Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تساؤلات حول حقيقة الاتفاق بين إثيوبيا وحركة "فانو"

الاتحاد الأفريقي و"إيقاد" أكدا دورهما كشاهدين على التوقيع

توقيع اتفاق السلام بين الحكومة الإقليمية في أمهرا وعنصر من حركة "فانو" المتمردة (وكالة الأنباء الإثيوبية)

ملخص

أصدرت حركة "فانو" بياناً رسمياً نفت فيه نفياً قاطعاً التوقيع على "اتفاقية سلام" مع أديس أبابا، وقالت إنها "لم توقع اتفاقية مع النظام الذي تهزمه عسكرياً"، واصفة إعلان "حزب الازدهار" الحاكم بأنه "محض كذب".

أعلنت الحكومة الإثيوبية في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، عبر رسالة في وكالة أنبائها الرسمية، توقيع حكومة إقليم الأمهرا "اتفاقية سلام" مع حركة "فانو" الأمهرية المتمردة التي تقاتل الجيش النظامي منذ أبريل (نيسان) عام 2022. وبحسب الوكالة فإن مراسم توقيع الاتفاقية تم من قبل رئيس الإقليم أريغا كبيدا والكابتن مسرشا تسيتي ممثل حركة "فانو"، وبحضور وسطاء من الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية للتنمية "إيقاد". وقال مسؤولون حكوميون، إن الاتفاق جزء من "جهود الدولة لإنهاء المواجهات المسلحة" وتوفير "إغاثة سلمية مستمرة للسكان".

وأصدر كل من الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية "إيقاد" بيانين في الرابع من ديسمبر يؤكدان دورهما كشاهدين على التوقيع.

من جهتها أصدرت حركة "فانو" بياناً رسمياً نفت فيه نفياً قاطعاً الاتفاقية المذكورة، وقالت الحركة إنها "لم توقع اتفاقية مع النظام الذي تهزمه عسكرياً"، واصفة إعلان "حزب الازدهار" الحاكم بأنه "محض كذب".

ودعت الحركة كلاً من الاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيقاد" إلى إصدار بيان رسمي لتوضيح الحقائق حول ما تم تداوله من مزاعم خلال الفترة الأخيرة، مشيرة إلى أن حكومة آبي أحمد تتلاعب بالمنظمات الدولية بما فيها الاتحاد الأفريقي، مستغلة ميزات تتعلق باستضافتها مقر الاتحاد في أديس أبابا.

وكان كل من سلمى مليكة حدادي نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، والسيد محمد عبدي واري نائب السكرتير التنفيذي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية "إيقاد"، قد حضرا حفل التوقيع الذي أقيم في أديس أبابا.

في اليوم نفسه، نشر إسكندر نيغا المتحدث الإعلامي للحركة رسالة صوتية عبر منصات مختلفة على "يوتيوب"، ندد فيها بالاتفاقية ووصفها بأنها "باطلة بشكل قاطع"، وقال إن "الشخص الذي ادعى توقيع الاتفاقية نيابة عن حركة فانو، الكابتن ماسرشا تسيتي، هو مسؤول سابق بالحركة طرد علناً من منصبه وفصلت عضويته في وقت سابق، لثبوت خيانته نضال الحركة".

اتفاق دعائي

بدوره، رأى المتخصص في الشأن الإثيوبي ليني تفري "أن الإعلان الإثيوبي الأخير عن التوصل إلى اتفاقية سلام مع حركة فانو، على رغم أهميته، فإنه يحمل حكومة آبي أحمد مسؤولية إيقاف الحرب فوراً في الإقليم"، مشيراً "إلى أن الاتفاق لم يوقع مع الحركة الأم بل مع أحد المنشقين عنها مما يصعب معه تنفيذ بند وقف إطلاق النار"، وأضاف تفري "أن حكومة الإقليم التي سعت إلى شق صفوف الحركة المتمردة، وضعت شرعية الحرب في الإقليم على المحك، إذ إن الجهة التي وقعت الاتفاقية مع الحكومة لا تملك القدرة على إيقاف الحرب، ولا تتحكم في مسارها من جهة، ومن جهة أخرى فإن شرعية الحرب القائمة على مبدأ إنفاذ القانون، ستواجه تحدياً كبيراً في حال استمرارها بعد مزاعم التوصل إلى اتفاقية للسلام مع الحركة".

أضاف المتخصص في الشأن الإثيوبي، أن الاتفاقية الموقعة في أديس أبابا بحضور إقليمي، "لن تنجح في بسط السلم في ظل استمرار العمليات العسكرية الواسعة التي تشنها قوات فانو التي لا تعترف بهذه الاتفاقية ولم تكن طرفاً فيها بأي شكل، مما يجعل الاتفاق مجرد زعم إعلامي للأغراض الدعائية، ومحاولة لعزل الحركة عن قواعدها الشعبية في الإقليم، وتصويرها كطرف رافض للتفاوض والحوار، أو منتهك اتفاقية السلام"، وتابع "من المعروف أن ميليشيات فانو تتشكل من نحو خمس مجموعات رئيسة متمردة، تخوض حرب عصابات في مناطق واسعة، لكنها تخضع لقيادة عسكرية مركزية الطابع، فضلاً عن توفرها على قيادة سياسية وإعلامية معروفة، ومن ثم لا يمكن تصور توقيع اتفاق معها، خارج الأطر التنظيمية المعروفة، بخاصة أن الجسم العسكري يقوده جنرال سابق في الجيش الإثيوبي، يتقلد منصباً عسكرياً بمثابة قائد أركان الحركة، فضلاً عن أن التمثيل السياسي يضم شخصيات بارزة من أمثال وزير الخارجية الإثيوبي السابق جيدو أندارجاتشو، ومن ثم فإن الاعتماد على شخصيات منشقة عن الحركة، لتوقيع اتفاق سياسي، لا يمكن أن يسهم في إيقاف المدافع بالإقليم".

فصيل شبابي

من جهته رأى آدم جمتشوا الناشط الشبابي في "حزب الازدهار" الحاكم أن الطرف الذي وقع الاتفاق مع حكومة إقليم أمهرا يمثل فصيلاً رئيساً في حركة "فانو" التي تشهد انقسامات حادة بين قياداتها العليا، وقال "الكابتن ماسرشا تسيتي يقود فصيلاً رئيساً ظل يسهم في القتال الدائر في الإقليم"، مشيراً إلى أن منبت الخلافات داخل الحركة يعود لوجود قيادات شبابية أضحت تؤمن بالنضال السياسي السلمي، عوض الاستمرار في القتال، وقال "إن هذا الفصيل يمثل الإرادة الشبابية داخل "فانو"، في حين لا يزال الحرس القديم يعارض الاتفاق لأسباب تتعلق بارتباطاته الإقليمية، وحصوله على دعم مادي ولوجيستي من دول مجاورة وأخرى تعد عدوة تقليدية وتاريخية للمصالح الإثيوبية"، من دون أن يذكر أية دولة. وتابع جمتشاوا "أن التوصل إلى اتفاق سلام مع هذا الفصيل لا يعني بالضرورة انتهاء الحرب بصورة كاملة، في ظل وجود جماعات أخرى متمردة ترفض الاتفاق، لكنه سيسهم في تقليل مساحات المواجهة، ويدفع السكان إلى التمرد على الأجنحة الرافضة الجنوح للسلم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اتفاق بغياب المضمون

في السياق قال المتخصص في شؤون منطقة القرن الأفريقي سليمان حسين، "إن ما تم الإعلان عنه بشأن الاتفاق لا يتجاوز كونه عملاً إعلامياً يفتقر إلى أي ترجمة فعلية على الأرض، إلى جانب افتقاره إلى قيمة سياسية يمكن أن تسهم بالفعل في استتاب الأمن والاستقرار، أو إعادة تقوية اللحمة الوطنية في بلد يشهد حروباً متكررة، إذ تبين أن الطرف الذي تم تقديمه باعتباره ممثلاً عن حركة فانو الأمهرية، لا يتبوأ أي منصب قيادي من شأنه التأثير في مقاتلي فانو"، وأضاف "أن ذلك لم يكن ذلك سراً، إذ إن الإعلام الحكومي نفسه كان قد أعلن استسلامه وتسليم نفسه للسلطات الإثيوبية قبل أن يظهر مجدداً في مشهد الاتفاق كطرف يمثل حركة مسلحة"، ولفت حسين إلى أن "ثمة تخبطاً واضحاً يعكس حالتي الإحباط والارتباك اللتين تعيشهما الحكومة الإثيوبية التي توشك على فقدان السيطرة الكاملة على إقليم الأمهرا، باستثناء بعض المدن الكبرى، إذ يخضع معظم القرى لسيطرة حركة فانو".

ونوه حسين إلى أن الفصائل التي تقاتل الجيش النظامي في إقليم الأمهرا، "هي نحو خمس فصائل رئيسة وأن الكابتن ماسرشا تسيتي لا يقود أياً منها، بل هو مفصول من القوة الرئيسة التي يقودها إسكندر نيغا، ومن ثم حتى الادعاء بأن النظام قد وقع اتفاقاً مع فصيل متمرد أمر غير صحيح، بل تم التوقيع مع شخص منشق، لذا لا يمكن توقع أن ينتج منه تأثير في ما يجري في ساحات القتال داخل الإقليم".

صدقية الاتحاد الأفريقي

أضاف المتخصص في شؤون منطقة القرن الأفريقي أن حضور ممثلين عن منظمتي الاتحاد الأفريقي و"إيقاد" لا يمنح أي دلالات سياسية تتعلق بوزن الاتفاق المبرم، وقال "الاتفاق يفتقر الدقة حتى في تعريف أطرافه"، مضيفاً "بدتا كجهتين تتحركان وفق الأجندة الإثيوبية عوض الالتزام بالمهام التي أنشئتا من أجلها"، منوهاً إلى أنهما غابتا عن مناقشة الأزمات المصيرية التي تهدد الأمن الإقليمي في القرن الأفريقي، "أبرزها الخطوة الإثيوبية التي تنتهك ميثاق الاتحاد الأفريقي والمتعلقة بإعادة تعريف الحدود، من أجل وصول إثيوبيا إلى منفذ بحري في السواحل الإريترية والصومالية".

المزيد من تقارير