Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الأبد هو الآن"... معرض فني معاصر بالأهرامات المصرية

يعتمد على فكرة المزج بين الحضارة القديمة والفنون العصرية برؤية فنانين من ثقافات مختلفة

يدان تتلاقيان ويظهر من بينهما الهرم في إشارة للتلاقي والتواصل بين الحضارات (مؤسسة آرت دي إيجيبت المنظمة للمعرض)

تستضيف منطقة أهرامات الجيزة، غرب العاصمة، معرضاً بعنوان "الأبد هو الآن"، يضم أعمالاً لـ 10 فنانين عالميين، ويعتمد على المزج بين الحضارة المصرية القديمة والفن المعاصر في تجربة ثرية.

 الفعالية تنظمها مؤسسة Art D’Égypte"" برعاية وزارة السياحة والآثار ووزارة الخارجية المصرية و"يونسكو"، وبحسب المنظمين استغرق التخطيط للمعرض أربع سنوات وسنتين من الإعداد الفعلي ليقدم للجمهور 10 أعمال فنية معاصرة مستوحاة من طبيعة المكان الفريدة من نوعها.

وشارك في المعرض فنانون من جنسيات مختلفة هي مصر والولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وإسبانيا وروسيا والبرازيل والسعودية، واستلهم الفنانون أعمالهم من رموز فرعونية مثل مركب الشمس والخرطوش الفرعوني إضافة إلى أعمال تعكس قيماً إنسانية، ويظهر أحد أهرامات الجيزة كخلفية لكل عمل فني، بحيث تكون جزءاً من التكوين وتعكس الفكرة التي يرغب الفنان في أن يعكسها من خلال عمله.

واعتمدت الأعمال على تنويعات مختلفة من الرموز والمفردات الفرعونية شكلت حالاً ثرية، فعلى سبيل المثال اعتمد الفنان الفرنسي جيه أر (JR) فكرة ذراع تحمل صورة مكونة من نقاط من الصلب أمام هرم خفرع الذي يبدو عند النظر إليه من نقطة معينة وكأنه جزء من الصورة التي تم إخفاء 743 رمزاً هيروغليفياً بداخلها.

 بينما اعتمد الفنان السعودي الأمير سلطان بن فهد فكرة الخرطوش الفرعوني من خلال بناء متاهة من المكعبات تحمل نقشاً لخرطوش الملك رمسيس الثالث يحاكي الرموز الفرعونية التي عثر عليها علماء الآثار في السعودية بمنطقة تيماء شمال المملكة.

الروبوت "أي – دا"

اعتمد المعرض كل ما هو عصري ليس فقط في الفنون، بل في أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا، إذ إن ضيف شرف المهرجان الروبوت "أي–دا" وهي أول روبوت في العالم يتم تطويره ليتمكن من الرسم، إذ تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي للتحكم في ذراعها الآلية، فمن جانب هي فنانة ومن آخر هي في ذاتها قطعة من الفن المعاصر.

 

 

تبادل ثقافي وحراك فني

عن إقامة مثل هذه الفعالية للمرة الأولى في منطقة الأهرامات، يقول الفنان المصري المشارك في المعرض معتز نصر الدين، "مثل هذه الأحداث التي تجمع فنانين من ثقافات مختلفة يمثلون رؤى ومدارس فنية متنوعة بالطبع يكون لها قيمة كبيرة، باعتبار أنها تعرّف الناس بهم وبأعمالهم وتحدث حالاً من الحراك الفني على كافة المستويات بالتفاعل بينهم، وبتقديم أعمال مميزة للجمهور الذي يتاح له الانفتاح على العالم والتعرف على الفنانين من خلال مثل هذه الفعاليات".

ويضيف، "نجح المعرض بدرجة كبيرة في تحقيق أهدافه، فمن جانب زيارات الجمهور للهرم ازدادت بشدة في الأيام الأخيرة منذ الافتتاح، وهذا دليل على اهتمام الناس بالفنون المعاصرة بعكس ما يتصور كثيرون من أنها بعيدة من الجمهور العادي، ومن جانب آخر فإن المعرض له مردود على الدعاية السياحية لمصر من خلال انتشار الصور وحديث الفنانين والجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر وخارجها عن المعرض والأعمال المعروضة فيه، باعتبار أن كثيراً من الفنانين المشاركين لهم جمهور كبير على السوشيال ميديا، وأتمنى بعد نجاح المعرض أن يتم البناء على الفكرة وتطويرها وتنفيذها بشكل دوري في أماكن مختلفة، لإلقاء الضوء على المكان والفن المعاصر في الوقت ذاته".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

البرزخ

معتز نصر الدين استلهم عمله المشارك في المعرض من فكرة البرزخ، واعتمد كعنصر أساس في تنفيذه على المجاديف الشهيرة لمراكب الشمس الذي تعبر البرزخ في رحلة يصل بعدها الملك للأبدية، بحسب المعتقد المعروف في الحضارة المصرية القديمة، وعن عمله يقول، "البرزخ هو الخط الرفيع الواصل بين عالمين مختلفين، فبنى المصري القديم مركب الشمس لنقل الفرعون إلى العالم الآخر والحياة الأبدية، ولا يرتبط البرزخ فقط بالحضارة المصرية القديمة، بل له حضور قوي في الثقافة الإسلامية، ولابن عربي حديث وشرح طويل عن مفهوم فكرة البرزخ باعتباره الفاصل بين أمرين والوسيط بين عالمين، وقد حاولت الاعتماد على كل العناصر المكونة للمفهوم والعمل عليها لتتحول من المفهوم العقلي إلى عمل فني ملموس يراه الناس".

يتابع، "حاولت في تنفيذ العمل أن يستطيع الناس التفاعل معه فيمكنهم السير بالداخل الذي يضيق تدريجياً ليخرج الشخص إلى الجانب الآخر تجسيداً للمفهوم، وبالطبع تنفيذ وعرض عمل أمام أهرامات الجيزة تحد كبير لأي فنان، فالمكان له رهبة وقيمة في ذاته، وفكرة أن يظهر العمل في منطقة خلفيتها الأهرامات التي يطغي حضورها على المكان أمر ليس بالسهل، ولكنه ممتع للفنان".

معاً نلتقي

مشاركات مختلفة لفنانين عالميين شهدها المعرض وحمل كل منها رؤية مختلفة لصاحبها ليعتمد بعضها قيمة إنسانية مطلقة، مثل عمل الفنان الإيطالي الذي جاء بعنوان "معاً"، إذ صمم على شكل يدين تتلاقيان ويظهر من بينهما الهرم في إشارة للتلاقي والتواصل بين الحضارات.

 وعن مشاركته في المعرض يقول الفنان الإيطالي لورنزو كوين لـ"اندبندنت عربية"، "عرض واحد من أعمالي أمام أهرامات الجيزة هو لحظة تحدث للإنسان مرة واحدة وتبقى في ذاكرته للأبد، والحضور إلى مصر كان واحداً من أحلامي التي تحققت، إضافة إلى عرض فني أمام واحدة من عجائب الدنيا السبعة، في مكان شهد واحدة من الحضارات العظيمة في العالم على مدار التاريخ، فهي لحظة مميزة في تاريخ أي فنان".

ويوضح، "مثل هذه الفعالية التي تجمع فنانين من بلدان وثقافات مختلفة هي بلا شك شيء مميز، حيث نشاهد أشكالاً وأنماطاً متنوعة من الفنون بوجهات نظر مختلفة، ويضيف إليها الكثير أنها مقامة في موقع مثل أهرامات الجيزة، فيمكن أن يشاهدها زوار المنطقة مصادفة، حتى لو كانوا من غير المهتمين بالفنون، ليخلق هذا لديهم نوعاً من الاهتمام بها مستقبلاً".

وعن عملة المشارك في المعرض تحت عنوان "معا"، يقول كوين، "كان العام الماضي عصيباً على العالم أجمع بسبب انتشار جائحة كورونا التي لا تزال آثارها مستمرة، ابتعد فيه البشر من بعضهم إجباريا، ولكننا الآن نحاول أن نعود ونتلاقى مرة ثانية من منطقة تمثل حضارة عظيمة، فنحن نقدم أشياء مميزة ونصل إلى آفاق غير محدودة حينما نعمل معاً، والإنسانية كلها بحاجة إلى أن تتلاقي لمواجهة كثير من القضايا والمشكلات التي تواجهنا جميعاً ولا تفرق بيننا، ولن نستطيع الصمود أمامها إلا إذا كنا معاً".

أوروبوس

ومن بين المشاركين في المعرض الفنان الروسي أليكساندر بونوماريف، الذي استلهم عمله من مراكب الشمس الفرعونية الشهيرة، ليمثل عمله مركبين تفصل بينهما ساعة رملية، وتظهر الأهرامات من داخله في إشارة إلى الخلود والأبدية، ويقول عن مشاركته في المعرض، "المشاركة في مثل هذا الحدث متعة ومغامرة في الوقت نفسه، فخلال الأشهر الستة الماضية عشت في شغف كبير بثقافة مصر القديمة وبحثت في وجهات نظر متعددة للوصول إلى هذا العمل الفني، وبالطبع  فمن الرائع أن أكون جزءاً من هذا المشروع مع فنانين من جميع أنحاء العالم في حدث يجمعنا فيه الفن فقط من دون أي اعتبارات أخرى يمكن أن تفرقنا، وبالأساس أنا فنان وبحار في الوقت نفسه، ومن هنا فإنني مؤمن بأننا جميعاً في النهاية تجمعنا رحلة واحدة مهما كان اختلافنا".

ويضيف، "عملي المشارك في المعرض هو تحت عنوان (أوروبوس) وتعكس فكرته الأساس دورية الوقت في العالم جنباً إلى جنب مع القارب الشمسي للإله رع يحددان إيقاع الكون، ويقلبان الساعة الرملية في الوقت نفسه ويطلقان وقتنا البشري الذي يتدفق من السماء إلى الأرض، ويبني هرمه الأخير ثم يدور الكون وتتكرر الفكرة نفسها مجدداً لتغلق حلقة الثعبان أوروبوس".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات