Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تعرقل بناء "المجتمعات الآمنة" في غزة

ترفض الدول المانحة تمويل المشروع وسموتريتش لا يريد أن يدفع مواطنو تل أبيب الكلف

يفكر كوشنر في بناء مجتمعات سكنية يمكن أن يستوعب كل مجتمع فيها ما يصل إلى 25 ألف غزي (أ ف ب)

ملخص

كان من المفروض أن يبدأ العمل في صباح مطلع ديسمبر الجاري، لكن فجأة توقف كل شيء ولم يدخل العمال إلى رفح، وهناك أسباب كثيرة لفشل تنفيذ خطة رفح الخضراء وبناء مجتمعات آمنة وراء الخط الأصفر وفي مناطق انتشار الجيش الإسرائيلي.

في صباح الأول من ديسمبر (كانون الأول) الجاري كان من المفروض أن تبدأ الفرق الهندسية الأميركية في أول أعمال بناء رفح الخضراء وتهيئة مواقع المجتمعات الآمنة داخل غزة الشرقية الخاضعة لسيطرة إسرائيل، لكن لم يشرع العمال بأي عمليات على الأرض وكانت المعوقات أمامهم كبيرة.

في زيارة نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس لإسرائيل أعلن المرة الأولى عن إعادة بناء رفح الخضراء ونقل الغزيين للعيش فيها، والأسبوع الماضي تلقت تل أبيب طلباً من واشنطن يقضي بالسماح ببدء بناء رفح الخضراء، وبحسب هيئة البث الإسرائيلية "كان" فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وافق على ذلك.

خطة كوشنر

حالياً تقع مدينة رفح الفلسطينية القريبة من الحدود مع مصر تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، ليس وحدها وإنما نصف غزة وراء الخط الأصفر لا يزال ينتشر فيه جنود الجيش، ويمنع على الغزيين الاقتراب منه وتطلق عليه تل أبيب اسم "غزة الشرقية".

ومنذ وقت إطلاق النار، يقود المبعوث الأميركي جاريد كوشنر ومساعده أرييه لايتستون خطة معمارية مثيرة للجدل لإعادة تشكيل القطاع المدمر وكأنه لم يسكن من قبل، إذ يخططان لإعادة بناء مناطق غزة الشرقية وإنشاء مجتمعات آمنة بديلة من الخيام والمساكن الموقتة، لنقل الغزيين إليها ثم الشروع بتطوير بناء غزة الغربية بطريقة الذكاء الاصطناعي.

يفكر كوشنر في بناء مجتمعات سكنية يمكن أن يستوعب كل مجتمع فيها ما يصل إلى 25 ألف غزي ويتوفر لهم الخدمات الصحية والتعليم والمياه والطاقة وفرص العمل تشجعهم على الانتقال لمناطق سيطرة الجيش الإسرائيلي.

خطوات تمهيدية لكنها فاشلة

وعلى رغم أن هذه الفكرة ليست ضمن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام والازدهار في غزة، فإنها وجدت قبولاً مبدئياً في إسرائيل، لكنها وجدت معارضة دولية، لأنها تحاول تقسيم غزة إلى نصفين وبقاء الوضع على حاله إلى الأبد.

لم تكترث الولايات المتحدة لأي اعتراضات، وقررت البدء في إعادة بناء رفح الخضراء، وفي مركز التنسيق المدني العسكري بدأت الفرق الهندسية التي جلبتها أميركا بالعمل على خطط لإنشاء بلدات جديدة، وشرعت التحضيرات الأولية لإدخال معدات هندسية ثقيلة وضخمة لإخلاء الركام وتهيئة الأرض، ونسق الجيش الإسرائيلي مع الميليشيات المسلحة الموجودة هناك بالخطوات المرتقبة.

وكان من المفروض أن يبدأ العمل في صباح مطلع ديسمبر الجاري، لكن فجأة توقف كل شيء ولم يدخل العمال إلى رفح، وهناك أسباب كثيرة لفشل تنفيذ خطة رفح الخضراء وبناء مجتمعات آمنة وراء الخط الأصفر وفي مناطق انتشار الجيش الإسرائيلي.

خطر أمني

أول هذه الأسباب الاعتراضات الإسرائيلية، إذ ترى تل أبيب أن الخطط المستقبلية للولايات المتحدة في غزة تجري من دون إشراك المستوى الأمني في الأمر، وأن الموافقة على هذه الأفكار تأتي من المؤسسة السياسية في إسرائيل فقط، وهذا قد يعرض المدن العربية للخطر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي يانيف عآسور "هناك تخوفات من إعادة الغزيين إلى رفح قد تؤدي إلى إعادة بناء الجناح العسكري لـ’حماس‘ في المنطقة، لأن المنطقة مطهرة بالكامل، لكن مع دخول الأفراد قد يتسلل عناصر ’حماس‘ معهم، كذلك تسهم هذه الخطوة في إعادة بناء الأنفاق المخصصة لتهريب الأسلحة، وقد تعيد عمليات التهريب عبر المسيرات من الدول المجاورة"، ويضيف "كذلك فإن نقل الغزيين لرفح وإعادة البناء خلف الخط الأصفر يعني أنهم يقتربون من المدن الإسرائيلية، وهذا خطر يزيد من احتمال نشوب هجوم جديد، يجب أن تكون هناك منطقة عازلة ومستوطنات في المنطقة لضمان الأمن".

المسلحون العالقون

هناك أسباب أمنية أخرى دفعت إسرائيل إلى عدم دخول الفرق الهندسية للبدء في تجهيز رفح الخضراء، وهي استمرار وجود المسلحين المحاصرين في نفق برفح، بما يشمل خطراً كبيراً على حياة العمال أثناء شروعهم في تجهيز المجتمعات الآمنة.

وهناك أسباب أخرى دفعت إسرائيل إلى رفض بناء رفح الخضراء، إذ لم تقدم أي دولة مانحة أي دولارات لإعادة بناء المجتمعات الآمنة خلف الخط الأصفر، وجميع الداعمين الماليين يرفضون هذه الخطوة لاعتبارات أمنية وسياسية واجتماعية.

أثناء ترويج الولايات المتحدة فكرة المجتمعات الآمنة، حذر دبلوماسيون أوروبيون من أن خطة تقسيم غزة التي اقترحتها الولايات المتحدة لما بعد الحرب قد تبقي القطاع مقسماً بشكل دائم، وإعادة بناء المنطقة الخضراء يترك الجزء الغربي الذي تحكمه "حماس" يعاني طويلاً على رغم أنه يضم أكبر عدد من السكان.

كذلك فإن مصر والدول العربية إضافة إلى السلطة الفلسطينية رفضت إنشاء مجتمعات آمنة في رفح الخضراء، إذ هناك خشية من أن تكون أي خطة لتركيز الفلسطينيين في رفح مقدمة لتهجيرهم نحو سيناء إذا تغيرت الظروف.

إسرائيل لا تريد التمويل

هذا الرفض أدى إلى عدم إيجاد تمويل مناسب لتدشين رفح الخضراء، وبما أن الولايات المتحدة ترفض تقديم أموال لبناء غزة، فإن المسؤولية تقع الآن على عاتق إسرائيل نفسها، ومطلوب منها دفع كلف تجهيز المجتمعات الآمنة القريبة منها.

المسؤول عن هذا الملف هي وزارة المالية الإسرائيلية، التي يترأسها الوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش، يقول "لن يمول المواطنون الإسرائيليون إعادة إعمار غزة من جيوبهم الخاصة، لكل خدعة حدود"، ويعتبر الوزير أن الولايات المتحدة تورط تل أبيب في دفع كلف إعادة بناء غزة في ظل رفض المانحين تمويل ذلك.

وبحسب قناة "i24" العبرية فإن سموتريتش أجل العمل في رفح الخضراء حتى إشعار آخر بسبب عجز في ميزانية وزارة المالية الإسرائيلية، ويقول المراسل العسكري للقناة ينون شالوم ييتاح "الخطة تواجه مشكلات في التمويل والدعم الدولي، وأيضاً يعرقل وجود عناصر ’حماس‘ في نفق رفح المهمة".

لكن بحسب شالوم ييتاح "فإن الخطة تواجه مشكلة أخرى تتمثل في كيفية التحقق من ضمان دخول المدنيين فقط إلى المجتمعات الجديدة وعدم تسلل عناصر ’حماس‘ إليها، وأسئلة تدور حول كيفية تأمين المجتمعات هل بواسطة القوة الدولية أو إسرائيل أو الميليشيات المسلحة".

حماية المدينة الخضراء

ترفض الدول التي وافقت على إرسال جنود ضمن القوة الدولية العمل في مناطق خاضعة لسيطرة حركة "حماس"، وتلك التي خارج سيطرتها في غزة الجديدة، وهذا أيضاً يعرقل بناء رفح الخضراء.

يقول متحدث الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة "نرفض أي مشاريع من شأنها تكريس الفصل داخل غزة وتحويل الخط الأصفر إلى خط دائم، وإعادة الإعمار يجب أن تطاول كل القطاع بعد انسحاب إسرائيل منه بالكامل".

أما متحدث "حماس" حازم قاسم فيقول "المخططات الأميركية الإسرائيلية لن يكتب لها النجاح لأنها تتم بعيداً عن الإجماع العربي والدولي الذي يؤكد ضرورة أن يكون هذا الملف بيد الفلسطينيين ضمن إشراف ورعاية عربية ودولية، هذه الخطة تهدف إلى تفتيت الفلسطينيين ومحاولة تقسيمهم، و’حماس‘ ترى أن أي عملية إعمار من دون موقف وطني تعد غير شرعية، ولا قيمة لها على أرض الواقع".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير