Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"محتال تيندر"... وثائقي يحذر الباحثات عن الحب عبر تطبيقات المواعدة

العاشق المحتال حصل على ملايين الدولارات من ضحاياه ويهدد برفع دعوى بعد كشف قصته

وجد سايمون في التكنولوجيا ضالته ليغير اسمه وتاريخه ويوقع في شباكه الباحثات عن الحب (مواقع التواصل الاجتماعي)

"الاستثمار في الحب والرومانسية"، تجارة لا تبور، وحيلة لا يبطل مفعولها أبداً، محتال المواعدة عرف كيف يختار طريقته في الثراء، وكيف يقتنص أهدافه، وعلى طريقة فيلم "Catch Me If You Can"، نجح الشاب الإسرائيلي سايمون لفيف (أحد أسمائه المستعارة) في أن يودع الحي المتواضع، الذي نشأ فيه بغالبية سكانه من اليهود المتشددين، حيث كان يتنقل بين الطائرات والحبيبات، مدعياً أنه نجل ملياردير يعمل في مجال الألماس، بحسب ما يعرضه وثائقي "نتفليكس" (The Tinder Swindler - محتال تيندر) الذي تبلغ مدته قرابة الساعتين.

وإذا كان ليوناردو دي كابريو في الفيلم الشهير المستند إلى قصة حقيقية بدوره قد خدع الجميع سنوات بأنه طيار محترف، وحقق نجاحاً وثروة، فإن سايمون كان هدفه المال والحياة الفارهة التي حلم بها منذ مراهقته، حينما كان يسرق ويختلس، ثم وجد في التكنولوجيا وتطبيقات المواعدة ضالته، ليغير اسمه وتاريخه بنقرة زر، ويوقع في شباكه بمنتهى السهولة الباحثات عن الحب والدلال من دون أن يشك به أحد.

تجارة الحب على تيندر

بين النرويج وفنلندا ولندن وسويسرا وإسبانيا وألمانيا كان يتنقل سايمون، كما كان يستخدم أسماء ووظائف زائفة أيضاً. حياته التي كانت معروضة على منصات مواقع التواصل الاجتماعي على الملأ، وصوره على تطبيق المواعدة الشهير "تيندر"، توحي بأن هذا الشاب الثري الأنيق عاشق السفر، الذي يذهب بطائرته الخاصة لتناول العشاء في مطعم فاخر بدولة، وبعد عدة ساعات يقرر أن يبيت ليلته في دولة أخرى، إنه حلم كل فتاة. من إذن يشك في رجل لا يتستر، ولا يخفي صوره، بل يتباهى بتحركاته وبممتلكاته وثيابه التي عليها طبعات أغلى الماركات؟

الثقة بالنفس كانت أحد المفاتيح المهمة التي تمكّن الشاب من خلالها من الإيقاع بضحاياه، فلربما يكون كثيرون قد صادفوه في رحلاتهم السياحية، فهو دائم السفر وصاحب شركات عملاقة، وتضطره أعماله إلى السفر هنا وهناك، لعقد صفقات بعشرات الملايين من الدولارات، بالتالي هل سيفكّر شخص بهذا الثراء في بضعة آلاف تملكها فتاة تبحث عن حبيب على موقع للمواعدة؟!

حياة فارهة على حساب الضحايا

لكن، الحقيقة أنه كان يعيش من تلك الآلاف التي ترسلها له حبيباته بعد أن يدّعي أنه وقع في مأزق، مكرراً الحجة ذاتها، ومستشهداً بالصور ذاتها، وبأنه كاد يتعرض لإصابة بالغة، بعد أن طارده أعداؤه الراغبون في قتله، ملايين من الدولارات منحتها له الفتيات لإنقاذه من مأزقه الكاذب، وتورطن في قروض بنكية فوق قدراتهن، وحينما ينتهي من واحدة يذهب إلى أخرى، ينفق عليها أموال الأولى وهكذا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قصة تبدو تقليدية ومكشوفة للغاية، لكن المفاجأة أنها تنجح في كل مرة، حيث يعرض الوثائقي المشوّق رحلة سايمون من خلال سيناريو محكم يحمل نقلات درامية جذابة، ولا يترك للمشاهد فرصة للملل، بل يلهث وراء الأحداث ما بين الرسائل الصوتية "للعاشق المثالي"، وفيديوهات الوجبات الفاخرة، والساعات الثمينة، وباقات الورد الضخمة، ومسابح أكثر الفنادق تكلفة، وطاقم الحراسة الضخم، ثم توتر الفتيات اللاتي يقعن في الحب سريعاً، وبعد ذلك يرتبكن من تصرفات سايمون بعد الثقة العمياء بشخصيته، ليأتي دور رسائل البنوك التي تجعل الأوضاع أكثر اشتعالاً بعد أن تتراكم الديون على المقترضات اللاتي يفعلن كل ما بوسعهن لنيل رضاء سايمون، وهو بدوره يطمئنهن برسائل ودودة وبشيكات بنكية بمئات الآلاف، لكنه يقلقهن على مصيره فيزددن تمسكاً به.

لكن، الشيكات غير القابلة للصرف تقلب الأوضاع مجدداً، وعلى الرغم من كل تلك التفاصيل لا تقتنع صديقات سايمون بسهولة بأنه يستغلهن، وتسيطر عليهن حالة من الإنكار، ويعشن صدمة طويلة. بالتالي كان من الطبيعي أن يظل سايمون سنوات يمارس ألاعيبه، معتمداً على أن الفتيات لن يجرؤن على الإفصاح عن حالة الخداع التي مررن بها، خوفاً من اتهامهن مِن قِبل مَن حولهن بالسذاجة، كما كان يرسل إليهن تهديدات تجعلهن يخترن الصمت.

الواقع يتفوق على السينما

القصة الدرامية التي يعرضها الفيلم بمهارة وذكاء، تأخذ معها المشاهد في رحلة من الإثارة والدهشة التي تزداد تشويقاً، كونها واقعية في كل تفاصيلها، فكيف للعبة بهذه البساطة أن لا تنكشف، وكيف يمكن لشخص في عصر الإنترنت ووسائل البحث أن لا تنكشف حقيقته إلا بالمصادفة، بخاصة أن الشاب كان قد سجن في قضايا مماثلة سنوات قليلة، حيث تجرأت فتاتان رفضتا الكشف عن هويتهما وتقدمتا بدعاوى ضده.

لكن المتحدثات بالفيلم ممن تعرضن للخداع كُنَّ أكثر جرأة وكشفن عن هوياتهن وهويته وعملن مع الصحافة ثم الشرطة، لمحاولة الإمساك به، وقبلن بكشف أسرارهن الخاصة جداً، مقابل أن يتوقف كل هذا الاحتيال، ومثلما كانت التكنولوجيا وسيلته في الاحتيال كانت أيضاً طريقة في التنبيه من خطورته، حيث زينت صوره وبياناته وقصصه كنصاب محترف محرك البحث "غوغل".

لكن، على ما يبدو أنه كان يؤمن نفسه من الناحية القانونية، وعلى الرغم من الملايين العشرة التي أخذها بالخداع، فلم تكن نهاية الفيلم سعيدة، بل إن "المحتال" يهدد صناع الفيلم برفع دعوى ضدهم بتهمة التشهير، ومع ذلك فقد أعطى الفيلم درساً لا ينسى بأن التكنولوجيا مثلما هي مصدر للمعلومة هي أيضاً مصدر أساسي للوقوع في الشرك.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة