Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دبلوماسية القنب في تايلاند بين المسموح والممنوع

فتحت البلاد أبوابها على مصراعيها لاستخدام وتجارة هذه المادة المخدرة

هناك ارتباط تاريخي تايلاندي بنبات القنب منذ فترة طويلة تعود إلى الطب التقليدي والعلاج بالأعشاب (رويترز)

ملخص

استخدم كل جزء من نبات القنب لعلاج أمراض مختلفة قبل إدراجها كمخدرات

فتحت مملكة تايلاند أبوابها على مصراعيها لاستخدام وتجارة القنب، عام 2022، بصورة غير مقيدة، إذ ازدهرت الصناعات والأعمال القائمة عليه بصورة كبيرة، وتصل مكاسب تجارته، بحسب تقديرات، إلى 1.2 مليار دولار حتى عام 2025. لكن الاستخدام الحر أثار جدلاً لدى التايلانديين الذين اعتادوا على استخدامه في العلاج التقليدي وبعض الوصفات الغذائية. ومع مطلع هذا العام، أخرجت وزارة الصحة التايلاندية مسودة قانون مقترح يحدث من استخدام النبتة المخدرة، فأعلنت الوزارة، قبل أيام، أن القانون سيتم إقراره في نهاية العام الحالي. وتعد تايلاند أول دولة في جنوب شرقي آسيا تقنن استخدام القنب، ولكن على الصعيد العالمي، اتخذ هذه الخطوة عديد من الدول في أميركا الجنوبية والشمالية وأوروبا.

 

علاج تقليدي

هناك ارتباط تاريخي تايلاندي بنبات القنب منذ فترة طويلة تعود إلى الطب التقليدي والعلاج بالأعشاب، أحد أقدم أنواع العلاجات في تايلاند. وبحسب بيانات وزارة السياحة التايلاندية استخدم العلاجات التقليدية التايلاندية القديمة على مركبات من القنب لتخفيف الألم ومشكلات النوم وفقدان الشهية. أيضاً، استخدم المطبخ التايلاندي أوراق القنب كعنصر من التوابل، كما هو شائع مثل التوابل الأخرى، لتحسين الشهية والدورة الدموية.

واستخدم كل جزء من نبات القنب، بما في ذلك الأوراق والجذر والساق والبذور والزهرة، لعلاج أمراض مختلفة قبل إدراجها كمخدرات لمدة 60 عاماً تقريباً في الثلاثينيات من القرن الماضي. ويعد تاريخ استخدام القنب سبباً مهماً لتشريع الحكومة التايلاندية الاستخدام الطبي لهذه النبتة في ما بعد، كما أن هناك حالياً 16 دواء في السجل الوطني تتضمن الماريجوانا كأحد مكوناتها بحسب المصادر الطبية التايلاندية.

وبحسب المعهد الوطني الأميركي لتعاطي المخدرات، يستخرج من الأوراق المجففة والزهور والسيقان والبذور لنبات القنب مخدر وحبوب الماريجوانا. ويحتوي النبات على مادة THC الكيماوية التي تغيب العقل ومركبات أخرى مماثلة.

بين السماح والمنع

وتم رفع القنب من قائمة المخدرات المحظورة، في يونيو (حزيران) 2022، في ظل الحكومة التايلاندية السابقة، التي ضمت "حزب بهومجايثاي" المؤيد للتشريع. وأصبحت تايلاند أول دولة في جنوب شرقي آسيا تسمح باستخدام القنب الطبي عام 2018، ثم الاستخدام الترفيهي في عام 2022. والتشريع الجديد أسهم في ظهور عشرات الآلاف من متاجر القنب، وأشارت التوقعات الاقتصادية إلى أن هذه الصناعة من المتوقع أن تصل قيمتها إلى 1.2 مليار دولار أميركي بحلول عام 2025، كما ظهرت في الآلاف من المستوصفات إلى جانب المنتجعات الصحية والمطاعم والمهرجانات.

لكن الاستخدام المنفتح للقنب محور جدل سياسي وإحدى القضايا التي طرحت خلال الانتخابات العامة التي جرت في تايلاند العام الماضي، إذ جاءت الانتخابات عقب مرور عام على سماح تايلاند بتقنين وعدم تجريم استخدام القنب، كأول دولة في آسيا تقدم على هذه الخطوة. لكن الجهود الموازية لوضع قواعد تنظيمية حول صناعة الماريجوانا باءت بالفشل، مما ترك فراغاً قال عديد من السياسيين إنه يغذي إدمان المخدرات.

وأعرب رئيس الوزراء سريتا تافيسين، الذي تولى منصبه في أغسطس (آب) الماضي، مراراً، عن معارضته الاستخدام الترفيهي للعقار. وقال إنه يجب السماح به للاستخدام الطبي فقط، كما أكدت وزارة الصحة أن "مسألة السماح الحر باستخدام القنب تثير قلقاً كبيراً بالنسبة إلى وزارته بسبب الفجوة القانونية التي أدت إلى الاستخدام المجاني للقنب، ولا توجد لوائح كافية لمنع سوء الاستخدام"، وأشارت إلى "سوء الاستخدام" بأنه أي شيء لا يتعلق بالحاجات الطبية والصحية.

وتهدف الحكومة الجديدة، بقيادة رئيس الوزراء تافيسين، إلى الحد من استخدام القنب للأغراض الطبية فقط، كما هو مبين في مشروع قانون تم اقتراحه أخيراً، وبعد توليه منصبه، العام الماضي، تعهد تافيسين "بتصحيح" قوانين القنب في غضون ستة أشهر بسبب المخاوف من أن إلغاء التجريم أدى إلى ارتفاع كبير في تعاطي المخدرات الترفيهية.

وفي الوقت نفسه أوضح وزير الصحة العامة السابق أنوتين شارنفيراكول الذي كان المؤيد الرئيس للتشريع، أن التركيز لم يكن أبداً على السماح باستخدام القنب الترفيهي العام، وبدلاً من ذلك، كان القصد هو تعزيز سياسات القنب للأغراض الطبية، مما من شأنه أن يخلق فرصاً اقتصادية للمزارعين.

القانون الجديد

عقب الجدل الذي بدأ مع تولي الحكومة الجديدة زمام السلطة، نجحت وزارة الصحة في وضع مسودة قانونية يمكنها أن تقيد السماح باستخدام القنب بالأغراض الصحية والطبية فقط. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، وقع وزير الصحة التايلاندي تشولان سريكايو على مشروع القانون المقترح، وينص على غرامات تصل إلى 60 ألف بات (1700 دولار أميركي) للاستخدام الترفيهي، في حين أن الحملات الإعلانية أو التسويقية المتعلقة بهذا الاستخدام يمكن أن تؤدي إلى عقوبة السجن لمدة تصل إلى عام أو دفع غرامات مالية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما يشدد القانون العقوبة على زراعة القنب من دون ترخيص، وتراوح ما بين السجن لمدة سنة وثلاث سنوات إضافة إلى غرامات مالية.

وقال وزير الصحة شولان سريكايو إن مشروع القانون سيحال على مجلس الوزراء للموافقة عليه، في مارس (آذار) 2024، قبل أن يتوجه إلى البرلمان لإقراره قبل نهاية عام 2024، كما أوضح أن الحكومة، التي تدرك الفوائد الاقتصادية لصناعة القنب، ستمنح الشركات الوقت للتكيف مع اللائحة الجديدة.

وأعلن وزير الصحة أن مستخلصات القنب التي تحوي أكثر من 0.2 بالمئة من المادة الفعالة "رباعي هيدرو كانابينول"، أو THC، سيتم تصنيفها على أنها مخدرات. وتؤكد حكومة تايلاند أن الغرض من القانون تصحيح ما تعتبره الحكومة "الاستخدام الخاطئ للقنب" بما يمكنه أن يسيء للمجتمع بأفراده وأطفاله.

القنب العالمي

وتقنين القنب ليس من الأمور الجديدة، فهناك عديد من دول العالم التي تسمح قانونياً باستخدام القنب والماريجوانا والحشيش لأغراض مختلفة، أو حتى الاستخدام الحر. ومن بين هذه الدول، الإكوادور التي سمحت، منذ عام 2020، بالاستخدام الطبي للقنب، كذلك في المكسيك في عام 2021، وافق المشرعون على قانون لإلغاء تجريم الحشيش للاستخدامات الترفيهية والعلمية والطبية والصناعية، لكن اللوائح الرئيسة لا تزال معطلة في مجلس الشيوخ.

وفي عام 2001 اتخذت البرتغال خطوة غير مسبوقة وأصبحت أول دولة تلغي تجريم جميع المخدرات غير المشروعة، كما تم تقنين الاستخدام الطبي للماريجوانا في البلاد في عام 2018، ويوجد حالياً 42 شركة لديها تراخيص للعمل في الأنشطة المتعلقة بالقنب الطبي في البرتغال، بزيادة قدرها 23.5 في المئة عن عام 2022 بحسب "ياهو فاينانس".

وأصبحت دولة لوكسمبورغ ثاني دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تقنن حيازة وزراعة القنب للاستخدام الشخصي في عام 2023، إذ يسمح القانون الجديد للمقيمين بزراعة ما يصل إلى أربعة نباتات لكل أسرة، وامتلاك ما يصل إلى ثلاثة غرامات من الأعشاب الضارة خارج مكان إقامتهم.

وقبل أيام، أقر البرلمان الألماني قانوناً للتقنين الجزئي للقنب، ويتيح القانون الذي أقره الائتلاف الحاكم المكون من ثلاثة أحزاب بزعامة المستشار أولاف شولتز زراعة ما يصل إلى ثلاثة نباتات للاستهلاك الخاص وامتلاك ما يصل إلى 25 غراماً من القنب. وبحسب القانون الجديد، سيتم السماح بإنتاج القنب على نطاق أوسع، لكن للحيازة الشخصية من دون المتاجرة به، لأعضاء ما يسمى "نوادي القنب" التي لا يزيد عدد أعضائها على 500 عضو بالغ.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير