Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما بعد زيارة البابا: من يحدد مصير لبنان؟

المطلوب مساعدة لبنان على إعفائه من الاستمرار في دفع الأثمان الكبيرة لأخطاء استراتيجية ارتكبتها ولا تزال الفصائل المرتبطة بالحرس الثوري

البابا لاوون الرابع عشر يلقي خطاباً بجوار الرئيس اللبناني جوزاف عون عند مغادرته مطار بيروت الدولي، 2 ديسمبر 2025 (أ ف ب)

ملخص

الكل يأمل في أن يتمكن البابا لاوون الرابع عشر عبر علاقات الفاتيكان مع القوى النافذة وحرصه على حماية لبنان والحفاظ على هويته من أن يرفع عن البلد-الرسالة كأس الحرب المدمرة التي تهدد بها إسرائيل إن لم يستطع مجلس الوزراء اللبناني سحب السلاح من "حزب الله" الرافض تسليم سلاحه إلى الجيش.

أربعة باباوات زاروا لبنان حتى اليوم، آخرهم لاوون الرابع عشر، وأهم ما في الزيارات، كما بالنسبة إلى الأحداث ومرور الشخصيات الفاعلة هو ما يركز عليه جاك دريدا: "الأثر" الذي يبقى، فما الذي بقي من "الإرشاد الرسولي" الذي جاء به البابا يوحنا بولس الثاني، قائلاً إن "لبنان أكثر من بلد، إنه رسالة حرية ونموذج في التعددية للشرق كما للغرب"؟

ماذا عن إشارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان القادر على "الولادة من جديد" في استعادة لقول البابا فرنسيس الذي عرقلت الظروف زيارة له مقررة إلى لبنان إنه يأمل في أن "يواصل لبنان بمساعدة المجتمع الدولي السير على طريق الولادة الجديدة"؟

هل تصالح القادة المتخاصمون الذين جلسوا جنباً إلى جنب في حضرته؟ هل فتحت الكنيسة المحلية باب الإصلاح والتعليم من دون أقساط مرهقة، وأقامت المشاريع التي تقدم فرص عمل للشباب وتضمن التجذر في الأرض بدل الهجرة؟ وهل أعاد النافذون ما سطوا عليه من المال العام والخاص إلى أصحابه أو بدأت محاسبتهم؟ هل تخلى أصحاب القوة عن ظلم الضعفاء؟ وهل تراجع المراهنون على الحرب أمام المؤمنين بالسلام الذي كان العنوان الأبرز في خطاب البابا الزائر؟

الفرصة مفتوحة، وإن كانت المصالح عنيدة، وكل ما حدث حتى الآن هو مسارعة المرجعيات السياسية والروحية إلى وضع قضية لبنان في يد البابا، وليس ذلك غريباً، بصرف النظر عن التذكير كالعادة بتساؤل ستالين الساخر خلال الحرب العالمية الثانية عن عدد الفرق العسكرية لدى الفاتيكان، فالقوة الناعمة لدى الفاتيكان مؤثرة جداً، والبابا يوحنا بولس الثاني تمكن بالتعاون مع الرئيس رونالد ريغان من دعم ثورة ليخ فاليسا في بولندا وإيصاله إلى الرئاسة، وكانت هذه البداية في ما قاد إلى انهيار جدار برلين ثم انهيار الاتحاد السوفياتي نفسه وسقوط الأنظمة في المعسكر الاشتراكي.

الكل يأمل في أن يتمكن البابا لاوون الرابع عشر عبر علاقات الفاتيكان مع القوى النافذة وحرصه على حماية لبنان والحفاظ على هويته من أن يرفع عن البلد-الرسالة كأس الحرب المدمرة التي تهدد بها إسرائيل إن لم يستطع مجلس الوزراء اللبناني سحب السلاح من "حزب الله" الرافض تسليم سلاحه إلى الجيش.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن الواقع أن مصير لبنان يبدو في يد أكثر من قوة خارجية من حيث يجب أن يكون في أيدي اللبنانيين وحدهم. فالمرشد الإيراني علي خامنئي يتصرف على أساس أن مصير لبنان والمنطقة في يده منذ أسست طهران الفصائل الأيديولوجية المسلحة المرتبطة بالحرس الثوري في بلدان عدة، وهو يقول حتى بعد هزيمة "حزب الله" في "حرب الإسناد"، إن "’حزب الله‘ ثروة كبيرة للبنان وغير لبنان ولا تنبغي الاستهانة به"، ومستشاره الأعلی علي أکبر ولايتي يرى "أن لبنان في حاجة إلى ’حزب الله‘ أكثر من حاجته إلى الخبز والماء".

ونتنياهو يستخدم كل الأسلحة المتاحة له أميركياً لوضع مصير لبنان والمنطقة في يده، وفرنسا تعمل تاريخياً على أساس أن مصير لبنان هو من الأولويات في اهتمامات الرؤساء من الجنرال ديغول إلى إيمانويل ماكرون، والأشقاء العرب يستخدمون ما في أيديهم من أوراق للحفاظ على مصير لبنان العربي، والرئيس دونالد ترمب أكثر من أي رئيس أميركي سبقه يربط مصير لبنان بمشروعه للسلام في الشرق الأوسط، ويحرص على صداقته مع أميركيين من أصل لبناني، إذ يعيّن توم براك الذي أصوله من زحلة سفيراً لدى تركيا وموفداً إلى سوريا ولبنان، وميشال عيسى المتحدر من بسوس سفيراً لدى بيروت، ومسعد بولس والد صهره مستشاراً للشؤون العربية ومكلفاً التوسط لوقف الحرب في السودان.

والأنظار موجهة بالطبع إلى ترمب، فالأكثرية اللبنانية والعربية والأوروبية إلى جانب الفاتيكان تراهن عليه لضبط نتنياهو مع الإصرار على سحب السلاح من "حزب الله"، وتأمل في مواجهة واشنطن لما يخطط له خامنئي من إعادة تسليح "المقاومة الإسلامية" وتمويلها ودفعها إلى ممانعة المواقف الرسمية، والاستعداد لحال حرب مع إسرائيل لا تحرر فلسطين وإنما تعرقل بناء مشروع الدولة الوطنية في لبنان وسوريا والعراق واليمن.

والمطلوب مساعدة لبنان على إعفائه من الاستمرار في دفع الأثمان الكبيرة لأخطاء استراتيجية ارتكبتها ولا تزال الفصائل المرتبطة بالحرس الثوري، عملية "طوفان الأقصى" على يد "حماس" كانت نجاحاً في التدبير، وغلطة في التقدير، إدارة العملية كشفت أن إسرائيل ليست القلعة المحصنة كما تدّعي، وأن شعبها هش، وتقدير رد الفعل الإسرائيلي والاندفاع العربي والإسلامي إلى الزحف على إسرائيل كان خيالاً دفعت غزة ومعها لبنان والمنطقة ثمنه. و"حرب الإسناد" التي بدأها "حزب الله" كانت غلطة مزدوجة: تحديد سقف للحرب تخطته إسرائيل إلى حرب شاملة مدمرة، وتجاهل المتغيرات والتحولات العربية والإقليمية والدولية عبر تحميل لبنان المتعب والمنهك أثقالاً مهمة أكبر منه ومن "حزب الله" وإيران.

والمفارقة بعد كل هذا أن يعترض "الحزب" على تعيين مفاوض مدني في إطار لجنة "الميكانيزم" للتفاوض على إخراج الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب، الذي حدث بسبب "حرب الإسناد" وظهر أن المعترض عاجز عن استخدام السلاح لإخراج المحتل، و"الآمال ما تقيدت بأسباب والأماني ما تجردت عنها" حسب الحديث الشريف.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء