Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المخدرات في العالم العربي... "أبطالها" مهزومون

ابتكار في التهريب وارتفاع في نسب التعاطي وتنتشر في المدارس والجامعات ونقص في أعداد مراكز التأهيل

ابتكارت في طرق التهريب (أ ف ب)

ثمة حكاية أسطورية في الريف المصري عن فتاة جميلة تظهر في الحقل ليلاً لتنادي على من تريد من شباب القرية، فتسلب عقله ويظل يبحث عن "النداهة" في طريق بلا عودة، هكذا حال الطريق إلى المخدرات الذي يفقد سالكوه أموالهم وصحتهم وأحياناً حياتهم.

وعلى الرغم من أن إدمان المخدرات أزمة قديمة، إلا أن أشكال وأصناف المخدر زادت في السنوات الأخيرة وباتت تداعياتها أكثر خطورة، حيث ظهرت حوادث غريبة على المجتمع كان القاسم المشترك بينها هي الأنواع الجديدة من المخدرات. والمفارقة أن الابتكار بات صفة تُلازم المروّجين في العالم العربي، خاصة بعد أن باتت المخدرات عابرة للمدن والدول والحدود. وتتنوع ابتكارات التهريب عبر الحدود، برية كانت أم بحرية، بين الفواكه والغواصات والحمير والعديد من الطرق الأخرى.

في المقابل، لم يعد تعاطي المخدرات، حكراً على الذكور، اذ تشهد مجتمعاتنا العربية، ارتفاعاً في نسب التعاطي بين الإناث، في حين تعمل السلطات الأمنية في مختلف الدول العربية، على ضبط حدودها، منعاً لدخول أي ما يُذهب العقل.

مصر: جرائم كارثية للمخدرات   

وفق إحصاءات رسمية، يتصدر الهيرويين المرتبة الأولى في أنواع المخدرات التي يتم تعاطيها في مصر، بنسبة 32 في المئة، ومن ثم الحشيش بنسبة 31.9 في المئة، يليه حبوب الترامادول بـ18 في المئة، بينما جاءت ما تسمى بالمخدرات التخليقية مثل الاستروكس والفودو والبودر والشابو بنسبة 17 في المئة، وفق حصر أجراه صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي من خلال بيانات المتصلين خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري.

 

 

يوضح عمرو عثمان، مساعد وزير التضامن ومدير الصندوق، أن مخدر "الآيس" أو "الشابو" من أخطر أنواع المخدرات المنتشرة حالياً، كونه يؤثر بشكل كبير في خلايا الدماغ ويتسبب في الهلوسة والهذيان والانفصال عن الواقع، إضافة إلى الإصابة بالتليف في خلايا الكبد والفشل الكلوي وتلف خلايا الدماغ، كما يتسبب في ضعف المناعة العام والميل إلى العنف وارتكاب الجرائم، والشعور بالاحتضار والموت، كما قد يتسبب تعاطيه في السكتة الدماغية، مشيراً إلى أنه في ظل مكافحة الدولة للمخدرات والتصدي لكل محاولات التهريب اضطر المدمنون إلى طرق التصنيع المحلي للمواد المخدرة التخليقية. وكشف عثمان في تصريحات سابقة عن ارتفاع نسبة تعاطي المخدرات التخليقية بنسبة 10 في المئة خلال عام 2021، مقارنة بالعام السابق.

ومن أشهر الجرائم التي اتضح أن وراءها مخدر الشابو، واقعة ذبح مواطن في الشارع أمام المارة نهاراً في محافظة الإسماعيلية شرق القاهرة، العام الماضي، والتي عرف مرتكبها بـ"سفاح الإسماعيلية"، بحسب ما كشف محامي المتهم لاحقاً، والذي حكم عليه بالإعدام شنقاً.

"صلاح" ضد المخدرات

وخلال السنوات الماضية كان ملف محاربة المخدرات حاضراً بقوة في أجندة العمل الحكومي، حيث كثفت القوات المسلحة تأمين الحدود من كافة الاتجاهات لمنع التهريب، وعلى مدار عام 2019 أحبطت دخول 48 طناً من المواد المخدرة للأراضي المصرية، وفق بيان رسمي، كما تعلن وزارة الداخلية يومياً عن ضبط ما لا يقل عن 100 قضية مخدرات.

وإلى جانب المكافحة الأمنية، عزّزت الحكومة جهودها في علاج المدمنين، حيث زادت عدد مراكز علاج وتأهيل مرضى الإدمان التابعة للدولة بنسبة 133 في المئة، لتكون 28 مركزاً في عام 2021 بدلاً من 12 في عام 2014، وخلال تلك السنوات السبع تم تقديم الخدمة العلاجية مجاناً وفي سرية تامة لأكثر من 813 ألف مدمن، وفق تقرير سابق لمجلس الوزراء، إضافة إلى تدريب 6 آلاف متعاف على حرف ومهن، وتوفير قروض لتمويل مشروعات صغيرة ضمن مبادرة "بداية جديدة" التي أطلقتها الحكومة عام 2015.

 

 

كما استعانت الحكومة بنجم الكرة العالمية محمد صلاح لتنفيذ حملة إعلامية للتوعية بمخاطر المخدرات ضمن مبادرة "أنتَ أقوى من المخدرات"، وساهمت في زيادة أعداد المتصلين بالخط الساخن لعلاج الإدمان بنسبة بلغت 400 في المئة.

ووفق أرقام حكومية، فإن نسب تعاطي المخدرات وإدمانها، تراجعت في السنوات القليلة الماضية، حيث سجلت 5.9 في المئة عام 2021، انخفاضاً من نحو 10 في المئة عام 2014 للمواطنين في الشريحة العمرية من 15 إلى 60 سنة، كما تراجعت نسبة الإدمان إلى 2.4 في المئة العام الماضي، في مقابل 3.3 في المئة عام 2014.

كارثة أدت لتشريع

في المقابل، أدى تعاطي المخدرات إلى كارثة غير مسبوقة في مصر في فبراير (شباط) عام 2019، حين وقع انفجار وحريق هائلان في محطة السكك الحديدية الرئيسية بالعاصمة (محطة مصر)، بسبب ترك سائق جرار كابينة القيادة خلال وضع المشغل على وضعية الحركة بسرعة كبيرة، ما أدى إلى ارتطامه برصيف المحطة واشتعال خزان وقود كبير، وخلف الحادث أكثر من 20 قتيلاً و40 جريحاً، فيما كشفت التحقيقات أن السائق كان تحت تأثير مخدر "الاستروكس" الشهير في مصر. وأعقب الحادث تكثيف أجهزة الدولة إجراء تحليل كشف مفاجئ لموظفيها، حيث خضع 448 ألف عامل بالجهاز الإداري للدولة لكشوف مخدرات بين مارس (آذار) 2019 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2021، وفق تقرير حكومي.

التعاطي مبكراً

من جهة ثانية، تبلغ نسبة متعاطي المخدرات من الإناث 27 في المئة، وفق تصريحات لمسؤولين حكوميين، فيما تحتل العاصمة القاهرة صدارة المحافظات التي سجلت فيها حالات إدمان وطلب للعلاج، بنسبة 33 في المئة ثم الجيزة بنسبة 12 في المئة تليها الإسكندرية بنسبة أكثر من 9 في المئة.

اللافت في التقارير الحكومية عن الظاهرة أن أكثر من 40 في المئة من المتعاطين بدأوا التعاطي في سن 15 حتى 20 سنة، وتبيّن أن 7 في المئة من طلاب المدارس الثانوية يتعاطون المخدرات وتزداد النسبة إلى 8.8 في المئة بين طلاب المدارس الثانوية الفنية.

 

 

الجزائر: تسميات "غريبة" لتسويق مخدرات تستهدف "الفئة المنتجة" 

في أحد مستشفيات الجزائر العاصمة توقفت سيارة عند قسم الاستعجالات ليلاً، وسط صراخ نساء مرفوقين بفتاة كانوا يدعونها إلى المقاومة، فيما كان جسدها يرتعش فاقدة القدرة على المشي والتنفس أيضاً.

سأل فضوليون كانوا يجلسون في قاعة الانتظار أهل الفتاة العشرينية، فأجابت أختها أنها مصابة بحساسية حادة تمنعها من التنفس، لكن هذه الإجابة لم تكن مقنعة لدى بعضهم الذين راحوا في أحاديث جانبية يشككون في هذه الفرضية واعتبروا أنها ضحية جرعة مخدر زائد.

قد يكون من الخطأ الحكم على تلك الفتاة من خلال شكلها من دون التأكد من حالها الصحية، لكن هذه التشكيكات التي أطلقها من كانوا يجلسون هناك قد تكون مبررة نوعاً ما، اعتباراً بوضع بات يعيشه شباب جزائريون يتضح من خلال مظهرهم الخارجي أنهم في حال تخدير، فأشكالهم توحي بأنهم غائبون عن الوعي، ألسنتهم ثقيلة ويقولون كلاماً غير مفهوم ويميل لون بشرتهم إلى الاصفرار، وأجسادهم هزيلة من استهلاك المهلوسات والعقاقير، إذ لا يقتصر هذا الواقع على الذكور فقط وإنما مس حتى الفتيات.

"الحلوى" و"الصاروخ" و"التشوشنة" وأشياء أخرى

عالم أو سوق المخدرات بقدر خطورته يحمل من الغرابة كثيراً، فهو لا يقتصر على ترويج العصابات للمخدرات وإنما إلى العمل على البحث عن تسميات تسويقية لاستهداف الشباب وحتى المراهقين للأسف، وعادة ما يتداول الشباب أوصافاً مثل "الزرقة" و"الحمرة"، وتسميات أخرى للدلالة على نوع المخدر.

وتكمن درجة الخطورة أن هذه الأنواع من المخدرات باتت تستهدف الفتيات، اللاتي أصبحن فئة مستهلكة أيضاً، فعلى سبيل المثال ينتشر وسط الفتيات مخدر "الإيكستاسي" أو "ليكستا" الذي يطلق عليه تسمية "الحلوى" نظراً إلى شكله الذي يشبه قطعاً من الحلوى الصغيرة.

 

 

وترصد تقارير إعلامية جزائرية أن شهرة "ليكستا" بدأت من الملاهي الموجودة في المدن القريبة من الحدود الغربية للبلاد المتاخمة للمغرب، وامتدت إلى الوسط ومنها إلى الشرق الجزائري، ويصل سعره إلى قرابة 15 دولاراً للقرص الواحد، على رغم خطورته وتصنيفه ضمن المنتجات الأكثر خطورة على الصحة، نظراً إلى تسببه في إتلاف العقل وإمكان أن يؤدي إلى الموت المفاجئ.

كما تنتشر بكثرة حبوب يطلق عليها مروجوها تسمية "الصاروخ" لما لها من مفعول قوي على عقل الإنسان.

وأخيراً بات الوضع دراماتيكياً بشكل أكبر، إذ تعرف مادة أخرى من المخدرات انتشاراً وسط الشباب وهي "الشوشنة"، عبارة عن مادة سامة وقاتلة من خليط من مادة الهيرويين ذات الأصل الطبيعي، يضاف إليها مواد كيماوية معقدة، وتباع بمبالغ غالية جداً.

من منطقة عبور إلى استهلاك

الجزائر ليست بلداً منتجاً للمخدرات، وعرفت هذه الآفة عام 1974، للمرة الأولى عندما تمكنت مصالح الأمن من تفكيك شبكة عالمية لتهريب المخدرات في الحدود الجزائرية المغربية وتم حجز حوالى ثلاثة أطنان من المخدرات، ومنذ تلك السنة ونسبة المخدرات المحجوزة في تزايد وفي تنوع، كما جاء في كتاب "إنما الخمر والمخدرات رجس"، الصادر عام 1985 لمؤلفه عبيدالله مسعور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبشكل تدريجي أصبحت بلد عبور، إلا أنها تحولت إلى منطقة استهلاك كذلك لأنواع مختلقة من بين الكوكايين القادم من أميركا اللاتينية والهيرويين القادم من أفريقيا، والمؤثرات العقلية التي تدخل الجزائر من بلدان الساحل المتوسط، فيما يبقى مصدر القنب الهندي هو المغرب، كما تكشف عنه البيانات الرسمية للأجهزة الأمنية الجزائرية.

وتكمن خطورة تطور ظاهرة تعاطي المخدرات، كما يشير إليه مختصون وخبراء كون غالبية المتعاطين هم من الفئة المنتجة، فئة الشباب الذين يشكلون غالبية سكان البلد، أي الذين لديهم القدرة على الإنتاج، وهذا ما تؤكده الدراسة الوبائية الشاملة لتفشي المخدرات في الجزائر، التي أجراها الديوان الحكومي لمكافحة المخدرات والإدمان عليها سابقاً.

وخلصت إلى أن هذه الأفة الخطرة باتت تهدد أكبر فئة في تكوين البنية السكانية للشعب الجزائري، والفئة العمرية الأكثر استخداماً لهذه السموم تتراوح بين 20 و39 سنة.

53 ألف قضية وتوقيف 62 ألف شخص

وتركز مداهمات الأمن على الأحياء الشعبية التي تكثر فيها الحركة، والتجمعات السكنية ذات الكثافة السكانية الواسعة، إذ تنتشر المخدرات التي يبحث مروجوها عن بيئة حاضنة عن طريق استغلال الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعانيها الشباب لجرهم إلى عالم الحبوب المهلوسة والعقاقير، كما تشدد مصالح الجيش الرقابة على المعابر الحدودية خصوصاً الغربية منها والجنوبية.

وعلى رغم الحصار الذي تفرضه الأجهزة الأمنية، إلا أن عمليات إحباط محاولات إدخال كميات كبيرة من المخدرات عبر الحدود عن طريق التهريب تكاد تكون شبه يومية، كما تشير إليه بيانات رسمية تنشرها مصالح الأمن بمختلف أسلاكها، بكميات تصل إلى القناطير، لمختلف أصناف المخدرات من قنب هندي أو مهلوسات وكوكايين التي يتم استهلاكها من طرف الشباب من الذكور والإناث، خصوصاً الكيف المعالج، ما أضحى يهدد الصحة العامة، بحسب مختصين.

 

 

وتبين الأرقام التي تقدمها المصالح المختصة بوضوح كمية المخدرات بمختلف أنواعها، وإلى هنا تشير الحصيلة الإحصائية للأشهر السبعة الأولى لعام 2022 التي اطلعت عليها "اندبندنت عربية"، المتعلقة بالكميات المحجوزة من المخدرات والمؤثرات العقلية في الصعيد الوطني من قبل مصالح المكافحة الثلاث (الدرك الوطني، المديرية العامة للأمن والجمارك)، إلى معالجة 53 ألفاً و388 قضية، منها 12177 قضية متصلة بالتهريب والاتجار غير المشروع بالمخدرات التي تشمل الاتجار والتهريب في القنب، والتهريب الدولي للقنب، والاتجار والتهريب للكوكايين، والاتجار والتهريب للكراك، والاتجار وتهريب الهيرويين، والمؤثرات العقلية، و41177 قضية متعلقة بحيازة واستهلاك المخدرات، و34 قضية متعلقة بزراعة القنب والأفيون.

ومقارنة بحصيلة الأشهر السبعة الأولى من عام 2021، التي تم من خلالها معالجة 30 ألفاً و895 قضية، تم تسجيل ارتفاع في عدد القضايا بـ 22493 قضية بنسبة (+72.80 في المئة). كما تشير إحصاءات إلى أن التحريات التي قامت بها مصالح المكافحة المعنية في هذا الإطار أدت إلى توقيف 62 ألفاً و517 شخص، ومن بين هؤلاء تم إحصاء 182 أجنبياً.

طرق وحيل

ومع كثرة استهلاك الحبوب والعقاقير، زادت طرق إخفاء وتمويه المخدرات من أجل نقلها إلى المستهلكين، وحتى لا يتم الوصول إليها من قبل مصالح الأمن، إذ اكتشفت عند محاولات إحباطها في حين كان مهربو المخدرات يستعلمون الحيوانات كالأحمرة لنقل كميات صغيرة من المخدرات خصوصاً في الحدود الغربية للبلاد، لكن مع تضييق الخناق من قبل أفراد الجيش الجزائري، بات المروجون يستخدمون أساليب أخرى على غرار إخفائها في جبس يوضع حول اليد أو الرجل على أساس أنه مكان كسر، أو في نعال الأحذية وحتى في ملابس نسائية كون النساء والفتيات لا يتم الشك فيهن من طرف شرطة الحدود.

كما تم اكتشاف في مرات عدة استعمال فضلات بعض الحيوانات الأليفة كالكلاب، إذ يقوم المهربون بتجفيف الفضلات وسحقها لاستعمالها كطبقة غطاء للمخدرات التي يراد نقلها داخل مخابئ، وتساعد أيضاً في تتويه شم الكلاب المدربة التي تستعملها مصالح الأمن في نقاط المراقبة.

 

 

السعودية: الحشيش والكبتاغون الأكثر انتشارا

ألقت السلطات السعودية القبض على مواطنيْن وثلاثة وافدين من الجنسية السورية كانوا قد خبأوا 765 قرصاً من مادة "الأمفيتامين" داخل سيارة نقل كبيرة، وقبلها أحبطت في ميناء جدة تهريب أكثر من ربع مليون قرص كانت مخبأة داخل معدة حفر "هيدروليكية"، تلك نماذج من طرق عديدة يتخذها مهربو المخدرات في البلد الذي أصدر في عام 1986 نظاماً خاصاً بالعقوبات ومشفوعاً بفتوى من هيئة كبار العلماء يفرق فيها بين "متعاطيها ومروجها ومهربها"، لكن أشدها عقوبة سيواجهها الأخير (المهرب)، وهي عقوبة الإعدام.

وبحسب تقارير رسمية، يعد "الحشيش" أكثر أنواع المخدرات انتشاراً في السعودية، وتليه حبوب الكبتاغون، ثم مادة الهيروين. وتختلف طرق تهريبها للبلاد، لكن أشهرها وأكثرها رواجاً هو تخبئتها داخل سلع مختلفة، وهو تحد يواجهه سلاح أمن الحدود ورجال الجمارك في المطارات.

وعلى رغم القوانين الصارمة في البلاد وتشديد رجال أمن الحدود فإن السعودية تعد الوجهة المفضلة لباعة العقاقير المخدرة، وبخاصة حبوب الكبتاغون، ففي أغسطس (آب) الماضي ضبطت السلطات نحو 47 مليون قرص مخدر من الكبتاغون كانت مخبأة بداخل شحنة طحين عبر "الميناء الجاف" بمدينة الرياض، وكان مستقبلوها ثمانية مقيمين من الجنسيتين السورية والباكستانية.

يقول تقرير نشره موقع "فورين بوليسي" الذي يصف البلاد بأنها "عاصمة استهلاك المخدرات" في الخليج، إن الحبوب القادمة للسعودية عادة ما تصنع في "سوريا ولبنان"، وبالنسبة إلى القنب المهرب فهو صناعة أفغانية، ويتم تهريبه عبر "إيران والعراق". وبحسب "فورين بوليسي" تندرج غالبية متعاطي المخدرات السعوديين في الفئة العمرية من 12-22 عاماً، فيما يستخدم 40 في المئة من مدمني المخدرات في السعودية الكبتاغون.

وعادة ما تنشط حملات تقيمها الجهة الرسمية المعنية "مكافحة المخدرات" منذرة ومحذرة من آفة الإدمان والسبل المؤدية له، بخاصة في مواسم الامتحانات الدراسية التي يشير متخصصون إلى أنها ذروة رواج المخدرات والسقوط في وحلها.

من الإدمان إلى الابتعاث

"من الإدمان إلى الابتعاث"، ربما كانت جملة تختصر ما تقوم به السعودية تجاه المتعافين بعد رحلة العلاج عبر المستشفيات التي جهزتها لعلاج المدمنين، وهي ثلاثة مستشفيات سميت "مستشفى الأمل"، ومستشفى رابع تحت اسم مركز التأهيل النفسي، وهي تختص بعلاج مرضى الإدمان بشكل مجاني وبسرية تامة من دون عقوبات أو مساءلة، لمن أبلغ عنهم ذووهم أو لمن ذهب بنفسه للعلاج.

وأطلقت البلاد في عام 1995 برنامجاً يعنى بمتابعة التائبين من الإدمان تحت مظلة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، وهو بحسب الموقع الرسمي لمكافحة المخدرات "الأول من نوعه في العالم العربي"، وضمن أهدافه إعادة تأهيل المدمن للاندماج في المجتمع وضمان وظيفة لمن فقد وظيفته، إضافة إلى السعي إلى ابتعاثه. وقامت اللجنة الوطنية في بدايات البرنامج بابتعاث ثلاثة من التائبين للولايات المتحدة تلقوا دراستهم في مجال العلاج والإرشاد ضد الإدمان والعودة للسعودية للمشاركة في توعية المدمنين.

 

 

تونس: 1.5 مليون مدمن لا تراهم الدولة ويرفضهم المجتمع

على رغم أن القانون التونسي يجرم استهلاك المخدرات وترويجها، إلا أن المؤشرات تبين تزايداً لافتاً لاستهلاك المخدرات بأنواعها. وتشير الأرقام إلى أن حوالى مليون ونصف مليون تونسي يعانون الإدمان، منهم 400 ألف مستهلك لمادة القنب الهندي أو الحشيش، و33 ألفاً يتعاطون المخدرات والبقية مدمنون على أنواع أخرى. ويمثل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و35 سنة، 70 في المئة من مجموع المدمنين.

وعلى رغم التشدد في القوانين وملاحقة الشرطة لكل من يتعاطى المخدرات استهلاكاً أو ترويجاً، فإن ظاهرة الاستهلاك والإدمان في تزايد لافت، فما أسباب ذلك، وما انعكاسات الإدمان اجتماعياً؟ وهل وضعت الدولة ما يكفي من الآليات للحد من ظاهرة الإدمان على المخدرات التي باتت تفتك بالمجتمع؟

الإدمان مرض يستحق العلاج

أطلقت منظمات المجتمع المدني في تونس، صيحات فزع للحد من هذه الظاهرة التي أصبحت تهدد الأسرة والمجتمع. ويؤكد الدكتور نبيل بن صالح، المختص في علاج الإدمان، ورئيس الجمعية التونسية لطب الإدمان، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن "الإدمان على المخدرات مرض اجتماعي، يمكن معالجته في حال توافرت الإرادة من المعني بالأمر، وفي حال توافر الإمكانيات المادية للمريض".

ويشدد بن صالح على "أهمية متابعة المدمن خارج أسوار المصحة، من خلال متابعة مدى اندماجه في المجتمع"، مضيفاً أن "المسؤولية مشتركة بين الأسرة، ومؤسسات التنشئة، والمجتمع المدني، ومؤسسات الدولة، من خلال العمل على إعادة إدماج المدمن في المجتمع وتأهيله نفسياً، ليستعيد الإيمان بإمكانياته".

القانون لم يغير الواقع

من جهته، يقول عبد المجيد الزحاف، رئيس الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات إن "الإحصائيات حول عدد المستهلكين لمختلف أنواع المخدرات غير دقيقة وهي تقديرات"، لافتاً أن "حوالى مليون و250 ألف تونسي (بين 15 و35 سنة) يتعاطون المخدرات".

ويعتقد أن "القانون عدد 52 الخاص بالمخدرات لم يغير الواقع"، مشيراً إلى أن "مستهلك سيجارة وحيدة عندما يدخل السجن يغادره مستهلكاً حقيقياً وربما مروجاً"، مؤكداً أن "المدمن يستحق العلاج ولا يجب أن يزج به في السجن".

ودعا رئيس الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات، إلى "تنسيب العقوبات والتخفيف منها، ومراعاة ظروف الشباب التونسي، الذي يدخل السجن ظلماً في غالبية الأحيان ومن أجل سيجارة مخدرة"، داعياً إلى "تربية الناشئة على الرياضة وتعويدهم على الأنشطة الثقافية".

 

 

ويشير الزحاف إلى "ضرورة تغيير العقلية المجتمعية إزاء المدمن، أو مستهلك المخدرات، لأن الوصم الاجتماعي يعمق أزمة المدمن، ويجعله منبوذاً من المجتمع وأحياناً حتى من أفراد أسرته".

من جهة أخرى، دعا وزارة الصحة إلى "تعديل القوانين وإعداد كراس شروط يسمح للمصحات الخاصة بعلاج المدمنين"، مشدداً على "أهمية متابعة المدمن في المجتمع"، مشيراً إلى أن "ما بين 80 و 90 في المئة من الذين عالجوا الإدمان عادوا إلى المخدرات عندما اصطدموا بواقع مجتمعي يرفض المدمن".

المخدرات متوافرة في كل مكان

وعن تداعيات تنامي ظاهرة استهلاك المخدرات، يؤكد أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية بالعيد أولاد عبدالله، في تصريح خاص، أن الحصول على المخدرات في تونس لم يعد أمراً صعباً لأنها باتت متاحة أمام المدارس وفي الأحياء الشعبية، عبر شبكات صغيرة تنتمي إلى شبكات أكبر".

ويضيف أن "الدولة غائبة تماماً كما تنعدم المرافقة النفسية والاجتماعية للمدمنين، وكذلك الأنشطة الثقافية، وفي ظل حالة الإحباط السائدة في المجتمع، تصبح ظاهرة استهلاك المخدرات في تزايد ملحوظ".

3 ملايين تلميذ مهدد بالمخدرات

يذكر أن مجموعة من الشباب والفنانين يضغطون من أجل تغيير القانون عدد 52 لسنة 1992، المتعلق بجرائم استهلاك وترويج المخدرات ويعتبرونه "قانوناً تجاوزه الزمن".

في المقابل، تدعو هاجر بن عون الله السخيري، المديرة العامة للمعهد الوطني للصحة، إلى "ضرورة تضافر جهود جميع الجهات لمكافحة المخدرات". ونبهت إلى أن ترويج المواد المخدرة "يتم داخل المحيط المدرسي وخارجه، بما يعنيه ذلك من مخاطر محدقة على أكثر من 3 ملايين تلميذ تونسي".

 

 

لبنان: تقدم لحبوب الكبتاغون وتراجع للحشيش والماريجوانا

كشفت عمليات ضبط شحنات المخدرات في مختلف دول العالم عن أن لبنان بات البوابة الشرق أوسطية الأبرز لتصدير المخدرات وأحد اللاعبين الرئيسين في تهريب المخدر الاصطناعي "كبتاغون".

والأخطر بحسب تقارير استخباراتية عدة أن عصابات المخدرات تتمتع بحماية العشائر والميليشيات وقادرة على التحرك بسهولة عبر الحدود اللبنانية السورية، كما تمتلك نفوذاً على المنافذ الحدودية البرية والبحرية الرسمية يمكنها من تصدير بضائعها وكأنها سلع مشروعة.

ويشير مصدر عسكري إلى أن الأجهزة الأمنية اللبنانية تقدر وجود 30 مصنعاً لحبوب الكبتاغون ضمن الأراضي اللبنانية وحوالى 80 مصنعاً متاخماً للحدود من الناحية السورية، موضحاً أن بعض المعدات المرتبطة بالتصنيع تدخل إلى لبنان بطريقة شرعية على أنها مختبرات كيماوية والماكينات والتقنيات المستخدمة فيها على أنها معدات طبية وصيدلانية، في حين أن معدات ومواد كيماوية إيرانية تدخل عبر المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا.

5.7 مليار دولار

ويكشف المصدر العسكري عن أن تمكن العصابات من إدخال المواد الكيماوية والمعدات المتطورة رفع قدرة إنتاج تلك المصانع إلى أكثر من من 100 ألف حبة كبتاغون يومياً. وعن سبب فشل مكافحة تلك المصانع يقول إن "هذه المصانع تتذرع بأنها مصانع لصناعة المنظفات الكيماوية والمبيدات الحشرية والزراعية كغطاء لممارسة نشاطها غير الشرعي بتصنيع المواد والحبوب المخدرة".

ويوضح تقرير صادر عن معهد "نيو لاينز" الأميركي، أعده الباحثان كارولين روز وألكسندر سود أن تجارة الكبتاغون باتت تشكل "اقتصاداً غير مشروع متسارع النمو في الشرق الأوسط ومنطقة البحر الأبيض المتوسط"، حيث تقدر القيمة المحتملة لتجارة التجزئة عام 2021 بأكثر من 5.7 مليار دولار، إذ يشكل الرقم قفزة كبيرة مقارنة بقرابة 3.5 مليار دولار عام 2020، علماً أنه يعكس فقط قيمة سعر التجزئة للحبوب التي جرت مصادرتها العام الماضي والتي حددها التقرير بأكثر من 420 مليون حبة.

ووفق التقرير ذاته تقع بعض منشآت صناعة الكبتاغون الصغيرة في لبنان الذي يعد أساساً ثالث مورد لنبتة الحشيشة بعد المغرب وأفغانستان، مشيراً الى أن "لبنان يعد بمثابة امتداد لتجارة الكبتاغون السورية ونقطة عبور رئيسة لتدفقات الكبتاغون".

سوق نشط

وفق بعض الباحثين، فإن سعي عصابات المخدرات إلى تصديرها إلى خارج لبنان على رغم الأخطار الشديدة وإمكان ضبطها عند المنافذ الحدودية، يعود إلى ضيق السوق اللبنانية وتراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين، إذ يقول هؤلاء إن سعر حبة الكبتاغون في سوريا دولار ودولاران في لبنان، أما في دول الخليج، فممن الممكن أن يتخطى سعر الحبة 20 دولاراً في وقت لا يتجاوز سعرها في أوروبا 10 دولارات.

 

 

ويشير هؤلاء إلى أن المادة الأكثر رواجاً في لبنان هي الحشيش والماريجوانا، بحيث يقدر سعر الغرام من الحشيش بـ 30 سنتاً، في وقت يبلغ سعر تصديرها إلى الدول الأوروبية بـ 80 سنتاً فتستخدم هناك في أطر شرعية وقانونية، علماً أن لبنان شرع قانوناً لزراعة الحشيش لكن حتى الآن لم تصدر مراسيمه التطبيقية ولا تزال تلك السلعة تباع في السوق السوداء.

ويعادل سعر الغرام من الماريجوانا 50 دولاراً محلياً ويتجاوز 100 دولار للتصدير. أما الكوكايين والهيروين، فلهما سوقهما وزبائنهما المحليين وميسوري الحال بسبب ارتفاع سعرهما وتفاوته، إذ إن إنتاجه يتطلب استيراد مواد خام من الخارج وهي متعددة الجودة والنقاوة.

مقاربة حديثة

مع تطور مقاربة العلوم الاجتماعية لمواضيع المخدرات والإدمان تبدلت النظرة الاجتماعية والقانونية للأشخاص المدمنين الذين لم يعد ينظر إليهم على أنهم مجرمون تقتضي معاقبتهم، وإنما على أنهم أشخاص مرضى ومهمشون بحاجة الى علاج ومتابعة، الامر الذي دفع القضاة إلى مقاربة جديدة، فتوضح الباحثة القانونية في مجال حقوق الإنسان نرمين السبع أن الموقوف في قضية تعاطي مخدرات بات عندما يمثل أمام القاضي ويعلن نيته الخضوع للعلاج ويتعهد به تتوقف ملاحقته تماشياً مع روحية القانون.

وتشير إلى أهمية التقارب بين المنظمات المدنية المختصة والقضاء في تطوير أدوار القضاة وتعزيز تفهمهم لمسألة استخدام المخدرات، كاشفة عن أن فتح هذا النقاش في لبنان يسهم في إغناء نقاشات أخرى بدأت في بلدان عربية.

الرقابة غائبة

وعلى رغم الارتفاع المطرد لعدد مدمني المخدرات في لبنان، إلا أن مؤسسات المجتمع المدني هي من تبذل الجهود للتعامل مع هذه الظاهرة الخطرة في ظل الافتقار إلى إطار سياسي واجتماعي للتعامل مع المشكلة. وفي هذا السياق يقول رئيس إحدى الجمعيات المتخصصة في معالجة المدمنين جرار شرفان إن الوصول السهل إلى المخدر في لبنان أسهم في تزايد عدد المدمنين بشكل مخيف، كاشفاً عن أنه في أي منطقة يستطيع أن يصل أي مواطن إلى 10 تجار يمكنهم بيع المخدرات من خلال خدمات التوصيل في ظل غياب الرقابة الرسمية.

ويضيف "أن المؤسسات الأمنية تلقي القبض على المتعاطين بشكل عشوائي ومن بينهم كثر ممن كانوا غير مدمنين، وبعد دخولهم السجن أصبحوا من المتعاطين، إضافة إلى انحرافهم جنسياً". من جهته يلفت إيلي لحود، رئيس جمعية تسهم في مكافحة المخدرات إلى أنه خلال الأعوام الماضية كان معدل توقيف القوى الأمنية السنوي لمتعاطي المخدرات يفوق 2500 مدمن والطاقة الاستيعابية الكلية لمراكز التأهيل في لبنان لا تتعدى 400 شخص.

 

 

المغرب: "غواصات" ولفافات حشيش

على رغم جميع الجهود التي تقوم بها الحكومة المغربية للحد من ترويج واستهلاك وتصدير المخدرات، لكن الأرقام تكشف عن أن هذه الآفة لا تزال تمسك بتلابيب البلد، وتبوئه أحياناً كثيرة مراتب سلبية في موضوع المخدرات.

وتفيد الأرقام الرسمية والتقارير الدولية بأن للمغرب فائضاً كبيراً في مخدر القنب الهندي الذي يسمى شعبياً "الحشيش"، حتى إنه يعتبر أحد أكبر المصدرين له إلى العالم.

وتعترف الجهات الرسمية كما تقر الجمعيات غير الحكومية المهتمة بالموضوع، بوفرة استهلاك وإدمان المخدرات في البلاد، بينما دعت مؤسسات رسمية إلى الاعتراف بإدمان المخدرات كمرض يتطلب العلاج عوض الزجر والعقاب بالسجن.

أرقام وإحصاءات

في التقرير السنوي لعام 2021 الذي أصدرته الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، تم تصنيف المغرب كأول منتج للقنب الهندي في العالم والمصدر الأول له إلى الاتحاد الأوروبي.

من جهته أورد تقرير "المخدرات العالمي" لعام 2021 الذي نشره مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة عبر موقعه الرسمي، أن أغلب كميات القنب الهندي التي تصل إلى بلدان أوروبا تأتي من المغرب مروراً بإسبانيا.

وتتفق التقارير الرسمية المغربية مع المعطيات الدولية السالفة، إذ إن تقريراً حديثاً للمجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي (مؤسسة حكومية تعنى بتقديم التقارير والدراسات في عديد من القطاعات)، أفاد بأن "المغرب يعد أحد المنتجين الرئيسين للقنب الهندي على المستوى العالمي".

وأشار تقرير المجلس الاجتماعي والاقتصادي من جهة أخرى إلى حجم الإدمان على المخدرات وسط المغاربة، وقال إن "الحشيش" يحتل المرتبة الثانية بعد التبغ ضمن المؤثرات العقلية الأكثر استهلاكاً في البلاد.

ويعرف المغرب زراعة القنب الهندي في مساحات كبيرة خصوصاً في مناطق الريف والشمال، إذ تقدر بعض الأرقام عدد الذين يشتغلون في الزراعة بأكثر من 400 ألف شخص، في مساحات تتجاوز 50 ألف هكتار، قبل أن يقرر المغرب أخيراً تقنين زراعة القنب الهندي لأغراض طبية وعلاجية.

"غواصات" للمخدرات وأضخم كمية كوكايين

لعل الأحداث والوقائع التي تضبطها السلطات الأمنية المغربية وحتى الأوروبية تعكس حجم وحقيقة هذه الأرقام بخصوص حضور مخدر "الحشيش" في المغرب وترويجه واستهلاكه وتصديره إلى خارج البلاد أيضاً.

ومن أحدث عمليات الضبط في مجال تصدير المخدرات من المغرب إلى أوروبا، ما حصل أخيراً عندما ضبطت الشرطة الإسبانية، وفق بيان لها ست غواصات مسيرة تحت الماء، بإمكانها نقل كميات كبيرة من المخدرات من المغرب إلى إسبانيا.

وأوضحت الشرطة الإسبانية بأنها ضبطت وحجزت هذه "الغواصات البحرية"، إذ إنها المرة الأولى التي تحجز فيها مثل هذه المعدات والأجهزة، مبرزة أنه تم اعتقال ثمانية أشخاص في برشلونة ومالقة وقادس.

 

 

في المقابل قال مصدر أمني مسؤول لـ"اندبندنت عربية" إن المغرب يشن حرباً ضروساً ضد مروجي ومصدري المخدرات بأشكالها كافة، بخاصة المخدرات القوية مثل الكوكايين وبقية المؤثرات العقلية.

ووفق المسؤول الأمني ذاته، فإن السلطات تعي جيداً تبعات وتداعيات انتشار هذه الآفة واستهلاكها وترويجها في المجتمع أو تصديرها، ما يدفعها إلى تشديد المراقبة وتكثيف الجهود لضبط وحجز كميات هائلة من المخدرات بين الفينة والأخرى.

وكانت السلطات الأمنية المغربية أعلنت في أكتوبر (تشرين الأول) من سنة 2017 حجز أضخم كمية من مخدر الكوكايين في تاريخ البلاد، إذ وصلت الكمية إلى أكثر من طنين ونصف الطن، وتم اعتقال وتفكيك شبكة للاتجار الدولي في المخدرات.

وفي الشهر ذاته لكن عام 2021 ضبطت السلطات المغربية كميات كبيرة من الكوكايين أيضاً مهربة من البرازيل، ومعدة للتصدير إلى بلجيكا وبريطانيا، بلغت طناً واحداً و355 كيلوغراماً، وذلك في ميناء مدينة طنجة شمال البلاد.

علاج الإدمان

ويعتبر الشباب الفئة الأكثر تعرضاً لخطورة الإدمان على المخدرات بسبب وفرتها وانتشارها في المجتمع المغربي لأسباب عدة، منها رخص ثمنها خصوصاً مادة الحشيش، وأيضاً للأموال التي تدرها على الشبكات والعصابات التي تقوم ببيعها للشباب. يقول عبدالله وهو مدمن سابق للمخدرات "إن الإدمان على استهلاك المخدرات في المغرب سهل وميسر، أولاً بسبب رفقة السوء التي تحث الشاب على تذوق نكهة المخدرات لمواجهة المشكلات أو للغوص في عالم النشوة".

الأردن: من دولة ممر إلى مستقر

لطالما لجأ المسؤولون الأردنيون إلى طمأنة المواطنين بعدم استفحال ظاهرة المخدرات في البلاد، بالقول إن المملكة لا تزال دولة ممر وليست مستقراً.

 لكن هذه المقولة أخذت تتراجع على الأرض، مع تزايد انتشار المخدرات على نحو مقلق، إذ يتم الكشف يومياً عن قضايا مخدرات وضبط آلاف الأطنان منها.

وعلى رغم إصرار السلطات على أن انتشار المخدرات في الأردن مقارنة بدول العالم قليلة، ولا تشكل خمسة في المئة مما يدخل السوق المحلية، تظهر إحصاءات أن واحداً من بين أربعة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 15 و64 سنة تعاطوا المخدرات مرة واحدة على الأقل في حياتهم.

ارتفاع في الاتجار والتعاطي

وفقاً لمديرية مكافحة المخدرات، فإن العام الحالي شهد ضبط أكثر من ثلاثة أطنان من مادة الحشيش بمعدل زيادة نصف طن عن العام الماضي، في حين ضبط 36 كيلوغراماً من الهيرويين، أما الارتفاع الأكبر فكان لحبوب الكبتاغون التي ضبط منها ما يقارب 40 مليون حبة هذا العام، مقارنة مع 16 مليون حبة ضبطت في عام 2021.

وجرى التعامل خلال النصف الأول من العام الحالي مع 8489 قضية مخدرات، منها 2490 تتعلق بالاتجار والترويج، ونحو 6000 قضية تعاط، وارتفعت جرائم الاتجار بنسبة 24 في المئة، وجرائم التعاطي بنسبة 175 في المئة، وتلقى 622 شخصاً منذ بداية العام العلاج في المراكز المتخصصة.

حرب شرسة على جبهتين

في المقابل يتعهد مدير الأمن العام اللواء عبيدالله المعايطة بحرب شرسة لملاحقة تجار المخدرات ومروجيها، مشيراً إلى نهج عملياتي متسارع ونوعي لدائرة مكافحة المخدرات.

ويلفت إلى ضرورة الشراكة مع المؤسسات التربوية وتعزيز محاور التوعية والعلاج. ومنذ عام 2021 يحارب الأردن على جبهتين داخلية وخارجية، إذ أصدر الجيش الأردني قراراً بتغيير قواعد الاشتباك مع مهربي المخدرات عبر الحدود السورية - الأردنية، بموازاة الضرب بيد من حديد للتجار والمروجين داخل الأردن، إذ يتم بشكل شبه يومي إعلان إلقاء القبض عليهم وتفكيك شبكاتهم.

وأطلقت الحكومة استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات للأعوام 2020-2025، بهدف خفض العرض من المخدرات والمؤثرات العقلية، وخفض الطلب عليها، وعلاج الإدمان وإعادة إدماج ضحاياه في المجتمع.

زيادة الجرائم والمخدرات

الارتفاع اللافت في حالات التعاطي بالأردن واكبه ارتفاع كبير في نسب الجرائم، بينما يربط مختصون بين هذه الجرائم والمخدرات، بخاصة أكثرها انتشاراً وخطورة كمخدر" الكبتاغون" الذي يسبب الذهان والهلوسات، وقد يؤدي إلى الجنون أو الانتحار.

 

يستذكر الأردنيون قصة الشاب المدمن على المخدرات الذي دفعه الإدمان إلى قتل والدته بطريقه بشعة، إذ فصل رأسها عن جسدها وظل جالساً إلى جانب جثتها لحين وصول الشرطة.

ويتوقع أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي أن تسفر الحملة الأمنية الشرسة على أوكار المخدرات، عن خفض نسب الجرائم المروعة التي انتشرت أخيراً.

لكن أكثر ما يقلق الأردنيين اليوم، تزايد عدد متعاطي المخدرات لدى الفئة العمرية الصغيرة، إذ تظهر أرقام دائرة مكافحة المخدرات ارتفاعاً مقلقاً في أعداد المراهقين المضبوطين بتعاطي المخدرات وترويجها، في وقت ينتقد فيه مراقبون عدم وجود مراكز متخصصة لعلاج الإدمان لدى المراهقين.

المدارس والجامعات بيئة خصبة

في سياق متصل يقول متخصصون إن تعاطي المخدرات بات واحداً من أمراض الحداثة، بخاصة مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تشكل بيئة خصبة للتعاطي وتدفع الأردنيين بفئات عمرية مختلفة إلى براثن المخدرات.

وبحسب تقديرات غير رسمية، فإن 25 في المئة من الطلاب الأردنيين الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و15 سنة يتعاطون المخدرات، وهي نسبة كبيرة وخطرة دفعت المعنيين لدق ناقوس الخطر، لا سيما مع الأرقام التي تتحدث عن تضاعف عدد الأردنيين الذين يتعاطون المخدرات ثلاث مرات في السنوات الأخيرة.

وطبقاً لدراسة أجرتها هيئة الأمم المتحدة الخاصة بالجريمة والمخدرات، جاء تعاطي الحبوب المهدئة في المرتبة الأولى بين طلاب المدارس بنسبة بلغت 4.2 في المئة.

في حين أظهرت دراسة أجرتها "يونيسف" أن المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و18 سنة كانوا أكثر عرضة لتعاطي المخدرات، بسبب عوامل اجتماعية كالتفكك الأسري والطلاق، وازدياد ظاهرة أطفال الشوارع والإهمال الأسري.

غير أن دراسة رسمية نفذتها مديرية الصحة المدرسية في وزارة الصحة بدعم من المكتب الإقليمي المعني بالمخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة، أظهرت أن واحداً من بين كل أربعة فتيان بين سن 11 و16 تعاطى الممنوعات أو كانت له تجربة مرة واحدة على الأقل مع المخدرات أو الكحول أو المنشطات أو التدخين.

اقتصاد المخدرات

يعبر وزير الاعلام السابق سميح المعايطة عن قلقه من ملف المخدرات في الأردن بعدما أصبح مشكلة كبرى وكارثة تتسرب كل يوم إلى أعماق المجتمع الأردني، مؤكداً مقولة أن الأردن لم يعد ممراً للمخدرات بل مقرا أيضاً.

ويتحدث الوزير الأردني عن اقتصاد المخدرات الذي يديره تجار كبار ومستوردين ومصنعين ومنتجين وشبكات توزيع، موضحاً أن المعركة في مواجهة هؤلاء هي معركة وعي.

تصنف الجهات المتخصصة مناطق مثل شرق عمان والزرقاء والبلقاء وإربد والرمثا والعقبة والكرك والبادية الوسطى باعتبارها بؤراً لانتشار المخدرات.

 

العراق: ارتفاع حالات الإدمان 

شهد العراق خلال العقد الأخير ارتفاعاً كبيراً في معدلات الإدمان على المخدرات وتجارتها الداخلية والخارجية، بعد أن كان في السابق يعرف على أنه محطة لنقلها إلى دول أخرى عبر الطريق القادم من أفغانستان - إيران.

وأوضحت بيانات وزارة الداخلية العراقية وجهاز الأمن الوطني منذ مطلع العام الحالي عن عدد المعتقلين بتجارة المخدرات وإدمانها، فضلاً عن العثور على كميات هائلة في مناطق مختلفة من البلاد.

8200 متهم

ويقول مدير إعلام مديرية مكافحة المخدرات العراقية العقيد بلال صبحي لوكالة الأنباء العراقية، إن "إحصاء الملقى القبض عليهم خلال الأشهر الستة الماضية بلغت 8200 متهم بالتجارة والتعاطي".

وأضاف أن من بين المعتقلين نحو 200 امرأة، إضافة إلى أكثر من 200 حدث من الذكور والإناث فضلاً عن أن النسبة الأكبر للمتعاطين هم من الذكور"، مبيناً "هذا الإحصاء يعد مؤشراً خطراً في ما يخص التعاطي للنساء والأحداث.

تشديد العقوبات

وأوضح صبحي أن هناك مقترحات لتعديل قانون مكافحة المخدرات بهدف تشديد العقوبات بحق التجار ومستوردي ومروجي المواد المخدرة، لافتاً أن التعديل يتضمن حكم الإعدام لمستورد المخدرات والسجن المؤبد لمن يقوم بالزراعة أو الصناعة.

مركز لتأهيل المتعاطين

وأدى ارتفاع معدلات الإدمان في العراق إلى اضطرار وزارة الصحة العراقية لفتح مركز لتأهيل المتعاطين قد يكون هو الأكبر منذ تأسيس الدولة العراقية. وقال المتحدث باسم الوزارة سيف البدر إن "الوزارة افتتحت أكبر مركز تأهيل لمتعاطي المخدرات في الرصافة "، مبيناً أن "المركز يعد الأكبر من ناحية حجمه في بغداد وجميع محافظات العراق".

وأضاف أن "الوزارة لديها عدد من المراكز في بغداد وهي ابن رشد، وفي ديالى والبصرة ولكن الأسرة قليلة"، مشيراً إلى أن المركز هو ليس بمستشفى، وإنما هو مركز لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وكذلك الدعم الصحي بعد مساعدته في الإقلاع من المخدرات".

نقص في الملاكات

وبين المتحدث باسم وزارة الصحة أن "هناك نقصاً كبيراً في أعداد الملاكات المتخصصة بمعالجة المدمنين على المخدرات، لذلك فإن الوزارة بحاجة إلى دعم كبير"، مؤكداً أن "المدربين الأكفاء والمؤسسات الخاصة بإعادة التأهيل غير كافية".

وتابع أن "وزارة الصحة جهة فنية صحية لا تفرض الأحكام، وأي شخص متردد أو متخوف من مراجعة المؤسسة الصحية، إن كان الشخص متعاطياً أو أي أحد من أفراد عائلته، لا يتردد في زيارة المراكز الخاصة، ونحن نضمن له كامل السرية"، مشيراً إلى أن "وزارة الصحة لا علاقة لها بالاسم أو رقم هاتفه، ونحن لا نحاكم، فنحن نقدم المساعدة الصحية فقط".

قانون للمخدرات

وأصدر مجلس النواب العراقي عام 2017 قانون المخدرات والمؤثرات العقلية، وشكل بموجبه الهيئة العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية التابعة لوزارة الصحة العراقية للبدء بإيجاد حلول لهذه المشكلة التي تسببت في كثير من المشكلات في المجتمع العراقي بهدف إدارة هذا الملف الشائك.

ولعل التفكير الجدي للحكومة العراقية بإنشاء هذه المراكز جاء بعد النسبة المرتفعة للمدمنين، وازديادهم كل عام والتي أعلن وصولها إلى 50 في المئة من قبل مجلس القضاء العراقي خلال منتصف عام 2021.

البطالة

في المقابل، نقل بيان لمجلس القضاء الأعلى عن قاضي محكمة تحقيق المسيب نبيل الطائي أن "أهم أسباب انتشار البطالة يعود لزيادة الإنتاج العالمي للمخدرات وتطور تكنولوجيا الاتصالات، فضلاً عن نشر ثقافة الجنس".

وقال الطائي إن "سوء الأوضاع الاقتصادية ونسبة البطالة الكبيرة التي تؤدي إلى إقدام كثيرين من الأشخاص على تناول المواد المخدرة ظناً منهم أنها تنتشلهم من هذا الواقع".

المناطق الفقيرة

وتابع أن "نسبة الإدمان قد تصل إلى 50 في المئة من الشباب، لكن هذا الأمر غير مكتشف بشكل رسمي، إذ يوجد الأشخاص الذين يعملون بالمخدرات ويروجون لها في مختلف المناطق، وليس في منطقة محددة"، مشيراً إلى أن "70 في المئة منها في الأحياء الفقيرة والمناطق التي تكثر فيها البطالة، وغيرها من المشكلات الاجتماعية".

ضرورة ملحة

ودعت مفوضية حقوق الإنسان إلى الإسراع بإنشاء دور العلاج، لا سيما في ظل العدد الهائل من المدمنين. وقال عضو مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي إن هناك أكثر من 50 في المئة من الشباب يتعاطون المخدرات والمؤثرات العقلية، مشيراً إلى أن هناك لجنة معنية لمكافحة المخدرات ترأسها وزارة الصحة، لكن الملف لا يزال متروكاً للجهات الأمنية والقضائية للتعامل معه.

 

السودان: انتشار بين المراهقين والشباب

كشفت تقارير رسمية في السودان لعام 2021 عن دخول أكثر من 13 ألف حالة إلى مراكز العلاج من الإدمان في الخرطوم تراوح أعمارهم بين 14 إلى 24، مما يشير إلى انتشار المخدرات بين المراهقين والشباب في المدارس والجامعات.

تجتهد الجهات المختصة بين الحين والآخر لإصدار بيانات توضح أرقام عدد المدمنين الذي يقصدون العلاج، وأنواع المخدرات المنتشرة في البلاد وكيف دخلت ومتى. وبعد أن كانت الحبوب المخدرة والحشيش الأكثر رواجاً في البلاد، ظهرت أنواع من المخدرات أكثر فتكاً بين المراهقين في السودان كمخدر "الآيس" و"الترمادول"، وانتشرت بسرعة كبيرة داخل الجامعات والمدارس.

شبكات إجرامية

يقف خلف هذا الانتشار المخيف للمخدرات في السودان شبكات إجرامية كانت وما زالت تسعى إلى الكسب غير المشروع عن طريق بيع المخدرات بأشكالها كافة داخل البلاد، إذ يتم تهريبها من دول أفريقية مجاورة بعيداً من أعين السلطات في بلد يعاني من هشاشة أمنية جراء تعطل العملية السياسية في البلاد.
ولكن على رغم ذلك يتم أحياناً ضبط تلك الشبكات التي لا تؤكد بأنها تعمل لصالح نفسها وليس لأهداف سوى الكسب المادي.
في المقابل يوضح الباحث الاجتماعي النور أيمن أن "انتشار شبكات بيع المخدرات في السودان بهذه الكثافة يدل على هشاشة الوضع الأمني الذي يسمح لتلك الشبكات بتجارة الممنوعات من دون الخوف من القبض عليها أو حتى المساءلة قانونياً إذا تم القبض عليها، وهذا مؤشر خطر ويدل أن جميع المراهقين في السودان مهددون بتعاطي المخدرات، خصوصاً أن بعض الأشخاص يروجون لها داخل الجامعات ويتم تعاطيها بالخطأ أو الإجبار أو التضليل بواسطة عدد كبير جداً".

وصمة اجتماعية

وعن نظرة المجتمع للمتعاطي يقول أيمن إن "المجتمع السوداني سلبي عندما يتعلق الأمر بالتعاطي، إذ يتم لوم الضحية ومعاملته بقسوة وكأن هذا الأمر سيغير من وضعه". وفي الوقت ذاته لا يسعى إلى معالجة المدمن أو تحفيزه على العلاج، خصوصاً أن مرحلة التعافي من الإدمان صعبة جداً وقاسية على أسرة المدمن والمدمن نفسه، لذلك نجد الأسر تخاف من إدخال أبنائها المصحات لتلقي العلاج خوفاً من نظرة المجتمع.

جمعيات متخصصة

من جهة ثانية، تنشط جمعيات متخصصة عدة في علاج الإدمان لمتابعة الحالات. وتقول المتطوعة فريدة جمال إن "انتشار الإدمان جعلنا نغير نشاطنا من توفير الأدوية وتوزيعها على المحتاجين إلى علاج حالات الإدمان، وتبنينا حالات كثيرة حتى وصلت إلى بر الأمان وشفيت تماماً".

وتضيف "عدم وجود إحصاءات دقيقة بعدد المدمنين يجعل عملنا أكثر صعوبة، فنحن نستهدف طلاب الجامعات ونقوم باستدراجهم لتلقي العلاج. وهناك أعداد كبيرة ترفض الأمر، لذلك يجب أن تكون الدولة ملمة بالتفاصيل كافة حتى تضع خططاً جادة لعلاج كل المرضى".

 

في سياق متصل يقول استشاري الطب النفسي والعصبي وعلاج الإدمان علي بلدو إن "السودان أصبح مستقراً لكثير من أنواع المخدرات، كما ظهرت أصناف منها حديثاً، وهي المخدرات الرقمية التي زادت بشكل كبير ويتناولها الأشخاص عن طريق الأقراص المدمجة والفلاشات، وتؤدي إلى أعراض خطرة للغاية كضيق التنفس والأزمات القلبية والتشنجات والوفاة". وعن الفئات العمرية المدمنة يوضح "هناك فئات عمرية صغيرة انضمت إلى ركب المدمنين، إذ توجد حالات لمدمنين في عمر السابعة".

أخطر الأنواع

انتشر في الآونة الأخيرة مخدر "الآيس" وأصبح منافساً قوياً لبقية المخدرات، وأزاح الأنواع الأخرى كافة من المشهد، وبات يشكل خطراً على الأسر السودانية. يقول بلدو إن "ألف حالة يومياً من الشابات والشبان يذهبون لتلقي العلاج من هذا المخدر، وهذا الرقم لا يمثل العدد النهائي للحالات التي لا تخضع للعلاج، خوفاً من الملاحقة القانونية والوصمة الاجتماعية".

طرق العلاج

أما عن العلاجات فيجيب بأنها "تشمل أولاً الاعتراف بالمشكلة واللجوء إلى المراكز المختصة للشفاء، إلى جانب التأهيل النفسي والاجتماعي، يجري العلاج بسحب السموم من الجسم وعلاج الأعراض الانسحابية، ومن ثم التأهيل النفسي والسلوكي والمتابعة الخارجية للمريض مع إشراك الأسرة في الأمر".

استطلاع سري

عن طريق استطلاع رأي على منصة "فيسبوك" وطرح سؤال بخاصية سرية هل قمت بتجربة أي نوع من المخدرات؟ جاءت أغلب الإجابات بالإيجاب. والأكثر هم من الشباب الذين أكدوا تجربتهم ولو لمرة واحدة للحشيش، فيما كان هناك عدد من الإناث الذين قالوا إنهم تعرضوا للاستدراج لتعاطي أنواع محددة من المخدرات أبرزها الحشيش أيضاً. وهذا الأمر دفع للبحث عن نسب التعاطي وسط الفتيات في السودان، خصوصاً بعد تقارير تؤكد ارتفاع نسب التعاطي بين الفتيات.

 

 

سوريا: الحرب زادت من حالات الإدمان

أما في سوريا فيختلف واقع سوق المخدرات ورواجها كثيراً عما كان عليه قبل عقد من الزمن، حيث لم تعد سوريا بلد عبور لشحنات المخدرات كما كانت قبل اندلاع الصراع المسلح عام 2011، بل بات التعاطي رائجاً، وتستغل شبكات الاتجار بالحبوب المخدرة والحشيش وأصناف المخدرات المختلفة حالة الانفلات الأمني السائدة خلال السنوات الماضية، لجعل الاتجار بحبوب الكبتاغون في متناول اليد.

وتبذل إدارة مكافحة المخدرات مساعي للحد من رواج هذه الأصناف وقمعها عبر جهاز الأمن المتخصص، وعبر فريق جنائي وخبير يطلق عليه أمن مكافحة المخدرات.

وتتسع دوائر آلية التهريب ونقل المخدرات وشبكاتها متعددة الوظائف من التهريب إلى الترويج وحتى التسويق، ولا يكاد يمر يوم من دون أن تعثر الأجهزة على عملية تهريب، وفي دمشق أوقف فرع مكافحة المخدرات عملية تضم 24 كيلوغراماً من حبوب الكبتاغون قد صنعت على شكل صحون فخارية مغلفة بلاصق بلون الفخار نفسه، بني اللون. وكشف عن هوية صاحبها، وبالتحقيق معه تبين أن الصحون الفخارية هي عبارة عن الحبوب المخدرة قد طحنت وصنعت على شكل صحون فخارية ليسهل تهريبها.

وتتعاظم مشكلات التصدي لعمليات التهريب وسط تفشي هذه الظاهرة، ويعتقد متابعون مطلعون على ملف المخدرات في البلد أن تفاقم ذلك يعود إلى الحرب الأخيرة، ولعل الأحداث الدائرة أسفرت بالنتيجة عن انتشارها بشكل واسع، وساعد الأمر خروج مناطق واسعة منذ اندلاع الحرب عن نطاق السيطرة الحكومية، في المقابل خضوع مناطق للميليشيات شمال البلاد وجنوبها وشرقها مع اتساع البادية السورية المترامية الأطراف التي تحاذي سبع محافظات سورية، وتتاخم شرقاً العراق وجنوباً الأردن لتمر شحنات التهريب إلى شمال أفريقيا وجنوب أفريقيا ودول الخليج.

وفي وقت تتهم وسائل إعلام أجنبية عصابات موالية للسلطة تدير هذه العمليات التي تدر أرباحاً قدرتها بـ5.7 مليار دولار كعوائد لعام 2021 وحدها، وفق ما نشرته صحيفة "دير شبيغل الألمانية"، أعلن بيان رسمي من دمشق عن مصادرة الجهات الأمنية المتخصصة بين عامي 2020 و2021 ما يقارب 50 مليون حبة كبتاغون وآلاف الكيلوغرامات من الحشيش المخدر.

وقد بلغ انفلات الترويج وتسويق الحبوب المخدرة ذروته ليس لأسباب أمنية وحسب بل لأسباب نفسية واجتماعية تتعلق بتداعيات الحرب، وما تشهده البلاد من أزمات اقتصادية قد دفعت بالشبان إلى اللجوء إلى هذه الآفة، وفق ما تشير إليه الباحثة الاجتماعية رجاء قضيماني، التي تعتبر هذه المشكلات وغيرها كانت بوابة هروب تتسع بين فئة الشبان، ولعل الأصعب من ذلك أن الأمر أخذ يتسع بين اليافعين.

وترى أن الهموم التي تتكاثر وتوفر المادة سهل تناولها ولا سيما سعرها الرخيص، فحبة الكبتاغون يبلغ ثمنها بين ثلاثة وخمسة آلاف ليرة، ما يقارب نصف دولار مع حالة انفلات تربوية لدى هذا الجيل.

وتجزم الباحثة الاجتماعية أن المجتمع قادر على الحد من التفشي بمراقبة الأهل الأبناء ومتابعة أصحابهم، ومراقبة مصروفهم المالي، مطالبة في الوقت ذاته بضرورة إطلاق حملات توعية بكل أشكالها ووسائل الإعلام الإذاعية والتلفزيونية والسينمائية، للتعريف بقصص المدنيين وإلى أي درك وصلوا بعد تناولهم هذه الحبوب.

في غضون ذلك تكتنف مراكز معالجة الإدمان سرية تامة، ويمارس الراغب بالتخلص من الإدمان وتلقي العلاج رقابة مشددة وطريقة علاج دقيقة، حيث تبلغ توقعات المكتب الإقليمي لمكافحة الإدمان في سوريا أن نسبة إدمان المخدرات بعد انتشارها من سن (15) إلى (49) سنة وهذه النسبة تتخطى 2.5 في المئة.

في حين كشفت إحصائية للمرصد الوطني لرعاية الشباب في سوريا عن حجم مشكلة الإدمان، إذ يشكل المدمنون من عمر 11 إلى 20 سنة 27 في المئة، وبين 21 و30 سنة 43 في المئة، ومن 31 حتى 40 سنة ما نسبته 22 في المئة، أما الأعمار من 41 حتى 50 سنة ما نسبته ستة في المئة من نسبة إجمالي المدمنين، في حين تبلغ نسبة إدمان كبار السن اثنين في المئة.

المزيد من تحقيقات ومطولات