ملخص
هدد بوتين بحرمان أوكرانيا من الوصول إلى البحر رداً على هجمات بمسيرات على ناقلات نفط تابعة لأسطول الظل الروسي في البحر الأسود. وقال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها إن تصريحات بوتين أظهرت أنه غير مستعد لإنهاء الحرب.
رأى الكرملين اليوم الأربعاء أن المكاسب الميدانية التي حققها الجيش الروسي خلال الأسابيع الأخيرة على الجبهة قد "أثرت" في المحادثات حول أوكرانيا، غداة لقاء الرئيس فلاديمير بوتين المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف في موسكو.
وقال المستشار الدبلوماسي للرئيس الروسي يوري أوشاكوف لصحافيين إن "نجاحات الجيش الروسي خلال الأسابيع الأخيرة في ساحة المعركة أثرت في سير المفاوضات وطبيعتها".
وأعلن الكرملين اليوم أن طموح أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) يشكل "مسألة أساسية" في المحادثات بين روسيا ووفد أميركي رفيع في موسكو، من دون أن تفضي إلى أي اختراق.
وقال أوشاكوف خلال إيجاز صحافي إن مشاركة كييف في الحلف كانت "إحدى المسائل الأساسية، وقد نوقشت".
وكان "الكرملين" أعلن في وقت سابق الأربعاء استعداده للقاء مسؤولين أميركيين "بالمقدار اللازم" لإيجاد حل للنزاع في أوكرانيا، وذلك عقب اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف أمس الثلاثاء.
وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف في مؤتمره الصحافي اليومي الذي حضرته وكالة الصحافة الفرنسية "نقدر الإرادة السياسية للرئيس الأميركي دونالد ترمب لمواصلة البحث عن حلول. جميعنا مستعدون لعقد لقاءات بالمقدار اللازم من المرات للوصول إلى تسوية سلمية".
إلى بروكسل
من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن كبير مفاوضي بلاده رستم عمروف سيجتمع اليوم مع ممثلين للاتحاد الأوروبي في بروكسل، وسيحضر ليلتقي داخل الولايات المتحدة مبعوثي الرئيس الأميركي اللذين التقيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو أمس.
وكتب زيلينسكي على منصات التواصل الاجتماعي أن عمروف ورئيس أركان الجيش الأوكراني أندري غناتوف سيلتقيان مسؤولين أمنيين من الاتحاد الأوروبي، "وبعد بروكسل سيطلقان التحضيرات للقاء مع مبعوثي الرئيس دونالد ترمب في الولايات المتحدة".
أنابيب النفط
وقال مصدر في جهاز الاستخبارات الدفاعية التابع لوزارة الدفاع الأوكرانية لـ"رويترز" اليوم إن كييف ضربت خط أنابيب النفط الروسي دروجبا داخل منطقة تامبوف وسط روسيا.
وأظهرت حسابات "رويترز" أن هذا الهجوم هو الخامس الذي تنفذه أوكرانيا على خط الأنابيب الذي يزود المجر وسلوفاكيا بالنفط الروسي.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إنه تم إحراز "بعض التقدم" في المحادثات مع روسيا لإنهاء الحرب مع أوكرانيا.
وقال روبيو لمذيع "فوكس نيوز" شون هانيتي، "ما حاولنا القيام به، وأعتقد أننا أحرزنا بعض التقدم فيه، هو معرفة ما يمكن أن يتعايش معه الأوكرانيون والذي يمنحهم ضمانات أمنية للمستقبل"، مضيفاً أن الولايات المتحدة تأمل في أن تسمح لهم التسوية "ليس فقط بإعادة بناء اقتصادهم، بل أيضاً بالازدهار كدولة".
في القفابل قال الكرملين، اليوم الأربعاء، إن روسيا والولايات المتحدة لم تتوصلا إلى حل وسط بشأن اتفاق سلام محتمل لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وذلك بعد اجتماع استمر خمس ساعات في الكرملين بين الرئيس فلاديمير بوتين ومبعوثين للرئيس الأميركي دونالد ترمب.
واستمرت المحادثات حتى منتصف الليل في موسكو بين بوتين والمبعوث الخاص الأميركي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر ترمب. وبعد ذلك، قال يوري أوشاكوف كبير مساعدي بوتين للسياسة الخارجية "لم نتوصل إلى حلول وسط بعد".
وأضاف أوشاكوف في إفادة صحافية بالكرملين، "لا يزال هناك كثير من العمل الذي ينبغي القيام به".
وأوضح أن بوتين تفاعل سلباً مع بعض المقترحات الأميركية، مشيراً إلى أن ويتكوف توجه بعد المحادثات إلى السفارة الأميركية لدى موسكو لإطلاع البيت الأبيض على مجريات المحادثات.
وقال أوشاكوف، إنه لا توجد خطط لعقد اجتماع بين بوتين وترمب في الوقت الراهن، لكنه وصف المحادثات بأنها بناءة وأكد وجود فرص هائلة للتعاون الاقتصادي بين روسيا والولايات المتحدة.
وأوضح أن بوتين أرسل إشارات مهمة ووجه تحياته إلى ترمب، لكن الجانبين اتفقا على عدم كشف التفاصيل للإعلام. وأضاف أنهم ناقشوا "المشكلة المتعلقة بالأراضي"، وهو التعبير الذي يستخدمه الكرملين في إشارته إلى مطالب روسيا بالسيطرة على كامل منطقة دونباس.
وقال أوشاكوف، "بعض المقترحات الأميركية تبدو إلى حد ما مقبولة، لكنها تحتاج إلى نقاش... بعض الصياغات التي عُرضت علينا لا تناسبنا، مما يعني أن العمل سيستمر".
وبدأ ويتكوف وكوشنر المحادثات في الكرملين في نحو الساعة 16:30 بتوقيت غرينتش أمس الثلاثاء. واستعان المبعوثان بمترجمين في محادثاتهما مع بوتين وأوشاكوف والمبعوث الروسي كيريل دميترييف.
ولم يعلن الكرملين عن اختتام المحادثات إلا في نحو الساعة 21:30 بتوقيت غرينتش. وقال دميترييف على منصة "إكس"، إن الاجتماع كان "مثمراً" ونشر رمزاً تعبيرياً لحمامة، في إشارة إلى السلام.
بوتين يحذر أوروبا
قبيل الاجتماع حذر بوتين أوروبا من أنها ستواجه هزيمة سريعة إذا خاضت حرباً مع روسيا، ورفض كذلك المقترحات الأوروبية بشأن أوكرانيا قائلاً إنها غير مقبولة على الإطلاق بالنسبة لروسيا.
وعبر ترمب مراراً عن رغبته في إنهاء الحرب لكن جهوده لم تفلح حتى الآن في إحلال السلام، والتي شملت قمته مع بوتين في ألاسكا في أغسطس (آب) واجتماعات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وأبدى مسؤولون أوكرانيون وأوروبيون مخاوفهم، الأسبوع الماضي، بعد تسريب مقترح سلام أميركي مؤلف من 28 نقطة رأوا أنه يرضخ لمطالب موسكو الرئيسة في ما يتعلق بعدم انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي وسيطرة روسيا على خمس الأراضي الأوكرانية وفرض قيود على الجيش الأوكراني.
وقدمت القوى الأوروبية بعد ذلك اقتراحاً مقابلاً لإحلال السلام، ثم قالت الولايات المتحدة وأوكرانيا إنهما وضعتا "إطار عمل محدثاً ومنقحاً للسلام" لإنهاء الحرب.
وقال بوتين مبتسماً لويتكوف، إنه سعيد برؤيته وسأله عن جولته بصحبة كوشنر في موسكو، التي تضمنت نزهة في الساحة الحمراء مروراً بضريح مؤسس الاتحاد السوفياتي فلاديمير لينين ووصولاً إلى أبراج الكرملين.
وقال ويتكوف لبوتين، "إنها مدينة رائعة". وحضر اللقاء مستشار السياسة الخارجية الروسي يوري أوشاكوف ومبعوث بوتين لشؤون الاستثمار كيريل دميترييف. وكان بصحبة الجانبين عدد من المترجمين الفوريين.
وخلال اجتماع مع الوزراء في واشنطن قال ترمب، "رجالنا موجودون في روسيا الآن لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا تسوية الأمر. دعوني أخبركم أن الوضع ليس سهلاً. يا لها من فوضى". وأضاف، أن الخسائر البشرية للحرب تتراوح بين 25 و30 ألفاً شهرياً.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي قاد جهوداً لإعادة صياغة خطة السلام الأصلية لتأخذ في الاعتبار المخاوف الأوكرانية والأوروبية، إن ويتكوف يحاول إنهاء الحرب.
وذكر المكتب الإعلامي للكرملين أن الاجتماع انتهى. وأفادت وكالة الإعلام الروسية أن ويتكوف توجه إلى السفارة الأميركية لدى موسكو عقب المحادثات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بوتين يتهم الأوروبيين بمحاولة عرقلة السلام
قبل اجتماع الكرملين مباشرة، اتهم بوتين أوروبا بالسعي إلى تقويض جهود ترمب من خلال طرح مقترحات تدرك أن روسيا لن تقبلها.
وقال بوتين عن القوى الأوروبية، "إنهم يؤيدون الحرب. يبدو جلياً أن كل هذه التغييرات تهدف إلى شيء واحد فقط: عرقلة عملية السلام برمتها، ومطالبة روسيا بأمور غير مقبولة تماماً".
وأضاف، "إذا أرادت أوروبا أن تدخل في حرب معنا وبدأتها بالفعل، فسينتهي الأمر بسرعة كبيرة بالنسبة لها لدرجة أنه لن يبقى أحد للتفاوض معه هناك".
وهدد بوتين أيضاً بحرمان أوكرانيا من الوصول إلى البحر رداً على هجمات بمسيرات على ناقلات نفط تابعة لأسطول الظل الروسي في البحر الأسود. وقال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها، إن تصريحات بوتين أظهرت أنه غير مستعد لإنهاء الحرب.
وقال زيلينسكي، متحدثاً من دبلن، إن الأمور برمتها تتوقف على محادثات موسكو. وأضاف، "لا توجد حلول سهلة... من المهم أن يكون كل شيء عادلاً وشفافاً، كي لا تكون هناك ألاعيب من وراء ظهر أوكرانيا".
"أساس لاتفاقات في المستقبل"
أشار بوتين إلى أن المناقشات لا تدور حتى الآن على مسودة اتفاق، وإنما بخصوص مجموعة من المقترحات التي قال، الأسبوع الماضي، إنها "يمكن أن تكون أساساً لاتفاقات في المستقبل".
وقال بوتين مراراً، إنه مستعد لإجراء محادثات لإحلال السلام، لكنه حذر من أن القوات الروسية ستتقدم أكثر وتستولي على مزيد من الأراضي الأوكرانية إذا رفضت كييف التوصل إلى اتفاق.
وأشاد الرئيس الروسي، في مقطع مصور نشر في الليلة السابقة لزيارة ويتكوف، بسيطرة روسيا على مدينة بوكروفسك في شرق أوكرانيا، واصفاً ذلك بنصر كبير بعد حملة عسكرية مطولة.
وقال الجيش الأوكراني لـ"رويترز"، إن قواته لا تزال تسيطر على الجزء الشمالي من المدينة، وإنها هاجمت القوات الروسية في جنوب بوكروفسك.
ويقول مسؤولون أميركيون، إن أكثر من 1.2 مليون شخص قتلوا أو أصيبوا في الحرب. ولم تفصح أوكرانيا أو روسيا عن خسائرهما. وخلف الصراع دماراً واسعاً في البلدات والمدن الأوكرانية، وأجبر كثيرين على النزوح من منازلهم.
ومنذ الإعلان عن مسودة المقترحات الأميركية أواخر الشهر الماضي، تسعى القوى الأوروبية جاهدة إلى دعم أوكرانيا في مواجهة ما تعده اتفاق سلام عقابياً يلبي مطالب روسيا وقد يفسح المجال أمامها للاستثمار مع الولايات المتحدة في مجالات النفط والغاز والمعادن النادرة، ويعيدها إلى مجموعة الثماني.
وتتضمن المطالب الروسية الرئيسة تعهداً بعدم انضمام أوكرانيا أبداً إلى حلف شمال الأطلسي، وفرض قيود على الجيش الأوكراني، وسيطرة روسيا على كامل منطقة دونباس، والاعتراف بالسيطرة الروسية على مناطق القرم ودونباس وزابوريجيا وخيرسون، إضافة إلى ضمان حماية الناطقين بالروسية في أوكرانيا.
وتقول أوكرانيا، إن هذه المطالب تعد استسلاماً، وستتركها في النهاية عرضة لهجوم روسي جديد، إلا أن الولايات المتحدة اقترحت ضماناً أمنياً لكييف لمدة 10 أعوام.
وتعتقد أوكرانيا والقوى الأوروبية أن موسكو تشن حرباً لمحاولة الاستيلاء على الأراضي على الطريقة الاستعمارية، محذرين من أنه في حال انتصار روسيا، فإنها ستهاجم أعضاء حلف شمال الأطلسي يوماً ما. ويقول زيلينسكي، إنه يتعين عدم مكافأة روسيا على حرب بدأتها.