتشددين والحكومة، فللحجاب في إيران أهمية بالغة في ذهنية النظام الإيراني الإسلامي، فهو يمثل أحد مظاهر تطبيق الشريعة الإسلامية من وجهة نظرهم، كما أنه يمثل رمزية مضادة لما كان سائداً خلال عهد الشاه حين فرض على النساء خلع الحجاب في إطار محاولات التغريب للمجتمع، وترتب على ذلك أن ارتدت النساء الحجاب نكاية في قرارات الشاه، والعكس ما حدث مع النظام الحالي حين فرض النظام قوانين ترتبط بالعفة والحجاب لتحديد قواعد اللباس الصارمة للنساء ومراقبة تطبيقها، وفي المقابل تحاول النساء التخلي عنها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت التظاهرات التي اندلعت على خلفية مقتل مهسا أميني والتي عرفت باحتجاجات الحجاب لها أهميتها كونها أكبر تحد مجتمعي واجه النظام الإيراني، وفي هذا السياق خرج المرشد ليدافع عن الحجاب في ظل تجاهل مزيد من النساء قواعد اللباس الصارمة، وأيضاً البرلمان الإيراني الذي يهيمن عليه المتشددون، اتهم النظام بالتقصير في تطبيق قانون الحجاب الإلزامي على النساء، ولا سيما أن الحكومة رفضت التصديق على مشروع قانون أقره البرلمان عام 2023 كان من شأنه تشديد العقوبات على النساء اللاتي لا يرتدين الحجاب أو يرتدين ملابس غير لائقة، ثم صرحت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني بتجميد مشروع القانون "لأنه قد تكون له عواقب اجتماعية وخيمة".

لكن النظام الإيراني لا يزال يعتبر أن الحجاب هو الحصن الأول للهوية الإسلامية للمرأة الإيرانية، ويعد تطبيقه محاربة لأية محاولات تغريب أو انفتاح أو تأثر بالثقافة الغربية، بما يمنح النظام الإيراني تمايزاً عن نظام الشاه، فثمن سياسات التغريب المنحازة أو المناهضة له تتحملها قسراً المرأة الإيرانية عبر الأنظمة المختلفة، ويظل السؤال هل تصريحات خامنئي تهدئة للأطراف المتشددة أم سيجري اتخاذ قرارات ضد النساء على نحو يثير قلق واضطرابات داخلية؟ وهل سيجري التعامل مع الملفات الداخلية بعد التوصل إلى حلول في شأن الملفات الخارجية مع واشنطن؟

المزيد من آراء