ملخص
يحذّر تقرير سري للبنتاغون من أن أي تدخل عسكري أميركي في حرب حول تايوان قد ينتهي بهزيمة أمام الصين، بسبب قدرة بكين على تحييد المقدّرات الأميركية منذ اللحظات الأولى للنزاع. التفوق الصيني في الصواريخ الدقيقة والفرط صوتية، والقدرات الفضائية، يقابله اعتماد أميركي على أسلحة باهظة وبطيئة التعويض، مع تآكل المخزونات وضعف القاعدة الصناعية.
خلص تقريرٌ تقييمي سري للغاية صادر عن وزارة الدفاع الأميركية إلى أن الجيش الأميركي قد يتكبد هزيمةً على يد الصين، إذا ما حاولت قواته التدخل في حرب قد تشنها بكين على تايوان.
الوثيقة السرية التي جاءت تحت عنوان "موجز التفوق العسكري"، نبهت إلى أن المناورات الحربية التي أجراها البنتاغون لمحاكاة غزوٍ صيني لتايوان، أظهرت أن بكين قادرةٌ على شل حركة أسراب المقاتلات الأميركية، والسفن الحربية الكبرى، وحتى شبكات الأقمار الاصطناعية، قبل أن تتمكن من الانتشار بشكل فعال.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" فقد أظهر التقرير - الذي أعده "مكتب التقييم الصافي" في البنتاغون [مكتب تابع لوزارة الدفاع الأميركية، أُسس عام 1973، وكان يعمل كجهة تحليل استراتيجي تُعنى بتقدير التهديدات والفرص الاستراتيجية الطويلة الأمد التي تواجه الولايات المتحدة، قبل أن يقرر الرئيس دونالد ترمب إغلاقه في مارس (آذار) 2025] - أن اعتماد الولايات المتحدة على منظومات تسليح متقدمة وباهظة الكلفة يجعل هذه المنظومات عرضةً للاستهداف والتحييد عبر أعداد كبيرة من الأسلحة الصينية الأرخص التي يمكن إنتاجها وتعويضها بسرعة.
حذّر التقرير من أن الصين طورت قدرةً على تحييد المقدّرات العسكرية الأميركية الحيوية منذ اللحظات الأولى لأي نزاع.
ويأتي ذلك بعد أيام من تحذيرٍ أطلقه غو جياكون، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، دعا فيه الولايات المتحدة إلى "التعامل مع قضية تايوان بأقصى درجات الحذر".
تقرير البنتاغون الذي سُلم أخيراً إلى كبار المسؤولين في البيت الأبيض، يشير إلى أن ترسانة الصين التي تشهد تطوراً سريعاً - لا سيما الصواريخ الدقيقة البعيدة المدى، والأسطول المتنامي من الطائرات المتطورة، والسفن الكبيرة، والقدرات المضادة للأنظمة الفضائية - تضع الآن القوات الأميركية في وضعٍ حرجٍ من الناحية العملياتية في المنطقة.
ويضيف التقرير أن الصين راكمت ترسانةً تضم نحو 600 سلاح فرط صوتي، وهي منظوماتٌ "تستطيع التحليق بسرعةٍ تعادل خمسة أضعاف سرعة الصوت، ويصعب اعتراضها". ويُعد "مكتب التقييم الصافي" وكالةً حكومية تعمل بمثابة مركز دراساتٍ استراتيجية داخل البنتاغون.
ووفقاً لما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن أحد كبار المسؤولين في مجال الأمن القومي في إدارة الرئيس جو بايدن، شحب وجهه عندما تلقى إحاطةً عن تقرير "التفوق" في عام 2021، وذلك بعدما أدرك أن "كل ورقة قوة أميركية، قابلتها الصين بطبقات متراكبة من القدرات البديلة الجاهزة للاستخدام"، وهو ما ذكره أحد المسؤولين الذين كانوا حاضرين في حينه.
تجدر الإشارة إلى أن الصين تنظر إلى تايوان على أنها جزءٌ لا يتجزأ من أراضيها، وتصر على أن الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، يجب أن يُعاد توحيدها مع البر الرئيسي الصيني، ولو بالقوة إذا لزم الأمر.
لكن تايوان في المقابل، ترى نفسها دولةً مستقلة ذات سيادة، وتؤكد أن أي تغييرٍ في وضعها يجب أن يحدده شعبها، وذلك عبر الوسائل الديمقراطية، لا أن يُفرض عليها من جانب بكين.
وعلى رغم أن بكين لم تحدد موعداً نهائياً للهجوم على تايوان، فإن التقييمات الاستخبارية التي أجرتها القوى الغربية تشير إلى أن الصين قد تبدأ مساعيها للاستيلاء على الجزيرة في وقتٍ مبكرٍ من عام 2027 - وهو جدول زمني يتوافق مع أهداف الرئيس الصيني شي جينبينغ لتحديث الجيش.
ويلفت التقرير الأميركي إلى أن الصين يمكنها تدمير عددٍ من الأسلحة المتطورة التي تملكها الولايات المتحدة - مثل حاملات الطائرات - قبل أن تصل حتى إلى تايوان، وذلك باستخدام صواريخ قامت بمراكمتها على مدى الأعوام الـ20 الماضية.
ووفقاً للتقييم، فإنه في المناورات الحربية التي تحاكي سيناريوهات ساحة المعركة، غالباً ما تكون حاملة الطائرات الأحدث التابعة للبحرية الأميركية عاجزة عن الصمود أمام الهجوم.
في هذا الإطار، أعطى التقرير مثل حاملة الطائرات الأميركية الأحدث "يو أس أس جيرالد آر. فورد"، التي بلغت كلفة بنائها 13 مليار دولار، ودخلت الخدمة في عام 2022، والتي على رغم ما تملكه من تقنياتٍ متطورة - بما فيها مفاعلات نووية هي الأكثر تقدماً – فإنها ستكون عاجزة عن الصمود أمام هجوم صيني.
ويخلص التقرير إلى أن حاملة الطائرات "فورد"، على رغم فاعليتها في مواجهة قوى أضعف مثل فنزويلا، تظلّ عرضةً بشكل قاتل لأنماط جديدة من الهجوم.
التقرير استند أيضاً إلى أمثلةٍ واقعية، إذ تواصل الحرب في أوكرانيا ضد روسيا اختبار فاعلية الأسلحة الغربية في ساحات القتال، بينما يعمل خصوم الولايات المتحدة على رصد مواطن القوة والقصور فيها.
وحذّر التقييم من أن الولايات المتحدة لم تعد تمتلك القدرة الصناعية اللازمة لإنتاج أسلحة وذخائر بالسرعة والحجم المطلوبين لخوض صراع طويل الأمد مع قوة عظمى.
وأشار إلى أن واشنطن باتت تتخلف عن بكين وموسكو في تطوير الأسلحة المتقدمة بوتيرة سريعة، "نتيجة اعتمادها المفرط على منظومات تسليح باهظة الكلفة وعرضة للتحييد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث قد قال في وقتٍ سابق خلال محاكاة أجراها البنتاغون لحربٍ محتملة مع الصين، إن الولايات المتحدة "تخسر في كل مرة"، متوقعاً أن تكون صواريخ الصين الفرط صوتية قادرة على تدمير حاملات الطائرات الأميركية خلال دقائق.
وأضاف أن الولايات المتحدة أصبحت أكثر عرضة للخطر، لأن مخزونها من الصواريخ قد استُنفد بالفعل نتيجة الدعم الذي تقدمه لكل من إسرائيل وأوكرانيا.
يُذكر أنه سبق لمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أن حذر من أن الولايات المتحدة ستستنفد مخزونها من الذخائر الحيوية بسرعة كبيرة في حال اندلاع حرب مع الصين.
ووفقاً لتحليلات داخلية أجرتها وزارة الدفاع الأميركية، فإن الصين تتفوق في الوقت الحالي بفارقٍ كبير على الولايات المتحدة في جميع فئات صواريخ "كروز" والصواريخ الباليستية تقريباً، على رغم أن كلا البلدين يمتلكان نحو 400 صاروخ باليستي عابر للقارات.
وأفادت تقارير بأن واشنطن أنفقت نحو ربع مخزونها من صواريخ الاعتراض العالية الارتفاع أثناء دفاعها عن إسرائيل خلال وابل الصواريخ الباليستية الإيرانية الذي استمر 12 يوماً في يونيو (حزيران).
إشارة أخيراً إلى أن "اندبندنت" تواصلت مع كل من وزارتي الحرب والخارجية في الولايات المتحدة للتعليق على الموضوع.
© The Independent