Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توقعات "الناتو" من تركيا في أوكرانيا

أي موقف من أنقرة سيكون بالغ الأهمية من حيث التأثير على موازين القوى

وصول طائرة الوفد الروسي المفاوض مع الجانب الأوكراني إلى مطار أتاتورك في اسطنبول، الإثنين 28 مارس الحالي (رويترز)

تمخضت القمة الاستثنائية، التي عقدها حلف شمال الأطلسي "الناتو" في بروكسل، الأسبوع الماضي، عن قرار الحلف لدعم أوكرانيا وتقوية جناحها الشرقي، ما يشير إلى أنه ستكون هناك مطالب جديدة ومختلفة من الدول الأعضاء. كما تمت الإشارة إلى أنهم سيساعدونها على بناء حقها في الدفاع عن النفس.وهذا يُبرز لنا أن "الناتو" يواجه واقعاً أمنياً جديداً.

كما تبين أن "الناتو" بحاجة إلى تعزيز وجوده عبر مزيد من المعدات والإمدادات، بخاصة على جناحه الشرقي، وعندما ننظر إلى القرارات المتخذة في القمة، نرى أن تركيا والبحر الأسود قد زادتا من أهميتهما بالنسبة إلى الحلف.

وبالتزامن مع قمة "الناتو"، عُقدت في اليوم ذاته قمتا الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع. وتكرر اسم تركيا، خلال هذه القمم، التي انعقدت في سياق الحرب الأوكرانية- الروسية، الأمر الذي زاد من حماس أنقرة، التي كانت تجد صعوبة في تحسين علاقاتها مع الغرب منذ سنوات. تلك الأجواء جعلت الغرب يرى في روسيا تهديداً جديداً له، ما جعله يدرك أهمية دولة بحجم تركيا، التي تمتلك أحد أقوى الجيوش في "الناتو"، وتتمتع بموقع جغرافي مهم. ويمكن ملاحظة ذلك أيضاً مع زيادة الحركة الدبلوماسية تجاهها أخيراً.

من ناحية أخرى، ينبغي الانتباه إلى أن المسافة بين تركيا وروسيا تختلف عن المسافة بين موسكو وسائر دول حلف شمال الأطلسي، كما أن سياسة أنقرة تجاه روسيا تختلف عن سياسة سائر أعضاء "الناتو" تجاهها. ولا تزال تركيا العضو الوحيد في الحلف الذي يقيم علاقات دبلوماسية مع روسيا ولا يفرض عقوبات.

وليس من المستبعد أن "الناتو"، بفضل هذا، يواصل الحوار مع روسيا من خلال إبقاء الباب مفتوحاً عبر تركيا. ومن الممكن أن الحلف يتفهم أيضاً السياسة الحالية لأنقرة بناء على هذا الاعتبار.

ومع أن "الناتو" لا يمارس ضغوطاً جدية على تركيا لتتخذ موقفاً سلبياً تجاه روسيا، لكنه مع ذلك، لا يهمل سرد توقعاته من أنقرة، بشأن العقوبات على وجه الخصوص. فبطبيعة الحال، إن ذكر تركيا كدولة ساعدت روسيا في التحايل على العقوبات من شأنه أن يزعج "الناتو" أيضاً. وبالفعل لا تزال الولايات المتحدة ترسل لأنقرة رسالات غير مباشرة في ضمن تحذيراتها لدول الحلف الأطلسي بشكل عام.

إن موقف أنقرة في هذه الحرب سيؤثر أيضاً على ما إذا كان سيتم رفع القيود المفروضة على تركيا في مجال الصناعات الدفاعية في المستقبل أم لا. يذكر أن شراءها لنظام الدفاع الجوي "S-400" من روسيا أدى إلى فرض الولايات المتحدة عقوبات عليها في نطاق قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات.

إضافة إلى ذلك، لا تزال بعض دول التحالف مثل ألمانيا وكندا وفرنسا تطبق نوعاً من الحظر الضمني على تركيا في مجال الدفاع. فإذا أرادت تركيا العودة إلى طائرات "F-35"، فعليها أن تجد طريقاً للتخلص من صواريخ"S-400" التي اشترتها من روسيا.

في غضون ذلك، أشاد حلف شمال الأطلسي بإحياء منصة التعاون الثلاثي بين تركيا وفرنسا وإيطاليا باعتبارها خطوة إيجابية متمخضة عن المحادثات الثنائية للرئيس رجب طيب أردوغان كجزء من القمة.

ومن الأمور، التي يمكننا أن نعدها من مطالب "الناتو"، ذلك الاقتراح الأخير لنائبة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمان، قُبيل القمة، الذي دعت فيه أنقرة إلى "إرسال صواريخ "S-400" إلى أوكرانيا، لتعود إلى برنامج مقاتلات "F-35".

وكلا الطرفين يستخدمان أوراقهما في سبيل حل هذه القضية، فتريد أنقرة حل هذا الوضع باستخدام موقعها الاستراتيجي في حرب أوكرانيا، كما أن واشنطن تريد أن تستخدم قوتها الفعالة في "الناتو".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي السياق ذاته، قالت شيرمان، "ربما حان الوقت الآن لحل هذه المشكلة، والبحث عن طريقة مختلفة، سننظر ما يمكن القيام به في هذه المرحلة، كل هذا يعتمد على الظروف".

وربما سيتوقع الحلف من تركيا أن تتخذ مزيداً من الخطوات، مثل زيادة المساعدة بالذخيرة العسكرية، وتنفيذ بعض العقوبات ضد روسيا، حتى وإن كانت رمزية، وهذا يشمل استخدام اتفاقية مونترو المتعلقة بالمضائق لصالح حلف "الناتو" وأوكرانيا. لكن لن يطلب تنفيذه بشكل جاد إلا في حال انتشار الحرب إلى دول الجوار.

وتفيد المعلومات بأن الحلف طلب من تركيا أن تستعد أيضاً للدعم العسكري، فقد أعلن "الناتو" أنه قرر نشر أربع قوات قتالية إضافية في بلغاريا ورومانيا والمجر وسلوفاكيا، التي لها حدود على البحر الأسود.

وعلى الرغم من أن تركيا لديها أوسع ساحل على البحر الأسود، إلا أنها بسبب موقفها المحايد تجاه روسيا لم يُطلب منها شيء في الوقت الحالي، ولكن قيل لها، سنطلب منك الموقف نفسه في المستقبل إذا تطلب الوضع. ويُذكر أن تركيا لا تزال ثالث أكبر مساهم في مهمات "الناتو" داخل الحلف.

نعم، لا تريد تركيا توتر علاقاتها مع روسيا، لكنها في الوقت ذاته، لا تستطيع التخلي عن موقعها القوي في "الناتو". وتشدد على أن الأزمة قضية أمنية قريبة من حدودها، ولها تأثير مباشر على أمنها القومي، ولكن لم يتضح إلى الآن قرارها الأخير في ما يتعلق بفرض أو عدم فرض عقوبات، تماشياً مع مطالب "الناتو".

وأي موقف من تركيا، ولو كان رمزياً، سيكون بالغ الأهمية من حيث التأثير في موازين القوى. أنقرة أمام خيارات صعبة رهينة بالقرارات السياسية، التي ستجلب لها الربح أو الخسارة.

المزيد من تحلیل