Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تجاوزت دول الخليج خلافاتها بعد عام على المصالحة؟

تفاوت الحماس تجاه تسوية الأزمات العالقة بين رباعي المقاطعة وقطر

ممثلو قادة الخليج في قمة الرياض الـ42 (واس)

لم يكن عام 2021 اعتياداً بالنسبة لأبناء الخليج، ففي الخامس من يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلنت المصالحة الخليجية في قمة العلا بين قطر وثلاث من دول الخليج "السعودية، والإمارات، والبحرين" إضافة إلى مصر بعد قطيعة دبلوماسية دامت ما يقارب الثلاث سنوات.

وأكد البيان الصادر عن القمة في حينه، حرص الدول الخليجية الست على قوة وتماسك مجلس التعاون، ووحدة الصف بين أعضائه، لما يربط بينها من علاقات وسمات مشتركة، إضافة إلى وحدة المصير والأهداف التي تجمع بين الخليجيين.

ووصف بيان العلا بأنه "وثيقة" تؤسس لطي الأزمة الدبلوماسية وعودة العلاقات بين جميع الدول الخليجية إلى ما كانت عليه قبل بدء الأزمة في الخامس من يونيو (حزيران) 2017. وأنه يحقق وحدة الصف والتماسك بين دول المجلس ويعزز عودة العمل المشترك إلى مساره الطبيعي، للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.

بيان الرياض

ذاك الاتفاق الذي أعلن بداية العام تم تأكيده في آخر قمة يختم بها المجلس سنة 2021، إذ جرى التأكيد على وقوف دوله صفاً واحداً في مواجهة "أي تهديد قد تتعرض له أي من دول المجلس"، ففي البيان الختامي الصادر عن القمة الخليجية 42، تم التأكيد على "استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومة الدفاعية والأمنية المشتركة، وتنسيق المواقف بما يعزز التضامن واستقرار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويحافظ على مصالحها، ويجنبها الصراعات الإقليمية والدولية، ويلبي تطلعات مواطنيها وطموحاتهم، ويعزز دورها الإقليمي والدولي، وذلك من خلال توحيد المواقف السياسية وتطوير الشراكات السياسية على المستوى الإقليمي والدولي، وتأكيد ما تضمنته المادة الثانية من اتفاقية الدفاع المشترك بأن الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعتبر الاعتداء على أي منها اعتداء عليها كلها، وأي خطر يتهدد إحداها إنما يتهددها جميعها، وما نصت عليه الاتفاقية بشأن التزام الدول الأعضاء بالعمل الجماعي لمواجهة جميع التهديدات والتحديات".

تفاوت العلاقات مع قطر

وعلى الرغم من إجماع الدول على نبذ الخلافات وطي صفحات الماضي، فإن عام 2021 شهد تفاوتاً في عودة العلاقات لطبيعتها بين الدول الأربعة والدوحة، ففي الوقت الذي شهدت فيه علاقة الرياض وقطر تطورات سريعة منذ اليوم الذي سبق عقد قمة العلا عندما أعلن وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر الصباح في الرابع من يناير فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين البلدين، لم تحظ بقية دول التكتل بنفس المستوى والسرعة في استعادة العلاقات.

ويرى المحلل السياسي خالد باطرفي، أن بوادر حل الأزمة السياسية بين قطر وجارتها بدأ قبل ذلك بفترة، حيث سبقت قمة العلا بأسابيع المباحثات المكثفة بين وفود دول المجلس، نوقشت خلالها كافة القضايا المعلقة والخلافات بين قطر والرباعي العربي "مصر، والإمارات، والبحرين، والسعودية".

وقال "كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد صرح قبل عقد قمة المصالحة بيوم، بأن قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية ستكون قمة جامعة للكلمة موحدة للصف، ومعززة لمسيرة الخير والازدهار، وتترجم من خلالها التطلعات في لم الشمل والتضامن في مواجهة التحديات التي تشهدها منطقتنا. وفي الدوحة، أعلن الديوان الأميري القطري عن ترؤس الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وفد بلاده للمشاركة في القمة الخليجية 41 التي عقدت لأول مرة في مدينة العلا التاريخية، شمال المدينة المنورة. وكان في مقدمة مستقبليه ولي العهد السعودي الذي احتفى بضيفه بطريقة استثنائية".

ولفت باطرفي إلى أن البلدين عملا على تنفيذ كل ما تضمنته بنود المصالحة، إذ "أعقب القمة تشكيل لجان واجتماعات وزارية عديدة أسهمت جميعها في عودة العلاقات بين البلدين لما قبل يونيو 2017".

إعادة السفراء

كانت السعودية الأولى من دول الخلاف التي تعيد سفيرها إلى الدوحة بعد إنهاء الأزمة الخليجية، ففي 30 من يونيو الماضي تسلم أمير قطر أوراق اعتماد الأمير منصور بن خالد بن فرحان سفيراً للرياض في الدوحة.

وفي الحادي عشر من أغسطس (آب) الماضي، أعلن الديوان الأميري القطري أن الأمير تميم بن حمد أصدر قراراً يقضي بتعيين بندر محمد عبد الله العطية سفيراً فوق العادة مفوضاً لدى السعودية.

وفي 25 أغسطس الماضي تم توقيع بروتوكول لإنشاء مجلس التنسيق السعودي - القطري، وأفادت وكالتا "واس" السعودية و"قنا" القطرية الرسميتان، أن المجلس "يعد إطاراً شاملاً لتعزيز العلاقات الثنائية والدفع بالشراكة بينهما إلى آفاق أرحب وفق رؤية البلدان 2030".

كما زار أمير قطر السعودية في أكثر من مناسبة وزار ولي العهد السعودي الدوحة خلال جولته بداية ديسمبر (كانون الأول) الجاري، والتقى خلالها الأمير تميم. وبعدها بأيام عقدت الدورة 42 لمجلس التعاون لدول الخليج العربي في الرياض، بحضور أمير قطر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهنا يعلق باطرفي بقوله "يمكننا القول، إن ما تحقق من تطور على صعيد العلاقات السعودية - القطرية خلال عام، تجاوز ما تم تعكيره خلال ثلاث سنوات ونصف، منذ الخلاف الذي نشأ منتصف عام 2017 بين الجارتين. وعادت المياه إلى مجاريها على جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والأمنية. ولعل العام المقبل يحمل المزيد من الأخبار السارة لشعوب منطقة الخليج العربي والبلدين الشقيقين على طريق التقارب والتعاون والتكامل في كافة المجالات".

مصر ثاني الدول

وعودة العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل وتبادل السفراء، لم يقتصر على الرياض ففي الحادي عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قدم السفير المصري الجديد، عمرو الشربيني، أوراق اعتماده إلى تميم بن حمد. ويأتي اعتماد السفير المصري في قطر بعد ما يقارب الثلاثة أشهر من قرار تعيينه، والذي أعلنته القاهرة في 23 يونيو الماضي، وتلاه بنحو شهر قرار مماثل للدوحة تعيين سالم بن مبارك آل شافي سفيراً فوق العادة مفوضاً في القاهرة.

وكانت قطر ومصر اتفقتا في 20 يناير الماضي على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين، وذلك بعد أن تمت إعادة حركة الطيران يوم 18 من الشهر ذاته.

أبوظبي والدوحة

على الرغم من الترحيب الإماراتي بالمصالحة قبل انعقاد قمة العلا مطلع عام 2021، على لسان أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية السابق، في تغريدة على "تويتر" قبل عقد القمة بساعات قال فيها، "إن المنطقة أمام قمة تاريخية في العلا نعيد من خلالها اللحمة الخليجية"، مضيفاً "نحرص عبرها أن يكون أمن واستقرار وازدهار دولنا وشعوبنا الأولوية الأولى"، إلا أن الأمور بالنسبة لها لم تسر بذات المرونة التي سارت فيها مع الرياض ومن ثم القاهرة.

فعلى الرغم من تنظيم الكويت اجتماعات بين الطرفين في 22 فبراير (شباط) الماضي، فإن بوادر تطورات العلاقات لم تبدأ في الظهور إلا مع زيارة مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان إلى الدوحة في 26 أغسطس الماضي، واستقبال أمير البلاد له في مكتبه بالديوان الأميري.

وقالت وكالة الأنباء القطرية في حينها "جرى خلال المقابلة استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تنميتها وتعزيزها في مختلف المجالات، إضافة إلى مناقشة عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك".

تلى تلك الزيارة بيومين لقاء بين تميم ونائب رئيس الإمارات محمد بن راشد آل مكتوم في بغداد على هامش مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة المنعقد في أغسطس الماضي.

وفي السادس من أكتوبر (تشرين الأول) استقبل ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن، والتي تعد أول زيارة لمسؤول قطري رفيع المستوى إلى الإمارات منذ اتفاق العلا.

وعلى الرغم من الزيارات المتبادلة بين البلدين لمسؤولين رفيعي المستوى، فإنهما لم يستأنفا بعد عودة العلاقات بشكل كامل من خلال تعيين سفراء في كلتا الدولتين.

الأعراف لم تعد كافية

ويعد الملف البحريني - القطري أكثر الملفات المعقدة وأعسرها عن الحل منذ قمة المصلحة في العلا، إذ تبدو الخلافات أعمق وأكبر من كل الجهود مع الدوحة والمنامة تحديداً، إذ لا تزال تواجهان مشكلات يظهر صداها على سطح التصريحات الرسمية بين حين وآخر، إلا أن المحلل السياسي البحريني عبد الله الجنيد يؤكد أن كل مواطني دول الخليج العربي رحبت بميثاق العلا، والجميع يتمنى أن يرى وسيلة فاعلة لحل النزاعات.

وأضاف "أفضل الآليات الواجب أن تدخل حيز التنفيذ، هي آلية فض المنازعات وذلك حفظاً لحقوق الدول الأعضاء، لتفادي أزمات مستقبلية. وقد وجدنا تنفيذاً لمثل تلك الآلية في تجارب عالمية بعد قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي. الوساطات عرف راسخ في ثقافة وإرث الإنسان الخليجي، إلا أنها في بعض الأحيان غير فاعلة في حل الخلافات، لذلك يجب أن يطلع المجلس الأعلى لمجلس التعاون بالإشراف المباشر وإحالة أي خلافات للجنة اختصاص".

ونوه إلى أن مثل تلك الآليات ستكون كفيلة بإنهاء كافة المشاكل العالقة إلى حد الآن في حال فشل المشاورات المباشرة أو جهود الوساطة.

وحول العلاقات بين البحرين وقطر، أشار إلى أن "قمة الرياض الخليجية 42، مثلت نموذجاً متقدماً للعمل الخليجي المشترك، وقد أسهمت جولة ولي العهد السعودي في التوطئة للقاء قمة غير مسبوقة، ولقد لمس كافة المراقبين تراجعاً كبيراً في مستوى التصعيد الإعلامي بين البحرين وقطر، ومن المؤمل أن يسهم ذلك في إقناع الجميع بفكرة اللجوء إلى آلية فض المنازعات بدل اللجوء للتصعيد السياسي أو الإعلامي.

الوضوح والشفافية

ويرى المحلل السياسي مبارك العاتي، أن "تعميق المصالحة بين كل الدول من دون استثناء يتطلب مزيداً من الوضوح والشفافية وعقد حوارات ثنائية جديدة بين الإمارات وقطر والبحرين وقطر، بخاصة أن أرض المصالحة قد عبدت وبقي أن يتحرك القطار لكل المحطات، وهذا أمر يمكن الوصول إليه قريباً مع الرغبة المؤكدة لدى الجميع".

واختتم حديثه بالقول، "إن المشهد السياسي في المنطقة والمصالح المشتركة وتطورات بقية الملفات في الإقليم والعالم سياسياً واقتصادياً جعلت دول المجلس تتجه لتصفير خلافاتها البينية، وتعمل على احتواء تباين السياسات الخارجية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير