Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإدمان العاطفي يوقع مغربيات في شباك محتالي تطبيقات المواعدة

"هناك عدد كبير من الضحايا يدركن أنه يتم الاحتيال عليهن عاطفياً لكنهن يواصلن للحصول على جرعات الدوبامين"

بلغت القيمة المالية للاحتيال في تطبيقات المواعدة مبلغ 14 مليار دولار في عام 2021، بحسب مركز مكافحة الاحتيال الكندي (ا ف ب) 

باسم الحب تعرضت مغربيات لنصب والاحتيال في تطبيقات المواعدة، كن يحلمن بإيجاد شريك لحياتهن يخضع للمعايير المتفق عليها في سوق الزواج الحالية، "وسيم وثري وأنيق"، لكن سرعان ما اكتشفن بأنهن ضحايا لمحتالين يدركون فن التلاعب بمشاعر ورغبات الباحثات عن شركاء.

"أصبحت مدمنة على الحديث معه"

لم تتوقع سعيدة أنها ستصبح ضحية "نصب عاطفي" عبر تطبيق "تيندر"، وتقول في هذا الصدد، "في السابق لم أكن أثق في هذه التطبيقات، لكن بعدما عثرت إحدى زميلاتي في العمل على شريك حياتها في تطبيق للمواعدة، قلت لم لا أجرب".
سعيدة التي تبلغ من العمر 36 سنة، وتدير مكتباً للمحاسبة في مدينة الدار البيضاء، تابعت بالقول، "تواصلت مع شاب مغربي عبر تطبيق للمواعدة، كان يبدو وسيماً، ويعمل في مجال التجارة في فرنسا، كنا نتحدث لساعات طويلة، وكانت أول مرة ألتقي بشخص لديه أفكاري نفسها، ويتحدث بطريقة لبقة، لغته الفرنسية كانت رفيعة وينتقي كلماته بشكل مبهر". وأضافت، "استمرت علاقتنا لثلاثة أشهر، كان يرسل لي صوره خلال عمله، وسفره خارج فرنسا، ويحكي لي تفاصيل يومياته، وكان يهتم بتفاصيل حياتي الصغيرة، أصبحت مدمنة على الحديث معه، وأنتظر بفارغ الصبر زيارته إلى المغرب". وتابعت، "بعد فترة انقطعت أخباره عني، كنت متوترة خلال تلك الفترة، لم أكن أعرف ما أفعل، كنت أنتظر بفارغ الصبر رسائله".

الصدمة

يعتمد المحتالون خطة الانقطاع عن الحديث لجعل الضحية ترتبط بهم بشكل أكبر، وفق سعيدة، التي زادت أنه "بعد شهر من الغياب، كتب لي رسالة بأنه يعاني من مشكلات مادية، وأنه عليه أن يدفع قرضاً مالياً للبنك وإلا سيدخل السجن، وأنه نجح في جمع المال وهو فقط بحاجة لمبلغ 1000 يورو، أخبرني بأنه تردد كثيراً في طلب المال مني، ولأني كنت مغرمة به قمت بإرسال المال له من دون أن أفكر".
وكشفت المتحدثة ذاتها، أنه "بعد حصوله على المال، انقطع عن التواصل معي، حينها أدركت أني كنت ساذجة، وصدقت شخصاً لا أعلم عنه أي شيء سوى مجموعة من الصور. لا أعرف هل هي صوره أم صور شخص آخر، شعرت بالصدمة لأنني وثقت فيه، لا أعرف كيف جعلني أصدقه على الرغم من إني حذرة ولا أثق بالناس بسهولة".

في المغرب، يطلق على سعيدة وضحايا النصب العاطفي "دمدومة" أي شخص غبي وساذج لأنه سمح لشخص آخر بالاحتيال عليه، ويوصمون اجتماعياً، وأغلب من تعرضوا للنصب العاطفي يخفون ذلك.

"يرغب في مساعدة الفقراء"

وبالنسبة إلى سلمى البالغة من العمر  26سنة، كانت طريقة النصب مختلفة، تقول في هذا الصدد، "تعرفت على شاب أميركي في تطبيق المواعدة يعمل جندياً، أخبرني بأنه يرغب أن يعتنق الإسلام ويستقر في المغرب بعد الزواج مني وأنه يرغب في مساعدة الفقراء، كان مهتماً بثقافتي ويسألني عن الحياة في المغرب، كان وسيماً جداً". وتضيف سلمى، "أخبرني أنه سيرسل هدايا لي ولعائلتي، وأرسل لي صور الهدايا، ووثيقة التحويل، وأنه بمجرد ما ستصل الهدايا سيتصل بي أحدهم يخبرني بأن أتسلمها".
وتتابع، "من بعدها اتصل بي شخص أخبرني أنه ينبغي أن أدفع 700 يورو للجمارك لأحصل على الهدايا. عندما سمعت أنه ينبغي أن أدفع المال، أدركت أنه احتال علي، فقطعت الاتصال به".

سوق المواعدة

إلى جانب عملها كخبيرة في النانوتكنولوجي في مركز الأبحاث الأوروبي ببلجيكا "imec"، تبحث كوثر بوبكار في تداعيات التقنية على حياة الأفراد. وتشرح في حديثها مع "اندبندنت عربية"، كيف تسهم تطبيقات المواعدة في تسليع الأشخاص سواء رجلاً أو امرأة، مشيرةً إلى أن "الاختيارات في هذه التطبيقات تنبني على الصور، وعلى التعريف البسيط القائم على المستوى المعرفي والدراسي والمجتمعي والاقتصادي، وبعض الهويات التي تكشف الانتماء الطبقي، الحكم على الإنسان ينبني على معايير اجتماعية واقتصادية، ومعايير جمالية، وهنا يتم استبعاد البعد الجوهري للعلاقات، القائم على المشاعر، والثقة". وتضيف بوبكار، "إن تطبيقات المواعدة حولت فضاء التعارف بين الرجل والمرأة إلى سوق، حيث قيمة الإنسان تقل بتقدمه في السن وعدم توفره على إمكانات مادية واجتماعية، والمرأة تقل قيمتها في هذه السوق إذا تقدم سنها وركزت على تعليمها الأكاديمي، فالتطبيق يعرض عليها انطلاقاً من الخوارزميات رجالاً أقل منها مستوى ثقافي واقتصادي، وهذا ما يختزل الإنسان في صورة محددة بمعطيات جمالية، بخاصة أن المرأة تخضع لمعايير الجمال المحددة حالياً في السوق". وتضيف الخبيرة في النانوتكنولوجي، "فبعض من يمضون وقتاً طويلاً في هذه التطبيقات من دون أن يعثروا على شريك، يشعرون بالدونية، لأنهم يعتقدون أنهم لا يتناسبون مع المعايير الجمالية والاقتصادية والاجتماعية المطلوبة في سوق البحث عن شريك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


كيف تعمل عصابات الاحتيال العاطفي؟

وتمضي المتحدثة ذاتها قائلةً، "الجائحة عززت الإحساس بالعزلة لدى الناس، وأصبح التعارف في مواقع التواصل الاجتماعي الرقمي والافتراضي رائجاً بشكل كبير في عدد من المجتمعات، ولأن النصب العاطفي كان موجوداً من القدم وقبل ظهور التقنية التي جعلت العصابات المنظمة تخلق طرقاً للنصب العاطفي لأجل الوصول إلى غايات كثيرة". وتقول بوبكار،"هذه العصابات المنظمة أصبحت ترتكز على خوارزميات، وتستعمل صوراً تسرق من صفحات أفراد على "فيسبوك" أو "إنستغرام"، وتنشأ صفحات وهمية تظهر مثالية لكي يتم إغراء الآخر، وهناك محتالون يلجأون إلى متخصصين نفسيين لمعرفة كيف ينبغي التعامل مع الضحية بعدما يجمعون عنها معطيات خاصة، لكي ينجحوا في الحصول منها على المال، وإيقاعها في حالة إدمان على التواصل العاطفي، بخاصة إذا كانت الضحية في عزلة، ولا تشعر بقيمة ذاتها، وكل فرد يمر في حالة ضعف نفسية تجعله ضحية لنصب".
وتشير الخبيرة  في النانوتكنولوجي إلى أن "هذه العصابات طورت طريقتها في الحصول على أموال، هناك عصابات كبيرة مركزها حالياً الصين، التي تحاول إقناع الضحية، مثلاً بأن هناك استثماراً مربحاً ويمكنك أن تحقق أرباحاً منه، ولأنك شخص عزيز على قلبي أريدك أن تستفيد"، وهناك طرق أخرى، وعندما يدفع الضحية كل ما يملكه من المال، تنتقل العصابة إلى ابتزازه عاطفياً".
وتوضح بوبكار، "ويوجد أشخاص حقيقيون يمارسون الاحتيال العاطفي، ولديهم عدد كبير من الضحايا، لأن التعامل عن بعد يخلق علاقة جميلة  يصعب إيجادها في الواقع، وتجعل الضحية تدمن على هذا النوع من العلاقات، هناك عدد كبير من الضحايا يدركون أنه يتم الاحتيال عليهم عاطفياً، لكنهم يواصلون، للحصول على جرعات دوبامين إضافية من خلال التواصل الافتراضي".
يذكر أن الدوبامين هو عبارة عن مادة كيماوية مسؤولة عن الشعور بالنشوة والسعادة والمتعة، وتنشط السلوكيات الإيجابية والمشاعر الجيدة، وتسهم في الإدمان على المخدرات أو مواقع التواصل الاجتماعي أو محادثات افتراضية.
وتختم بوبكار قائلةً، "إن هذه التطبيقات ليس من مصلحتها أن يحصل مستخدموها على علاقات مستقرة، لأنها تربح من خلال فشل وإقامة علاقات جديدة".

خسائر الاحتيال العاطفي

وبلغت القيمة المالية للاحتيال في تطبيقات المواعدة حوالى 14  مليار دولار أميركي في عام 2021، حسب مركز مكافحة الاحتيال الكندي، كما سرق ما يقرب من 100  مليون دولار من ضحايا النصب العاطفي في كندا لوحدها ما بين 2020 و.2021
وحسب موقع شركة "كاسبيرسكي" الخاصة بالأمن السيبراني ومكافحة جرائم الإنترنت، "ارتفع هذا النوع من الجرائم بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، في عام 2016 أبلغ عن 11،235 عملية احتيال مواعدة ورومانسية إلى لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية، بحلول عام 2020، ارتفع هذا العدد بالفعل إلى 52593 حالة.
وبلغت الخسائر المالية من هذا النوع من الاحتيال إلى ذروة جديدة في عام 2020 في الولايات المتحدة إلى 300 مليون دولار، لقد خلقت جائحة كورونا على وجه الخصوص ظروفاً جيدة للمحتالين الرومانسيين.

كيف تحمي نفسك من النصب العاطفي؟

ولتفادي النصب والاحتيال العاطفي، يشرح موقع شركة "كاسبيرسكي" طرق الحماية، "يجب عدم قبول طلبات صداقة من أشخاص مجهولين، وعدم إعطاء معلومات شخصية في ملف تعريف المواعدة أو مع أشخاص تعرفهم عبر الإنترنت، وعدم تقديم تفاصيل مثل الاسم الأخير أو مكان العمل، يمكن أن يستخدمها المحتالون لسرقة الهوية، ابق متيقظاً عندما يمدحك شخص ما بسخاء، اكتب نصوص الرسائل في محرك البحث لمعرفة ما إذا كانت الصياغة نفسها تظهر على مواقع الويب التي تحذر من الحيل الرومانسية، عدم إرسال صور خاصة إلى غرباء على الإنترنت يمكن استخدامها لاحقاً لابتزازك". ويضيف المصدر ذاته "في حال الشك في الشخص، توقف عن الاتصال على الفور وقم بإخبار موقع أو تطبيق المواعدة الذي التقيت فيه بالمحتال إذا كان ذلك ممكناً، فلا تنقر أبداً على روابط الرسائل الموجهة إليك التي تبدو غير مرتبطة بالمحادثة التي تجريها، عندما تحدد موعداً للقاء بالشخص الذي تعرفت عليه في تطبيق المواعدة أخبر الأصدقاء والعائلة بمكان لقائكم، اختر مكاناً عاماً ولا ينصح بالسفر إلى الخارج، ويُنصح بعدم إرسال أموال وهدايا وعدم إعطاء معلومات مصرفية لشخص تعرفت عليه في هذه المواقع لأنه يمكن أن تستخدم لسرقة أموالك".

المزيد من منوعات