Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بايدن يدفع بسفير "فوق العادة" إلى السعودية وسط ركود العلاقات

هل بوسع مايكل راتني إعادة الدفء بين واشنطن والرياض مجدداً؟

مايكل راتني سفير الولايات المتحدة في السعودية (غيتي)

بعد 16 شهراً عاصفة شهدت توتراً في العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة، وسط تباين المواقف حيال إيران وروسيا وحرب اليمن، قال البيت الأبيض، أمس الجمعة، 22 أبريل (نيسان)، إن الرئيس جو بايدن يعتزم ترشيح مايكل راتني سفيراً للولايات المتحدة لدى الرياض، ضمن جملة ترشيحات ضمت دبلوماسيين ومسؤولين جدداً.

ترشيحات متأخرة

تأتي خطوة واشنطن نحو ملء مقعد سفيرها في أكبر عواصم الخليج، في أعقاب سيل من الانتقادات التي تعرضت لها إدارة بايدن بسبب تأخرها في ترشيح سفراء إلى بلدان عدة، مما خلق فراغاً دبلوماسياً حمل على التشكيك في قدرة الرئيس الأميركي على استعادة دور الدبلوماسية وتعزيزها.

وبحلول أغسطس (آب) 2021، لم يعتمد الكونغرس لبايدن إلا سفيراً واحداً، وهو رقم ضئيل مقارنة مع أداء أسلافه، ففي غضون 200 يوم، استطاع باراك أوباما تعيين 59 سفيراً، وتمكن جورج دبليو بوش من تعيين 53 سفيراً، وخلال هذه الفترة صادق الكونغرس على ترشيحات دونالد ترمب الـ19، وفق إحصاء أجراه معهد بروكينغز.

الخليج الممتعض

إلا أن بقاء التمثيل الدبلوماسي الأميركي خجولاً في دول خليجية كالسعودية والإمارات اللتين تلعبان دوراً محورياً في الشرق الأوسط، لم يمر مرور الكرام بينما تطفو خلافات البلدين مع واشنطن حيال دور إيران الإقليمي والموقف من الاعتداءات الحوثية إلى السطح.

وبعد ركود ملحوظ عاشته العلاقة الأميركية– السعودية، كان ارتفاع أسعار النفط، ومن ثم الأزمة الروسية- الأوكرانية سببين كافيين لدفع واشنطن إلى تعزيز التواصل مع القيادة السعودية، إذ بادر الرئيس بايدن بالاتصال بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، بهدف إقناع الرياض بضرورة زيادة إنتاج النفط، إلا أن تلك الطلبات قوبلت بموقف سعودي متمسك باتفاق "أوبك بلس" الذي يحافظ على بقاء الإنتاج عند مستويات محددة.

وفي سياق متصل، أجرى منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط بريت ماكغورك ومبعوث وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الطاقة عاموس هوكستين، زيارة إلى السعودية كان أحد أهدافها إقناع السعوديين بضخ مزيد من النفط. وبحسب بيان البيت الأبيض، فإن المسؤولَين، "جددا دعم الولايات المتحدة لحلفائها، وناقشا الجهود الجارية مع البعثتين الدبلوماسية والعسكرية في واشنطن والرياض، إضافة إلى الجمع بين الضغط على الحوثيين في اليمن والجهود المنسقة التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب"، كما اقترحا حينها ما وصفه البيان "نهجاً تعاونياً" للتعامل مع التداعيات المحتملة "حال حدوث غزو روسي لأوكرانيا".

إلا أن تلك المحاولات اصطدمت حينها وفق مسؤول أميركي رفيع المستوى تحدث لشبكة "سي أن أن"، بمقاومة من الجانب السعودي، الذي أكد التزامه اتفاق "أوبك بلس" الذي توصلت إليه الرياض، بعد مشاورات مع نظرائها في الدول المنتجة ومنها روسيا.

مهمة ثقيلة

وفي ضوء الفشل الأميركي في إقناع السعودية بالتخلي عن اتفاق "أوبك بلس"، والهزات التي تعرضت لها العلاقة بين البلدين في عام بايدن الأول، تنتظر مايكل راتني حال اعتماد ترشيحه من قبل الكونغرس سفيراً إلى السعودية مهمة ثقيلة وصعبة لاستعادة توازن العلاقات مع أكبر دولة مصدرة للنفط.

ويُنتظر من راتني تعزيز علاقات بلاده مع الرياض، وسط برود العلاقة الذي تجلى في مناسبات عدة، منها تأجيل زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى السعودية في سبتمبر (أيلول) الماضي، في أعقاب سحب الولايات المتحدة أنظمة دفاعية من السعودية، قبل أن تعيدها هذا العام.

ولا يعد راتني غريباً عن المنطقة وصراعاتها، فالمسؤول الأميركي الذي يتحدث العربية بثقة، سبق أن شغل منصبي القائم بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة في القدس والمبعوث الخاص للولايات المتحدة لسوريا، وعمل أيضاً نائباً لرئيس البعثة في السفارة الأميركية في قطر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي حال اعتماد ترشيحه، سيكون راتني أول "دبلوماسي صرف" يعمل سفيراً لدى السعودية منذ ثلاثة عقود كانت السطوة فيها للسفراء المعينين سياسياً الذي كان آخرهم جون أبي زيد، الجنرال المتقاعد قائد القيادة المركزية الأميركية سابقاً الذي رشحه دونالد ترمب في عام 2019.

ذكر بيان البيت الأبيض أن راتني يتكلم العربية والفرنسية، ويحمل درجة البكالوريوس من جامعة بوسطن، والماجستير من جامعة جورج واشنطن، كما حصل على العديد من جوائز الأداء الصادرة عن وزارة الخارجية، بما في ذلك جائزة الخدمة الرئاسية الاستحقاقية.

تواصل يومي

ويعود توتر العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية لأسباب من أبرزها توجه إدارة بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، الذي ينتقده حلفاء واشنطن لفشله في معالجة سلوك طهران في المنطقة، مطالبين بموقف أكثر صلابة تجاه إيران وأذرعها.

في المقابل، تحاول واشنطن إقناع السعودية بضخ المزيد من النفط بما يتجاوز الزيادات التدريجية الصغيرة التي اتفقت عليها الدول الأعضاء في "أوبك بلس" للحد من ارتفاع أسعار الطاقة، إثر حظر الولايات المتحدة ودول أخرى واردات النفط الروسية بسبب الحرب في أوكرانيا.

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" نشرت، الثلاثاء الماضي، تقريراً قالت فيه، إن "التحالف التاريخي بين الرياض وواشنطن معرض للخطر بسبب الخلاف حول مستويات إنتاج النفط، والمخاوف الأمنية، وغزو أوكرانيا"، وعدد التقرير أسباباً دفعت إلى وصول العلاقات الأميركية– السعودية إلى "مرحلة الانهيار" على حد وصف الصحيفة.

وذكرت الصحيفة الأميركية نقلاً عن مسؤولين سعوديين وأميركيين أن "الخلافات السياسية تعمقت منذ الغزو الروسي لأوكرانيا"، إذ أراد البيت الأبيض من السعوديين ضخ المزيد من النفط الخام للحد من ارتفاع الأسعار وكبح قدرات روسيا في تمويل حربها، إلا أن الرياض لم تتزحزح عن موقفها.

إلا أن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، أدريان واتسون، نفت ما تضمنه التقرير حول النقاط التي تطرق لها اجتماع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، وقالت إن سوليفان لم يناقش إنتاج النفط مع ولي العهد.

من جانبه، أكد مسؤول سعودي في السفارة السعودية لدى الولايات المتحدة أن علاقة بلاده مع واشنطن لا تزال قوية بخلاف ما أورده تقرير "وول ستريت جورنال"، واصفاً اللقاء بين ولي العهد السعودي وسوليفان بأنه كان "ودياً ومهنياً". وقال إن "البلدين على تواصل يومي وتنسيق مكثف حيال قضايا تشمل الأمن والدفاع ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى التعاون الاقتصادي والعمل المشترك لمكافحة تغير المناخ وتحقيق أمن الطاقة".

وأقر المسؤول السعودي بمرور العلاقات بين البلدين خلال عقودها السبعة بخلافات ووجهات نظر مختلفة، إلا أن ذلك لم يوقف الدولتين عن السعي للعمل معاً لتحقيق مصلحة البلدين.

رفض التحدث لبايدن

في وقت سابق، أكد مسؤولون من الشرق الأوسط والولايات المتحدة، أن البيت الأبيض حاول من دون جدوى ترتيب مكالمات بين بايدن وزعماء سعوديين وإماراتيين، ضمن مساع أميركية لحشد دعم دولي لأوكرانيا واحتواء ارتفاع أسعار النفط.

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين قولهم، إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد رفضا طلبات الولايات المتحدة للتحدث إلى بايدن، حيث أصبح المسؤولون السعوديون والإماراتيون أكثر صراحة في الأسابيع الأخيرة في انتقادهم السياسة الأميركية في الخليج.

وعمل البيت الأبيض خلال الأسابيع الماضية على إصلاح العلاقات مع السعودية والإمارات لمواجهة ارتفاع أسعار النفط، وأوفد منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط بريت ماكغورك، ومبعوث وزارة الخارجية لشؤون الطاقة عاموس هوكستين، إلى الرياض وأبو ظبي لحثهما على زيادة إنتاج النفط، إلا أن تلك المساعي فشلت في تغيير سياسة الدولتين الخليجيتين.

المزيد من تقارير