Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما هي دلالة عودة معارضين مصريين إلى بلادهم؟

تساؤلات في شأن ارتباط التحرك بالوضع الاقتصادي وعن موقف الحوار الوطني

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي (أ ف ب)

ملخص

#ممدوح_حمزة يعود إلى البلاد ويقول إنه "متفائل" وطالب #الحكومة بفتح ذراعيها لكثيرين من المخلصين الموجودين في #الخارج أو #السجون وعضو في مجلس أمناء #الحوار_الوطني يرى أن هناك عدداً من الملفات لم تحسم بعد

"مصر ترحب بأبنائها المخلصين"، رسالة حملها أحد القيادات الأمنية للمعارض ممدوح حمزة عقب عودته إلى القاهرة الأسبوع الماضي، بعد نحو أربع سنوات من إقامته في الخارج على خلفية الحكم عليه غيابياً بالحبس بتهمة "التحريض ضد الدولة".

تلك الرسالة، التي تحدث عنها حمزة، فتحت مجال التساؤل عما إذا كانت العودة تؤشر لانفتاح سياسي من جانب الدولة المصرية، وعزز تلك التساؤلات أن عودة المعارض البارز جاءت بعد أيام من الإفراج عن رجل الأعمال صفوان ثابت، وتبعه إطلاق سراح رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق هشام جنينة.

حمزة هو أحد المعارضين البارزين على مدار عقود، حيث كان أحد الوجوه البارزة في المعارضة خلال عهد الرئيس السابق حسني مبارك وخلال الثورة ضده عام 2011، ثم في الفترة التي تلت إطاحته وعام سيطرة جماعة الإخوان على السلطة.

وكان حمزة ينشر آراءً كثيرة معارضة للحكومة المصرية خلال السنوات الأخيرة عبر صفحاته على مواقع التواصل، خصوصاً في ما يتعلق بملف سد النهضة والاقتصاد والحريات وغيرها.

وفور عودته إلى مطار القاهرة قادماً من لبنان، قال ممدوح حمزة، في مقطع فيديو نشره على "فيسبوك"، إنه متفائل بحدوث انفراجة سياسية في البلاد، وطالب الحكومة ابفتح ذراعيها لكثيرين من المخلصين الموجودين في الخارج أو السجون، مؤكداً أن ذلك الترحيب لا بد ألا يتوقف عنده وحده.

وكشف حمزة أن مسؤولاً أمنياً التقاه في المطار وأبلغه أن "مصر ترحب بأولادها المخلصين وتفتح لهم ذراعيها ليعودوا إلى بلادهم لتستفيد منهم"، مضيفاً أنه التقى عدداً ممن سماهم بـ"أبناء مصر المخلصين" في الخارج، وكذلك هناك آخرون كثر داخل السجن، وتابع "لو كان هذا هو اتجاه الدولة فهذا يعني أننا نسير بشكل صحيح"، وعاد حمزة بعد أيام من رفع اسمه من قوائم ترقب الوصول.

إفراج ثم اتهام

بعد يومين من عودة حمزة، أفرجت السلطات عن الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة، بعد أن قضى حكماً بالسجن خمس سنوات بقرار من محكمة عسكرية بتهمة "نشر معلومات من شأنها الإضرار بالقوات المسلحة" بسبب تصريحات حول امتلاك رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق سامي عنان معلومات حول فساد حكومي، في وقت كان يعتزم فيها عنان الترشح لرئاسة الجمهورية، لكن فور الإفراج عنه، وجهت إلى جنينة تهم الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، وأخلت النيابة العامة سبيله بضمان محل إقامته.

وكان جنينة أحد رموز تيار استقلال القضاء في مصر خلال أواخر عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وعام 2012 عين رئيساً للجهاز المركزي للمحاسبات، أعلى جهاز رقابي على أجهزة الدولة، لكنه أعفي من منصبه في مارس (آذار) 2016 بقرار رئاسي عبر قانون جرى استحداثه في العام السابق، بعد حديثه حول تقارير صادرة بين عامي 2012 و2015، كشفت عن أن تكلفة الفساد في مصر تبلغ 66 مليار دولار.

وتشهد الساحة السياسية المصرية بعضاً من الحراك منذ أبريل (نيسان) من العام الماضي، حين دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القوى السياسية للمشاركة في حوار وطني، وإصدار قرارات بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي والإفراج عن بعض المحبوسين في قضايا ذات طابع سياسي.

ووفق بيانات رسمية، أسهمت لجنة العفو الرئاسي في الإفراج عن أكثر من 1200 شخص خلال نحو 10 أشهر، كما طورت من آلياتها عبر استقبال طلبات المفرج عنهم لإعادتهم لوظائفهم وتوفير فرص عمل جديدة، والإسهام في دمجهم بالمجتمع والتصدي لمحاولات "الوصم السياسي".

تلميع الصورة

عضو مجلس أمناء الحوار الوطني عمرو هاشم ربيع قال لـ"اندبندنت عربية" إن هناك عدداً من الملفات لم تحسم بعد حتى نطلق على عودة فرد واحد فقط من الخارج انفراجة للأوضاع السياسية في مصر.

وأوضح أن الانفراجة برأيه تعني تعديل الأمور الخاصة بالحبس الاحتياطي وقانون انتخابات البرلمان وحق التظاهر والمجتمع المدني والنقابات والأحزاب السياسية والإعلام، إلى جانب كل ما هو متصل بالحريات العامة.

وأشار إلى أن ترك كل هذه الملفات المهمة والاهتمام بالأمور الفرعية قد يشعر البعض بكون ذلك نوعاً من "تلميع الصورة" من دون نوايا حقيقية للتغيير.

وأكد ربيع أن الترويج لخروج المحبوسين وجلسات الإعداد للحوار الوطني بكونها بدايات لانفراجة سياسية وصف غير دقيق، مضيفاً "يجب أن نرى الأمور بنتائجها".

ولفت إلى عدم اجتماع لجان التحضير للحوار الوطني حتى الآن، وعدم خروج بعض القوانين المكملة لدستور عام 2012 المعدل عام 2014.

ووصف إجراءات وتحركات لجنة أمناء الحوار الوطني قبل الدعوة لبدء الجلسات الفعلية بـ"البطيئة"، ولم يستبعد أن يكون الإفراج عن بعض المحبوسين أخيراً محملاً بضغوط الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

يد ممدودة

في المقابل، يرى عضو مجلس أمناء الحوار الوطني جمال الكشكي أن استمرار الإفراجات عن المحبوسين وبينهم شخصيات معروفة هو نتاج عمل لجنة العفو الرئاسي بعد تفعيلها بالتزامن مع دعوة الرئيس السيسي القوى السياسية للحوار الوطني في أبريل الماضي، مؤكداً أن العفو عن المحبوسين وإعادة دمجهم بالمجتمع دليل على اتساع صدر الدولة المصرية للجميع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح الكشكي، في تصريح خاص، أن لجنة العفو الرئاسي أدت إلى خروج نحو 1200 سجين، سواء من الصادر بحقهم أحكام نهائية في قضايا وشملهم العفو الرئاسي، أو من المحبوسين احتياطياً على ذمة قضايا وقامت النيابة العامة المصرية والنائب العام بالإفراج عنهم.

وأكد أن "كل ذلك يؤكد انفتاح الدولة وجديتها في مبادرة الحوار الوطني لتمد يدها للجميع، وسلامة نواياها في إجراء نقاشات وخروج توصيات من أجل مستقبل وحياة أفضل للمصريين".

وأضاف الكشكي أن فعاليات جلسات لجان الحوار الوطني ستنطلق قريباً جداً، منوهاً إلى أنه على رغم مرور أشهر على الدعوة الرئاسية، لكن مجلس الأمناء لم يتباطأ كما يدعي البعض، بل كان حريصاً على مناقشة جميع التفاصيل في إدارة الحوار، لكونه ليس له مثيل أو سابقة تاريخية مرجعية.

وأوضح "أن تؤسس لشيء للمرة الأولى يحتاج لوقت تضع فيه أسساً ليس للمناقشات فقط، لكن حتى الاختلافات في ما بيننا كأعضاء ومشاركين في الحوار الوطني، كما أن المبادرة احتاجت وقتاً للدراسة وتحديد اللجان والموضوعات المطروحة والشخصيات المشاركة على قدر عال من الحكمة والثقافة"، وشدد على أن "المسألة ليست بالسرعة، لكن بالقيمة، ونحن أمام حوار من حيث المضمون وليس الشكل".

ولم تنعقد جلسات الحوار الوطني حتى الآن على رغم دعوة الرئيس لها منذ 10 أشهر، وكتب عضو مجلس أمناء الحوار نجاد البرعي على "تويتر" قبل أيام أن المجلس أنهى أعماله وتحديد موعد بدء الحوار "منوط بأطراف الحوار ذاته، ولا علاقة للمجلس به"، مؤكداً أنه "حتى اللحظة بعض أطراف الحوار غير جاهزة لعملية الحوار وغير مستعدة لبدئه، وعندما يكونون مستعدين سيبدأ الحوار".

من دون ضغوط

عن ربط بعض المراقبين بين الأزمة الاقتصادية والحاجة لدعم مالي دولي والإفراج عن أسماء بعينها أو عودة أحد النشطاء السياسيين المحسوبين على المعارضة، قال الكشكي إن الدولة المصرية تتخذ قراراتها وفقاً للدستور والقانون من دون إملاءات أو ضغوط من أحد، ومصر لن تقبل ضغوطاً أبداً من أحد.

وتشهد مصر أزمة اقتصادية حادة في ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية ومعدلات التضخم، وتراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار بنسبة نحو 100 في المئة منذ مارس الماضي.

وسبق عودة ممدوح حمزة الإفراج عن رجل الأعمال البارز صفوان ثابت، الذي قضى عامين في الحبس الاحتياطي، بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المصنفة إرهابية وتمويلها، ما أثار انتقادات حقوقية دولية لمصر من منظمات مثل العفو الدولية.

ولا يجد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد ارتباطاً بين أي دعم اقتصادي محتمل من الخارج والإفراج عن معارضين، مشيراً إلى غياب دعم اقتصادي دولي حقيقي لمصر حالياً، ووصف برنامج الإقراض من صندوق النقد الدولي بأنه محدود ولا يتناسب مع حجم الأزمة الاقتصادية.

تحركات محدودة

وقال السيد، في تصريح خاص، إنه يجب التدقيق قبل وصف عودة ممدوح حمزة وخروج هشام جنينة بالانفراجة السياسية، موضحاً أن الانفراجة تعني إطلاق سراح جميع المحبوسين في قضايا سياسية، ورفع القيود عن حرية التعبير وهو أمر مستبعد خلال الفترة المقبلة.

وأضاف أن الفترة المقبلة قد تشهد إتاحة لقدر من التنوع بصورة محدودة عبر وسائل الإعلام المختلفة، لكنها لا تنبئ بتعددية وحرية تعبير حقيقية، مشيراً إلى أنه يستبعد الإفراج عن جميع المحبوسين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين (المصنفة إرهابية)، أو المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح.

ولم يعتبر السيد تلك الإجراءات من جانب الدولة دليلاً على وجود انفراجة سياسية ووصفها بالتحركات المحدودة، موضحاً أنه حتى الحوار الوطني لا يجب وضع آمال كبيرة عليه، في ظل عدم تطرقه لأهم الملفات التي تمس الحياة السياسية، مثل تعديل الدستور أو سد النهضة، كما أن ما يخرج منه مجرد اقتراحات ستقدم لرئيس الجمهورية.

ويترقب ممدوح حمزة في 26 أبريل المقبل نظر محكمة أمن الدولة العليا طوارئ إعادة إجراءات محاكمته، بتهمة التطاول على الدولة والتحريض ضدها، وذلك بعد قرار محكمة أمن الدولة قبول التماس بإعادة النظر في القضية التي صدر فيها حكم غيابي بحبس حمزة ستة أشهر وإدراج اسمه على قوائم الإرهاب.

عودة آمنة

كان عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر محمد أنور السادات قد أعلن عن مبادرة "عودة آمنة" تستهدف المصريين المقيمين في الخارج الراغبين في العودة، بشرط ألا يكون صدر ضده حكم قضائي، أو ثبت تورطه في قضايا عنف وتحريض، ولم يثبت انتماؤه لجماعات أو تنظيمات إرهابية، وأن تكون عودته مشروطة بعدم مخالفة القوانين والتشريعات الوطنية ودستور البلاد، في حال الرجوع لممارسة العمل السياسي أو أي نشاط اجتماعي مدني.

وقال السادات، في تصريحات تلفزيونية، إنه يمكن توقع إصدار عفو عام من جانب الرئيس السيسي عن المحبوسين السياسيين، خلال إفطار الأسرة المصرية خلال شهر رمضان المقبل، وهي المناسبة التي اعتاد السيسي تنظيمها كل عام بحضور ممثلين عن أطياف مختلفة من الشعب المصري.

كما لاقى نبأ عودة ممدوح حمزة لمصر ترحيباً من جانب كثير من المراقبين، حيث كتب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة، عبر حسابه على "تويتر"، "أسعدتني جداً عودة الدكتور ممدوح حمزة إلى أرض الوطن، نرجو أن تكتمل هذه الخطوة المهمة بعودة كل المخلصين من المنافي، والإفراج عن كل المعتقلين ظلماً والسماح لكل الممنوعين من السفر والإفراج عن كل المتحفظ على أموالهم، آن الأوان فعلاً لفتح صفحة جديدة في كتاب الوطن".

وخلال السنوات العشر الماضية غادر مصر كثير من المعارضين السياسيين، سواء من المرتبطين بجماعة الإخوان أو غيرهم، ولا يوجد إحصاء في شأن المحبوسين على ذمة قضايا سياسية، لكن منظمات حقوقية تقدرهم بالآلاف فيما تنفي الحكومة المصرية ذلك.

المزيد من تقارير