Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تأثير العلاقات بين تركيا وألمانيا في الاتحاد الأوروبي

شولتز أعطى أردوغان الفرصة للخروج من العزلة التي كان يواجهها في سياسته الخارجية

استمر التقارب التركي – الألماني على الرغم من بعض التجارب السلبية بين البلدين (أ ف ب)

تحتل الصداقة التركية - الألمانية مكانة خاصة في السياسة الخارجية لأنقرة.

وعلى الرغم من بعض التجارب السلبية بين البلدين، استمر التقارب التركي- الألماني، الذي يعود إلى وقت طويل، حتى يومنا هذا، وقد أثرت مستويات العلاقات بين أنقرة وبرلين بشكل مماثل في مسار العلاقات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.

وهناك عناصر رئيسية تربط بين السياسات الداخلية لأنقرة وبرلين.

على رأسها:

-وجود حوالى 3 ملايين من السكان الأتراك الذين يعيشون في ألمانيا.

- عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

-العلاقات الاقتصادية وما أضيف إليها في السنوات الأخيرة من سياسة الهجرة.

- والآن، الحرب الأوكرانية- الروسية.

وتنطبق هذه العناصر بشكل أو بآخر بالنسبة للعلاقة مع الدول الأوروبية الأخرى أيضاً.

إن تأثير اللقاء الثنائي الذي جمع المستشار الألماني أولاف شولتز بالرئيس رجب طيب أردوغان في ظل الحرب، سينعكس أيضاً على الاتحاد الأوروبي في المرحلة المقبلة.

سبب الزيارة

وقد كان من المتوقع أن يكون شولتز حذراً في علاقاته مع الحكومة التركية الحالية على عكس سلفه أنغيلا ميركل، ولذلك لم يكن المتابعون يتوقعون منه أن يزور أنقرة بهذه السرعة بعد تسلمه منصب المستشار الألماني. ولذلك كانت مفاجأة بعض الشيء أن يزور أنقرة بعد زيارته أوكرانيا وروسيا الشهر الماضي لجهود التسوية الدبلوماسية.

في الواقع، يمكن القول إن هذه الزيارة هي أهم خطوة في خطوات أنقرة السابقة لتحسين العلاقات مع مختلف دول الاتحاد الأوروبي، مثل اليونان وفرنسا، لأن ألمانيا لها أهمية مختلفة بالنسبة لأنقرة بين دول الاتحاد الأوروبي.

فألمانيا، التي تتحكم في الاتحاد الأوروبي، تعتبر نفسها ملزمة بحل جميع التكاليف والمشكلات المتعلقة بالاتحاد. لهذا السبب، لا يمكننا أن نرى الحوار الوثيق على خط برلين- أنقرة فقط كعلاقة ثنائية متطورة بين البلدين، ويجب تقييم أول زيارة رسمية لشولتز إلى أردوغان وتوقيتها من هذا المنظور.

في الواقع كان الهجوم الروسي على أوكرانيا السبب الرئيسي للزيارة القصيرة من ألمانيا لأنقرة. لأنه على عكس الحكومة الألمانية السابقة، كانت الحكومة الجديدة في برلين، حتى قبل وقت قصير، تتبنى موقفاً أكثر بعداً وانتقاداً تجاه أنقرة. ففي العام الماضي، بينما كان السباق في الانتخابات العامة مستمراً، صرح مرشح رئيس الوزراء من الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD)، أولاف شولتز، عن سياسته تجاه تركيا: "تركيا شريك مهم لألمانيا، ومع ذلك، نحتاج أيضاً إلى إظهار أن حقوق الإنسان وحرية الصحافة من أهم الأولويات في دولة القانون". لكن حالة الطوارئ التي أحدثتها أزمة أوكرانيا قلبت هذه الخطة رأساً على عقب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فرصة فريدة لأنقرة

فعلى الرغم من أن قضية حقوق الإنسان في تركيا كانت على جدول الأعمال خلال الاجتماع، إلا أنها باتت قضية ثانوية في الواقع الحالي.

خلق هذا الوضع فرصة فريدة لأنقرة، التي تشهد مداً وجزراً مع الاتحاد الأوروبي. وسيحاول الرئيس أردوغان الاستفادة القصوى من هذه الفرصة التي سنحت له، لأن بريطانيا كانت الدولة الوحيدة التي تدعم صراحة عضوية تركيا الكاملة في الاتحاد الأوروبي، ولكن دعم لندن كان من أجل كسر ثقل ألمانيا وفرنسا داخل الاتحاد. لكن لندن غادرت الاتحاد قبل أن تتمكن من تحقيق هذه الرغبة، وخسرت تركيا أكبر داعم لها في الاتحاد.

لذلك، أصبح اختيار ألمانيا وفرنسا، وليس دعم بريطانيا وأميركا، حاسماً بالنسبة لمستقبل تركيا المشترك مع الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي، الذي كان عاجزاً عن التعامل مع الأزمة الأوكرانية، أصبح فجأة على اتصال وثيق مع أنقرة بسبب موقعها الاستراتيجي وبسبب معداتها العسكرية، وفجأة قفز أردوغان إلى الواجهة مرة أخرى.

إضافة إلى ذلك، فإن عجز الاتحاد الأوروبي عن أن يكون فعالاً في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، أجبره على تحسين علاقاته مع تركيا.

نعم، فقد كان الاتحاد الأوروبي يتصرف في الماضي كنادٍ مسيحي ما جعل تركيا تنتظر 58 عاماً. ولكن المفارقة هي أنه في الوقت الحاضر، جاء الخطر الأكبر من بلد مسيحي (روسيا)، الأمر الذي سيقودهم إلى تطوير استراتيجيات جديدة في السنوات المقبلة.

باختصار، يمكنني القول إن رئيس الوزراء شولتز، عن علم أو بغير علم، أعطى أردوغان الفرصة للخروج من العزلة التي كان يواجهها في سياسته الخارجية، والتغلب على السياسة العدوانية التي اتبعها في السنوات الأخيرة.

مشكلة ثقة

تشهد تركيا واحدة من أكثر الفترات الاقتصادية تحدياً في السنوات الأخيرة. ويعاني معظم المواطنين من سياسة الفائدة المنخفضة التي ينتهجها أردوغان، وغلاء الأسعار المتزايد، وارتفاع معدلات التضخم.

والآن سنرى هل ستستثمر حكومة أردوغان هذه الفرصة السانحة لكسر العزلة التي تسببت فيها بنفسها؟

على سبيل المثال، كانت القضية الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لألمانيا والاتحاد الأوروبي، هي أوجه القصور الكبيرة في النظام القانوني التركي والممارسات التطبيقية.

لكن في الوقت الحالي، تتمثل الأولوية القصوى لكل من ألمانيا والاتحاد الأوروبي في وقف الحرب في أوكرانيا، وأظن أن حكومة "حزب العدالة والتنمية" لن تسمع في هذه الأيام من المسؤولين في الاتحاد الأوروبي عن عقوبات وقرارات لها علاقة بحقوق الإنسان لفترة أو سيتم التقليل منها.

ولكن لن تنضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي من دون موافقة ألمانيا، ولم تجد ألمانيا والدول الأوروبية الأخرى بعد إجابة على الأسئلة التي تدور في ذهنها بشأن انضمام تركيا إلى الاتحاد، لأن هناك مشكلة ثقة خطيرة خصوصاً مع الرئيس أردوغان شخصياً.

ومن جانب آخر لا أعتقد أن أردوغان، الذي تخلى عن السياسات الليبرالية وتبنى أيديولوجية إسلاموية، لم يعد يؤيد الدخول في اتحاد يتبنى الحريات وحقوق الإنسان.

ولكن السؤال: هل سيكون لدى أردوغان، الذي يتظاهر خلال الحملات الانتخابية بأنه مستعد للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ويفكر في تقدير هذه الفرصة من أجل تحسين العلاقات مع الغرب، هل سيكون له ما يكفي من العمر السياسي؟

علينا جميعاً أن ننتظر ونرى...

المزيد من تحلیل