Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أبرز رؤوس السنة التي لا نعرفها

لماذا تحمل بداية العام الجديد مثل هذه الرمزية الخاصة ويحتفل بها في جميع أنحاء العالم؟

الانتقال إلى السنة الجديدة عبر التاريخ بمثابة عهد شخصي يقطعه الفرد على نفسه للبدء من جديد (غيتي)

بعد أعياد ميلادنا الشخصية يأتي عيد رأس السنة على رأس لائحة الأعياد من حيث الأهمية، فقد قرر البشر أن الانتقال من سنة إلى أخرى في الساعة الثانية عشرة بعد منتصف ليل 31 ديسمبر (كانون الأول) هو يوم ذو فرادة خاصة، ولا بد من اشتعال الاحتفالات لمناسبته.

الاحتفال من أجل البقاء

لماذا تحمل بداية العام الجديد مثل هذه الرمزية الخاصة؟ ولماذا الاحتفال بها أمر شائع في جميع أنحاء العالم؟

لا بد أن هذا السلوك يرتبط بعقائد ما وبغريزة ما راكدة في لا وعينا، فنحن لا نحتفل فحسب، بل نعول على السنة الجديدة بأن تقدم لنا الأفضل، ونقرر أن نحقق مجموعة كبيرة من الآمال لم نتمكن من تحقيقها في العام الذي مضى، ونلجأ إذا ما اضطررنا إلى العرافين وقراء الأبراج، ونصاب بالجنون الاحتفالي في اللحظة التي يرن فيها جرس الساعة حين يتم التسليم والتسلم بين السنتين الآفلة والمقبلة.

يكتب المحلل النفسي ديفيد روبيك David Ropeik في مقالة نشرت في "مجلة "بسيكولوجي توداي" تحت عنوان "لماذا نحتفل حقاً بعيد رأس السنة؟": "قد تكون الرمزية التي نعلقها على هذه اللحظة متجذرة في أحد أقوى الدوافع على الإطلاق: دافعنا إلى البقاء".

لكن، ماذا عن تلك القرارات التي ننتظر تنفيذها؟ ألا يتعلق الأمر بالبقاء أيضاً، كالعيش بصحة أفضل لفترة أطول، أو تحقيق ما نرجوه؟ قرارات العام الجديد هي أمثلة على رغبتنا البشرية في أن يكون لنا بعض السيطرة على ما ينتظرنا، لأن انتظار المستقبل لا بد أنه يسبب القلق، فعدم معرفة ما سيحدث لنا يعني أننا لا نعرف ما نحتاج إلى معرفته للحفاظ على سلامتنا. ولمواجهة هذا العجز المقلق نقرر مثلاً اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة، والإقلاع عن التدخين، والبدء بالادخار. ويمنحنا الالتزام بهذه الوعود التي نقطعها على أنفسنا شعوراً بالتحكم في الوقت المقبل. لذا، هذا الفاصل بين السنتين مهم بالنسبة إلينا، وكأنه بداية جديدة.

ووجدت دراسة أجراها عالم النفس البريطاني ريتشارد وايزمان عام 2007، أن قراراتنا التي نتخذها للسنة الجديدة لا ننفذ ولو جزءاً يسيراً منها. مع ذلك، كان الانتقال إلى السنة الجديدة عبر التاريخ بمثابة عهد شخصي يقطعه الفرد على نفسه للبدء من جديد.

وهذا ينطبق على الشعوب. فالبابليون كانوا يعيدون الأشياء المستعارة، واليهود يطلبون الغفران، ويزور الاسكتلنديون جيرانهم ليتمنوا لهم الخير.

أعاد وايزمان الأمر إلى كوننا "حيوانات اجتماعية" تطورنا لنعتمد على الآخرين من أجل تأمين صحتنا وسلامتنا. على منوال "عامل الناس كما تريدهم أن يعاملوك"، كاستراتيجية دفاعية أساسية لتأمين البقاء. وكانت بداية السنة مناسبة لتوكيد هذا المطلب أو الحاجة.

رأس السنة تاريخياً

منذ أربعة آلاف عام، تحتفل الحضارات حول العالم ببداية كل عام جديد. اليوم، تبدأ معظم احتفالات رأس السنة الجديدة في 31 ديسمبر، وهو اليوم الأخير من التقويم الغريغوري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما أقدم الاحتفالات بوصول العام الجديد فتعود إلى نحو 4000 عام، وإلى مدينة بابل القديمة تحديداً. آنذاك، وهناك، كان احتفالهم يتوافق مع ظهور أول قمر جديد بعد الاعتدال الربيعي في أواخر شهر مارس (آذار)، وكان الاحتفال عبارة عن مهرجان ديني ضخم يسمى "أكيتو" Akitu، وكان يدوم لمدة 11 يوماً.

أما في مصر القديمة، فكان العام يبدأ مع الفيضان السنوي لنهر النيل. وبالنسبة للصينيين فكانوا يحتفلون بالعام الجديد مع ظهور القمر الثاني بعد الانقلاب الشتوي.

ويتألف التقويم الروماني المبكر من 10 أشهر أو 304 أيام، مع بداية كل عام جديد في الاعتدال الربيعي. وينسب إلى الملك نوما بومبيليوس إضافة شهري جانواريوس وفبرواريوس.

وفي عام 46 قبل الميلاد، قرر الإمبراطور يوليوس قيصر حل المشكلة بالتقويم اليولياني، الذي يشبه إلى حد كبير التقويم الغريغوري، الذي تستخدمه معظم البلدان حول العالم اليوم.

وكانت احتفالات الرومان تبدأ بتقديم التضحيات إلى جانوس، وتبادل الهدايا مع بعضهم البعض، وتزيين منازلهم بفروع الغار، وعقد الحفلات الصاخبة.

وفي أوروبا بعد انتشار المسيحية في الإمبراطورية الرومانية استبدل الملوك الجدد الأول من يناير (كانون الثاني) كأول يوم من العام بأيام تحمل أهمية دينية أكبر، مثل 25 ديسمبر، أي ذكرى ميلاد المسيح، وتارة بـ25 مارس، أي عيد البشارة، لكن البابا غريغوري الثالث عشر أعاد الاعتبار إلى الأول من يناير باعتباره يوم رأس السنة، وذلك في عام 1582.

في منطقتنا

في منطقتنا، وحيث اتفق على أنها مهد الحضارات، تختلف التقاويم من قومية إلى أخرى، ومن عرق إلى آخر، ومن إثنية إلى أخرى.

ولدى ظهور الإسلام، وبعد وفاة الرسول بدأ التقويم الهجري الذي يعد المرجع الزمني الأول لأكثر من مليار ونصف المليار مسلم عبر العالم. وإلى جانبه، ما زال هناك عيد "النيروز" المتحدر من رأس السنة البابلية، ورأس السنة القبطية الذي يعد امتداداً للتقويم المصري القديم، ورأس السنة الأمازيغية التي يحتفل بها في دول شمال أفريقيا. ويحتفل المسيحيون السوريون بمنطقة الحسكة والقامشلي، كل سنة، بعيد "أكيتو" الذي يعني "يوم الأرض". أما في العراق فما زال الاحتفال بعيد رأس السنة الآشورية "أكيتو" سارياً حتى اليوم.

ويحل عام 2020 الميلادي في عام 6770، حسب التقويم الآشوري. ويرى الآشوريون أن احتفالهم برأس السنة هو الأصلي، لارتباطه بالاعتدال الربيعي وامتلاء سنابل القمح وانطلاق دورة حياة جديدة. ويقولون إن احتفالهم هذا سبق احتفال الفراعنة برأس السنة بقرابة 500 عام.

وبعد 500 عام من التقويم الآشوري، بدأ التقويم القبطي الذي احتفل في 12 سبتمبر (أيلول) 2019، بحلول السنة 6262 بحسب ما يعد المصريون منذ العهد الفرعوني. والتقويم القبطي تقويم نجمي، يبدأ من يوم 12 سبتمبر من كل عام، إذ قسم المصريون القدماء السنة إلى 13 شهراً، وكل شهر من 30 يوماً، والشهر الأخير من السنة يتكون من 5 أو 6 أيام فقط.

وإلى الجنوب من مسار نهر النيل، وتحديداً في إثيوبيا، يجري الاحتفال برأس السنة في الموعد نفسه. وقد أكمل العداد فيها 2012 عاماً، إذ يتخذ الأمر بعداً دينياً مسيحياً أكثر، لكون الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية تعتقد أن المسيح ولد في غير اليوم الذي تعتقد الكنيسة الكاثوليكية الرومانية أنه ولد فيه.

وتعد إثيوبيا الدولة الوحيدة في العالم التي لها تقويم خاص بها يختلف عن التقويم الميلادي في عدد الشهور والأيام.

ويطلق الصينيون اسم أحد الحيوانات على كل سنة من تقويمهم الخاص، الذي يعد تقويماً قمرياً. وفي الوقت الذي تشارف فيه سنة "الخنزير" على الانتهاء، سيستقبل نحو خمس سكان العالم في 25 يناير 2021، سنة "الفأر"، التي توافق عام 4717 بحسب التقويم الصيني. ويتوافق العيد الصيني مع العطلة الزراعية وتطهو العائلات مجموعة من الأطعمة الخاصة، مثل الفول السوداني وبذور اللوتس، وتقام طقوس التنظيف المنزلي، ويحتفى بالألعاب النارية، وتوزع المعايدات في أظرف حمراء.

وفي المغرب العربي وشمال أفريقيا، تقام احتفالات شعبية واسعة تتعلق برأس السنة الأمازيغية، التي تبلغ هذه السنة (2020) عامها الـ2970، وذلك بدءاً من 12 يناير المقبل، ويجري تبادل التهاني بمقدم السنة الجديدة بعبارات من بينها "أسكاس امباركي".

ويحتفل المسلمون برأس السنة الهجرية في الأول من المحرم من كل عام، وذلك إحياءً لذكرى الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة. وتعتمد الدول الإسلامية هذا اليوم عطلة رسمية، تتوقف فيه الإدارات الرسمية والمدارس عن العمل.

ويعتمد التقويم الهجري المرجع القمري في احتساب أيام الشهور، ما يجعل العام الهجري أقصر من نظيره الميلادي بنحو 11 إلى 12 يوماً.

وعلى الرغم من أن الهجرة النبوية كانت في ربيع الأول، وتحديداً في 22 منه، فإن عوامل أخرى أسهمت بعد وفاة النبي محمد في اعتماد بداية المحرم كأول يوم من العام. فقد كانت المعاملات التجارية والمراسلات الرسمية بحاجة إلى تحديد السنوات إلى جانب الأيام والشهور، وهو ما تم في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وتحديداً في السنة الـ16 للهجرة، واعتبر ذلك التاريخ تخليداً للهجرة النبوية.

المزيد من منوعات