أشارت وثائق بريطانية تم الكشف عنها أخيراً في المملكة المتحدة، إلى أن رئيس الوزراء الأسبق توني بلير تملكه سخط شديد من وزيرته لشؤون إيرلندا الشمالية مو مولام، بسبب تصميمها على تحرير قوانين المخدرات، على رغم معارضة شخصيات حكومية بارزة أخرى لهذا المنحى.
وكان بلير قد كلف في عام 2000، الوزيرة السابقة لإيرلندا الشمالية مهمة ترؤس اللجنة المسؤولة عن تنسيق سياسة حكومة حزب "العمال" آنذاك في شأن مكافحة المخدرات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بيد أن الملفات التي تم إرسالها للنشر في الأرشيف الوطني National Archives في ضاحية "كيو" Kew غرب العاصمة لندن، تظهر أن الوزيرة مولام سرعان ما تورطت في سلسلة من الخلافات مع شخصيات حكومية بارزة أخرى، الأمر الذي دفع برئاسة الوزراء في "10 داونينغ ستريت" إلى إصدار تنبيهات لها بأنها تقوم بخرق القواعد الوزارية.
وكان السبب في ذلك تقرير صادر عن "مؤسسة الشرطة" Police Foundation (مؤسسة خيرية تعنى بدعم احتياجات أقسام الشرطة عند حدوث نقص في التمويل) أوصى بضرورة إعادة تصنيف مسألة حشيشة القنب، معتبراً أن حيازتها ينبغي ألا تكون جريمة يعاقب عليها بالسجن.
وعلى رغم رفض الحكومة البريطانية لتلك النتائج، إلا أن الوزيرة مو مولام كتبت إلى وزير الداخلية آنذاك جاك سترو، تحضه على النظر في "التكاليف الاجتماعية والمالية لسوق منظمة" لحشيشة القنب.
"لا يمكننا التعامل مع هذا الوضع ما دامت مو في موقعها. إنها تقوم بما تراه هي... علينا فقط تدبّر الأمر في الوقت الراهن"
توني بلير
في غضون ذلك، تحدت مولام "قيصر مكافحة المخدرات" التابع للحكومة - وكان آنذاك رئيس الشرطة السابق كيث هيلاويل - في ما يتعلق بموقفه المصر على أن القنب يجب أن يعامل على أنه "وسيلة" للوصول إلى مخدرات أكثر إدماناً كالهيرويين أو الكوكايين.
ليز لويد التي كانت مستشارة السياسات في "مقر رئاسة الوزراء، بعثت برسالة إلى رئيس الحكومة بلير تنبهه فيها إلى أن أسلوب المواجهة الذي تتبعه السيدة مولام، ينذر بخطر تقويض نهج الحكومة برمته حيال تلك القضية.
وجاء في رسالتها: "كما هي الحال دائماً، توجد اختلافات في وجهات النظر التي يتبناها الذين يتولون قيادة ملف المخدرات، ولا سيما بين آراء مو وتلك التي يتبناها قائد الشرطة كيث هيلاويل. وفي ما يتعلق بالسؤال عما إذا كان الحشيش يقود إلى إدمان مخدرات أخرى كالهيرويين وغيره من المواد الخطرة، فإن الاختلاف يعد واضحاً بشكل خاص مع قول كيث إنه كذلك، وكلام مو على أنه ليس كذلك".
ورأت لويد أن "بنية اللجنة لا يمكن ببساطة أن تعمل على نحو صحيح، خصوصاً عندما تتخذ رئيستها (مو) وجهة نظر متعارضة للغاية مع أحد أعضاء اللجنة (كيث) وتستخدم هذا الموقف للمضي قدماً. وفي المقابل، شجع هذا الأمر بعض الوزراء للمضي في قراراتهم الخاصة. وواصل كل من جاك (سترو) و(وزير الصحة) آلان (ميلبورن)، اتخاذ خياراتهما نظراً إلى أن سلطات اللجنة كانت محدودة.
وفيما رد السيد بلير بأنه يشارك مستشارته إحباطها، إلا أنه أقر بأنه لم يكن بإمكانه القيام بكثير في حال استمرت السيدة مولام في منصبها. وقال في ملاحظة مكتوبة بخط يده: "لا يمكننا التعامل مع هذا الوضع ما دامت مو في موقعها. إنها تقوم بما تراه هي. لكنني أؤيد وجهة نظر كيث هيلاويل، وعلينا فقط تدبّر الأمر في الوقت الراهن".
تجدر الإشارة إلى أن الوزيرة السابقة مولام التي نجت من ورم في الدماغ، كانت إحدى الشخصيات الأكثر شعبية واستقطاباً للأضواء داخل حكومة حزب "العمال" تلك، بعد "اتفاق الجمعة العظيمة" Good Friday Agreement (الذي وضع حداً لحرب الأهلية في إيرلندا الشمالية).
لكن شعبيتها لقيت استياء بعض المحيطين برئيس الوزراء بلير، الذين اعتقدوا أن دورها في عملية السلام في إيرلندا الشمالية كان مبالغاً فيه، وقد لقيت مصاعب في تولي دور جديد، بعد نقلها إلى "مكتب مجلس الوزراء" في عام 1999.
وكانت أنجي هانتر وهي إحدى أقرب مساعدي توني بلير قد قالت في مايو (أيار) عام 2000، إنهم كانوا ينظرون في عدد من الخيارات، من خلال تنسيق أدوارهم في سياسة مكافحة المخدرات وهي "الأكثر أهمية".
في غضون ذلك، تحدّثت السيدة مولام عن أنها كانت ترغب في النزول إلى الطرقات لزيارة مراكز إعادة التأهيل من المخدرات وعقد اجتماعات حزبية.
أما ديفيد ميليباند الذي كان يعمل أيضاً في "10 داونينغ ستريت"، فأشار إلى ما سماه "جولة أخبر مو" Tell Mo Tour التي كانت تتقدم في جميع أنحاء البلاد "بطريقة غلادستونية إلى حد ما"، في إشارة إلى رئيس الوزراء الليبرالي في القرن الـ19 (الذي كانت سياساته تعتمد على إنفاق حكومي محدود وضرائب منخفضة وحرية الأفراد في الاختيار).
وكتبت السيدة هانتر تقول: "كانت تتجول في المجمعات السكنية، والمراكز المجتمعية، ومكاتب التجديد المحلية، والاجتماعات العامة، وتكتشف بنفسها ما يشعر به الناس حقاً تجاه سياساتنا على أرض الواقع".
وأضافت: "سيقدم المسؤولون الذين يرافقونها اقتراحات بناءة لكل قسم في ما يتعلق بالقضايا التي أثيرت في هذه الاجتماعات. وستكون الجولة مرفقة باستخدام التكنولوجيا الحديثة، مثل موقع الوزيرة مو على شبكة الإنترنت، بحيث تقضي ساعة يومياً في الرد على رسائل البريد الإلكتروني التي تتلقاها".