Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فشل انتخاب رئيس للبنان... نواب يعتصمون وآخرون يهددون بتعليق المشاركة

يسجل حراك داخل المعارضة لتأمين توافق بين الكتل وبمساعدة بكركي للاتفاق على مرشح قوي يتوافق عليه الفريق المسيحي

موقفان خرقا رتابة جلسة انتخاب الرئيس الـ11 التي كانت من حيث نتيجتها السلبية، بعدم انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، مشهداً مكرراً للجلسات السابقة.

الموقف الأول اعتصام أربعة نواب داخل قاعة مجلس النواب ورفض المغادرة حتى انتخاب رئيس، والموقف الثاني تهديد كتلة الحزب التقدمي الاشتراكي (اللقاء الديمقراطي) بتعليق مشاركتها في الجلسات إذا استمر السيناريو نفسه. ففي سابقة لم تشهدها جلسات انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان حتى في زمن الاصطفافات الحادة بين قوى "14" و"8" آذار، أعلن النائب عن قوى التغيير ملحم خلف والنائبة نجاة صليبا البقاء داخل القاعة العامة للبرلمان وعدم المغادرة إلى حين تحويل الجلسات مفتوحة حتى انتخاب رئيس للجمهورية، وانضم إليهما لاحقاً النائبان من الكتلة نفسها سينتيا زرازير وفراس حمدان، وعبر خلف في بداية الجلسة عن خجله من نفسه كنائب يطالبه الشعب بالحليب والدواء والكهرباء والمياه والخبز، فيما تتكرر مشهدية عبثية -كما قال- تكرس عجز مجلس النواب عن انتخاب رئيس للجمهورية.

وبدا رئيس مجلس النواب نبيه بري كأنه غير معني بموقف خلف وصليبا، واكتفى بالقول أثناء مغادرته القاعة في ختام الجلسة "هذه الألاعيب ما بتمشي عليي" عندما طالبه خلف مجدداً بفتح دورة ثانية لانتخاب الرئيس.

 

وارتفع، مساء الخميس 19 يناير (كانون الثاني)، عدد المعتصمين من النواب داخل القاعة في محاولة لفرض فتح دورات انتخاب متتالية حتى انتخاب رئيس جديد، وانضم إلى خلف وصليبا النواب التغييريون وضاح الصادق وبولا يعقوبيان وحليمة قعقور، إضافة إلى النائب إلياس حنكش من كتلة حزب "الكتائب" والنائب وليد البعريني من كتلة "الاعتدال"، وآخرون من كتل نيابية معارضة، وأعلنوا المبيت في قاعة المجلس واضطروا إلى استخدام هواتفهم الخلوية لإضاءة القاعة. وكتب البعريني على صفحته على "فيسبوك"، "نتشارك الألم حتى نضوج الأمل".

وفيما أكد مصدر نيابي معارض أن خطوة خلف فيها كثير من الحدة والشعبوية وهي لن تؤدي إلى أي مكان طالما أنه سيضطر مع الآخرين في النهاية إلى التراجع عنها ومغادرة مجلس النواب لاستحالة البقاء هناك، أسف عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص لعدم مشاركة النواب الذين قرروا الاعتصام فكرتهم مع الجميع، وسأل "ما الذي منعهم من ذلك ولماذا لم يضعونا في جو ما كانوا يريدون القيام به مسبقاً والتنسيق مع المعارضة بالأمر، وعندها كل واحد يتحمل مسؤولية خياراته؟". وأكد أن معرفة موقفهم في الجلسة يدل على ألا رغبة لديهم بالتنسيق مع أي أحد، مضيفاً "أترك للرأي العام وضع الوصف المناسب لمواقف يتخذها بعضهم بلا موافقة عليها منهم كمجموعة، وبلا تنسيق مع باقي نواب المعارضة".

 

هل تتخذ المعارضة قراراً جامعاً بالمقاطعة؟

موقف آخر خرق المشهدية المكررة في جلسات انتخاب الرئيس تمثل في تهديد النائب هادي أبوالحسن باستعداد نواب "اللقاء الديمقراطي" الثمانية الذين يصوتون مع المعارضة لصالح النائب ميشال معوض، تعليق مشاركتهم في جلسات انتخاب الرئيس المقبلة إذا استمرت هذه الدوامة المملة، كما قال أبوالحسن، مشدداً في بداية الجلسة على ضرورة الخروج من الجمود القاتل للوطن، وإذ أوضح أن موقفهم لا يعني تغييراً أو تموضعاً سياسياً جديداً، من خلال التأكيد أنهم ثابتون على خياراتهم السياسية، دعا كل الكتل النيابية إلى التشاور حتى الجلسة المقبلة لكسر الجمود وإلا فسينفذون تهديدهم بتعليق مشاركتهم في الجلسات. قرار "اللقاء الديمقراطي" قد يتبعه قرار مماثل من قبل تكتل "الجمهورية القوية" وسط معلومات عن أن حزب "القوات اللبنانية" قد يكون له التوجه نفسه، أما الهدف منه فهو، بحسب مصادر نيابية في "اللقاء الديمقراطي" دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى التحرك وتغيير الدينامية المتبعة حالياً في جلسات انتخاب الرئيس. وقد بدا لافتاً حديث عدد من النواب في المعارضة عن استراتيجية جديدة يعمل عليها بعيداً من الأضواء داخل قوى المعارضة مع المستقلين والتغييريين، إضافة إلى تأكيد مرشح القوى السيادية النائب ميشال معوض "أن هناك خيارات وأفكاراً قيد التداول لمواجهة التسخيف الحاصل للاستحقاق الرئاسي ووقف المسرحيات السمجة التي تتكرر من أسبوع إلى أسبوع"، لكن معوض كان حازماً بعدم الرضوخ لأي مساومة أو تسوية قد تعيد البلاد إلى مرحلة تشبه السابقة.

 

 

رسائل ودلالات في توزع الأصوات

ولا شك أن جلسة انتخاب الرئيس الـ11 كرست مجدداً عمق الانقسام العمودي بين الكتل النيابية في مجلس النواب وعدم قدرة أي فريق على إيصال مرشحه المعلن أو غير المعلن. وحملت الأرقام التي أظهرها صندوق الانتخاب العديد من الرسائل في أكثر من اتجاه. وأبرز المؤشرات كان تراجع عدد الأوراق البيضاء التي بلغت 37، مقارنة مع 60 في الجلسات الأولى، علماً بأن عدد الأوراق البيضاء في الجلسة العاشرة قبل الدخول في عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة كان أيضاً 37، والرقم يعني أن التوتر الحاصل في العلاقة بين "حزب الله" وحليفه "التيار الوطني الحر" لا يزال على حاله، وأن الرسائل المتبادلة، على خلفية تأمين وزراء الحزب جلسات حكومة تصريف الأعمال التي يعتبرها "التيار" مخالفة للدستور، مستمرة.

وكان لافتاً تجنب رئيس كتلة "حزب الله" النائب محمد رعد أثناء مغادرته القاعة مباشرة بعد التصويت إلقاء التحية على النائب جبران باسيل (رئيس تكتل لبنان القوي)، إذ رد "التيار الوطني الحر" على تحجيمه حكومياً بتحجيم الحاصل الانتخابي للورقة البيضاء، وبورقة كتب عليها الأولويات الرئاسية صوت سبعة نواب من التكتل، فيما صوت تسعة بورقة بيضاء وبقي النائب إلياس بو صعب على خياره المتمايز في التكتل أيضاً بالتصويت لزياد بارود. في المقابل، تراجع عدد المصوتين أيضاً للنائب ميشال معوض إلى 34، علماً بأن من بين النواب الغائبين ثلاثة يصوتون لمعوض.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان لافتاً انتقال عدد من النواب من ضفة معوض أو من خيار الورقة التي تحمل شعارات إلى تكتل "ورقة لبنان الجديد" وهم في غالبيتهم من النواب السنة، في رسالة واضحة بأنهم سيكونون "بيضة القبان" في أي سيناريو محتمل، وقد بلغ عدد المصوتين بورقة لبنان الجديد 14 بعد أن كان ستة في الجلسة الماضية. وكشفت مصادر نيابية عن أن بعض النواب، ومن بينهم نواب حزب "الكتائب"، اقترحوا، عشية الجلسة، التصويت لمعوض لكن مع إضافة عبارة العدالة لضحايا الرابع من أغسطس (آب) (تفجير مرفأ بيروت)، لكن الاقتراح سقط على اعتبار أن خطوة كهذه تعني التراجع عن خيار معوض، الأمر الذي لا يبدو محسوماً في المرحلة الحالية، كما يقول مصدر رفيع في المعارضة طالما الفريق الآخر متمسك بتعطيل الجلسات حتى انتخاب رئيس من صفوفه.

 مبادرة جديدة وبوساطة بكركي

وبحسب مصدر نيابي، يستعد رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى اعتماد مقاربة جديدة لجلسات انتخاب رئيس للجمهورية، وقد تكون في إعلان دعم مرشحهم رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، والانتقال بشكل علني من خيار الورقة البيضاء إلى التصويت لفرنجية في وجه مرشح المعارضة النائب ميشال معوض. ويراهن بري مع "حزب الله" على أن خطوة كهذه ستوحي بأن الأمور باتت جدية، وقد يدفع ذلك رئيس "التيار الوطني الحر" إلى الانضمام إلى هذا الخيار. في الموازاة، يسجل حراك داخل المعارضة يقوم به النائب المستقل غسان سكاف، الذي يعمل على تأمين توافق بين الكتل وبمساعدة بكركي (البطريركية المارونية) للاتفاق على مرشح قوي يمكن أن يتوافق عليه الفريق المسيحي، أي "القوات اللبنانية" و"الكتائب" و"التيار الوطني الحر"، والمهمة، بحسب سكاف، ليست صعبة، وهو في تواصله مع الكتل الثلاث لقي استعداداً للبحث. وأكد سكاف أن المسعى القائم هو في حصر عدد المرشحين بثلاثة فقط، على أن تطرح هذه السلة من الأسماء ومن بينها سليمان فرنجية، لضمان بقاء نواب من الفريق الآخر بالتالي تأمين النصاب، وتحصل جلسات متتالية ولا يغادر النواب المجلس حتى انتخاب الرئيس.

ويسعى سكاف بمساعدة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى إقناع رئيس "التيار الوطني الحر" بأن يكون من ضمن الموقف المسيحي الملتف حول مرشح واحد، وعندها سيكون على كل فريق مهمة جذب أصوات من المقلب الآخر وقد تكون المهمة أصعب في صفوف فريق "الممانعة" على حد قول سكاف. حتى الآن هناك أسماء مقترحة يتم التداول بها ومنها لم يضع أي فريق فيتو عليها، والعمل، بحسب المعلومات، جار على استقطاب الصوت السني، الذي سيكون هو "بيضة القبان" في المرحلة المقبلة، وهذا ما يفسر ارتفاع عدد النواب الذين صوتوا بورقة لبنان الجديد، في رسالة واضحة لاستعدادهم على التفاوض ككتلة واحدة.

المسافة لا تزال بعيدة

وفي وقت كان نائب رئيس حزب "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان يجدد من أمام مجلس النواب تمسك المعارضة بالنائب ميشال معوض مرشحاً لرئاسة الجمهورية، جازماً أنهم لن يقبلوا إلا برئيس سيادي يعيد بناء الدولة، كان الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، وبعد ساعات قليلة على تعطيل نصاب الجلسة الأولى في هذا العام، يكرر المواصفات المطلوبة في الرئيس الجديد وهي أن يكون "شجاعاً مستعداً للتضحية ولا يهمه تهديد الأميركيين وهناك نماذج موجودة". أضاف "نريد رئيساً إذا نفخوا عليه الأميركيون ما يطير من قصر بعبدا على البحر المتوسط".

ولم يكن قد مضى على موقف "اللقاء الديمقراطي" المهدد بمقاطعة الجلسات إذا استمر الجمود الرئاسي سوى ساعات، حتى لفتت زيارة وفد من "حزب الله" إلى كليمنصو حيث منزل رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، وضم الوفد المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين خليل ورئيس لجنة الارتباط في الحزب الحاج وفيق صفا، واكتفى الطرفان بوضع اللقاء في إطار عرض المستجدات والاستحقاقات. علماً بأن الزيارة تأتي أيضاً بعد انتقاد جنبلاط لما كان أعلنه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عن ضرورة إعادة النظر سياسياً في كل التركيبة اللبنانية وتركيبة الدولة إذا تمكن "حزب الله" من الإتيان برئيس للجمهورية يريده، وهو ما استغربه جنبلاط وعلق بالقول "هل هذا وقت مناسب للخوض في مسألة تعديل التركيبة؟"، مضيفاً "المطلوب تطبيق اتفاق الطائف قبل أن يدعو السيد جعجع أو غيره إلى أي طرح من هذا النوع".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير