Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ميثاق الأرض"... معرض مصري يستلهم سير الأبطال الشعبية

يقدم رؤية بصرية جديدة وتصوراً يجمع بين الأصيل والمعاصر لحكايات من التراث الشرقي

يقدم معرض "ميثاق الأرض" رؤية معاصرة لأبطال السير الشعبية ويعرضها في قالب جديد (اندبندنت عربية)

على مر العصور كان لأبطال الأساطير والسير الشعبية سحر خاص بحكايات تثير خيال المستمعين عندما يلقيها الراوي، مسهباً في وصف التفاصيل والتحديات التي تواجهها الشخصيات الشهيرة في القصص خلال مغامراتها المثيرة، ودائماً ما كانت هذه السير الشعبية تمثل كنزاً للفنانين في كل المجالات بكل ما تشمله من عناصر ومفردات ليستوحوا منها أعمالاً تحمل الطابع الثقافي والحضاري لمجتمعاتنا العربية.

 وفي معرضه الأخير بعنوان "ميثاق الأرض" المقام بغاليري The Arts Hub بالقاهرة يقدم الفنان عمر بدران توليفة فنية متميزة تجمع بين الأصيل والمعاصر في سيمفونية تستوحي من أبطال السير الشعبية وتقدمها في قالب جديد يأخذ من روح القصة ويثير خيال المشاهد برؤية بصرية جديدة.

يصف بدران "ميثاق الأرض" بأنه "الروابط التي تدفعنا للحياة، والعلاقات التي تشكل شخصياتنا وتدفعها لحب الأرض وتذكرنا بسيرة الأبطال، ولكن تحت شعار لتكن أنت بطل القصة، فإلى جانب لوحات تحمل أبطال السير الشعبية المعروفة يقدم شخوصه العادية في إطار وسمت الأبطال فكل منهم لديه ميثاق وهو بطل لحكاية في عالمه الخاص".

اعتمدت تجربة بدران الفنية بشكل عام على التراث المصري والعربي، فلوحاته تميزها نكهة شرقية واضحة بتفاصيل دقيقة يطالعها المشاهد في الملابس والحلي والزخارف، إضافة إلى العناصر المستوحاة من الأساطير والحكايات الشعبية المتداولة على مر السنين وتشكل جزءاً من التراث الثقافي والهوية العربية.

وعن معرضه الأخير يقول لـ"اندبندنت عربية"، "من بداياتي ارتكزت في مشروعي الفني على التراث القديم وتقديمه في قالب تجريدي أو تعبيري من خلال سير شعبية مثل أبو زيد الهلالي أو حكايات مثل كليلة ودمنة وألف ليلة وليلة وأحياناً كنت أقوم بتصوير الحيوانات المرتبطة بالأساطير الشعبية أو التي تعكس قيماً معينة أصبحت متعارف عليها كرموز للخير والشر والحسد والسلام".

يضيف "معرضي الأخير بعنوان (ميثاق الأرض) يعتمد كتيمة أساسية على فكرة وجود رابط معين يربط الأشياء بالأرض بمفهومها العام، ويشكل علاقة فريدة من نوعها هي الميثاق، فالعلاقة بالأرض والوطن هي ميثاق، والحب والعائلة وعلاقة الأم بابنها أو الزوج بزوجته كلها مواثيق، ترتبط بها حياة الأشخاص وتكون دافعاً لهم للاستمرار ومواجهة التحديات".
 

 

أنت بطل قصتك

إلى جانب الأعمال التي قدمت الشخصيات الشهيرة للسير الشعبية، ظهرت شخوص اللوحات بطابع يشبه هؤلاء الأبطال إلا أن كلاً منهم هو بطل لقصته، ما أعطى اللوحة بعداً آخر يدفع المتلقي لمحاولة تفسيرها من وجهة نظرة، يقول بدران "لم أقصد بشكل مباشر أن تظهر شخوصي في شكل أبطال السير الشعبية إلا أني أعطيتهم طابعها؛ فالرجل يحمل سمات الفروسية والكبرياء وتستند إليه السيدة على الحصان في شكل يوحي بالأمان والحماية، فكأنه أبو زيد الهلالي ولكنه بطل قصته وميثاقه، وأبطال مجموعة اللوحات التي تحمل اسم الوعد وتعكس لمحات رومانسية فسرها المتلقي كل بطريقته، فالبعض تخيلها أبطال قصص الحب الشهيرة المعروفة في السير الشعبية، بينما رآها آخرون بشكل معاصر، وكذلك مجموعة اللوحات التي تحمل قيمة الأسرة فيظهر فيها الرجل بملامح تعكس المسؤولية والحنان فهو شخص عادي ولكنه بطل في حكايته، وهذا من جمال الفن أنه يمكن أن يتم تأويله بوجهات نظر مختلفة".

يوضح، "قدمت أيضاً بعض التحديات أو المشكلات التي يواجهها كل شخص في ما يتعلق بميثاقه؛ فالأم ترضع طفلها بحنان ويظهر من خلفها الثعبان كرمز للشر والحسد والمخاطر التي تحيط بالطفل وتدفعها لحمايته، وفي لوحة أخرى صورت الجاموس كرمز للرزق وهو يقتل الثعبان وينتصر عليه فكل شخص في حياته الطبيعية يواجه تحديات في علاقاته بالأرض والأسرة والمجتمع، والصراع بين الخير والشر مستمر ولن ينتهي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


رؤية جديدة للسير الشعبية

وعن تقديمه لتصور ورؤية جديدة للحكايات الشعبية المتداولة يقول بدران "السير الشعبية العربية تم تداولها على مدار السنين بحكايات مختلفة بحسب كل بلد، وجمعها كثير من الرواة بصور مختلفة، وهي تحمل عناصر ومفردات شديدة الثراء، الأمر الذي دفعني إلى تقديمها برؤية بصرية خاصة، تحتمل التفسيرات ووجهات النظر المختلفة التي يمكن أن يقدمها الفن التشكيلي عبر رمزية تثبت في أذهان الناس".

يتابع، "يمكن تقديم هذه الحكايات بشكل معاصر مستوحى من القصة الأصلية وعليه قدمت بعض أبطال السير الشعبية مثل أبو زيد الهلالي بشكل مغاير عن المألوف، فالرواية الشائعة للحكاية هي أنه كان دائماً ما يمتطي فرسه وأنه قتل الأسد حتى أن هناك واحدة من الموتيفات الشعبية الشهيرة في الصعيد لأسد يحمل سيفاً هي مستوحاة من قصة أبو زيد الهلالي، ولكني قدمته وقد أخضع الأسد وقام بامتطائه وهو شاهر سيفه ولم يقتله".

 بين المحلية والعالمية

يضيف بدران "الموتيفات المحلية لأي ثقافة حالياً أصبحت عالمية فالرموز الفرعونية على سبيل المثال أصبح لها طابع عالمي ويعرفها الناس في العالم كله، وبشكل عام فإن المشاهد الأجنبي تجذبه الأعمال المستوحاة من ثقافات أخرى لأنه يرغب في الاطلاع عليها، ومن المفترض أن يكون أحد أدوار الفنانين في مصر والبلاد العربية بشكل عام هو العمل على نشر ثقافتهم وهويتهم من خلال أعمال فنية تخلق ذاكرة بصرية للرموز الشهيرة لبلادهم عند المتلقين في كل مكان؛ ليكون هناك حضور للفن التشكيلي المستوحى من ثقافتنا عالمياً".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات